فضاء الرأي

الأسد في مسرح الجريمة

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

لاشك أن زيارة بشار الأسد إلى حي بابا عمرو المنكوب في حمص، التي بثتها شاشات التلفزة يوم الثلاثاء الماضي هي حدث يحار المرء في تفسيره بكل ما أوتي من قدرة على الفهم.
جدران متداعية، بنايات منهارة، في مشهد يبدو كما لو أنه من مناظر الحرب العالمية الثانية. وفجأة يظهر في الشاشة بشار الأسد متجولا وحوله حفنة من البشر يتحدثون بلغة مصحوبة بضوضاء.
من يحدق في الوجوه التي تبدو منزعجة عبر التفاتاتها المتكررة في كل اتجاه من حول الرئيس، وعليها علامات الحذر والانتباه، يدرك تماما أن هذا الموكب موكب حفنة من المجرمين ولا يدل إلا على غريزة بدائية في مكان معتم من دماغ بشار الأسد ؛ إنها غريزة الانتقام التي فسرت أسارير وجه الأسد فيما هو يتحدث مع شبيحته.
ذلك أن ما بدا في وجه الأسد من تعابير دلت تماما على المعاني التي خذلته وظهرت على صفحات ذلك الوجه رغما عنه فكانت أصدق من الهراء الذي يتحدث به أمام الكاميرا.
هكذا جاءت الزيارة فجأة ودون مقدمات لتزيد من غموضها وعبثيتها. فلو تساءل عاقل ما هو هدف الزيارة لا يكاد يدرك لها معنى معقولا.
في العادة لا يمكن لعاقل أن يزور مكانا خربا وخاويا من الناس كبابا عمرو. وبما أن كل ما حول الأسد في ذلك المشهد كان دليلا على الحرب والخراب، فمن الطبيعي جدا ــ إذا كانت الزيارة عادية وذات معنى ــ أن يكون هناك جرحى ومصابون ليواسيهم " سعادة " الرئيس فأين الجرحى وأين المستشفيات ؟
هنا نجد أنفسنا مرة أخرى أمام دلالة واضحة لتلك الزيارة وهي غريزة التشفي البدائية. ولأن مثل هذه الغريزة غريزة عمياء فإن مايصدر عنها يخرج عن نطاق المعقول. ولهذا فإن الشخص الوحيد الذي يقوم ويأمر بمثل هذه الزيارة سيكون هو بشار نفسه تحديدا. أي أن أي تبرير منطقي وتساؤل حول مغزى هذه الزيارة من مخرجي ومدبري مسرحيات الرئيس الإعلامية، قبل الإقدام عليها من باب إجادة الدور لن يكون محط اهتمام الرئيس. وفي هذا التأويل الذي تدل عليه هذه الزيارة ربما يسقط ذلك القناع الذي توهمه البعض من أن بشار ليس هو المتصرف الأول في إدارة وتوزيع القتل المتنقل في عموم سوريا. فهذا الفعل الذي قام به بشار في زيارته إلى بابا عمرو تحديدا هو دالة واضحة بحسب رأي علماء نفس الجريمة في الدلالات النفسية لفعل المجرمين ؛ فمن حقائق علم نفس الجريمة أن القاتل عادة يدفعه الفضول للعودة إلى مكان الجريمة. وإذ يعود الأسد ليتفقد الخراب الذي تم بأوامره في بابا عمرو، يتناسى أن تقارير لبعض المنظمات الإنسانية تحدثت عن اختفاء الآلاف من سكان بابا عمرو ولا يعرف مكانهم حتى الآن.
أمام هذه المفارقة التي تعكس مدى صفاقة هذا النظام، وبمثل هذه الزيارة الانتقامية كيف يمكن لمن يرى مثل هذه الغرائز الأولية لرأس النظام، أن يتوقع منه إمكانية للحوار في الشأن السياسي. فالسياسة بما أنها إدارة للشأن العام حين يتم إدراجها في منطق غرائزي بحسب عقلية هذا النظام، سيبدو لنا كم هو البون شاسعا بين هذا النظام وبين قدرته على التعاطي السياسي مع قوى المعارضة ومع العرب والعالم ؟
إنه نظام مصمم على التدمير الذاتي، ولا يملك أدنى قدرة على تمثل ذاته خارج دائرة العنف والقتل.
وكنا قد ذكرنا هذه الطبيعة الحصرية للنظام في قابليته فقط للانهيار عبر العنف منذ الشهور الأولى لاندلاع الثورة السورية في أكثر من مقال، وهاهي هذه الزيارة تؤكد أسلوب النظام المؤذي والمستفز والصفيق في رؤيته للعلاقة بينه وبين الشعب السوري بمنطق قروسطي تعيس، لا يمكن أن تحجبه كل تلك الأكاذيب والمسرحيات البليدة والتافهة.
ما لا يدركه النظام ورأس النظام ــ ولن يدركه أيضا ــ هو أن جدار الخوف الذي انهار بينه وبين الشعب مرة وإلى الأبد، ولابد أن يؤدي إلى نهايات طريق الحرية المفضي إلى إسقاط النظام، فالإحساس بالحرية أصبح حقيقة يومية في روح الشعب السوري، وهي حقيقة تأتي هذه المرة بعد أن وقعت المعجزة في كل من تونس ومصر وليبيا. فسقطت الأنظمة أمام أعين السوريين : هرب بن علي، وسجن مبارك، وقتل القذافي شر قتلة.
وحدها الرغبة في تحقيق المعجزة التي وقعت في مصر وتونس وليبيا هي الوقود الحقيقي لروح الثورة السورية، لاسيما إذا كان هذا النظام في بطشه وقمعه أكثر رعونة من نظامي تونس ومصر.
ولأن منطق السلطة العربية في مثل هذه الأنظمة الانقلابية هو تماما مثل منطق سباق الفيران التي تقع في المصيدة دون أن تتعظ عبر تحالات الوقوع المتكررة، فإن حدثا كالذي قام به بشار الأسد في زيارته لحي بابا عمرو تحديدا ثم قطع الزيارة فجأة، هو بذاته ما يحيل على مدى انفصام بشار الأسد عن الواقع الذي ينهار من حوله ؛ وهذا بالضبط ما سيدفعه إلى نهاية وخيمة تماما مثل نهاية القذافي لا غير.
وعلى طريقة النظام في التمادي والعنجهية، نجده في نفس يوم الزيارة لمسرح الجريمة، أعلن النظام أن سوريا ستقبل بالنقاط الست التي عرضها كوفي أنان في مبادرته الدولية التي تلقى إجماعا دوليا. ولقد شعر أنان بطبيعة الخداع في إعلان النظام بقبول نقاط المبادرة، لهذا صرح من بكين أنه يريد يبحث عن تطبيقات جدية لا عن كلام إنشائي. وكأنه بذلك يضع شركا حول عنق النظام بطريقة لا فكاك منها

Jameil_2004@hotmail.com


التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
very good writer
FREE SYRIA -

thank you for the good article,i always enjoy your articles ,deep analysis and great mind.thank you elaph for such writers and very good articles

سنسحل الديكتاتور
حسين المناع -

لاتقلق سيد محمد جميل ! ستحطم الثورة السورية هذا الديكتاتور المخنث الذي يتمرجل على الأطفال والنساء شر تحطيم . لايساورك الشك بأننا سنلقي القبض عليه وعلى كلابه قتلة الشعب الذين فروا كالفئران أمام اسرائيل في كل الحروب السابقة ، إنك لاتعرفهم . بل نحن نعرفهم من خلال مخالطتة هؤلاء الجبناءناهبي الشعب . سنسحلهم ولو جاء بكل الروس والمجوس وحزب الجواسيس نصر اللات والعزى .

البطل أحمد الوتار
الله, سوريا و بس -

اعتقلت أجهزة المخابرات البطل العالمي السابق بالملاكمة والمدرب الحالي في نادي الطليعة "أحمد الوتار" من منزله في حي الصابونية بحماة أمس الأربعاء واقتيد لجهة مجهولة بحسب عدة مصادر متقاطعة، منها صفحة رابطة الرياضيين السوريين الأحرار على "الفيس بوك".ولمن لا يعرف البطل أحمد الوتار فهذه بعض انجازاته. في عام 1994 كانت أولى مشاركاته ببطولة الجمهورية التي أقيمت في مدينة حماة ونال وقتها المركز الأول وظل حتى عام 2008 تاريخ آخر بطولة محلية يشارك بها يحقّق المركز الأول باستمرار، وعن مشاركات الملاكم الذهبي الدولية، فشارك عام 1997 في الدورة العربية التي أقيمت في لبنان ونال الميدالية البرونزية بعد خسارته أمام البطل العالمي الجزائري محمد بن قاسمية، وفي بطولة البحر الأبيض المتوسط التي أقيمت في تونس عام 2001 أحرز الميدالية الفضية . وبعدها توقّف الملاكم الوتار عن المشاركة لفترة من الزمن بسبب سفره إلى الإمارات العربية المتحدة حيث أشرف على التدريب والتحكيم هناك إلا أن فترة غيابه لم تدم طويلاً فقد استدعاه رئيس الاتحاد السوري للملاكمة محمد كامل شبيب للمشاركة في بطولة العالم التي أقيمت في ايطاليا عام 2004 واستطاع أن يحقق الميدالية الفضية. وفي نفس العام أحرز الميدالية الذهبية في الدورة العربية التي أقيمت في الجزائر على الرغم من تعرضه للإصابة في كتفه والتي أدت فيما بعد إلى تراجع كبير في أدائه ثم توجه بعد ذلك للمشاركة في البطولة الدولية التي أقيمت في كازاخستان ونال الميدالية البرونزية بعد أن خسر المباراة النهائية أمام بطل العالم مختاروف وكانت آخر مشاركات الوتار الخارجية هي في الدورة العربية التي أقيمت في مصر عام 2007 ونال الميدالية البرونزية ومن ثم اعتزل اللعبة منذ ذلك الوقت

نهايته كالقذافي
العرب احفاد الصحابه -

خلال زيارة بشار الأسد لم يجد أكثر من 7 أشخاص يستقبلونه.الطاغية يزور بابا عمرو كمنطقة منكوبة بفعل كارثة طبيعية لا بفعل إجرام جيشه وشبيحته....يا لها من صفاقة.هؤلاء الذين استقبلوه ، على قلتهم ، هم بعض الخونة الذين أتى بهم ليسكنهم في منازل المهجرين,كما تم التخلص من القذافي القدر واعتقال ابنه سيف الحرام سيتم التخلص من بشار وسيكون في قبضة الثوارالله ينصر الثوارعلى الروافض عملاء ايران المجوسية .

سوريا بين سفاحين واحرار
مواطن عربي مهاجر -

المعركة في سوريا هي بين طائفتين: طائفة السفاحين وطائفة الثوار الاحرار. الدكتور عمار القربي رئيس الحركة الوطنية للتغيير.

سوريا بين سفاحين واحرار
مواطن عربي مهاجر -

المعركة في سوريا هي بين طائفتين: طائفة السفاحين وطائفة الثوار الاحرار. الدكتور عمار القربي رئيس الحركة الوطنية للتغيير.

اقترب الحسم في سوريا
مواطن عربي مهاجر -

وقال مسؤول تركي رفيع المستوى لـ«الشرق الأوسط» إن (الرئيس السوري) بشار الأسد انتهى فعلا، وسقوطه مسألة وقت لا أكثر، داعيا الذين يضغطون على تركيا من أجل «مواقف متسرعة»، إلى معرفة أن «ساعة العمل الدبلوماسي تعمل بإيقاع مختلف عن التمنيات والمشاعر». وإذ أعرب المسؤول التركي عن إدراك بلاده أن كل لحظة تمر «معناها المزيد من القتل»، أكد أنها تعمل ما في وسعها من أجل مساعدة السوريين للخروج من محنتهم. وقال: «هذا النظام انتهى وأصبح من الماضي، أما بقاؤه في السلطة فمجرد وقت، وعلينا أن نعمل مع الآخرين من أصدقاء سوريا على المساعدة في تقليل الخسائر التي يمنى بها الشعب السوري حتى ذلك الوقت». وانتقد المسؤول التركي الكلام عن «تراجع» في مواقف بلاده، مؤكدا أن المواقف التركية أعلى بكثير من سقف القمة العربية الأخير الذي أعطى الدعم لخطة (المبعوث الدولي) كوفي أنان التي يستعملها النظام حاليا كمخرج له لشراء أوقات إضافية تسمح له بقتل المزيد والتشبث بالسلطة. وأوضح المسؤول أنه من الخطير جدا رفع التوقعات بشكل مبالغ فيه من مؤتمر أصدقاء سوريا الذي سينعقد اليوم، لكنه شدد على أن هذا المؤتمر سوف يخرج بالتأكيد بنتائج إيجابية بالنسبة إلى الشعب السوري والمعارضة السورية. وأشار إلى أنه في الحالة الليبية احتاج الأمر إلى 5 اجتماعات قبل تبلور صورة الحل النهائي، موضحا أنه في الحالة السورية هناك تعقيدات تمنع العمل من منطلق مجلس الأمن الدولي، ومن مسؤولية المجتمع الدولي أن يبحث عن مخرج لهذا الموضوع، وهذا ما نحاول أن نفعله مع غيرنا من أصدقاء سوريا.

اقترب الحسم في سوريا
مواطن عربي مهاجر -

وقال مسؤول تركي رفيع المستوى لـ«الشرق الأوسط» إن (الرئيس السوري) بشار الأسد انتهى فعلا، وسقوطه مسألة وقت لا أكثر، داعيا الذين يضغطون على تركيا من أجل «مواقف متسرعة»، إلى معرفة أن «ساعة العمل الدبلوماسي تعمل بإيقاع مختلف عن التمنيات والمشاعر». وإذ أعرب المسؤول التركي عن إدراك بلاده أن كل لحظة تمر «معناها المزيد من القتل»، أكد أنها تعمل ما في وسعها من أجل مساعدة السوريين للخروج من محنتهم. وقال: «هذا النظام انتهى وأصبح من الماضي، أما بقاؤه في السلطة فمجرد وقت، وعلينا أن نعمل مع الآخرين من أصدقاء سوريا على المساعدة في تقليل الخسائر التي يمنى بها الشعب السوري حتى ذلك الوقت». وانتقد المسؤول التركي الكلام عن «تراجع» في مواقف بلاده، مؤكدا أن المواقف التركية أعلى بكثير من سقف القمة العربية الأخير الذي أعطى الدعم لخطة (المبعوث الدولي) كوفي أنان التي يستعملها النظام حاليا كمخرج له لشراء أوقات إضافية تسمح له بقتل المزيد والتشبث بالسلطة. وأوضح المسؤول أنه من الخطير جدا رفع التوقعات بشكل مبالغ فيه من مؤتمر أصدقاء سوريا الذي سينعقد اليوم، لكنه شدد على أن هذا المؤتمر سوف يخرج بالتأكيد بنتائج إيجابية بالنسبة إلى الشعب السوري والمعارضة السورية. وأشار إلى أنه في الحالة الليبية احتاج الأمر إلى 5 اجتماعات قبل تبلور صورة الحل النهائي، موضحا أنه في الحالة السورية هناك تعقيدات تمنع العمل من منطلق مجلس الأمن الدولي، ومن مسؤولية المجتمع الدولي أن يبحث عن مخرج لهذا الموضوع، وهذا ما نحاول أن نفعله مع غيرنا من أصدقاء سوريا.