أصداء

المعضلة السورية واستعصاء الحل والحسم

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

تتقاطع التصريحات حول وصف مهمة كوفي أنان بـ"الفرصة الأخيرة" لإنهاء الأزمة في سوريا، ومنع تدهور الأمور نحو الحرب الأهلية. فالجميع بات يدرك بعد مرور عام على الأزمة أن كلا الطرفين (المعارضة والنظام) غير قادر على حسم المعركة لصالحه. كما أن آفاق الحل ما زالت ضبابية ومستعصية في ظل سقوط نحو عشرة آلاف قتيل.

النظام غير قادر على حسم المعركة بشكل نهائي بالأسلوب الأمني والعسكري، رغم الهزائم التي ألحقها بالجيش السوري الحر في حمص وإدلب وغيرها من المناطق السورية. كما أن المعارضة المتفككة والمنقسمة على ذاتها تبدو مرتبكة وحائرة وتنتظر الإشارات من الدول الكبرى. فيما يظل الشارع الجريح المطالب بالحرية والكرامة يدفع الفاتورة من دمه ودم أبنائه.

لا شك أن نظام الأسد نجح في إرعاب المجتمع الدولي من شبح القاعدة، ونجح أيضا في تخويفه من تداعيات الحرب الأهلية وفوضى السلاح، على الأقليات وعلى إسرائيل. كما أثبت أن نظامه حافظ على تماسكه رغم كل الدعم الإعلامي والسياسي وربما العسكري أيضا.

أما على الصعيد الدولي، فقد نجح النظام أيضا في دفع روسيا والصين للمشاركة بقوة في هذه المعركة والدفاع عن الأسد كما لو كانت معركة دبلوماسية مصيرية لهما. ذلك أن سقوط النظام في سوريا يعني تحجيم موسكو وبكين وفقدان دورهما العالمي بشكل كبير، وإنهاء نفوذها وأوراق قوتهما بشكل نهائي في الشرق الأوسط، بعد أن سقطت بعض أوراقهما في ليبيا والعراق واليمن وجنوب السودان.

في المقابل، فإن المعارضة السورية تبدو عاجزة عن تقديم أي مبادرة سوى التنديد بالجرائم، وتبشير الناس والعالم بحتمية زوال النظام. أما في الواقع، فالمجلس الوطني باتت تنخره الانقسامات بشكل كبير، وكل المحاولات الإقليمية والدولية لتوحيده تبوء بالفشل، فيما يهيم عناصر الجيش السوري الحر في البلاد للبحث عن أماكن آمنة لإعادة ترتيب صفوفهم، في ظل غياب الدعم العسكري الحقيقي الذي يمكنها من مواجهة الجيش النظامي.

وما بين هذا وذاك، فإن الجميع يستبعد حصول أي تدخل عسكري وشيك، على غرار ما حدث في ليبيا. كما أن المشهد العربي بعد مرور عام على الأزمة يبدو أكثر قلقا وارتباكا وعجزا عن القيام بمبادرة حقيقية، فيما يلتزم الأتراك الصمت حيال ما يجري، وما المؤتمر المرتقب لأصدقاء سوريا سوى من باب رفع العتب لمن عولوا على أنقرة كثيرا.

بعد أكثر من عام على الأزمة في سوريا، يمكننا القول أن الأزمة تحولت إلى معضلة دولية بعد تعذر الحسم، والجميع يبحث عن تسوية لها، لكن دون خسائر. وباتت الأزمة وتداعياتها تتخطى سوريا. فالأزمة قسمت العالم إلى حلفين، وبات حلها بيد الأحلاف الدولية لا بيد الأطراف الداخلية. وباعتقادنا فإن مبادرة كوفي أنان وخارطة طريقه المؤلفة من خمس نقاط، ليست سوى الوجه الظاهر لصفقات كبرى يجري التحضير لها أو الترويج لها ربما، في عواصم القرار العالمية.

لكن إلى حين الانتهاء من بلورة هذه الصفقات، فلا ضير بحسب منطق الدول العظمى من استمرار الأزمة، ليبقى الشعب السوري وسوريا هما من يدفعان الثمن، استنزافا بشريا واقتصاديا واجتماعيا.

لا شك أن الأزمة لها بعدين، بُعد داخلي يتجلى في المطالب المحقة التي ثار لأجلها الشعب السوري، وهناك بُعد خارجي له علاقة بالمصالح الدولية وتأثير سقوط النظام على التغييرات الاستراتيجية للعالم. وللأسف فإن المصالح الدولية كانت أكبر من المطالب الداخلية، وبات على الشعب السوري أن يدفع ثمن ذلك، وإن تداعيات سقوط النظام إن سقط أكبر من المكاسب التي يمكن أن تحققها المعارضة على الأرض.

سوريا في دوامة التعقيدات والتداخلات والتشابكات، لا حلول في الأمد القريب، ولا حسم أيضا، ومن الصعب التكهن بنتائج إيجابية في المدى المنظور قد ترشح عن تحركات أنان. لكن من الواضح، أن الجميع بات مقتنعا أن لا حل للأزمة سوى بتسوية سياسية، وما نقاط أنان الخمس سوى الخطوط العامة لصيغة الحل المرتقب.

لكن بتقديرنا أن فترة التوصل إلى اتفاق أو حل سياسي ستطول، ذلك أن أيا من الأطراف غير مستعد للتنازل، في ظل التوازن القائم بين المعارضة والنظام، وعدم خسارة أي من الدول الكبرى شيئا في حال استمرار الأزمة. وهنا يمكننا القول إن جولة أنان هي بداية لاستشعار توجهات الدول الكبرى.


ولذا على الجميع الانتظار لعدة أشهر حتى تنتهي المساومات الدولية على دماء السوريين وتنضج الصفقة الأممية بشكل نهائي.

*كاتب ومحلل سياسي

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
سيسقط الأسد في النهاية
ثائر علي -

لقد نجح الكاتب في توصيف الحالة التي وصلت إليها سوريا. وللأسف كان المستفيد من كل هذه العملية هم الدول الكبرى. لكن أظن أن النظام سيسقط وأن الشعب سيبقى يتظاهر حتى يسقطه ولو اتفقت الدول الكبرى على صفقة مع الأسد

سيسقط الأسد في النهاية
ثائر علي -

لقد نجح الكاتب في توصيف الحالة التي وصلت إليها سوريا. وللأسف كان المستفيد من كل هذه العملية هم الدول الكبرى. لكن أظن أن النظام سيسقط وأن الشعب سيبقى يتظاهر حتى يسقطه ولو اتفقت الدول الكبرى على صفقة مع الأسد

داخلي وخارجي
سوسن الحسيني -

لا بد أن ينتهي وقف نزيف الدماء في سوريا. فالأزمة كما قال الكاتب صار لها أبعاد داخلية وخارجية. والأبعاد الخارجية صارت أكبر من الداخلية

داخلي وخارجي
سوسن الحسيني -

لا بد أن ينتهي وقف نزيف الدماء في سوريا. فالأزمة كما قال الكاتب صار لها أبعاد داخلية وخارجية. والأبعاد الخارجية صارت أكبر من الداخلية

ما كشفته الثورة السورية
سلمى الراشدي -

بغض النظر سواء سقط النظام أم لم يسقط فإن الثورة السورية حققت ما يلي:- كشفت مدى إجرامية وديكتاتورية ودموية النظام السوري- كشف زيف مقولات الممانعة والمقاومة- كشفت الأقنعة عن حزب الله وإيران وبينت مدى مشاركتهم في الظلم ودعمهم للإرهاب الأسدي- أظهرت أن الشعب السوري لا يقل في عنفوانه عن الشعوب الأخرى رغم أنه ما زال يرزح تحت الظلم منذ أربعين سنة.- أظهرت مدى حجم التآمر الدولي على سوريا- أظهرت أن الغرب مرتاح لننظام الأسد لانه حامي لإسرائيل

ما كشفته الثورة السورية
سلمى الراشدي -

بغض النظر سواء سقط النظام أم لم يسقط فإن الثورة السورية حققت ما يلي:- كشفت مدى إجرامية وديكتاتورية ودموية النظام السوري- كشف زيف مقولات الممانعة والمقاومة- كشفت الأقنعة عن حزب الله وإيران وبينت مدى مشاركتهم في الظلم ودعمهم للإرهاب الأسدي- أظهرت أن الشعب السوري لا يقل في عنفوانه عن الشعوب الأخرى رغم أنه ما زال يرزح تحت الظلم منذ أربعين سنة.- أظهرت مدى حجم التآمر الدولي على سوريا- أظهرت أن الغرب مرتاح لننظام الأسد لانه حامي لإسرائيل

لا نفط لا تدخل عسكري
رندة -

الأميركيون لا يتدخلون عسكريا إلا إذا كان هناك نفط. وفي سوريا لا يوجد نفط. إذا لا مشكلة فليموت الشعب السوري كله ولا تدخل عسكري هذه هي المعادلة

لا نفط لا تدخل عسكري
رندة -

الأميركيون لا يتدخلون عسكريا إلا إذا كان هناك نفط. وفي سوريا لا يوجد نفط. إذا لا مشكلة فليموت الشعب السوري كله ولا تدخل عسكري هذه هي المعادلة

قراءة واقعية !!
عمار تميم -

في البداية التحية والتقدير لكاتب المقال على التحليل الواقعي والقراءة الصحيحة لمجريات الأحداث في سوريا دون انحياز لطرف دون آخر والأهم دون بيع أوهام جديدة للشعب السوري ، المشكلة أستاذنا ليست في استعصاء الحل ولكن في التبعية للخارج (فيما يخص المعارضة) النظام أعلن في بداية الأحداث أن سوريا غير بقية الدول التي حصل بها حراك شعبي وكان صادقاً حينها ساعده في ذلك قراءته الصحيحة للأحداث والأوضاع الإقليمية يضاف إلى ذلك سلسلة تحالفات سياسية أقامها ساعدته في التخفيف من تأثيرات الضغوطات السياسية الخارجية عليه ، حل المعضلة كما وصفها أستاذنا العزيز تنحصر في تقديم التنازلات من كلا الطرفين (النظام والمعارضة) فالنظام أثبت للجميع قدرته على السيطرة على كافة المناطق متبعاً نفس الأسلوب وقام بتكراره عدة مرات وفي مناطق متعددة ، ومن يسمون أنفسهم معارضين يقعون في نفس المطب دائماً همهم الأول الظهور الإعلامي البراق وتكدسهم في منطقة واحدة يستطيع الجيش السوري في أي وقت اقتحامها بعيداً عن الضوضاء الخارجية التي لاتقدم أو تؤخر ، الإنشقاقات الأخيرة في صفوف المعارضة السورية أثبتت ما قمت بالتعليق عليه سابقاً بقدرة النظام على اختراق هذه المعارضة وتقسيمها وقت الحاجة (شهادة المعارض السوري أشرف المقداد في هذا الشأن مع الدلائل المقدمة) ، بينما المعارضة قبلت على نفسها التبعية المطلقة للتركي والقطري والأمريكي والكل بدون استثناء عليه الكثير من المآخذ السياسية ولايمكن الوثوق بهم لأنهم سماسرة مواقف سياسية ، مؤتمر حوار وطني بدون شروط مسبقة وإقصاء لأي طرف والإنتباه إلى ضرورة تقديم تنازلات سياسية داخلية للتأكيد على حتمية الحل الوطني قد تسهم - حال إخلاص النوايا - في إيجاد أرضية للحل السياسي ، أما الضجيج العسكري الخارجي (جيش حر ، معارضة مسلحة ، ضرورة تسليح المعارضة ، ممرات إنسانية) مصطلحات يستخدمها كل من تقبع المعارضة على أرضه ويقوم بتمويلها ومع احترامنا فهي جلها مرفوضة من غالبية الشعب السوري ، الإصلاح والتغيير القاسم المشترك للجميع وبداية الحوار وعنوانه (لاعودة لما قبل 15 آذار 2011) والنوايا الصادقة والحس الوطني قادرة على إيجاد حل للمعضلة في سوريا كما وصفها الأستاذ كاتب المقال ، مرة أخرى أكرر شكري وتقديري لك أستاذنا العزيز ولكافة الأخوة المتابعين .

قراءة واقعية !!
عمار تميم -

في البداية التحية والتقدير لكاتب المقال على التحليل الواقعي والقراءة الصحيحة لمجريات الأحداث في سوريا دون انحياز لطرف دون آخر والأهم دون بيع أوهام جديدة للشعب السوري ، المشكلة أستاذنا ليست في استعصاء الحل ولكن في التبعية للخارج (فيما يخص المعارضة) النظام أعلن في بداية الأحداث أن سوريا غير بقية الدول التي حصل بها حراك شعبي وكان صادقاً حينها ساعده في ذلك قراءته الصحيحة للأحداث والأوضاع الإقليمية يضاف إلى ذلك سلسلة تحالفات سياسية أقامها ساعدته في التخفيف من تأثيرات الضغوطات السياسية الخارجية عليه ، حل المعضلة كما وصفها أستاذنا العزيز تنحصر في تقديم التنازلات من كلا الطرفين (النظام والمعارضة) فالنظام أثبت للجميع قدرته على السيطرة على كافة المناطق متبعاً نفس الأسلوب وقام بتكراره عدة مرات وفي مناطق متعددة ، ومن يسمون أنفسهم معارضين يقعون في نفس المطب دائماً همهم الأول الظهور الإعلامي البراق وتكدسهم في منطقة واحدة يستطيع الجيش السوري في أي وقت اقتحامها بعيداً عن الضوضاء الخارجية التي لاتقدم أو تؤخر ، الإنشقاقات الأخيرة في صفوف المعارضة السورية أثبتت ما قمت بالتعليق عليه سابقاً بقدرة النظام على اختراق هذه المعارضة وتقسيمها وقت الحاجة (شهادة المعارض السوري أشرف المقداد في هذا الشأن مع الدلائل المقدمة) ، بينما المعارضة قبلت على نفسها التبعية المطلقة للتركي والقطري والأمريكي والكل بدون استثناء عليه الكثير من المآخذ السياسية ولايمكن الوثوق بهم لأنهم سماسرة مواقف سياسية ، مؤتمر حوار وطني بدون شروط مسبقة وإقصاء لأي طرف والإنتباه إلى ضرورة تقديم تنازلات سياسية داخلية للتأكيد على حتمية الحل الوطني قد تسهم - حال إخلاص النوايا - في إيجاد أرضية للحل السياسي ، أما الضجيج العسكري الخارجي (جيش حر ، معارضة مسلحة ، ضرورة تسليح المعارضة ، ممرات إنسانية) مصطلحات يستخدمها كل من تقبع المعارضة على أرضه ويقوم بتمويلها ومع احترامنا فهي جلها مرفوضة من غالبية الشعب السوري ، الإصلاح والتغيير القاسم المشترك للجميع وبداية الحوار وعنوانه (لاعودة لما قبل 15 آذار 2011) والنوايا الصادقة والحس الوطني قادرة على إيجاد حل للمعضلة في سوريا كما وصفها الأستاذ كاتب المقال ، مرة أخرى أكرر شكري وتقديري لك أستاذنا العزيز ولكافة الأخوة المتابعين .

سعيد السامرائي
سقوط أقنعة الممانعة -

أثبتت الأحداث ان الأسد لكي ينقذ نظامه مستعد أن يضحي بسوريا وملايين السوريين. وبعد قتله أكثر من عشرة آلاف شهيد فإن السوريين مهما تدخلت الدول لن يقبلوا أن يظل هذا المجرم على رأس السلطة

سعيد السامرائي
سقوط أقنعة الممانعة -

أثبتت الأحداث ان الأسد لكي ينقذ نظامه مستعد أن يضحي بسوريا وملايين السوريين. وبعد قتله أكثر من عشرة آلاف شهيد فإن السوريين مهما تدخلت الدول لن يقبلوا أن يظل هذا المجرم على رأس السلطة

رد على عمار تميم
نهلة قاسم -

بصراحة في كل تعليقاتك أنت تدافع عن النظام والجيش. وكنت أود لو كان دفاعك أيضا عن الشعب السوري. وأن تقر بأن مطالبه محقة. الكاتب ذكر أن الشعب محق بمطالبه، لكن دخول القوى الخارجية جعل تنفيذ المطالب مشروطا بتحقيق مكاسب لها أكبر من المطالب. وهنا تعقدت المسألة. لا شك أن المعارضة هناك من يريد بيع نفسه للخارج وبيع سوريا أيضا مقابل أن يحصل على كرسي في السلطة الموعودة. لكن لا يعني أن الشعب السوري ليس محقا وأن نظام البعث رغم كل انجازاته ووقوفه إلى جانب المقاومة هو نظام مجرم وديكتاتوري

رد على عمار تميم
نهلة قاسم -

بصراحة في كل تعليقاتك أنت تدافع عن النظام والجيش. وكنت أود لو كان دفاعك أيضا عن الشعب السوري. وأن تقر بأن مطالبه محقة. الكاتب ذكر أن الشعب محق بمطالبه، لكن دخول القوى الخارجية جعل تنفيذ المطالب مشروطا بتحقيق مكاسب لها أكبر من المطالب. وهنا تعقدت المسألة. لا شك أن المعارضة هناك من يريد بيع نفسه للخارج وبيع سوريا أيضا مقابل أن يحصل على كرسي في السلطة الموعودة. لكن لا يعني أن الشعب السوري ليس محقا وأن نظام البعث رغم كل انجازاته ووقوفه إلى جانب المقاومة هو نظام مجرم وديكتاتوري

قراءة رائعة
يوسف ابراهيم سلوم -

كلما يطل الكاتب علينا بمقالاته يطل بأفكار تلخص بشكل منطقي وسلاسة رائعة الأحداث التي تجري حولنا خصوصاً الوضع السوري، لكن يجب ان نسأل الكاتب: أليس من أسباب تعقيدات الوضع السوري التدخل الاسرائيلي الخفي والضغط على الادارت السياسة في مراكز القرار العالمي لمنع تكرار السيناريو ذاته في ليبيا والحفاظ على نظام الاسد؟!