فضاء الرأي

عصام عبدالله: إيلاف في عقدها الثاني... الرهان على المستقبل

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

قراءة "إيلاف" مع قهوة الصباح، متعة ما بعدها متعة، لا تتوفر في أية صحيفة الكترونية أخرى، فيما أتصور، تكشف - في العمق - أننا نعيش في عدة قرون داخل كل بلد عربي، وإن شئت الدقة نعاني من (الفوضي) وتتمثل في (تجاور) كيانات منفصلة ومنعزلة، تنتمي فكريا واجتماعيا إلي عصور شديدة التباين والاختلاف، بعضها ينتمي إلي العصر الجاهلي وبعضها الآخر ينتمي إلي الحداثة المشوهة والبعض الثالث ينتمي إلي ما بعد الحداثة المنقوصة، وهو ما يعني أن كل بلد عربي - علي حدة - بحاجة إلي عقد اجتماعي جديد ينظم التعايش وليس (التجاور) بين أطياف المجتمع الواحد وطبقاته المختلفة، يتأسس علي قبول الآخر والمختلف والاحترام المتبادل.

"إيلاف" أشبه بالمرآة المكبرة التي جعلتنا نحدق في أعماق أنفسنا ومجتمعاتنا دون رتوش (أو ماكياج)، وهذا يكفي جدا من وسيلة إعلامية استطاعت أن تقتحم "اللامفكر فيه" و"المستحيل التفكير فيه". لكن هذا هو المظهر "الخادع" والجزء المرئي فقط من جبل الجليد الغائم، لأن "إيلاف" - هي نفسها - "الداء والدواء" (السم والترياق) أو "الفارمكون" حسب تعبير أفلاطون و"جاك دريدا" من بعده.

فقد أنجزت - في فترة وجيزة - شيئاً طالما أعلنت عنه الفلسفة الاشتراكية والتطبيقات السياسية لها (ولم تفعل إلا القليل لتحقيقه)، إذ أتاحت "أول يومية الكترونية في العالم العربي" لكل من يمتلك أجهزة الكمبيوتر أن يدخل (عصر الاتصالات) دون قيود أو شروط، وأن يتفاعل مع ما يقرأ ويشاهد ويسمع لا أن يظل قابعا في خانة المتلقي السلبي كما هو الحال في (عصر التليفزيون) والصحافة الورقية المطبوعة.

وتلك "نقلة نوعية" جديدة في مسار الفلسفة (الاشتراكية) من خلال التكنولوجيا ووسائل الاتصال الحديثة، حيث أصبحت الصحافة الالكترونية المظهر الأعظم للمساواة بين البشر، ليس فقط الأغنياء والفقراء.. الرجال والنساء.. وإنما لأنها أنهت عصرا كاملا من المعرفة الرأسية، عصر من (يملون علينا ما ينبغي أن نعتقده) دون أن نملك مناقشة هؤلاء الخبراء من الكتاب (وحملة الدال) : ما هي الأسباب التي لابد وأن تدفعنا إلي هذا الاعتقاد أو ذاك؟.. ناهيك عن ان الصحافة المطبوعة جعلت القراء - في الغالب - غير مؤهلين لممارسة هذا الفن الجليل المعروف ب" النقد " الذي ظل قاصرا علي النخبة والصفوة.

حتى بعد دخولنا عصر الانترنت والمعرفة حيث الحاجة أكثر الحاحا لاستخدام سلاح "النقد"، ظلت منظمومة الإعلام والتعليم في العالم العربي تقوم علي التلقين والحفظ والتذكر والاستظهار وليس علي "التفكير النقدي"، فضلا عن أن التعليم نفسه تحول إلي "سلعة" هدفها الأساسي (إسعاد الزبائن) من الطلاب وأولياء الأمور وأصحاب الأعمال، وتلبية احتياجات " سوق العمل " ومتطلباته وليس بناء الشخصية (النقدية) القادرة علي مجابهة التحديات وتحمل المسئولية الإنسانية تجاه الآخرين.

الرهان علي أن "التغيير" يبدأ من "الإعلام" - ومن الصحافة الالكترونية تحديدا - هو "ضربة المعلم" عثمان العمير التي حركت دوائر المياه الآسنة في منظومة الوعي في عالمنا العربي، ونقطة الانطلاق في تغيير هذا الواقع الراكد هي: تكوين حركات شعبية (ضاغطة) من مستخدمي شبكة الانترنت (ومن القراء الافتراضيين) تستخدم "مهارات" التفكير النقدي علي أوسع نطاق وبحرية كاملة، من خلال التعليقات والآراء والمدونات والجدل الخصب والمناقشات التفاعلية واستطلاعات الرأي.

"الرهان علي المستقبل" هو هذا بالضبط.. لم تعد "مشكلة المعرفة" في العالم اليوم، هي كيفية الوصول إلي المعلومات أو حتي المعرفة، وإنما في الافتقار إلى المهارات (النقدية) اللازمة لمعالجة هذا النهر المتدفق من المعلومات وغربلتها (إفرازها) للوصول إلي الحقيقة (الحقائق)، وعندها فقط تصبح "المعرفة قوة"، في عصر لا يعترف إلا بالأقوياء المسلحين بالمعرفة وأدواتها ومهارات اقتناصها وتوظيفها.
dressamabdalla@yahoo.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لا يعلى عليها ولكن ؟!
كتكوت جروب -

لا ايلاف ممتازه ولكن يستغل ليبراليتها الانعزاليون من الكنسيين والملاحدة والشعوبيين والمتصهينين والمتأمركين والمتؤربين !!!

لا يعلى عليها ولكن ؟!
كتكوت جروب -

لا ايلاف ممتازه ولكن يستغل ليبراليتها الانعزاليون من الكنسيين والملاحدة والشعوبيين والمتصهينين والمتأمركين والمتؤربين !!!