أصداء

الحاكم والشاعر: ادونيس وطالباني

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

أطنب الشاعر السوري أدونيس في مدح الرئيس العراقي جلال طالباني وزوجته لكرمهما في إستضافته والسهر على خدمته وتوفير المأكل والمشرب له بأيديهما (الحياة، 19 إبريل، 20012). وحدث هذا في زيارته الأخيرة لكردستان، التي بات ضيفاً دائماً فيها، في أثر دعوة وجهت إليه لحضور نشاط ثقافي.

ومن حق أدونيس بالطبع، كما من حق أي شخص، أن يمدح من يشاء أنى شاء. فهذا أمر يخص المادح والممدوح لا شأن للآخرين به. غير أن الحال يختلف حين يريد أحدهما، أو كلاهما، أن يذيعه في الناس وينشره للملأ ويلفت إنتباه الناس إليه وإشغال الرأي العام به. في هذه البرهة يخرج الحدث من دائرة العلاقة الشخصية، الحميمة، ويكتسب بعداً عاماً يطال الآخرين. والآخرون هاهنا هم القراء الذين ينقل الشاعر مدحه للرئيس إليهم.

يتجاوز الموضوع تخوم الشكر ورد الجميل ليصل إلى ميدان الدعاوة والتهليل. نحن هنا أمام حركة مقصودة الغاية منها هي التأثير في الرأي العام والسعي في إعادة صوغه بإتجاه جديد. يستثمر الطرفان في الرأسمال الرمزي الكبير الذي هو الناس. يستغل الشاعر إسمه وشهرته للإعلاء من شأن الحاكم، مقابل الإحتفاء به وإستقباله بالحفاوة والترحيب. فيما الحاكم متلهف لإلتقاط اللحظة والقول للناس: أترون، هو ذا شاعر كبير يشيد بي ويمدحني أفلا يدل هذا على أنني، تماماً كما يؤكد أتباعي وأنصاري، أنني قائد ناجح وزعيم مقتدر وأب حنون للجميع؟

والعلاقة بين الشاعر والحاكم، منذ القديم، مابرحت مثيرة للريبة والظنون. وكان الرئيس الليبي السابق معمر القذافي أحدث جائزة بإسمه ليغدق بها على الشعراء. ورفض الكاتب الإسباني غويتسولو الجائزة كما هو معروف تنديداً بطغيانه ودكتاتوريته.( كان جلال الطالباني من المعجبين بالقذافي وقد ترجم كتابه الأخضر إلى الكردية ثم أطلق إسمه على شارع في السليمانية).

وكان أدونيس يعاتب الشعراء الذين كانوا يتوافدون إلى بغداد في زمن صدام حسين ويتبارون في مدحه والإشادة به. وفي إحدى المرات كتب بعض الشعراء العرب، من بينهم محمود درويش وسليم بركات وجابر عصفور وغالي شكري برقية شكر إلى صدام حسين على هذا النحو: "لقد رأينا يا سيادة الرئيس كيف تقذفون بالحق على الباطل بكلمة "لا" فإذا هو زاهق. وكيف تُشمِّرون عن سواعدكم بكلمة "نعم" لإضاءة موطن المستقبل العربي. وليس لنا نحن الأدباء والشعراء العرب المشاركين في مهرجان المربد السادس إلا أن نتوضّأ بماء النصر الذي قدْتم العراق إليه، فحملتم به عبئاً عنا وقدَّمتموه لنا هدية، هي هدية التاريخ للأجيال القادمة ضوءاً وأمثولة وفداء...".

وكل هذا مجرد تملق رخيص وتذلل لايليق بأي كاتب أن يمارسه إزاء أي حاكم فكم بالأحرى إذا كان الحاكم مستبداً. وإن كان لابد من فعل شيء في هذا الباب فالأجدر أن يسعى الشاعر إلى الأستفادة من شهرته للتأثير في الحاكم لدفعه إلى عدم الإنجرار لشهوة الطغيان وعبادة الذات وإحتكار السلطة وتوريثها إلى أبناءه وأقاربه. والحكام الكرد، في هذا الميدان، ينافسون أقرانهم العرب إن لم يكن يسبقوهم بأشواط. وكان الطالباني قال، رداً على سؤال من أحد الصحافيين حول الإنتقادات التي توجه إلى سلوكه السياسي، أن حال المنتقدين هو حال الكلاب التي تنبح حين ترى القمر المنير.

ولكن ماذا فعل أدونيس في كردستان؟ هل ذهب يبحث عن الشعر والحداثة؟ ألم تكن هناك أماكن أكثر اكتراثاً بهذه الأشياء من الإقليم الذي لاوقت له للشعر والأدب هو الغارق في سجالات لاتنتهي مع الحكومة المركزية في بغداد؟ هل ذهب ليؤكد دعمه للأكراد بوصفهم ضحايا استبداد طويل من نظام فتك بهم باسم العروبة ؟ فلماذا توريط الشعر والأدب إذا؟ ثم أن الأكراد باتوا الآن أحراراً وكفوا عن كونهم ضحية مسلوبة الإرادة. هم كانوا كذلك لوقت طويل لزم خلاله أدونيس، أسوة بسواه من الكثيرين من الشعراء والكتاب العرب، الصمت. لم ينبس أدونيس ببنت شفة حين كان الأكراد بحاجة إلى جملة واحدة تفصح عن التضامن أو مجرد الشفقة. حين كان الأكراد يموتون خنقاً وشنقاً وأنفالاً أدار أدونيس ظهره. آنذاك لم يستطع أن يرى أو يسمع. آثر أن يرتكب "خيانة" الصمت. حين كان الأكراد بحاجة إليه حقاً لم يمنحهم دقيقة من وقته. الآن حين تحول الأكراد من "الثورة" إلى "الثروة" ونزلوا من الجبال إلى القصور أصبح التعاطف معهم أمراً مرغوباً وممكناً. لم يحتل الأكراد يومأً حيزاً ضئيلاً من دفاتر أدونيس. لم ينشغل بهم لحظة من اللحظات. لم يهتم بهم كبشر وتاريخ ووطن وثقافة وأدب وشعر. لم يكترث للمأسي التي حلت بهم. لقد كام مشغولا بالكتابة عن عن أنطون سعادة وآية الله الخميني والثورات العالمية ولم يكن لديه الوقت، أو المزاج، للكتابة عن الأكراد. آنذاك لم يكن في وسع الطالباني وزوجته إعداد الولائم على شرف الشعراء.

كان يهم المثقفين الأكراد الذين تحلقوا حول أدونيس أن يسمعوا ما يشبع رغبتهم في التخلص من عقدة النقص الكبيرة التي تستوطن دواخلهم. لقد أخذهم أدونيس "على قد حالهم" وأطرب سماعهم بكلمات تهدهدهم مثلما ما يهدهد المرء الأطفال بترنيمات ساحرة. فجأة أصبح المثقفون الكرد "أدونيسيين" وكاد واحدهم يهتف: بالروح بالدم نفديك يا أدونيس. انبروا يكتبون عن عظمة أدونيس وعن أرائه في الفكر والدين والثقافة هم الذين لم يقرأوا كتاباً أو ديوان شعر لأدونيس. نمت ذائقتهم الشعرية على حين غرة. بات أدونيس رمزاً لحوار الثقافات وأملاً للشعوب المقهورة كي تحظى بحقها في تقرير المصير.

ولكن هل يعرف أدونيس أن كردستان غارقة تحت ثقل هيمنة الذهنية العشائرية والسلوك الأبوي واحتقار المرأة وقتلها بداعي الشرف؟ . هل يعرف أن الأحوال في كردستان تبعث على الغثيان حيث يخضع الناس لسطوة العائلات التي تحكم باسم النضال القومي منذ عقود طويلة. هل يعرف أن هناك سيادة شبه مطلقة لسلطة الفساد والمحاباة والمافيات العائلية والحزبية؟ هل يعرف أن السلطة السياسية الكردية الحاكمة تحاول، مثل السلطات العربية بالضبط، أن تقوم باحتكار الفهم الجمعي وتنمط الذوق العام وترسخ طقوس عبادة الزعيم الأوحد الذي يعلو على كل نقد أو مساءلة؟ هل يعرف أن هذه السلطة، مثل السلطات العربية الحاكمة، تعمل من أجل تدجين المثقف وإخضاعه لشروطها بالإكراه أو الإغراء في عملية تحويل منظمة كي يكون هذا المثقف عبداً يرضى بالسائد ويصفق له؟

لم يسأل أدونيس نفسه عن السبب الذي جعل الزعيم الكردي يدعوه إلى كردستان. أحباُ بشعره وأفكاره عن الحداثة والتنوير والحرية أم لأشياء أخرى؟

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
نصيري بلا وازع
مجيدة -

ادونيس شخص بلا اخلاق... زيارته للشمال العراقي لأنه يظن بان الأكراد سذج وصغار ممكن السيطرة عليهم وجعلهم عبيدا له... ادونيس بلا وازع لأن زيارته تنطوي في العمق على اشاعة الدعاية لصالح نظام طائفته القدز بشار الأسد.. بشكل حرباوي متخف... لليست له اية علاقة لا بالشعر ولا بأي شيء غهو مستعد..... من اجل ان يحصل على جائزة... دائما في خدمة اي حاكم لكي يتملقه من اجل كم الف من الدولارات.. الم يكن هو الذي اخذ جاسزة باشراحيل الوهابية الرجعية السلفية... يبدو فعلا ان الأكراد أناس سذج وإلا لضربوه على قفاه وارسلوه الى قلعة طائفته المجرمة قصر الأسد

ادونيس
خاف -

هذا الرجل يتعلق بذيل قطة إذا كانت ستبصق علية بشهرة . إنه رجل مارق .بنى شهرتة على كتاباته الخارجة عن التراث العربي . لاأقول عن التراث الاسلامي ، لأن الاسلام عنده كهف وحرمان وسيف . أما التراث العربي فهو غريب عنه تماماً مع أنه أنشأ نشرته (شعر) منذ فترة مبكرة ، لكنه يلم بالأدب العربي إلماماً سطحياً وخاصة الشعر، لأنه لم يتلق منه شيئاً بسسب الظروف التي لم تمكنه من الذهاب الى أية مدرسة . من هذا المنطلق جنح إلى الشعر السوريالي لاخفاء هذا العيب بينما نجد شعراء سورياليين انطلقوا من استيعاب للشعر العربي في البداية فكانوا يقفون على أرض صلبة وجاء شعرهم على درجات متفاوتة من الابداع .

الطائفي النذل
محفوظ -

علي أحمد سعيد اسبر ( أدونيس ) العضو العريق في الحزب القومي السوري منذ أن كان عمره ثلاثة عشر عاماً ، أ لم يتلق أي تعليم رسمي أو غير رسمي . هرب مضطراً إلى لبنان بعد خروجه من السجن نظراً لانكشاف دوره في الحزب الذي اغتال العقيد عدنان المالكي أحد أبرز أعضاء البعث آنذاك ( قبل تلوثه بالطائفية ) . وهو هارب من ثقافته متحلل من تاريخه ، متجرد من إنسانيته . إنه ليس إلا شاعراً مزيفاً لايتقن لغته ولا يؤمن بأمته . حاز على شهرته في المنتديات الأوربية التي ترحب كل من يطعن بالله وبالاسلام مثل سليمان رشدي وليس لموهبته . نزعت الثورة السورية المباركة قناعه الورقي واسقطت ورقة التوت التي يتستر بها على الطائفية التي لم يستطع إلا إظهارها والتغني بها منذ الجهر بها في ثورة الخميني . إن قطرة دم الشهيد التي يستتهتر بها أثمن بآلاف المرات من شعره الغث . لايسرنا ولا يشرفنا أن يكون في عداد الثوار لأنه انحاز إلى العصابة الطائفية التي تذبح شعبنا الأبي .

نزار والطالباني
kurd -

معروف ان نزار آغري كان يعيش لأكثر من عشرين عاما على حساب جلال الطالباني في بيروت ومن ثم النروج. وكان نزار وتنفيذا لتوجيهات معلمه،يهاجم باستمار العائلة البارزانية على صفحات الحياة وغيرها. لدرجة ان المدعو صلاح بدرالدين، وهو مرتزق آخر من نفس بلدة نزار السورية، هدد هذه الصحيفة عام 1994 بالشكوى قدام العاهل السعودي. ثم تمت دعوة نزار الى اربيل عام 2007، باتفاق بين نيشيرفان وبدر الدين نفسه. ما ان عاد نزار من كردستان، حتى اشترى فيلا فخمة في اوسلو، ثم بدأ بتغيير سياسته 180 درجة، فصار يهاجم الطالباني بشراسة ووقاحة على صفحات نفس الجرائد اللبنانية، دونما ان تتساءل هذه ومحرروها عن سبب تحوّل نزار آغري العجيب؟؟؟؟

حسد ليس إلا
علاء -

لا أصدق أن نزار آغري يتناول هکذا موضوع من جانب مهني و منطقي، وانما هو من دافع الحسد و الغيرة ولسان حاله يقول(ياليتني کنت أنا)، تقلبات آغري شبعنا منها و الان و على قول العراقي(تالي وکت)يريد أن يبدو کناصحا مشفقا..روح ألعب غيرها يا شاطر!

مهما يكن
Avatar -

مهما يكن من امر الكاتب في هذا المقال لينزل سلطان قلمه على ادونيس وعلى كردستان فان وصفه للاوضاع في كردستان العراق صحيحة بنسبة 90 بالمائة

الكلب وذيله
المشهداني الرياش -

كشف القناع عن هذا الغاوي والطالباني يغذي عقد تلازمه

الطالباني والشعر والشعراء
شيركو -

الذي اعرفه ان علاقة صلاح بدر الدين مع المخابرات العراقية منذ مطلع الثمانينات وكلف بعدد من المهام ضد الطالباني وكا يتنقل في الاقامة بين بيروت وبغداد وكان مركز نشاطه الرئيسي في لبنان ..وفيما يخص الشاعرادونيس كان موقفه ثابتا ولحد سنوات قليلة ولاادري الان الى اية جهة اخذ يميل ! وبالنسبة الى الطالباني فهو رجل محب للشعر وكان صديقا حميما لشاعرنا الكبير الجواهري ويحفظ الكثير من قصائده وربما لديه نفس الشعور تجاه ادونيس ..

المجرم السيريالي ..!
الشنفرى -

من الغريب ألا يخرج علينا هذا المستشعر بقصيدة يهجو فيها الثورة السورية وشهداءها ويندد بمقاومتها للمتأله المتوله بهديل العلي وشهرزاد الجعفري ويمجد ابن أنيسة وكل العلويات . إنه لامكان له في أرضنا ، فيذهب إلى الجبال في كردستان أو في آشورستان أو يهودستان .

سلوة الملوك ليس إلا
محمد -

أن يكون أدونيس متملقا نهده حكاية أخرى أما أن يوصف بالشويعر وتنزل عليه التعليقاj بالسب فهده لاتليق بأدباء لقد إعترف الجميع بأن أدونيس شاعر كبير و هو كدلك و لكن بربكم كم من الشعراء تملقوا لأقg من رئيس مقابل جلسات الخمر في الفنادق المصنفة ;و كم متهم قبل دعوات الديكتاتوريين العرب بل و أمريكا بل و إسراشيلألم يلتق درويش رحمه الله بعتاة الدكتاتوريين أم أن درويش أيضا ليس بشاعرإرحمونا من الخلط الكبير فكل النجوم يتعرضون لنوع من الإختطاف الأدبيسلوة الملوك ليس إلا

مام جلال اكبر من اي مدح
ravyar -

لا اعرف لماذا العرب كلهم يغمضون عيونهم على هذه حقيقة !!!!!!لماذا لا تقولون الحقيقة!!!!!!!!!!!اي شخص كان سواء ادونيس او طارق الهاشمي او .....نحن صاحب كرامة و نستقبلة و لانحتاج لمدح اي احد!!شـــــكـــرا