كتَّاب إيلاف

وزارات أم عشائر و قرى؟

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

رغم التطور المهول في شتى نواحي الحياة العلمية والصناعية والزراعية والعسكرية والى حد ما الاجتماعية، فقد راوحت كثير من الدول والمجتمعات في مكانها تتمتع بما ورثته من عادات وتقاليد وأعراف، وبالذات في نظام المشيخة القبلية أو الإمارة التي استوطنت في سلوك الكثير من الأشخاص والمنظمات وحتى التشكيلات الحكومية، وفي أنظمة الحكم السائدة في كثير من مناطق العالم المصابة بالترهل وبالذات تلك التي اصطلح على تسميتها بالعالم الثالث وأحيانا الدول النامية أو على تسمية الدارجة هنا في العراق الدول النائمة!؟

فقد نقلت معظم تلك الدول نظام العشيرة وهيكلها وما يكتنفه من علاقات وسمات إلى نظام الحكم، حتى غدت معظم مؤسسات الدولة من الوزارات نزولا إلى الدوائر الصغيرة تمثل نظاما عشائريا يقف على رأسه الوزير الشيخ أو المدير العام الشيخ، وقس هكذا أيضا فيما يتعلق بالجنرالات صعودا ونزولا، حتى يظن المرء انه في سيرك أو كرنفال عشائري في التنافس والتباهي في العزائم والمركوبات على أنواعها وما يلحقها من طواقم الحمايات، الذين يمثلون أقرباء الدرجة الأولى والذين يصنفون بأنهم الحكام الحقيقيون، وهم يقفون وراء معظم نشاطات وديناميكيات السيد المسؤول الشيخ، وزيرا كان أم مديرا عاما، أو جنرالا وبالذات ما يطلق عليهم بـ ( البالات ) الذين انتشروا في البلاد بعد سقوط النظام واعتبار سنوات تركهم للخدمة ( فصلا او تقاعدا أو عقوبة ) لأجل الترفيع والمنصب، فإذ بملازم أو نقيب أصبح جنرال يحمل على أكتافه ما لذ وطاب من نجوم وتيجان وخيوط حمراء ونياشين!؟

وتكاثفت تحت هذه الثقافة البائسة مجاميع كبيرة من أقرباء الوزير أو الوكيل أو المدير العام في أي وزارة من وزارت الدولة ودوائرها، حتى تخال نفسك في مضيف شيخ العشيرة بكل ما تعنيه تلك الوضعية، حيث ينتشر أتباع الوزير أو المسؤول في كل أرجاء الوزارة ومؤسساتها كل حسب موقعه وواجبه المناط به من قبل الشيخ عفوا الوزير أو المدير العام، وفي كثير من الوزارات استبدل أو تم تجميل الشكل العشائري بالحزب أو الكتلة التي يمثلها الوزير المحترم أو دونه من المسؤولين الكبار، حتى يشعر المرء بأنه في مقر ذلك الحزب أو الكتلة التي تسخر الوزارة وما يلحقها بمشيئة تلك الحركة أو التجمع وكأن الدائرة مهما كانت ملكا مشاعا أو ورثا مملوكا بالطابو لهؤلاء؟

وإذا كانت سنوات الدكتاتورية قد أعادت البلاد الى البدائيات الأولى في العلاقات الاجتماعية ونظام القرية والبداوة، وصنعت لأجل ذلك دوائر متخصصة للعشائر، بل وصنفت الشيوخ إلى موديلات ودرجات، ولم تكتف بالشيوخ سواء الأصليين منهم أو التابعين ممن أطلق عليهم ( شيوخ التسعينات )، بل وصنعت أجيالا من رؤساء الأفخاذ والوجهاء ولكل منهم امتيازاته وموقعه، حتى أصبح الواحد منهم أفضل من أي عالم أو أستاذ جامعي أو جنرال في الجيش أو فنان لامع أو أديب أو كاتب كبير أو صحفي، فقد آن الأوان للانتقال من هذا النمط المتخلف في الحياة الذي دمر العباد والبلاد، والعمل الجاد من اجل تطوير النظم الاجتماعية السائدة بتحديث مناهج التربية والتعليم، وإبعاد أي عناوين غير دستورية في مفاصل المجتمع عن نشاطات الدولة ومؤسساتها، والفصل الكلي بين الدولة والدين والنظم القبلية، وتشريع جملة من القوانين التي تحرم التنظيم على أسس عنصرية أو دينية أو مذهبية وتقلص التكثيف الأسري والعشائري في مؤسسات الدولة بما يقنع المواطن بأنه فعلا ينتمي إلى دولة محترمة ووطن محبوب، لا إلى عشيرة أو حزب أو قرية مقزمة أو مختصرة كما كانت تفعل الأنظمة الدكتاتورية بشخص رؤسائها وعشائرهم وقراهم.

kmkinfo@gmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
اجتثاث وطرد
ابن المنتفك -

هذه المقالة مع خبر التفتيش عن الاصفر الرنان في جرف دجلة - لايحتاج العراقيون الا الى حملة وطنية لطرد كل من جاءت به دبابات الاحتلال واجتثاثهم - حينها فقط يخلص العراق ويستلهم طريق الخلاص والعدل والمساواة والحرية والديمقراطية - التي ليست كلمات يتغنى بها الجهلة والمقامرين واللصوص والمتسكعين في مواخير الغرب الذين القتهم في بلادنا ماكنه العدو المحتل ودول الجوار في ارضنا التي تعيش فيها فسادا ولصوصية لامثيل لها في التاريخ - حينها فقط تسطيعون القول اننا تحررنا ؟؟؟؟

المطلوب تعير المناخ أولا
هوزان خورمالى -

ليتم التغير في اى مجتمع ,يجب في بداية الامر ان تعمل السطلة السياسية على تغير المناخ والبيئة السياسية والضروف الاقتصادية ,التى تؤدي بدورها الى تغير العلاقات الاجتماعية وتحدد نوع العلاقة ,وبناء مجتمع مدني على اسسس مدنية تقابط التغيرات والتحولات التى ترطى على العصر الحديث ,بتغير المناخ والبيئة للفرد والعايلة ,ثم تغير الثقافة وتربية الاسرية من شكل من متخلف وعاشري الى شكل متمدن وحديث اى يجب العمل على تغير الثقافة التى تربط الفرد والعايلة بالمحيط العشايري ,وبكل تاكيد هذة عملية التغير لم تتم في ليلة وضحاها بل وحسب القسيم التاريخي لبروديل يحتاج الى اكثر من مئة سنة لكي يتم تغير جذري في المجتمع وبناو على اسس مدنية وحديثة مرة اخرى ,ولانة الفرد والعايلة هما المكون الاساسي لنضام السياسي وهم من اولين في مساهمة وبناء و تمديد عمر النضام السياسي ولان هم الذين يقومونة باادراة موسسات الدولة وبا اعتبار ان النضام السياسي يتكون من موسسات وانضمة وبهذا الشكل يمكن الحصول على فرد مدني متحضر وحديث يعتمد على القانون في حقة وواجباتة ولا يحتاج الى من يحمية من الكوراث السياسية والاقتصادية المحتملة وهوة فرد يكون ولائة لوطنة ولا للعشيرة او الفخذ حتى لو فقد القانون قوة لان قانونة هوة تمدنة وثقافتة المعاصرة وشكرا

عجبي
عراقي من اربيل العراقية -

الكاتب يتحدث عن العشائر والشيوخ وهو يعمل في موؤسسة تابع لحزب عشائري صرف .

العشائر
Nijyar Nerway -

من اعتمد على رؤساء عشائر لكسب دعم وتأييد عشيرته من خلاله تلك الاحزاب التي تحكمنا اليوم وحتى يومنا هذا تركزوا على تلك السياسة،كان تأسيس تلك الاحزاب بذلك الطريق فكيف نخلص من تلك العيوب والقادتنا خلقها ويمارسها ويدعمها؟؟

علينا الصبر
نور الموصل -

علينا الصبر ذهب الكثير وبقيت القليل وان كل شيء نحو التغيير مع الزمن لان الوقت يمر بسرعة وان هناك قوة عظمى تسيطر على العالم اقتصادينا وعسكريآ وهي امريكا وانها تسحب السجاد من تحت التخلف المنتشر قديما بين الدول المتخلفة لينقلبوا رأسآعلى عقب ولا بدا ان يتغير العقل لان كلمة التخلف التي تلازمنا اهلكت اعصبنا وكفى ان نبقى اسير هذه الكلمة المشينة وان كنا نفتخر بها ولكن الجيل الجديد لن يقبل مثلنا كما قبلنا التخلف هو التخلف وهو الظلام الدامس حتى كاد الحجاب سيطر على العقل تماما

بالعالم والثقافة ننهض
احمد ماهر -

الاخ الكاتب كفاح شنكالي المحترم...كل مادار في محور مقالك هو كان نتيجة سياسات سابقة وحالية وشخصيات كارتونية حكمت هذا البلد ومازالت تحكمه مع تغيير بسيط بالمسميات والعناوين فحزب البعث تكاثر بالانشطار ليدخل لنا بتسميات جديدة والقائد الاوحد مازال موجود فكل من جلس على كرسي يرسم في مخيلته انه اشترى تلك المؤسسةاو الوزارة ومن يقدر ان يحاسبهم فكل قائد منهم له سفهاء يدافعون عنه ويحمونه نهاية تعليقي اختمه بكلام الله عز وجل... بسم الله الرحمن الرحيم((ان الله لايغير مابقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)) صدق الله العظيم

الى متى
ayad ali -

ان المناصب والوزارات اصبحت سلعة رائجة في عالم الثراء الفاحش نتاجر بها تارة ونهديه تارة اخرى على اسس الاقرباء والعشيرة والمناطقية والحزبية الضيقة ويمكن ان تصل الى مدى جمالية الشخص ولون العين والبشرة وهل يليق بمكانة الوزير او المسؤل الموقر ويعود كل هذا على مدى عقلية اصحاب الكروش والعمائم والافكار التي تحملها الموزعين الجدد للمناصب وحقيقة المقال يتناول موضوع في غاية الاهمية

تراكمات الماضي لازال حاكم
قاسم الفيلي -

تراكمات الماضي لازال يحكم !!! عبر تغييب الكفاءات وعدم بناء مؤسسات الدوله على مبدء الرجل المناسب في المكان المناسب ..بل اكتفوا بلعشيره المتنفذه في المكان المناسب ..ليبنوا اعراف العشيره على انقاظ الدستور توافقيا ..وما تعطيل عمليه البناء ..الا انعكاسات لمؤشراتها .