أصداء

الثورة السورية والظاهرة النقدية

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

لاشك أن الربيع العربي الذي كان احتفالا بالحرية وفضاءها ومخزونها وآمالها وأحلامها، باستثناء سورية، تعرض هذا الربيع في كل الدول، لنقد علماني ديمقراطي حقيقي ومحق نسبيا، من قبل تيارات علمانية ويسارية ولبيرالية، في مصر كما نعرف حاولت تلك التيارات التصدي لأجواء الاسلام السياسي، وخاصة السلفي منه الذي طفا على السطح بعد الثورة، وتونس كذلك الحال مع الفارق أن السلفية في تونس اضعف من أن تشكل تيارا عريضا كما حدث في مصر، وتحلقت هذه الحالة النقدية حول فهم بعض تيارات الاسلام السياسي لمفهوم الدولة والمرجعيات الدستورية والتشريعية، والحريات الفردية والعامة، في ليبيا كان الوضع اضعف بحكم الخصوصية الليبية، وانتصار الثورة السريع، أما اليمن فكانت المعارضة متنوعة وموجودة موحدة في الشارع نسبيا، فلم تتعرض لما تعرضت له بقية الدول، خاصة إذا علمنا أن نظام المخلوع صالح، كان قد جعل اليمن ممرا للقاعدة، ودعمها على طريقة النظام السوري، لكن بشكل أوضح وأكثر ابتزازية للغرب ولمحيطه وللمجتمع اليمني والسبب أنه ليس لديه جارة كإسرائيل تستدعي أيديولوجية المقاومة، أما في البحرين فكان النقد يطال هذه المسحة الإيرانية الواضحة على حركة المعارضة البحرانية رغم أحقية مطالبها في الدسترة والديمقراطية وتداول السلطة، هذه المسحة الإيرانية هي التي تجعل حزب الله يعتبر البحرين ثورة وجزء من الربيع العربي، بينما في سورية مؤامرة على المقاومة!!علما أن النظام البحريني لم يقم بجزء يكاد يذكر من القمع والقتل والمجازر التي تقوم بها العصابة المقاومة والممانعة في دمشق. هذا الربيع العربي تعرض أيضا لهجوم علمانوي حاقد ومريض على كافة المستويات وفاقد لشرعيته الشعبية، حيث تكثف الهجوم على الربيع العربي دفاعا عن عسكر الفساد في تلك الدول ومهاجمة تنظيم الإخوان المسلمين والتركيز على اعتبار ان هذه ليست ثورة بل محاولة استبدال سلطة العسكر بسلطة إسلامية أكثر تخلفا!! أدونيس نموذجا صارخا. هذا ما نجده يأخذ مساحته حتى اللحظة في الاعلام الغربي، لاعتبارات معروفة كتبنا أنا وغيري عنها الكثير. الحصيلة النقدية للربيع العربي كانت في الواقع مهمة لكنها لم تلمس في الواقع جوهر الاشكاليات المطروحة في بلدان الربيع العربي، والتي ترفض حتى اللحظة قراءة لحظة الاسلام السياسي في سياق لحظة السلطات السابقة وداعمها العالمي بعد انهيار الأيديولوجية اليسارية التي كان ينظر للسوفييت والمعسكر الشرقي أنه يمثلها، ومتطلبات هذه اللحظة للسيطرة القهرية على الشعوب.
لم تتعرض ثورة ديمقراطية سلمية حرة، للهجوم والنقد والتشبيح الثقافوي والإعلاموي كما تعرضت وتتعرض له الثورة السورية، بشكل يومي ولحظي. وكان لرحابتها الأخلاقية، ولمخزونها الوطني الذي حملته الكتلة الثائرة، والتي تشكل غالبية واضحة في المجتمع السوري شاركت فيها كافة مكوناته مع حفظ الفوارق النسبية في المشاركة والانخراط في الثورة بين مكون وآخر، لكن وطنية الثورة السورية، خطابها،وعمقهاالوجداني على المستوى الجمعي، كان عمقا وطنيا سوريا بامتياز لاغبار عليه.
منذ انطلاقة الثورة السورية من حوران، بدا الهجوم من قبل العصابة الحاكمة ومن يساندونها داخليا وإقليميا ودوليا وبالأخص لبنانيا وروسيا وإيرانيا، مع تراجع زخم شتم الثورة إسرائيليا، حيث كانت إسرائيل ونخبها، تصور الثورة على أنها مجموعة من الارهابيين بشكل أو بآخر، المكنة المالية للعصابة الحاكمة بدأت العمل باكرا من أجل توظيف أقلام غربية وعربية للدفاع عنها عبر الهجوم على الثورة، مع تحفظنا بالطبع على من لايزال مقتنع بقضية المقاومة والممانعة، ويدافع عن هذه العصابة تحت هذه الحجة، نتحفظ على نعت هؤلاء بانهم أقلام مأجورة، هذه الحالات لم تكن تشكل هاجسا لدى الشعب السوري الذي خبر هذه العصابة منذ تأسيسها عام 1970 بأنها تستثمر هذه الورقة الفلسطينية من أجل استمرار نهبها وفسادها ودمويتها على شعبنا. لهذا نجد خير مثال على سقوط هذه الورقة هو موقع حزب الله لدى الجماهير العربية عموما والسورية خصوصا، حيث لم يعد لديه رصيد أكثر من رصيد طائفي- إيراني ضيق ومحدود. وبالذات نتيجة لموقفه من الربيع العربي المتناقض والمخزي واللاأخلاقي، حيث في كل البلدان هو ربيع عربي ماعدا سورية تصبح مؤامرة على المقاومة!! رغم كل ما يرتكب من مجازر بحق شعبنا السوري.
إن المتتبع للثورة السورية، داخليا يمكن أن يواجهه أيضا كم هائل من الهجوم على الثورة وقليلا من النقد الخصب، الهجوم له رؤوس: أولا إعلام العصابة الحاكمة وازلامها. وثانيا: من يدعون الخوف من المستقبل، أو ما يعرف زورا عند بعضنا بالكتلة الصامتة!! والثالث: تيارات سياسية وأيديولوجية تدعي المعارضة. تتمحور هذه الهجومات على ثلاث محاور:
الأول- أنها مؤامرة على العصابة الأسدية الممانعة، والداعمة للمقاومة!! مؤامرة تقوم بها القوى الامبريالية، وكأن روسيا دولة إشتراكية؟
الثاني- إن الثورة لم تقدم تطمينات للخائفين من المستقبل، والفوضى. وهنا تسمع قصص وحكايا عن الثورة السلمية والثوار والجيش الحر، قصص من قبيل تشويه الوقائع لمصلحة العصابة الحاكمة.
الثالث- تصنيف الثورة هجوميا بأنها لا علمانية، وإسلامية متشددة، وأيضا تحت ستار أن الثورة يجب أن تحافظ على سلميتها.
أما على صعيد النقد الموجه للثورة الموضوعي منه أو الذي يأخذ منحى حياديا! أو النقد الموجه للثورة من داخلها، وهنا أيضا يسجل للثورة السورية أنها تملك كوكبة من الأقلام ذات فكر نقدي حقيقي وحر، وإن اختلفوا في قراءة الثورة في طريقة التعرض لها نقديا.
كل هذا سنتعرض لها بتفصيل في ملف لاحق نعمل عليه.
غسان المفلح

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف