فضاء الرأي

لماذا العدوان على غزة الآن؟!

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

بعيداً عن الخطاب الإعلامي "التهليلي" لوسائل الإعلام الإسرائيلية، من خلال تسليط الضوء على "نجاحات" منظومة القبة الحديدية الإسرائيلية في صدّ الصواريخ الفلسطينية لفصائل المقاومة، وبصرف النظر عن مدى اتساق ذلك ما أعلتنه القناة العبرية الثانية، من أن القبة الحديدية لم تتمكن من صد أكثر من 20 صاروخاً فقط من أصل مئات الصواريخ التي أطلقت من غزة خلال الأيام الفائتة، رداً على العدوان الإسرائيلي، والتي يلاحظ فيها "استيطان" الطيران الحربي الإسرائيلي لسماء غزة لمنع الإطلاق، مما يزيد من صعوبة المهمة بوجه عام، فإن اختيار توقيت التصعيد الأمني له دلالات يجب التمحيص في مضامينها.
السجال الإعلامي القائم حول مدى نجاح القبة الحديدية، صاحبه جدل سياسي حول وجهة التصعيد ومآلاته، بحسب ما كشفت عنه مصادر سياسية في "إسرائيل"، فوزير الخارجية أفيغدور ليبرمان، عارض خطة لدى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ووزير حربه إيهود باراك، لتوسيع العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وتنفيذ عملية اجتياح بري، حتى لو كان محدوداً، لذلك اختار نتنياهو تصعيد الغارات.
وعلى الرغم من الجهود التي تبذلها مصر للعودة إلى اتفاق التهدئة، فإن الحكومة الإسرائيلية صدقت على إجراءات التأهب العسكري على الحدود مع سيناء المصرية، بدعوى وجود خطر تنفيذ عمليات عبرها ضد "إسرائيل"، وهو الأمر الذي نفاه بشكل قطعي سفير مصر في رام الله.
وسائل الإعلام الإسرائيلية تحدثت صراحة عن أهداف أخرى لهذا العدوان، لا تتعلق بخطط الفصائل الفلسطينية المسلحة ولا العمليات ضد "إسرائيل". فألكس فيشمان، المعلق العسكري في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، كشف أن عملية الاغتيال كانت بمثابة كمين نصبته القوات الإسرائيلية بهدف جرّ أقدام الفلسطينيين إلى الرد عليها، ومن خلال ذلك تحقق عدة أهداف أهمها، إجراء تجربة أخرى على منظومة "القبة الحديدية"، ومعرفة مدى التزام حركة حماس بالتهدئة، وهل هي فعلاً ستمنع الفصائل الفلسطينية من إطلاق الصواريخ باتجاه "إسرائيل"، و إقناع المجتمع الإسرائيلي بمدى أهمية "القبة الحديدية"، حتى يتم منع وزارة المالية من تقليص الميزانية التي يطلبها الجيش للتزود بمزيد منها.
باراك أكد خلال جلسة الحكومة على أهمية هذه المنظومة، وتحدث عن ارتفاع نسبة نجاحها في تدمير صواريخ العدو من 55 في المئة قبل سنة، مروراً بـ70 في المائة في الصيف الماضي، وصولاً إلى 90 في المئة في هذا العدوان. وطالب باعتبارها "مشروعاً وطنياً ضخماً تسخر له كل الموارد". وأثنى نتنياهو على ذلك إذ قال في الجلسة نفسها: "منظومة (القبة الحديدية) تثبت فعاليتها بشكل ملموس، وسنقوم بتزويد جيش الدفاع بالمزيد منها خلال الأشهر والسنوات المقبلة".
بالمقابل، فإن الجيش الإسرائيلي معني بتسويق منظومة "القبة الحديدية" وبيعها لدول في الخارج، ولكنه لن يستطيع ذلك من دون أن يجربها ويثبت ميدانياً أنها ناجحة. وقد اختار أهل غزة حقلاً لهذه التجارب. بدوره اعترف رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، بيني غانتس، بهدف آخر لهذا العدوان، وهو معرفة نوعية الصواريخ الموجودة بحوزة الفصائل الفلسطينية، وهل وصلت إليها صواريخ حديثة متطورة. وقد أكد أن معارك اليومين الأخيرين دلت على أن فصائل فلسطينية مثل "ألوية صلاح الدين" و"سرايا القدس"، أطلقت صواريخ "غراد"، التي كانت موجودة في الماضي فقط بحوزة حماس.
بيد أن للتصعيد العسكري بعداً آخر سياسياً لا يقل أهمية عن البعد الأمني والعسكري والاقتصادي للعدوان الجديد على غزة، وهو كون غزة بالنسبة لصانع القرار الإسرائيلي "مكسر العصا" بالنسبة لكل "العنتريات" التي يمكن أن يتغنى بها في "إسرائيل". فبعد كل هذا التصعيد والتهويل الإعلامي حول قيام "إسرائيل" بتوجيه ضربة جوية عسكرية إلى البرنامج النووي الإيراني، يعود رئيس الحكومة إلى تل أبيب حاملاً معه ذيول الخيبة، وبالتالي لا بد من البحث عن منفذ لتنفيس الاحتقان الذي صنعته الماكينة الإعلامية الإسرائيلية وقرعها لطبول الحرب، وهل هناك أفضل من غزة لتنفيس الاحتقان العسكري الداخلي بأقل التكاليف، من وجهة نظر نتنياهو ومن والاه؟!
قد يبدو سبباً "سخيفاً" و"تافهاً" ما تحاول وسائل الإعلام الإسرائيلي تصويره للداخل الإسرائيلي من أن الحملة هدفها القيام بضربة عسكرية استباقية ضد مجموعات إرهابية، وأن الرغبة تحدو قيادة "إسرائيل" لتجريب منظومة القبة الحديدية، واختبار ما لدى فصائل المقاومة الفلسطينية من صواريخ على حساب "المواطنين" الإسرائيليين وبقائهم داخل الملاجئ لساعات وأيام، فالأهداف الاستراتيجية والبعيدة لا يمكن تغييبها عن تحركات الكيان الإسرائيلي، وما تقدم كان جزءاً منها بلا ريب، لكن إدراك الحكومة الإسرائيلية لمخاطر الفشل في توجيه ضربة عسكرية على شعبيتها في الداخل، ورغبتها بجس نبض مصر ما بعد الثورة إزاء ما يمكن أن يحصل في حال القيام بعدوان على غزة، وتنفيس الاحتقان السياسي القائم في المنطقة، كلها أهداف لن تكون غزة، مع الأسف، سوى الساحة المثلى لتطبيقها عليها.

كاتب وباحث
hichammunawar@gmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
الاعراب اشد كفرا ونفاقا
احمد الفراتي -

ولماذا التعتيم الاعلامي الخليجي على جرائم الصهاينه كما تم التعتيم على الجرائم بحق البحرينيين

الاعراب اشد كفرا ونفاقا
احمد الفراتي -

ولماذا التعتيم الاعلامي الخليجي على جرائم الصهاينه كما تم التعتيم على الجرائم بحق البحرينيين

رحم الله امرئ عرف قدره
غسّان-كندا -

حتى يعرف العرب قدرتهم الحقيقية!

رحم الله امرئ عرف قدره
غسّان-كندا -

حتى يعرف العرب قدرتهم الحقيقية!

to help bashar
FREE SYRIA -

israel is trying to help bashar asad by redirecting the world attention from bashar crimes in syria to phlistine.the only reason israel is attacking gaza is to shift the arabic media and arabic leaders from syria to israel specially that HAMAS no longer supporting asad.

to help bashar
FREE SYRIA -

israel is trying to help bashar asad by redirecting the world attention from bashar crimes in syria to phlistine.the only reason israel is attacking gaza is to shift the arabic media and arabic leaders from syria to israel specially that HAMAS no longer supporting asad.