فضاء الرأي

هل تعصف رياح السلفية بحضارة مصر؟1/2

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

لا أتفق مع كثير من الذين يقولون بأن انتشار السلفية في مصر، كان حدثاً مفاجئاً، أو مع الذين يعزون زيادة عدد أتباعها الى مؤامرة أميركية، لضرب الإسلاميين المعتدلين، وعلى ما أعتقد فإن نبتة السلفية، التي زُرعت في البلاد منذ فترة طويلة، وجدت في ظروف ثورة يناير، من يسقيها بوفرة، فتطاولت وأصبح لها فروع شتّى. والسلفيون الذين سبق لهم أن حرّموا الثورة، واعتبروا الديمقراطية والدستور، من مظاهر حكم الطاغوت، أنقلبوا على عقيدتهم وفقههم القديم، فبعد ان كانوا يروجون لأحاديث مشكوك في صحتها، من قبيل" أطِع الأمير وإن ضرب ظهرك"، ليبرروا مؤازرتهم للنظام السابق، وتواطؤهم معه في التصدي لانتفاضة الشعب، دخلوا الانتخابات بقوّة، وسلاحهم الأمضى، رشوة الجماهير الفقيرة، من أموالهم الوفيرة (ذات المصدر الخارجي)، وفضائياتهم العديدة، مستغلين أجواء الفوضى، التي غالباً ما تترافق مع الثورات الشعبية، وكانت الحصيلة زيادة شعبيتهم وسط جمهور تسحقه الحاجة، ولا يهمه من أين يأتي المال.
أن العامل الأهم في صعود نجم السلفيين، مقابل منافسيهم، هو ذلك المال وما جلبه من وسائل إعلام، وهذا ما افتقر اليه اليساريون، والشيوعيون، والليبراليون، الذين شكّل بعضهم أحزاباً وطنية، منذ العقود الأولى من القرن الماضي، وكانوا يعتمدون في تمويلهم على تبرعات منتسبيهم ومؤازرة أصدقائهم، والأهم من ذلك، كان رصيدهم المعرفي، وسعيهم الدائم لترقية ثقافة المجتمع، في مرحلة كان الناس يتطلعون الى تحرير عقولهم من غبار العهود المظلمة، ويتبارون في فضل تعليم بناتهم.
ولكن الصعود شيئ والاستمرار شيئ آخر، ذلك أن الكثير من الثوابت العقيدية لدى السلفيين، تتعارض كلّياً مع تديّن معظم المصريين، وهذا ما عبّر عنه بوضوح مفتي الجمهورية، الدكتور علي جمعة، في إحدى خطبه، فقد دعى على بعض السلفيين، الذين قاموا بهدم أضرحة تاريخية، أعتاد الناس على زيارتها وتبجيل أصحابها، باعتبارهم رجال صالحين، وذوي كرامات، وقال عنهم: إنهم يريدون أن يهدموا ضريح المصطفى عليه الصلاة والسلام، ويعتبرون ضريح سيدنا ومولانا الحسين، صنماً، قطعت ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم. وكان المفتى، في أحاديث عديدة، قد وجّه انتقادات حادّة للسلفيين، معرباً عن دهشته من إهمالهم لمعظم فقهاء المسلمين وعلمائهم، وتركيزهم على أقوال فقيهين فقط، هما إبن تيمية وأبن القيّم، وتساءل قائلاً: لماذا نأخذ الكتاب والسنّة من فقيهين فقط؟ كما عبّر عن استغرابه من هجوم السلفيين على الأشعرية ( نسبة الى أبي الحسن الأشعري، من أئمة أهل السنّة والجماعة - 260-324 للهجرة )، وقال : كلنا أشعرية. بالإضافة الى ذلك، أشار الى نقطة مهمة هي افتقار السلفيين الى المعرفة الدينية الصحيحة.
وكان كبير دعاة السلفية، الشيخ أبو إسحاق الحويني قد تناول بالنقد الحياة الشخصية للمفتي، وسخر من كفاءته العلمية، ما دعا الدكتور جمعة الى رفع قضيّة سب وقذف، ضده، في أواخر العام الماضي (وائل لطفي- روز اليوسف 29 أكتوبر 2011) . ومما يدعو الى التفاؤل أن الكثير من علماء الأزهر وبعض أعضاء الفرق الصوفية، عبّروا عن تضامنهم مع المفتي، في وقفة مؤازرة، وقدّر عددهم ببضعة آلاف.
ومن المفارقات المضحكة المبكية، إن الشيخ الحويني الذي عُرف عنه مناصرته لنظام مبارك، ركّز في هجومه على المفتي، كونه معيناً من قبل السلطة، وهذا بالطبع ليس ذنه، ففي عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، أحكمت الدولة قبضتها على كل مناحي الحياة، فحلّت الأحزاب، وألغت جميع مظاهر المجتمع المدني، وكان منصب المفتي في هذا السياق، تعييناً وليس انتخاباً.
وأغلب الظن، إن شخص المفتي ليس هو المستهدف بقدر استهداف مؤسسة الأزهر العريقة، لكونها تشكّل حاجزاً معنوياً أمام امتداد السلفيين، وهم يسعون الى انتزاع المكانة التاريخية لها، ومن ثم تدميرها ليستخلفها مشايخهم، ويبدو إن سلوكهم ينسجم مع منطقهم العام، فهم على طرف نقيض من حضارة مصر، بكل جوانبها، من علوم وفنون وتديّن، وتصوف، وتراث قديم، فهم يفزعون حتى من التماثيل، فكيف لهم أن يتحملوا أصواتاً تنتقدهم وتشرح أفكارهم دون رياء أو مجاملة.
ولكي لا يكون حديثي، معرض استغراب من قبل من يقرأوا لي، أقول انني لست في باب الدفاع عن المفتي، وإن كنت أتفق مع ما قاله في نقد السلفية، وما يهمني هو التأكيد على إن مؤسسة الأزهر، على الرغم من طابعها المحافظ، إلا إنها جزء من تاريخ مصر وحضارتها، وقد تخرّج منها علماء أفاضل، ساهموا في نهضة بلادهم، وترقية وعي أبنائها، من أمثال الشيخين محمد عبده، وعلي عبد الرازق، والشيخ محمود شلتوت ويمكن للأزهر أن يضطلع بدور كبير في التصدّي للدعوات الظلامية، واستعادة الجماهير التي غرر بها دعاة السلفية، كي تسهم في بناء وطنها بعيداً عن أجواء التعصب والمقت.
وكان الدكتور حسن شافعي، مستشار شيخ الأزهر، قد تحدث قبل أيام ، عن مساعِ لتعديل القانون رقم 103، الذي أصدره عبد الناصر، بما يكفل فصل مؤسسة الأزهر عن سلطة الدولة، وانتخاب رئيسها من قبل هيئة كبار العلماء، وكان القانون المذكور قد ألغى هذه الهيئة.
وما آمله أن تؤدي استقلالية الأزهر، إذا ما تحققت فعلاً، الى اتساع فضائه المعرفي، ومسايرته لروح التطور، وأن لا يكون الإستقلال حافزاً على رسم مزيد من الحدود أمام حرية الثقافة والإبداع، أقول هذا وأنا أتذكر قرارات سابقة صدرت عن مجلس البحوث في الأزهر، التي بموجبها منعت كتب كثيرة.

bdourmohamed@ymail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
المقصود الاسلام !
سين من الناس -

المقصود بالمقال هنا الاسلام وليس السلفية ؟!! نريد من العلمانيات اللائي دعون الى عدم الخروج على المستبد العلماني ان يكن اكثر شجاعة ووضوحاً !

يا خسارتك يا مصر
على -

الحركات الاسلاميه اكبر مصيبه حلت بمصر مصر العظيمه يحكموك الان الجهله والدراويش والمشعوذين للاسف مصر الحضاره والمستقبل راحت في الباي باي بفضل ال60% من الشعب المصري الجهله والاميين الذين غرر بهم وانتخبوا الاسلاميينانتم بحاجه الى اتاتورك مصري لينقذكم من الجهل والفقر الى الحضارة والرقي والاختراعات والتقدم

شتائم ٢
دسوقي -

شتائم واضحة للشعب المصري لأناس يختفون تحت اسم مسلمين بالتعليق رقم ٢

الوقت ضيق
Izet -

لا يمكن لحد أن يزايد على الاسلاميين في قابليتهم على تدمير الحضارات, فقد فعلوها سابقا وبنجاح منقطع النضير في حضارة العراق ومصر وايران, وبأمكانهم الآن القضاء وبشكل كامل البقية المتبقيه من الحضاره التي لم يسمح الوقت لهم بالقضاء عليها, شدوا حيلكم يا إسلاميونا فالوقت ضيق

مجرد سؤال
عبدالله حمدي -

السلام عليكم لاحظت ليلة امس ان نافذة التعليق في حاسوبي مغلقة ارجو افادتي اذا كان حجبا من طرفكم وشكرا

كراهية
رياض -

ليس حباً في المفتي ولكن كراهية للاسلام !

عداوة السلفيين للمرأة
هانى شاكر -

يبرع السلفيون فى البحث في كتبهم العتيقة عن أقوال تبرر حجب المرأة والمبالغة في سترها، وما لعبة الحجاب الا الخطوة الأولى نحو تكتيف المرأة وزرع الخجل السلبي، والتردد في نفسها .. ، فتارة يقال لها إنك كالجوهرة ينبغي أن تتقمطي أو تتغلفي كي لا يطمع فيك أحد، وتارة يرمونها بالفتنة وحبائل الشيطان، يعيرونها بنقص العقل، - ... ثم يخشونها إذا ما تعلمت ووصلت الى المراتب العليا، .. يعتبرونها رمزاً للشرف، لكنهم يحقّرونها في خطبهم وكتبهم ويروون أحاديثاً تجعلها في مصاف البهائم. .... و فى ممارسة العشق مازلنا نقرأ و نسمع ونكتشف عجب .. ويتفنن نجوم ألمذهب ألسلفى فى عزف أوبريتات و سيمفونيات غاية فى الفظاعة و الدونية عند تناول هذا المضوع .. آخر ما سمعت و العهده على النجم السنى الفذ، أن : على المرأة اثناء الجماع ان تصيح بتواصل و باستمرار : الله أكبر .. الله أكبر .. الله أكبر

صراخ الماركسيين
شوقي -

مثل هذا الصراخ حدث من. الماركسيين الاتراك عند وصول الاسلاميين الى السلطة بعد ذلك انجازات الاسلاميين على كل صعيد اخرستهم !

صدقت
مصري حزين -

اقسم بالله العظيم انك صادقه مائه بالمائه فالسلفيون يتصرفون الان في مصر كانهم الله علي الارض وينكلون وقتلون وشردون كل من يعارضهم وقد راينا ذلك جليا في الايام الماضيه احداث قريه الماريناب العامريه امبابه صول تقطيع الاوصال علنا في الشوارع ودائما عندما اسير بسيارتي اجد المخالف دائما صاحب لحيه وجلباب واذا قلت له انك مخالف لاتجد الا السباب والشتائم اي دين هذا الذي يتسترون تحته لفعل مايريدون وللاسف مايسمي بحكومه مصر الهزيله تتفرج وكانها غير موجوده والجيش بكل قوته لايفعل اي شيئ فمن الؤكد فعلا صدق كلامك عن وغلهم بل توحشهم في الحياه المصريه اللهم انقذنا منهم ومن امثالهم دعاه الجهل والخراب ومن امثال من يدافعون عنهم بجل لانهم لم يكتووا بنارهم بعد

وتونس ايظا على الخط
احفاد البابليين -

السلفيه قتلوا من الشعب الجزائري 250 الف بريء من غير اي ذنب وكانت مجازر بشعه لان قتلهم بالفؤوس والمناجل حتى الرضيع قطعوا راسه وما حصل بالعراق وكيف تسسلوا ويباركون للباري ان يرزقهم الشهاده وزواجهم من 60 حورالعين هذا لو (قتلوا اكثر عدد من العراقيين الابرياء) وفعلا لبسوا احزمتهم الناسفه وسياراتهم المفخخه ليحولوا المتبضعين في الاسواق الى اشلاء من شباب واطفال وكبار السن حتى وصل عدد شهدائنا على يد الديانه الوهابيه الى اكثر من مليون والان مصر وتونس وليبيا الاحزمه الناسفه قادمه لهم

الى المعلق 8 شوقى.
Adel, Montreal -

هناك مثل شعبى يقول الصلعاء بتتباهى بشعر بنت أختها, أردوغان عندما زار مصر نصح المصريين بتفهم وتبنى العلمانية ورفض أن يطلق على حزبة حزب أسلامى, حزب محافظ يسير على نهج الأحزاب المحافظة فى أوروبا, ليس هناك أى وجهة شبة بين السلفيين وحزب أردوغان... حدثنا عن أنجازات الطالبان فهم الأقرب للسلفيين فى فكرهم ومبادئهم....

الانثى في المسيحية
كتكوت -

تولد الانثى المسيحية مجللة بالخطيئة وهيه لسه حتت لحمه حمرا طازه لسه ما عملتش حاجه ! وعندما تكبر يذهب بها الى الكنيسة وعندما تتزوج تدخل السجن الابدي وتذهب الى الكنيسة لوحدها لتعترف لبرسوم الراهب وما ادراك ما برسوم بعد ذلك يجلس الرهبان ليتسلوا بإعترافات ضحاياهم اقصد رعيتهم ويتجادلون طويلاً ان كانت المرأة بروح كاملة او نصف او ربع او بلا روح تماماً ثم ينتهي الجمع الى انها مخلوق شيطاني خبيث نجس !!

الى 12عيب
علي تاني مره -

هيك انتوا اللي بيقول لكم انتم على خطأ بتقولوا انتم تهاجمون الاسلام وهي قمة الديكتاتوريه لا تعترفون بالرأي والرأي الآخرمصر تملك ثلث آثار العالم وهي من اهم كنوز العالم لم يقل أحد منذ باية الاسلام انه سوف يدمر الاهرام وابو الهول الا هؤلاء السلفيين اللي بدهم يمشوا الناس على كيفهم والله انهم خلايا سرطانيه اتمنى استئصالها لكي تنعم المجتمعات بالرفاهيه والتقدم واقسم انني مسلم ولكني لست متعصب واحب كل البشر والاديان

إلى أحفاد البابليين
قارئ -

آه، نسيت أن تضيف إلى تعليقك رقم 10 جملتك الشهيرة: شكرا السعودية التي سمحت للقوات الأمريكية للدخول من أراضيها.. .. ما الذي دهاك حتى نسيت إتمام تعليقك الذي اشتهرت به وصار ملازما لاسمك. هك حرمتنا من شيء تعودناه منك يا بطل يا مقاوم ويا قاهر الأمريكان والعربان والأتراك والسلاجقة والأكراد..