كتَّاب إيلاف

لا تشركوا المعارضة في الحكومة؟

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

ربما لان التجربة العراقية في النهج الديمقراطي حديثة التكوين وهي بالتالي ما تزال تحت تأثير مخلفات عدة عقود من الحكم الشمولي الذي استخدم أقسى أنواع الإقصاء والتهميش للفعاليات السياسية والاجتماعية والعرقية والقومية، فقد اتجهت العملية السياسية بعد سقوط ذلك النموذج الدكتاتوري إلى ابتكار أو استخدام أسلوب المحاصصة أو ما يسمى بالتوافق في تشكيل معظم سلطات الدولة الثلاث، لإرضاء كافة المشاركين في تلك العملية ومن يقف من ورائهم من مكونات قومية ودينية وسياسية، فظهرت لدينا منذ الحكومة الأولى ما يسمى بحكومة التوافق أو المشاركة وهي بالتالي محاصصة بين كل الأطراف أو معظمها تقريبا.

لقد حافظت تلك الصيغة على توافق مهم لديمومة العملية السياسية وتطورها الا انها في ذات الوقت تركت ظلالا قاتمة على الأداء الفعلي فيما يتعلق بالمواطن وخدماته، حيث تقهقرت كثير من تلك الخدمات أو أنها لم تلبي الحد الأدنى من طلبات وحاجيات الأهالي، خصوصا بعد ظهور نتائج الانتخابات الأخيرة وما ترتب عليها من تداعيات ونزاعات خطيرة هددت وما تزال تهدد العملية برمتها، بسبب إصرار الجميع على المشاركة في كل السلطات وعدم السماح لبلورة معارضة حقيقية خارج الحكم.

بهذه المقدمة أردت الدخول الى إقليم كوردستان الذي يشكل حكومته السابعة الآن، منذ تمتعه بالاستقلال الذاتي عن بغداد عام 1991م، فقد كلف رئيس الإقليم السيد نيجيرفان بارزاني ونائبه عماد احمد بتشكيل حكومة جديدة بعد استقالة حكومة برهم صالح المنتهية ولايتها، حيث باشر السيد بارزاني بمشاوراته ولقاءاته مع معظم الفعاليات السياسية بما فيها القوى المختلفة التي ربما ستتبلور لاحقا الى معارضة حقيقية، وهي تتكون من ثلاثة أحزاب هي الاتحاد الإسلامي الكوردستاني والجماعة الإسلامية وحركة التغيير، وكانوا قد حصلوا مجتمعين على أكثر من ربع مقاعد البرلمان في الانتخابات الأخيرة ورفضوا المشاركة في حكومة برهم صالح، حيث يدور الآن حديث متشعب عن محاولات لإشراكهم في تشكيل الوزارة تحت ذريعة إنتاج حكومة عريضة تشترك فيها كل الأحزاب والحركات بما يجعلها شبيهة بحكومة الشراكة الوطنية في بغداد، والتي يرى فيها بعض المراقبين انهم أي المختلفين سيتحملون المسؤولية جنبا الى جنب مع الحزبين الفائزين بالانتخابات بكل ما ستنتجه تلك الحكومة.

وربما لا تصح مثل هذه الاستنتاجات على خلفية ان المختلفين مع الحكم ما زالوا في طور تبلورهم الى معارضة حقيقية، ولذلك فان وجودهم خارج الحكومة أفضل بكثير لهم وللحكومة في الأداء السياسي والتنفيذي للإدارة الجديدة، حيث ستكون مساحة مراقبتهم لأداء السلطة التنفيذية اكبر بكثير مما لو كانوا داخلها، وبالتأكيد ستكون فرصة ذهبية لتطوير أدائهم والانتقال من الاختلاف السلبي والتنافس السيئ إلى المعارضة الوطنية من اجل أهداف عامة ومصالح عليا للبلاد، لا علاقة لها بمكاسب حزبية ضيقة أو إدارية محددة مبنية على روح انتقامية أو انشقاقية، وبذلك ستسنح الفرصة لنشوء صوتا معارضا يتعاون مع الحكومة من اجل تحقيق أفضل للبرامج التي بموجبها ستنال ثقة البرلمان.

ان الحكومة القادمة مثقلة بمهام وواجبات كبيرة داخليا في مقدمتها معالجة ملفات الفساد وتقليص مساحاته بما يؤمن حرية أوسع لتنفيذ الخطط والمشاريع الإستراتيجية بشفافية ونزاهة قياسية، وخارجيا ملفات النفط والغاز والمناطق المستقطعة والميزانية والتعداد العام وقوات حرس الإقليم مع الحكومة الاتحادية، وقضايا خرق الحدود مع دول الجوار، مما يستدعي طاقما حكوميا يحاكي فريق كرة قدم متمكن في أدائه وتعاونه وخبرته، وذلك يتطلب الدقة في اختيار أعضاء هذا الطاقم بعيدا عن المحسوبيات والمنسوبيات على خلفية التوازنات التي تسببت في تأخير العديد من البرامج وتوسيع مساحات الفساد في مفاصل الدولة لوصول كثير من العناصر غير الكفوءة والمؤهلة الى مواقع لا تعرف عنها الا الامتيازات والإفساد.

واليوم تبدو الفرصة ذهبية أمام رجل دولة ديناميكي له باع طويل في قيادة أكثر من كابينة تحت ظروف أكثر حساسية وخطورة، هذه الفرصة التي ربما ستمنح الحكومة الجديدة اسم حكومة الإصلاح والبناء لو نجحت في استثمارها وحققت تغييرات نوعية مهمة للدولة والمجتمع، ومن ثم الانتقال الى مرحلة التصنيع وتحديث الزراعة والسيطرة على الاستيراد والتصدير وتقليص البطالة وترشيق هياكل الدولة المترهلة، وحل مشكلة البطالة والخريجين الجدد من الجامعات والمعاهد، وتطوير الكهرباء والخدمات الأخرى وبالذات السكن للشرائح الفقيرة.

kmkinfo@gmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
التفاؤل المزمن
Sidq -

موضوع جيد وفكرة عدم مشاركة المعارضة, على الساسة والشعب ترسيخها في ابجديات الحكم كديمومة فعالة للديمقراطية وتحسين الاداء الحكومي .ما يجلب انتباهي لكل ما يكتب عن تجاربنا والكابينات المتتالية هو التفاؤل المزمن لدينا حول النجاح الذى ستحققه هذه الكابينة او تلك رغم علمنا بان الوقت ولا الظروف مساعدة لتحقيق ذلك الا اذا كانت الكابينة سوبرمانا وتحمل عصا سحريا وهذا ما فنده السيد رئيس الوزراء المكلف . عليه العملية اصلا لا تخدم المسيرة وبهذا الزمن القصير واعتقد ان اية كابينة تحتاج الى ضعفي مدة جميع الكابينات السابقة لان البناء ليس كالهدم اي لتحقيق ما نصبوا اليه نحتاج الى ادامة للكابينة وعلى اجندة واحدة لكل من الحكم والمعارضة .

دةست خوش ريزدار كفاح
كلحى نعمت -

عذرا التعليق ليس واضحا

موقف سليم
ابو لاوند -

هذا هو الموقف السليم والمسؤول الذي عودنا عليه كاتبنا العزيز الصديق كفاح كريم الوضع يتطلب المزيد من التكاتف والاتحاد في وجه التحديات ومواجهة مفاجآت ومفارقات الشرق الأوسط والعراق فلتكن العلاقة بين حكومة الشاب القدير والشخصية السياسية المرموقة نيجيرفان بارزاني والمعارضة شفافة وحضارية وتعاونية- نقدية واذا أمكن تشاركية فدائما هناك المهم والأهم مع التحية للكاتب القدير

اشكاليه !! ولكن .
قاسم الفيلي -

لقد تطرقتم بادئا بان الديمقراطيات الوليده في بلداننا ..لاتنمو فيها معالم للقرارات السليمه...أو تزداد تعثراتها لتعكس الاثار السلبيه في حقوق المواطنيين ...ولكن دعوتكم ببقاء المعارضه خارج السلطه ..لاهميه دورهم الرقابي ورصدها !!!!هنا نرجع لنفس مبررات دعوتكم السابقه ..بأن المعارضه تفتقر للكثير مما ينبغي ابعادهم ..للحيلوله والخروج من الاصطفافات الطائفيه والمحاصصاتيه والتوافقيه ..التي عطلت دور تقدم البلد نحو الافضل ..هل تضمن بان تركه هولاء الثقيله وتبعات ابعادهم عن السلطه ..بان لايحتموا او يستقووا بالاجندات الخارجيه ويجعلوا زاد تأثيراتهم وقدراتهم التدخل الاقليمي ...وهنا انظر للامر ..زياده الطين بله .

احلام یقظة
محمد -

خلافا لما یقولە الکاتب لا یبدوا ان معالجة الفساد تشکل ایة اولویة للکابینة الجدیدة (ای بالعربیة التشکیلة الوزاریة) و الدلیل علی ذلک ان نجرفان برزانی و الذی یصفە الکاتب ( برجل دولة ديناميكي له باع طويل في قيادة أكثر من كابينة تحت ظروف أكثر حساسية وخطورة) قد اعلن نفسە فی تصریح رسمی قبل اسبوع بانە لا یمکن القضاء علی الفساد لان الفساد ( حسب قولە) هی احدی سمات الثقافیة للشعب الکردی؟!. و هو ما جعل کثیرون ینتقدونە علی سذاجة هذا التصریح و خصوصا و ان الشعب الکردی لم یکن لدیە فی قاموسە اللغوی کلمة مرادفة للفساد حتی عام 2006!! ملاحضة لغویة: کلمة (کابینة) تعنی فی بعض اللغات الاوروبیة التشکیلة الوزاریة او مکاتب الاطباء او المحامین و کذلک تعنی فی نفس الوقت المرافق الصحیة. فلا یستحسن و الحال هذە الاستمساک عنوة بکلمة اجنبیة کهذە و خصوصا بوجود کلمة فی قاموس اللغـة العربیة واضحة و دقیقة المعنی بل و مصطلح شائع الاستعمال فی المعجم السیاسی العربی و هو التشکیلة الوزاریة ( و ذلک لیس حفضا للنقاوة اللغویة فحسب بل لوضوح المعنی ایضا!!.

رجل دولة ديناميکي..!
ابو عامر -

کان يمکن ان يکون مقالا جيدا لو استغنيت ولو مرة عن کيل المديح للملياردير نيتشيرفان الذي لم يعرف عنه انه قرا او کتب کتابا او مقالا في يوم من الايام...

سۆال للسيد المحرر
ابو عامر -

اين بقية التعليق رقم6 يا السيد المحرر..!

سۆال للسيد المحرر
ابو عامر -

اين بقية التعليق رقم6 يا السيد المحرر..!

ثقافة المدح !!
نضال -

اقول للكاتب ولايلاف المحترمة رخم الله شاعرنا الكبير الجواهري اذ يقول لامثال هؤلاء الكتاب : وصحافة صفر الضمير كاْنها ......سلع تباع وتشترى وتعار !