فضاء الرأي

مدارس العراق، أوكار الرعب..

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

كيف تصبح إرهابيا بدون دورات تدريب في الكهوف أو السراديب، و كيف تتعلم أن تكره حياتك وبالتالي حياة غيرك يوميا وعلى نفقة الدولة؟ هذا ما يشرحه لنا فلم قصير انتشر على شبكة الإنترنت ببركات تقنية المعلومات يرينا درسا في العنف والإذلال ابطاله مدير لمدرسة حكومية بالعراق و طالب مغلوب على أمره، وحفنة من مربي الجيل يستمتعون بالمشهد بسادية مطلقة. وفي الفلم، يتبختر البطل وفي يده أنبوب مطاطي ينهال به على الضحية بينما يطلب منه تنظيف مكتبه بينما يتوسل الأخير طالبا الرحمة وسط ضحكات الكومبارس الرديء من المدرسين شهود الزور والجريمة.
وعندما ذهب وزير التربية برفقة وفد نيابي إلى الموقع للتحقيق وقام بعقاب المدير، وقف الطالب أمام شاشات التلفزيون مدافعا عن مديره بلغة تقطر رعبا وذلا معتبرا إن ما فعله الأخير كان مجرد مزحة، إلا أن زملاء له أكثر شجاعة أقروا بأن الضرب والإهانة جزء من المنهج اليومي لتلك المدرسة ومديرها.
ولا أود هنا أن أدخل في سجال ولا بمزايدة سياسية عن الحاضر والماضي، فقد كانت ثنائية العنف و الإذلال دوما جزءا من النظام "التربوي" في العراق، وربما في العالم العربي بأجمله، في هذا العهد وما قبله، وسيبقى بعده ما لم نتحرك الآن، فكل تأخير سيفرز مزيدا من الساديين والضحايا الذين سيتخرجون من تلك المدارس قنابل جاهزة للانفجار، تمارس العنف على مستوى العائلة والشارع والوظيفة و ينقلون التجربة إلى الأولاد والأحفاد يسندهم في ذلك النظام التعليمي والعصي في أيدي الأساتذة والمديرين، ما دامت القيمة التربوية السائدة هي قيم العسكرة والذل من المهد إلى اللحد، ليولد الإنسان عبدا ويموت عبدا.
ليضع احدنا نفسه في موضع التلميذ المذكور وصحبه، الذين يُذاقون سياط وسباب وإذلال المؤسسة التربوية المتمثلة بالمدرسة لهم يوميا: كيف سينظرون إلى قيمة التعليم، وما هي القيم الخلقية التي نقلتها تلك المدرسة (هذا إذا تركنا جانبا غسيل الدماغ السياسي والطائفي في بعض المدارس)، وما سيكون انطباع الضحية المنتهكة عن المدرس والمدير وبالتالي الوطن والمجتمع والحكومة، وما هي قيم الانتقام من "المؤسسة" التي يمكن أن تنمو في ذاته الشابة؟ فإن منعه الإذلال يوما أو شهرا أو عاما، فإن انتفاضة لحظة يمكن أن تؤدي به لقمة سائغة بيد جماعات الإحباط والانحراف والجريمة والإرهاب.
يسألونك عن الحلول، و أقول الحلول سهلة وصعبة في آن واحد، فالتجارب العالمية الناجحة في إدارة العملية التعليمية أكثر من أن تعد وتحصى، والاستفادة منها لا تحتاج حتى إلى أموال فهناك من يقدمها لك مجانا، بل أن أراشيف ورفوف وزارات التربية والتخطيط وغيرها في دولنا مكتظة بدراسات وخطط ومشاريع تنتظر منذ عقود من يلتفت إليها. نعم لدينا مشرف تربوي في المدرسة، ولكنه غالبا ما يكون من غير ذوي الاختصاص بل واضعف أركان الهيكل التعليمي والإداري في المدرسة، وبات حلا لمشكلة البطالة أكثر منه لمشاكل الطلاب. أما صعوبة الحل فتكمن في إرادة القائمين على إدارة البلد ككل وليس العملية التعليمية فقط، فكيف ينظرون إلى قيمة العلم والتعليم، وهل يريدون عبيدا أم جنودا أم علماء، ومن يضع تلك الخطط للمستقبل ومن يقوم بتنفيذها. لقد ذهل الوزير أمام الشاشات لحال المرافق الصحية في المدرسة التي قال بأن مديرية التربية المعنية بها قد أعادت المخصصات المالية لها إلى الحكومة لأنها لم تجد موضعا لاستخدامها. فإن كانت المرافق الصحية والتغذية والملاعب المدرسية والحاسبات وطباعة الكتب وترميم المباني الآيلة للسقوط وتأهيل المدرسين نفسيا واجتماعيا قبل تأهيلهم علميا لا تستحق الإنفاق، فلماذا هنالك ميزانية للقطاع التربوي أصلا، ولماذا تصطف جيوش من الموظفين في تلك الوزارات والإدارات؟
أكتب هذه السطور، ويتكرم علينا الانترنت الذي بات كابوسا للظلم والفساد بقصة أخرى.. طفل بفارق الحياة في العمارة بعد أن عاقبته المعلمة "بالسجن" في المرافق الصحية للمدرسة ونسيته هناك! واشتباك مسلح تلي ذلك بين عائلة الطفل وعائلة المعلمة، وقتلى بين الطرفين،..إلخ. فهل سيذهب الوزير إلى هناك أيضا، وماذا عن بقية المدارس على امتداد مساحة العراق؟ فليتخيل كل منا ابنه وابنته في مثل هذا الموقف..
أية معايير للحياة والطفولة في بلاد النفط والدموع هذه، وأي مستقبل لها..

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
تحية الى الاستاذ سعد
عراقي -

كل كلامك صحيح ولا تشوبه شائبة لكن السؤال هنا هل الناس المسؤلة عن التربية هم ناس مؤهلون؟ الجواب لا , اما المبالغ التي تصرف على التعليم هي في الحقيقة مبالغ تشغيليه اي للرواتب فقط . ولهذا يا استاذي هناك دول تافهه ودول متحضره منتجه وتقدم للعالم الاختراعات وهذه الاختراعات لم تأت من العطل التي تمتد على طول خريطة ايام السنة الدراسة او من جوع التلميذ الذي لا يستلم وجبات تغذيه او بسبب المختبرات الغير موجوده اصلا , ولكن بسبب وجود تخطيط واناس مخلصين وبسبب وجود شعوب متحضره . ونحن للاسف لا نتملك اي شي من هذا واقترح ان نعود الى الكتاتيب والملاللي احسن .

هل رأيتم
فيصل الثاني -

بالله اسألكم هل رأيتم ماذا يعلق ( مدير ) المدرسه المذكور وراء مكتبه اقصد طبعا الصور المعلقه .. اذا كان ( مدير ) مدرسه ومسؤول عن تخرج اجيال من ابنائنا يعلق هذه الصور ويتبارك بها ويشخر تحت ظلالها .. فعلى التعليم والمدارس السلام .. ولايفوتني ان اذكر ايضا بفلم تم نشره على اليوتيوب عن مدرسة تعلم تلاميذها كيفية اللطم و الدوران حول جنازة وهميه .. هكذا اصبح التعليم والعلم اليوم في بلد العمائم والسدائر والسيديات السوداء والبيضاء والخضراء والبنفسجي .. رحم الله اساتذتنا ومعلمينا ومعلماتنا الذين علمونا كيف نحب العلم والسؤال والتمحيص عن كل ما نرى ونسمع .. علمونا العلم والحب والعمل وحتى الادب ولكن بطريقه حضارية .. تحيه الى كل الاساتذه والمعلمين رجالا ونساءا من الجيل القديم الاحياء والاموات كنتم والله رسلا لرسالتكم النبيله ..

الاعراب اشد كفرا ونفاقا
احمد الفراتي -

طبعا هجوم متواصل على العراق من موقع مخابراتي معادي .. فهذه الامور السلبيه تحصل في كل مكان وليس في العراق ولكن الحرب على العراق لازالت مستمره وهذا المقال واحد منها. واليوم وكل يوم هناك اربعه الى خمسه مقالات في هذا الموقع لمهاجمة العراق فقط لاغير

ذلك الشبل من ذاك الاسد
ali -

سعد الشبل ابن ذلك الاسد صلاح خالص.. الم تسأل اباك لماذا كانت مجلته الثقافة تصدر بدعم الدكتاتور صدام لتكون بديلا عن الثقافة الثورية واليسارية التي عيبت في السدون او قتلت او هربت( اعني رجالها)..انت ابن الاسد الذي كان الشعب يساق الى الموت في الحرب والسجون والاعدامات .. ابوك الاسد وامك د. سعاد ( اللبوة)التي كانت استاذة في جامعة بغداد ولم تحرك لسانهاوصمتت على كل مارأت عيناها من مجازر صدامية.. نعم الوضع في العراق هو نتاج لمقصلة الطاغية استمرت اكثر من 30 عام وسكوت امثال عائلتك ومهادنتكم للدكتاتور.. ثم استمر الامر ولايزال ازلام المقبور يصولون ويجولون.. العراق في مطحنة الموت كان ومازال بسبب خياناتكم السابقة واللاحقة.. سينهض العراق كما العنقاء من الرماد مهما طعنتموه..سينهض وان ناظرك لقريب..وسيزيح غباركم وغبار القتلة وغبار الاعراب المتربصين به

الفراتي الاعمى مرتين
سعاد -

شكرا للكاتب على الامه التي شخصها بخصوص وضع الطلاب وماتحدثت عنه الصحافه العراقية حتى اضطر وزير التعليم الموقر ان يذهب بنفسه ليطلع على الحقيقة وكأن لامديرية تربية ولا مشرفين ولااباء ولاامهات لهذا الطفل والاطفال الاخرين في هذه المدرسة وكل المدارس العراقية المبتلاة بهذا الاسلوب المتوحش في معاملة الطلاب وكما يقول الكاتب فلا عجب ان نرى ارهابيين ولصوص في عراق حتى مابعد صدام وهي السنة التاسعة بعد سقوط خالق اجيال الحروب والبؤس العراقي ليأتينا مشرفون ومربون من نوع ابشع يعلمون اللطم ويخرج من خلفهم عشرات الالاف في مظاهرة ترفع صور مقتدى الصدر وامثاله واحد متعلميهم ويملك انترنت ويعلق هنا باسم احمد الفراتي الذي يفقأ عينه ويشتم نفسه عندما بقول الاعراب اشد كفرا ونفاقا وكانه من بلاد السند ويفقا عينه الاخرى ليبرر بؤس الوضع التعليمي بأنه ليس في العراق فحسب وكأن المقياس هو الدول الاسوأ وضعا ويعمي عينية للمرة الثانية ولا يرى مايجري لاولاده واولاد اقرباءه وكأن كشف الحقائق هذه هو للقضاء على حكومة المالكي وفراتيته وهي مؤامرة متعمدةبعد ان بنت دولة المتشيعين الف مصنع ومليون مدرسة وخمسة ملايين بيت