فضاء الرأي

الإسلاميون المنتصرون مستعجلون!

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

العالم مشغول، وهو محق، بالأزمة السورية حيث يتواصل إهدار النظام للدماء يوميا في مجازر جماعية، وبما أفقد هذا النظام كل شرعية، وأسقطه أخلاقيا وسياسيا ومعنويا، على الأصعدة الداخلية والعربية والدولية. وتتعدد اللقاءات والمواقف، وصيغ الحلول، ومنها مشروع لتسليح المعارضة، وهو ما سيؤدي- كما أرى- لتحويل سوريا إلى طبعة من ليبيا أمراء الحرب لما بعد القذافي. أملين أن يتوصل الضمير العالمي أخيرا وسريعا إلى الحل الذي يوقف حمامات الدم ويعاقب النظام ويستبعد خطر حرب أهلية شاملة.
إن الانشغال العام بالوضع السوري مفهوم ومبرر، ولكن من الواجب، في الوقت نفسه، النظر لما يجري في بلدان الانتفاضات الأخرى، فالأوضاع مترابطة مباشرة أو غير مباشرة، وإن فضح ونقد الممارسات والسياسات السلبية باسم الثورة واجب قومي وإنساني.
إن ما يشاهده المراقب هذه الأيام في مصر وتونس المبادرتين بالانتفاض، يبعث على بالغ القلق والشجن. فالقوى الإسلامية المنتصرة في مصر وتونس توجه ضرباتها المتتابعة لحرية الرأي والتعبير والإبداع. وفي مقال سابق تناولنا أمثلة عن الاعتداء على حرية التعبير وعلى حرمة الجامعات في تونس، ومحاولة سلب مكتسبات المرأة تدريجيا. هذه الاعتداءات تنسب للسلفيين، ولكن "النهضة" موافقة ضمنيا برغم التصريحات التطمينية. ويكتب عبد الله إسكندر في " الحياة" عدد 15 شباط الجاري أن السلفيين يستدعون داعية مصريا معروفا بالتشدد والتحريض في قضايا المساواة والسلوك والمرأة. وقد حول مناهضو الدولة المدنية المساجد لأماكن للتجنيد والتحريض والصدام مع أعضاء هيئات المجتمع المدني.
أما في مصر، فالأحداث تتوالى بسرعة. فقد حكم على عادل إمام بالسجن عن أعماله السابقة بحجة أنها تسئ للدين الإسلامي مع أنها كانت تفضح ممارسات منافقة ومضللة باسم الدين. بعد ذلك، قام عدد من الطلبة الإخوانيين في كلية الهندسة بجامعة عين شمس بمنع السماح لفريق عمل مسلسل بسبب اعتراضهم على ملابس الممثلات المشتركات، التي وصفوها ب" القصيرة" مع أن أحداث المسلسل هو عن مصر في السبعبنات. ولم يكن في ذلك الوقت من يعترض على تلك الملابس. ولعل المطلوب إخوانيا هو تحجيب الممثلات إن لم يكن تنقيبهن ليرضى عنهم الدين- عفوا أقصد سماحة المرشد. والمهندس ورجل الأعمال القبطي الديمقراطي نجيب ساويرس يقدم للقضاء لأنه نشر كاريكاتيرا ساخرا للحية وعمامة وكأن الإسلام قد تقلص إلى اللحى والعمائم. ونعرف أن هناك من يلبسون العمائم ويطيلون اللحى ويؤدون الفرائض ولكنهم في حياتهم اليومية يمارسون النفاق والكيد ويركضون وراء الشهوات. وقبل ألف عام تقريبا نظم الشاعر ابن الرومي قصيدة مطولة تسخر من لحية طويلة لرجل منافق، ووصفها بالمكنسة وبالمخلاة، ولكن أحدا لم يتهمه بالإساءة للدين. وبين هذا وهذا وذاك، يجري تهجير عدد من عائلات الأقباط من إحدى القرى المصرية بحجة وجود علاقة غرامية بين قبطي ومسلمة! فالحب ممنوع أصلا، فكيف لو كان بين قبطي ومسيحية؟! ويواصل المجلس العسكري مطاردة واعتقال منظمات المجتمع المدني بحجة أنها مرتبطة بخطة أميركية تسعى إلى " توجيه الثورة لمصلحة أميركا وإسرائيل"! وهذا ما صرحت به وزيرة مصرية محترمة تزعم أن هؤلاء النشطاء [ومن وراءهم] لا يريدون نهضة مصر كدولة حديثة ذات اقتصاد قوي لأن ذلك سيشكل " أكبر تهديد للمصالح الإسرائيلية والأميركية ليس في مصر وحدها، وإنما في المنطقة ككل."- فما أروع هذا التحليل المنطقي وأعظم بعبقرية أصحابه! ولكن يا سيدتي من الذين يدمرون السياحة ويعطلون العمل ويسدون الطرقات وينشرون الفوضى ويعتدون على النساء، وهو مما يعطل كل سير نحو مصر ذات اقتصاد قوي ونموذجي؟ ومنذ متى كان التبشير بالقيم الديمقراطية وتنشيط دور المجتمع المدني من الكبائر؟ وعن أية ثورة تتحدث السيدة المحترمة وقد بدا شباب الحرية بالانتفاضة، وركب الموجة واختطف الثمرة أعداء الديمقراطية والدولة المدنية؟؟! ألا يكفي حكام مصر الجدد هذا الهوس بنظرية المؤامرة التي يرونها في كل زاوية و"زنقة"، محاولين بذلك تبرير وتغطية فشل أساليب إدارة المرحلة الانتقالية وواقع الحلف القائم بين المجلس والإخوان؟!
ما أراه هو أن ما يحكم مصر اليوم من عقلية سياسية ومن سياسات هو توليفية ناصرية- إخوانية، وإذا استمر الحكم بهذه العقلية فقد تنجر مصر لمغامرات خارجية جديدة قد تكون أكبر كارثية من سابقاتها. ولن تكون هناك حينئذ لا نهضة اقتصادية ترعب الدولة الكبرى، ولا شبح "ثورة"!

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
صراخ الماركسيين العرب !
شوقي -

مثل هذا الصراخ صنعه الماركسيون الاتراك بعد فوز الاسلاميين في تركيا ووصفهم الى السلطة ولكنهم اي الماركسيون اخرسوا بعد ان الجمتهم انجازات حكومة الاسلاميين الباهرة !

صراخ الماركسيين العرب !
شوقي -

مثل هذا الصراخ صنعه الماركسيون الاتراك بعد فوز الاسلاميين في تركيا ووصفهم الى السلطة ولكنهم اي الماركسيون اخرسوا بعد ان الجمتهم انجازات حكومة الاسلاميين الباهرة !

سؤال
حائر البابلى -

الدكتور المحترم انا عراقى ومن المتابعين لمقالاتك وتحليلاتك السياسية الواقعية وخاصة ما يتعلق بالعراق , الا انه اسمح لي رغم ان النظام السوري هو شمولى وايدولوجية الحزب الواحد الا انه في كل الاحوال ارحم من الاحزاب الدينية ذات التوجه الفاشى وخير دليل ما ذكر في اعلاه ولا ننسى ان هذا اول الاستبداد والباقي اتى , وبما انك من المطلعين والباحثين القديرين في السياسة فلدى سؤال لحضرتك , ماهو سر الطبخة بين بعض دول الخليج واوردوغان و اوباما لتسليم المنطقة للاخوان المسلمين وشكرا

سؤال
حائر البابلى -

الدكتور المحترم انا عراقى ومن المتابعين لمقالاتك وتحليلاتك السياسية الواقعية وخاصة ما يتعلق بالعراق , الا انه اسمح لي رغم ان النظام السوري هو شمولى وايدولوجية الحزب الواحد الا انه في كل الاحوال ارحم من الاحزاب الدينية ذات التوجه الفاشى وخير دليل ما ذكر في اعلاه ولا ننسى ان هذا اول الاستبداد والباقي اتى , وبما انك من المطلعين والباحثين القديرين في السياسة فلدى سؤال لحضرتك , ماهو سر الطبخة بين بعض دول الخليج واوردوغان و اوباما لتسليم المنطقة للاخوان المسلمين وشكرا

المسكين عابس إياه
Jean Val Jean -

عندما يأتي شخص و يعلق على موضوع هنا في ايلاف بأسماء عديدة يصل عددها الى 10 اسماء مختلفة (آخرها شوقي)فهذا يدل اولا على الجبن في اظهار شخصيته الوحيدة و و جود انفصام في شخصيته حيث يعلق بوجهات نظر مختلفة! لمثل هؤلاء يصح القول ان اهدافهم لا تتحقق الا اذا كانت صادقة و بما انهم لا يتحلون بالصدق فأنهم يبقون غير مقبولين البته من قبل قراء ايلاف الذين هم على درجة عالية من النباهة! و ان افكار هؤلاء الجبناء مفصومي الشخصية ليس لها أي وقع سوى التف عليها بشتى الطرق من قبل قراء ايلاف الواعيين!