حقيقة الموقف التركي من الازمة السورية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
الصحفية الكبيرة السيدة "نَشة دوزل" أجرت في صحيفة "طرف" التركية حوارا مع وزير الخارجية التركي الاسبق السيد ياشار ياكيش هذا الاسبوع حول الازمة السورية واوضاع المنطقة.
من هو السيد ياكيش؟.
هو صاحب الرقم القياسي في مدة العمل الديبلوماسي في مناصب وزارة الخارجية التركية. عمل سفيرا طيلة 12 عاما من ثمانينات القرن الماضي في سوريا والسعودية ومصر،حيث قضى اربع سنوات في كل دولة على حدة وهو يتقن العربية. ياكيش هو احد الاعضاء المؤسسين لحزب العدالة والتنمية الحاكم، وذلك بعد ان وصل الى سن التقاعد عام 2001. اصبح وزيرا للخارجية في اول وزارة للحزب المذكور برئاسة السيد عبدالله غول حينها، والذي هو الآن رئيس الجمهورية.
الحوارطويل ولكني سأحاول القاء الضوء على النقاط الهامة فيها:
سؤال(من دوزل): قوة بشار الاسد العسكرية لا يمكن مقارنتها ببقية الدكتاتوريين الآخرين...لماذا؟. هل مصدر هذه القوة داخلي ام خارجي؟.
جواب(ياكيش): مصدرقوة النظام ليس الخارج، انما قوته نابعة من بنية وتركيبة السلطة بذاتها. الجيش السوري ليس كله علوي بطبيعة الحال، اذ ان العلويين يشكلون نسبة 8% من السكان في سوريا، ولكن مركز اتخاذ القرار في الجيش باجمعه هو في يد العلويين. كذلك الامر هو نفسه في جميع اجهزة الدولة الاخرى. حتى ينفي النظام الصفة الطائفية عنه قام بنشر البعض من السنة هنا وهناك، ولكن مصدر ومركز التحكم بالقرار كان ولايزال في يد العلويين بشكل مطلق بما في ذلك المناصب الحزبية واجهزة المخابرات والامن...الخ.
سؤال: لماذا لايشارك المسيحيون في المعارضة ضد النظام؟.
الجواب: المسيحيون هم في حالة من الانتظار والترقب. ماحدث في تونس ومصر يٌشكل مصدر قلق لديهم. حزب النهضة (الاخوان) التونسي بزعامة الغنوشي كان قد اعطى التطمينات لليبراليين التونسيين في انهم لن يطبقوا الشريعة ولن يفرضوا على النساء غطاء الرأس، ولكن ولكي لايخسر الاخوان قواعدهم الشعبية لصالح السلفيين نكصوا بالعهود تلك، وتونس هي في الطريق الى التحول لنظام اسلامي متشدد. هذا سيحدث في مصر ايضا، بل سيكون الاخوان اكثر راديكالية من اقرانهم التونسيين. السلفيون في مصر حصلوا على اكبر نسبة من اصوات الناخبين بعد الاخوان المسلمين.
سؤال: من هي القوى التي تدعم النظام السوري؟.
الجواب: روسيا والصين وايران...الا ان اسرائيل هي الاهم في هذا الشأن. لا اتجرأ بالادعاء بان اسرائيل تقدم الدعم للنظام، ولكنها تعتقد ان التعايش مع النظام السوري هو الخيار الافضل. مصر/الاخوان بدأت منذ الآن بطرح قضية النفوذ على سيناء، كذلك سيكون الامر مع الاخوان في سوريا في المستقبل.
سؤال: ماذا عن مواقف الروس والصينيين من التدخل الخارجي؟.
الجواب: يقول هؤلاء: امس كانت ليبيا واليوم سوريا....اذن سيكون الدورغدا على الشيشان وتركستان الشرقية والتيبت. عدا عن الامتيازات التي ستحصل عليها روسيا في المنطقة في استمرار النطام الحالي في دمشق. نعم انهم يدعمون النظام. بالرغم من تفكك الاسطول الحربي السوفياتي، فان روسيا لا تزال تحتفظ بقاعدة بحرية هامة في طرطوس، وقوة عسكرية مؤلفة من 300 عسكري وخبير. هذه القاعدة ستكون الركيزة الاساسية لعودة الروس الى المنطقة في المستقبل.
سؤال: ماذا عن ايران؟.
الجواب: لا يمكن لايران من تحقيق هدفها في نشرالنفوذ الشيعي في المنطقة دون الحلقة السورية الملاصقة لحزب الله في لبنان، وبالتالي الوصول الى البحر المتوسط. الدولة الايرانية تتمتع بتراث غني وتقاليد تاريخية في التآمرلاحداث القلاقل ونشرالبلبلة وعدم الاستقرار في الدول والمنظمات والقوى التي تعتبرها معادية لها. لقد حاولت ايران تحقيق ذلك في تركيا بنفس الاساليب، ولكنها فشلت. ايران تتآمرعلى المعارضة السورية الآن من خلال ستة آلاف عنصر ايراني في الداخل السوري للحيلولة دون تحقيق وتوحيد المعارضة بل تعمل دون هوادة في تفتيت ما هو موجود حاليا.
سؤال: هل من الممكن ان تتوحد المعارضة؟.
الجواب: من المستحيل. الكرد الذين هم اكثر تنظيما بين الاطياف السورية لديهم 33 حزبا. في الواقع هناك حزبان لهما قوة على الارض وهما البارتي المؤيد للبارزاني وحزب آخر ( يقصد حزب الاتحاد الديمقراطي) الذي هوامتداد لـحزب العمال الكردستاني. اذا كان هذا هو حال الكرد فما بالك باوضاع بقية المعارضة.
سؤال: من هي القوى التي تقف ضد النظام في الداخل؟.
الجواب: الاخوان المسلمون دون شك. كنت سفيرا لتركيا في دمشق عام 1982 اي اثناء حوادث حماة. ذهبت الى حماة بعد القضاء على المعارضين. في احدى الشوارع شاهدنا رجلا يضرب على رأسه ويبكي امام كومة من بقايا بيت. سألناه عن السبب في عويله وصراخه. اجاب وهو يشير الى الانقاض: كل افراد اسرتي موجودون تحت هذا الخراب. حتى الآن لم انس ذلك المشهد بالرغم من مرورثلاثين عاما عليه. هل من الممكن لاهالي حماة ان ينسوا ما فعله بهم النظام ومعظمهم كانوا من الاخوان. هذا هو السبب ايضا في تشبث النظام بالسلطة لانه يعرف جيدا ماهي العواقب عند سقوطه.
سؤال: من هي القوى الخارجية التي تقف ضد النظام؟.
الجواب: تركيا وفرنسا. امريكا لا تتجرأ في البوح بنيتها في انها ليست مع سقوط النظام حاليا، لأنها ستفقد كل مصداقيتها حيث انها كانت في البدايات مع سقوط النظام. امريكا لن تسمح بسقوط النظام دون معرفة البديل، ولا يمكن القبول بالقول الساذج "ليسقط النظام اولا وبعدها الله كريم".
سؤال: ماذا تتوقع ان يحدث؟.
الجواب: اذا سقط النظام سيسقط الجيش معه والنتيجة هي فوضى وفراغ هائل ومريع.
سؤال: ماهي العواقب الناتجة عن هذا الفوضى والفلتان الامني؟.
الجواب: مئات الآلاف من المهاجرين سيلتجؤون الى الاراضي التركية. الكرد سيعلنون الحكم الذاتي حيث ان لديهم قوى تنظيمية من احزاب وغيرها. عندها سيكون من الصعب مجابهة حزب العمال الكردستاني. منذ الآن يرفع الكرد اعلامهم القومية وينشدون النشيد الوطني الكردي. لا ننسى ان الكرد هم اكبرالشعوب بدون دولة على وجه الارض. عند حدوث الفوضى موضوع البحث ستأخذ قضية المطالبة بتشكيل دولة كردية بعدا عالميا. العلويون يشكلون طيفا متجانسا، لذلك سيعود مشروع الجمهورية العلوية التي تشكلت عام 1921 الى الساحة مرة اخرى. في هذه الحالة ستصبح تركيا محاذية لمنطقتين تتمتعان بالادارة الذاتية: الكرد في الشرق والعلويون في اقصى الغرب. علما ان ولاية هاتاي (لواء الاسكندرون) سكانها علويون نُصيريون وسوريا لاتزال تعتبر هذه الولاية ارضا سورية.
سؤال: هل هناك احتمال تشكيل وحدة بين كردستان سوريا وكردستان العراق؟.
الجواب: نعم ممكن، عند سقوط النظام وعدم وجود البديل وبالتوازي مع تقسيم العراق فان الوحدة بين الكرد هو امر طبيعي.
السؤال: هل تشعر تركيا انها بقيت وحيدة في الميدان ضد النظام السوري؟.
الجواب: تقريبا، ولكنها لاتزال تعول على المعارضة. اذا تبين ان نجم بشار الاسد يلوح في نهاية هذا النفق المظلم (يعني عدم سقوط النظام) عندها ستغير تركيا سياستها بالتأكيد ولن تحافظ على موقفها الحالي. النظام لايزال يلقى الدعم في الداخل السوري. الاوضاع في سوريا ليست كما يصورها الكثيرون، فالقنابل لا تنهمرفي كل مكان، بل الاضطرابات محصورة في بعض المدن، وهناك ايضا فقط في بعض الاحياء، والحياة تكاد تكون طبيعية في معظم انحاء مدينة دمشق.
سؤال: هل من الممكن نجاح المعارضة؟.
الجواب: صعب جدا. على المدى القريب....قطعا لا.
سؤال: تركيا تسير بالتوازي مع قطر والسعودية في محاربة النظام السوري. هاتان الدولتان همهما الاساسي هو الشأن السنّي، ولا تهدفان الى حكم الشعب لنفسه وتوطيد نظام ديمقراطي في سوريا، اي عكس ما تهدف اليه تركيا. الدولتان تغدقان مبالغ هائلة على المعارضة. ألا يؤدي هذا الدعم الكبير الى تقوية التيارالاسلامي المتشدد وبالتحديد الى تقوية النفوذ الوهابي في المنطقة؟.
الجواب: الدولتان تدعمان التيارالسنّي بكل تاكيد. مما لاشك فيه ان اية دولة لا تبذر هذه الاموال الضخمة هباء، بالطبع لها اهدافها الخاصة بها. السعودية هي التي كانت وراء انتشار الوهابية في دولة قطر. الاموال موضوع البحث لا تذهب الى المعارضة ككل، انما تذهب الى اشخاص تم تحديدهم مسبقا ليلعبوا الدورالمنوط بهم، والذي تم التخطيط له بدقة. هؤلاء سوف يتبوأون المناصب الهامة في الدولة عقب سقوط النظام. الوهابية ستكون الاقوى في سوريا ما بعد نظام بشار.
سؤال: هل ستدّخل تركيا في حرب مع سوريا؟.
الجواب: لا اعتقد ذلك. هذا ليس من تقاليد الدولة التركية.
سؤال: هل تستطيع تركيا التحرك دون غطاء امريكي اوروبي؟.
الجواب: دون ذلك ستكون الامور صعبة جدا.
سؤال: هل ستؤدي المعارك الحالية الدائرة في سوريا الى حرب طائفية مذهبية؟.
الجواب: نشوب حرب طائفية احتمال كبير، لاسيما اذا حاولت القوى الخارجية نقل اجنداتها الى الداخل السوري كما حدث سابقا في الحرب الاهلية اللبنانية. مثل هذه الحرب بين السنة والعلويين ستكون مدعومة من السعودية وايران.
سؤال: اذا نشبت حرب سورية تركية ماذا سيكون الدور الايراني؟.
الجواب: اللهم نتضرع اليك الا تجعلنا نرى تلك الايام............
سؤال: تصريحات السيد رجب طيب اردوغان رئيس الحكومة شديدة الحدة....هل من الممكن انشاء ملاذات آمنة على الارض السورية.
الجواب: تركيا لا تستطيع ان تحرك ساكنا دون غطاء دولي تحت اشراف هيئة الامم المتحدة. قرارات الجامعة العربية في هذا الشأن بالموافقة على التدخل العسكري في سوريا ليست لها اية قيمة او تأثيرعلى ارض الواقع. حتى اذا تدخلت تركيا مع العرب في سوريا فان المستقبل مظلم، اذ ان السوري سوف ينسى مافعله به العربي، ولكنه لن ينسى على الاطلاق مافعله التركي. السوريون سوف يصفحون عن اخوتهم العرب ولكنهم لن يغفروا للاتراك ابداً.
سؤال: في حال عدم حصول اي تدخل عسكري خارجي....ماذا ستكون النتائج؟.
الجواب: سوف ينتصر بشار ويقضي على المعارضة. ثم ان الربيع العربي في البلدان الاخرى ليس مزدانا بالورود والرياحين. على سبيل المثال مصر: ذهب السلطان مبارك ليأخذ مكانه سلطان الاخوان المسلمون.
سؤال: كم سيبقى بشارعلى رأس السلطة؟.
الجواب: الذين يدّعون ان بشار سيذهب خلال سنة من الآن رهانهم خاسر.
انتهى الحوار.........
ماصرح به السيد ياكيش هو الموقف الحقيقي للحكومة التركية، وليست تلك التصريحات والبيانات الرسمية التي تصدرعن المسؤولين في الحكومة من حين لآخر. تصريحات ياكيش تميط اللثام عن مايدورخلف الابواب المغلقة في كواليس الدولة التركية ازاء الاوضاع السائدة في المنطقة، وعلى المعارضة السورية ان تستخلص النتائج الهامة في هذا المجال في المستقبل.
الغريب في الامر هو موقفه الصريح من تنظيم الاخوان المسلمين، وكأنه لا ينتمي الى الاسلام السياسي الحاكم في تركيا. اذ اننا نلاحظ ان المصلحة العليا لتركيا هي فوق الايديولوجيا الاسلامية، بل لم نسمع حتى ولو لمرة واحدة كلمة ما يسمى ب"العالم الاسلامي، وهي العبارة التي يرددها كل الاخوان في طول وعرض العالم العربي.
طبيب كردي سوري
bengi.hajo48@gmail.com
التعليقات
تتجسس على المعارضه
درزي سوري -امريكا ضغطت على تركيا لمنعها من مساعده السوريين.تركيا وللتكفير عن مساعده السوريين سلمت الشهيد النقيب حسين هرموش لسوريا.المخابرات التركيه سلمت فريق تلفزيون الدنيا اشرطه ملفات رقميه مشفره تحمل اسماء ورتب وصور كل منشق وطلبت من مراسل الدنيا تسليمها الى شخص مسؤؤل امني في التلفزيون.حتى لا يثبت مستقبلا ان المخابرات التركيه كانت متورطه مع بشار.هذا اعتراف موثق من قبل مراسل الدنيا البطل الذي انضم الى صفوف المعارضة.رحبت بانعقاد اول مؤتمر للمعارضه في استنبول لكي تتجسس على المعارضه وتعلم كل اتصالاتهم ومعارفهم في اوروبا ومن يمولهم ومن يدعمهم من خلال مراقبه اتصالاتهم وسلمت كل ذلك لبشار
الأحباط مصيركم
jj -الضاهر ماحد من المعارضين عندو نفس ينتقد كلام السفير التركي.
إلى درزي سوري
لاذقاني -المخابرات التركية ليست متورطة في تسليم الهرموش، وإنما هي مخترقة، فموظفها الذي عمل بتسليم الهرموش عربي نصيري، ويأتي هذا الضعف من النظام العلماني لتركيا، حيث لا يمنع النظام العلماني توظيف نصيري في المخابرات أو في أي منصب كان.معلومة إضافية للجميع فالسفير التركي كان على حق عندما قال بأن الشعب السوري سيغفر للدول العربية ولكنه لن يغفر لتركيا تدخلها في سوريا، حتى ولو كان لصالح الشعب السوري، لأن الشعب السوري لديه حساسية مترسخة بتأثير الغرب الصليبي ضد تركيا. لم يستطيع التخلص منها على الرغم من مضي حوالي 100 عام لخروج العثمانيين، فالشعب السوري غفر للفرنسيين والإنكليز ولكل من استعمر بلاده، ولكنه لم يغفر للأتراك المسلمين، لماذا ياترى ؟؟؟؟؟