"إسرائيل" ونبض الشارع العربي
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
ظلت العلاقة بين العالم العربي و"إسرائيل" على المستوى الشعبي تتسم بالكراهية والصراع بحكم احتلال الكيان الإسرائيلي لفلسطين وممارساته العنصرية تجاه الشعب الفلسطيني، ووجدت في إمكانية التواصل مع عدد من الأنظمة العربية القائمة أو الغابرة "سهولة" أكبر من حيث الاختراق الدبلوماسي والسياسي، بحكم ارتباط بعض هذه الأنظمة بالولايات المتحدة، الحليف الأكبر لإسرائيل، وووساطة الولايات المتحدة لبناء علاقات "سرية" أو علنية مع "إسرائيل".
بيد أن انتشار وسائل الاتصال الحديثة ومواقع التواصل الاجتماعي كالفيسبوك وتويتر ويويتوب وفّر لصانعي القرار والنخب السياسية في الكيان الإسرائيلي فرصة ذهبية لإمكانية التواصل والتفاعل مع الشارع العربي، وقياس نبضه ومعرفة مواقفه دون الحاجة إلى تجنيد "عملاء"، في بعض الأحيان، مكتفين بالتعلقيات والإدراجات التي يقوم بها النشطاء العرب على الفيسبوك وغيرها من مواقع التواصل الاجتماعي.
فلمعرفة الرأي السائد في أوساط الجمهور العربي فيما يتعلق بالأزمة السورية، استطلع الخبراء الإسرائيليون المواقف الشعبية العربية، ووجدوا أن الانطباع السائد هو أنه في سوريا تجري حرب أهلية، وأنه دون مساعدة من الخارج، فإن من شأن الصراع أن يستمر لزمن طويل. وفضلاً عن المساعدة الاقتصادية والإنسانية التي تعتبر ضريبة شفوية، فإن الجمهور لا يعلق أملا بمساعدة أخرى من جانب زعماء الدول العربية والجامعة العربية لإنهاء سفك الدماء في سوريا.
ويرى محللون إسرائيليون استناداً إلى معطيات من الفيسبوك أن التقدير السائد يعتقد بأن القيادة المستقبلية لسوريا لن تقوم في اسطنبول أو في باريس بل ستتبلور داخل سوريا. ويوجد شك في أوساط الجمهور العربي في أن لإسرائيل مصلحة في استمرار حكم الأسد.
اودي ديكل واوريت برليف، صحفيان نشرا قبل عدة أيام تحقيقاً عن مواقف الشباب العربي من خلال تحليل لموقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك، ووصل إلى أن عيون مواطني الأردن ولبنان تتطلع إلى سوريا وتقلق من الآثار المحتملة عقب تطور الأحداث. ففي لبنان يوجد انشغال متعاظم بمسألة نقل السلاح من سوريا إلى لبنان (إلى حزب الله). في نظرهم، سيجعل الأمر صعباً في المستقبل نزع سلاح حزب الله، ويوجد تخوف من أن يؤدي تسلح حزب الله إلى جولة عنف جديدة مع "إسرائيل". ومع ذلك، فالرأي السائد والذي يعبر أغلب الظن عن نوع من "الأمنية"، هو أن يعمل "حزب الله" بشكل عقلاني وألا يبادر إلى استفزاز وتصعيد حيال "إسرائيل".
أما في الأردن، فيستنتجون أنه إذا تعرض النظام الهاشمي إلى خطر ملموس، فإن السعودية ستهرع إلى حمايته، وتقف إلى جانبه بل وتبعث بالقوات (عند الحاجة). بالمقابل، لا يتوقعون مساعدة من جانب "إسرائيل" للعمل على بقاء النظام الهاشمي.
ويؤكد الصحفيان أن الأحداث في غزة حظيت باهتمام كبير في الشبكات الاجتماعية، ولكن باهتمام أقل من الأحداث في سوريا. ومن تحليل المواقف تتضح عدة ميول:وهن سيطرة حماس في القطاع. إذ رأى الصحفيان أن حماس ليست "رب البيت" الوحيد في قطاع غزة، وأنه ليس بوسعها فرض إمرتها. وتعاظم دور إيراني في القطاع وأنها لم تتخل بعد عن رغبتها في التأثير عما يجري في غزة، وأنها شجعت، من خلف الكواليس، التصعيد، خلافاً لمصالح حماس. كما أكد الصحفيان من لاخل تحقيقهما أن الشاعر العربي عول على أهمية الوساطة المصرية (أساساً في الشبكات الاجتماعية في مصر وفي غزة)، ودور مصر بصفتها الجهة المخولة الوحيدة القادرة على التوفيق بين الطرفين، مؤكدين أن الإخوان المسلمين في مصر قادوا خطاً حازماً ضد "إسرائيل"، ودعوا إلى طرد السفير الإسرائيلي من مصر. في أوساط الجمهور المصري النشط في الشبكات الاجتماعية لم يثر مطلب مشابه.
تستخدم الشبكات الاجتماعية كمنصة حوار نشطة ويقظة في العالم العربي للإعراب عن المواقف التي لا تتطابق ورسائل الحكام والجهات الرسمية. والفكر الأساس السائد في أوساط النشطاء في الشبكات الاجتماعية هو أن الحكومة الإسرائيلية هي الجهة السلبية الأساس التي تؤثر تقريباً على كل الحلقات في الشرق الأوسط، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، لكن التحقيق الصحفي لا ينسى أن يشير إلى تعاظم السخط الشعبي على عدة أنظمة عربية قائمة أو مهددة، وأن بإمكان "إسرائيل" اللعب هذه الورقة لتخفيف العداء الشعبي ضدها، وهي احتمالات لا تزال تدرس لدى صانع القرار الإسرائيلي، في ظل تعاظم دور مواقع التواصل الاجتماعي وأهميتها.
... كاتب وباحث
hichammunawar@gmail.com