هجوم تولوز والتوظيف الإسرائيلي
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
علاقة "إسرائيل" بيهود العالم في خطر، وصلتها بالراغبين بالهجرة إلى "أرض الميعاد" في تبدد ووهن، هذا ما يشعر به ربع يهود الكيان الإسرائيلي في داخل فلسطين المحتلة، وهو ما يفسر اليوم مواقف الحكومة الإسرائيلية مما جرى في تولوز بفرنسا.
ففي استطلاع للرأي أجرته الوكالة اليهودية التابعة لمعهد "داحف" الإسرائيلي، يظهر أن ربع الإسرائيليين يشعرون بأن الصلة مع يهود العالم تضعف يوماً بعد يوم، بينما يعتقد نحو 56% أن الصلة مع يهود الشتات بقيت مستقرة إلى حد ما.
الاستطلاع أجري بعيد أحداث مدينة "تولوز" والذي قتل فيه أربعة من اليهود، وبهدف تعزيز "مكانة الشعب اليهودي في الشتات"، على حد تعبير صحيفة معاريف، وأظهر الاستطلاع أن 91% يؤمنون أنه يتوجب على الحكومة الإسرائيلية مساعدة الجاليات اليهودية في الخارج في وضع الضائقة والتي من شأنها حمايتهم من أعداء اليهود في العالم، في حين أن هناك 75% يعتقدون أن التزامات متبادلة بين اليهود في جميع أنحاء العالم.
وبين الاستطلاع أيضاً أن 54% ممن أجري عليهم الاستطلاع متأكدون بأن "يهود الشتات" سيعملون جاهدين بالوقوف إلى جانب "إسرائيل" في حال هاجمت إيران "إسرائيل"، بينما يشكك 37% من الجمهور الإسرائيلي وقوف الجاليات اليهودية مع الإسرائيليين، لكن الجميع اتفق على أن دعم يهود الخارج مهم جداً بنسبة 95%.
وحول ما إذا اعتبر يهود الشتات ويهود "إسرائيل" يعتبرون كشعب واحد، أشار الاستطلاع إلى أن 30% منهم متأكدون في هذا الشأن، بينما يعارض 51% أن يهود الخارج ويهود الشتات اعتبار أن يكونوا جزءاً من شعب واحد.
نتائج الاستطلاع تعكس بلا شك التوظيف الرسمي للحكومة الإسرائيلية لأحداث تولوز، والتي تصرفت فيها "إسرائيل" وكأنها "ولي أمر" يهود العالم، فقد هاجم رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو الأمم المتحدة جراء عدم تنديدها بعملية القتل التي تعرض لها يهود بمن فيهم أطفال في مدينة تولوز الفرنسية، وقال نتنياهو في سياق كلمة ألقاها لدى اجتماع كتلة الليكود في الكنيست: "ارتكبت في فرنسا عملية قتل بشعة بحق مواطنين يهود بمن فيهم أطفال، وما يزال من السابق لأوانه الجزم بشأن دوافع هذه العملية الوحشية، لكن بالتأكيد لا يمكن استبعاد احتمال أن يكون الدافع الأساسي لها هو معاداة السامية العنيفة والهمجية." وأضاف نتنياهو: "لم أسمع حتى الآن أي تنديد من جانب الأمم المتحدة بهذا القتل البغيض، لكن ما سمعته هو أن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة مندوباً رفيع المستوى من حركة حماس، وهذا المندوب شجب الإدارة الأميركية على تصفية الإرهابي الكبير أسامة بن لادن، على الرغم من أنه هو نفسه يمثّل حركة تقتل أطفالاً وكباراً، رجالاً ونساءً، جميعهم أبرياء".
تداعيات تصريحات نتنياهو وجدت صدى لها لدى الشرطة الفرنسية، إذ أعلنت الأخيرة أنها تنفذ عملية في تولوز لاعتقال مشبوه في الهجوم على المدرسة اليهودية في المدينة، فيما أعلن وزير الداخلية الفرنسي كلود غيان أن الرجل البالغ من العمر 24 عاماً، الذي يشتبه بأنه منفذ هجمات مونتوبان وتولوز متطرف إسلامي على ارتباط بالقاعدة، وأنه أراد الانتقام للأطفال الفلسطينيين ومهاجمة الجيش الفرنسي؟!
وسائل الإعلام الإسرائيلية التقطت الرسالة من نتنياهو، فشرعت في التجييش الإعلامي، وبحسب جيروزاليم بوست الإسرائيلية، منذ نهاية عام 2000، تتعرض الجالية اليهودية في فرنسا، البالغ عددها 500 ألف يهودي، والتي تُعتبر ثالث أكبر جالية يهودية بعد "إسرائيل" والولايات المتحدة، لأعنف حملة عداء للسامية منذ المحرقة النازية. وكان الجزء الأكبر من "جرائم الكراهية"، بحسب الصحيفة الإسرائيلية، قد ارتُكب على أيدي المهاجرين العرب احتجاجاً على الاعتداءات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين. وارتفع عدد الاعتداءات ضد اليهود في فرنسا أثناء عملية "الرصاص المسبوك" سنة 2008، وأكدت الصحيفة أنه لا يمكن إغفال "مشاعر العداء للأجانب" المنتشرة في فرنسا، والحركات اليمينية المتطرفة التي تهدد أمن اليهود هناك؟! واعتبرت الصحيفة أنه صعود الإسلاميين والحركات المعادية للسامية في فرنسا ساهم في ازدياد مشاعر عدم الارتياح بين اليهود هناك، فقد أظهر استطلاع أُجري سنة 2004 أن نحو 26٪ من يهود فرنسا يفكرون في الهجرة. يومها دعا رئيس الحكومة الإسرائيلية آنذاك، أريئيل شارون، يهود فرنسا إلى الهجرة إلى "إسرائيل" (يقدر عدد اليهود من أصل فرنسي المقيمين بإسرائيل بنحو 100 ألف).
ولكن.. ما المطلوب لمواجهة تنامي حالة العداء لليهود داخل فرنسا؟ الجواب يأتي من وجهة نظر، جيروزاليم بوست بأن الهجرة ليست هي الرد المطلوب، إذ ينبغي التخفيف من اللهجة المعادية للأجانب في الحملة الانتخابية للرئاسة الفرنسية، كما يجب وضع حد لحملة نزع الشرعية عن "إسرائيل"، والتعهد بضمان أمن اليهود في فرنسا وفي أوروبا كلها؟!
إذن.. الفلسطينييون والمتعاطفون معهم، والإسلاميون "المتطرفون"، وحتى الحركات اليمينية المعادية لما سمتهم الصحيفة الإسرائيلية "بالأجانب" كلها جهات تقف وراء تنامي العداء لليهود داخل فرنسا، وكأن الحكومة الإسرائيلية وآلتها الإعلامية تخوض معركة الانتخابات الرئاسية الفرنسية مبكراً وبالوكالة عن المرشحين، وتستقطب أصوات الناخبين لتوزعها تالياً على من تشاء، إذ كيف تستقيم هجمات على مدرسة يهودية في فرنسا مع المطالبة بوقف حملة نزع الشرعية عن "إسرائيل"، إلا إن كانت الغاية "إسباغ" الشرعية على الكيان الإسرائيلي لتسهيل هجرة اليهود إليها، وكيف يتحول ملف الأقلية اليهودية إلى تصدر سلم أولويات مرشحي الرئاسة الفرنسية من دون تضميخه بالدم، ولو كان يهودياً!؟
.... كاتب وباحث
hichammunawar@gmail.com
التعليقات
اليهود وعقدة الاضطهاد
سامي -اليهود دوما يتذرعون انهم مضطهدون ويضاربون بالدم اليهودي لمارب شخصية ومصلحية لا يعني التفجير الفرنسي بقدر ما اكره هذا التعصب لاحتكار دور الضحية من قبل اليهود
اليهود وعقدة الاضطهاد
سامي -اليهود دوما يتذرعون انهم مضطهدون ويضاربون بالدم اليهودي لمارب شخصية ومصلحية لا يعني التفجير الفرنسي بقدر ما اكره هذا التعصب لاحتكار دور الضحية من قبل اليهود