القضية الكردية في سوريا: وجهة نظر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
منذ أن تشكلت الحركة القومية الكردية في سوريا في منتصف القرن الماضي، كان السؤال الأساسي على مائدة المنخرطين، المتابعين و المهتمين بها : ما هو الحل الأمثل للقضية الكردية في سوريا ؟. و رغم الإتفاق على أن القضية الكردية نشأت بسبب سياسة الإنكار القومي التي إنتهجتها السلطات المتعاقبة على سدة الحكم في سوريا بحق الشعب الكردي كمكون قومي أساسي من مكونات الشعب السوري، المتنوع قوميا ً و دينيا ً و مذهبيا ً، إلا أن جوهر الخلاف حول ماهية الحل كان وما يزل هو الموضوع الأساسي الذي دارت حوله نقاشات و حوارات مطولة، ليس على مستوى النخب السياسية و الثقافية بين الكرد و العرب فحسب، و إنما بين الكرد أنفسهم أيضا ً، من دون أن يفضي الى نتيجة أو تصور متفق عليه، يضع حدا ً لمعاناة شعب تعرض لكافة أشكال القهر و الظلم.
و لأن إستكمال الحوار و النقاش حول القضية الكردية في سوريا و كيفية حلها يكتسب صفة إستثنائية في الوقت الراهن لأهمية الموقع الذي تشكله في سلم القضايا الوطنية الواجب معالجتها من جهة، و المنعطف التاريخي الذي يجتازها البلاد جراء إندلاع الثورة السورية منذ ما يقرب من أربعة عشر شهرا ً على طول سوريا و عرضا ً من جهة أخرى، فإن الوصول الى صيغة نهائية، واقعية و قابلة للتطبيق، بشأنها في المرحلة الراهنة، مهمة عاجلة غير قابلة للتأجيل، و هي مسؤولية النخب السياسية و الثقافية الكردية التي يقع على عاتقها مسؤولية إنجاز هذه المهمة في أسرع وقت، بدلا ًعن الإنشغال بالقضايا ( المعارك و المناوشات ) الهامشية.
القضية الكردية في سوريا، بخلاف القضية الكردية في كل من تركيا و إيران و العراق، أكثر تعقيدا ً، يستلزم صياغة حل عادل لها و مرضي لجميع الأطراف، عقل سياسي مبدع، يفهم حيثياتها و ملابساتها القانونية و الحقوقية و السياسية و التاريخية و الجغرافية بشكل صائب. و لعل أهم نقاط التعقيد في هذه القضية هي أن المنطقة المعنية بها و التي يطلق عليها الكرد إسم كردستان الغربية أو غربي كردستان أو كردستان سوريا أو المناطق الكردية كانت جزءا من الإمبراطورية العثمانية قبل تقسيمها بين بريطانيا و فرنسا في بدايات القرن العشرين، وتسكنها جماعات قومية و دينية متعددة، بصرف النظر عن الأعداد و النسب، و هو ما تسبب لاحقا ً في نشوء نزاع جدلي بين القوميات المتعايشة حول الأحقية التاريخية بها، فضلا ً عن تباعد مناطق سكن الكرد في سوريا عن بعضها البعض من جهة أخرى. و ما تسبب في تعقيد القضية الكردية أكثر هو أن السلطات المتعاقبة في سوريا، و لا سيما في عهد حزب البعث، شجعت على هجرة القبائل العربية الى منطقة الجزيرة، بعضها قسرا بفعل سياسات الدولة تجاه الكرد، و أخرى إضطرارا ً بقصد اللجوء الى ملاذات رعوية لأرزاقها من الماشية، ساهمت في تغيير التوازنات الديمغرافية في المنطقة بشكل كبير، خاصة في منطقة الجزيرة، بحيث بات الحديث عن أغلبية كردية في مدينة الحسكة على سبيل المثال محل تساؤل. ففي ظل الشروط و الظروف الجديدة المحيطة بالقضية الكردية في سوريا في الوقت الراهن، منها ما هو قديم و أخرى حديثة العهد، يتوجب البحث في كيفية و ماهية الحل، سيما و أن الحركة الوطنية الكردية، اعلنت مرارا ً و تكراراً، أنها تبحث عن حل لقضية شعبها في إطار الدولة السورية الحالية.
فإذا ما أخذنا إشكاليتي الديمغرافية المتنوعة و الجغرافيا المتجزئة بالحسبان، من دون إغفال أن الكرد يشكلون في الواقع حالة قومية متميزة، كشعب يعيش فوق أرضه التاريخية في مناطقه الحالية ( الجزيرة/ كوباني / عفرين )، نجد أن التعددية القومية و الثقافية المصونة قانونيا ً و حقوقيا ً في الدستور يشكل ضمانا ً أو أساسا ً صالحا ً لحل القضية الكردية في سوريا، وهذا الحل، برأي، ينسجم مع نزوع المجتمعات الحديثة، و خاصة في أوروبا، الى التعددية الثقافية و الإجتماعية، بإعتبار أن العالم تعرض في الخمسة عقود الماضية الى تحولات إجتماعية عميقة نتجت عن الهجرة المتزايدة، كهجرة المسلمين الى أوروبا المسيحية على سبيل المثال. فالإقرار بالتنوع القومي و الديني و المذهبي من قبل النخب السياسية و الثقافية في سوريا يشكل الأرضية المناسبة لبناء حس وطني مشترك لدى كافة مكونات سوريا تجاه بلدهم. فبدون هذا الحس لا يمكن بناء هوية وطنية جامعة لكل السوريين، التي ما يزل يعترض طريق تشكيلها دعوات قوموية صرفة، عربية و كردية و غيرها، من قبيل أن سوريا عربية أو كردية أو اشورية.. إلخ، و قلنا في وقت سابق أن إقرار السوريين، بمختلف إنتمائاتهم القومية و الإجتماعية، بأن سوريا بحدودها الحالية هي بلدهم أو وطنهم النهائي هو الشرط الأساسي لبلوغ الدولة الديمقراطية القائمة على التعددية القومية و الثقافية الضامنة لحقوق أفرادها و جماعاتها على حد سواء. من هنا ما زلت أجد من الصعوبة بمكان تطبيق الشعارات المطالبة بالفيدرالية و الحكم الذاتي من قبل بعض الفعاليات السياسية الكردية في الواقع السوري على أسس قومية، و ليست جغرافية، و لا أحفي أنني لم أستقر على فهم واضح الى حد الآن لكيفية ترجمة حق تقرير المصير الذي طالب به المجلس الوطني الكردي في ميثاقه السياسي في ضوء التنوع القومي و التزاحم الديمغرافي الذي يشهده منطقة الجزيرة، و التباعد الجغرافي بين المناطق الكردية في سوريا. كما أني لا أعتقد أنه من الصائب المطالبة فقط بالإعتراف الدستوري بوجود الشعب الكردي في سوريا و منحه حقوقه وفق هذا الإعتراف، فالأمر يبدو و كأنك تستجدي حقوقُ، بينما هي طبيعية، لذلك فإن إقٌرار الدستور السوري بالتنوع القومي و الديني و المذهبي، وإعتبار سوريا ملكا ً لجميع أبناءها، من العرب و الكرد و الأشوريين و غيرهم، يشكل البداية الصحيحة لحل مشاكل عدة، منها المشكلة القومية، مشكلة المراكز و الأطراف و توزيع الثروة و غيرها.
من هنا ما زلت أستشعر قصوراً سياسياً من قبل النخب السياسية و الثقافية لدى جميع الأطراف في معالجة مشاكل الوطن السوري، أقله هو الشعور السائد أنه بمجرد سقوط النظام القائم سترحل معه كل المشاكل و الاشكالات التي عانينا منها على إمتداد عقود، و هو ما اشك فيه، إذا ما بقيت معالجتنا في حدود التفكير و المنطق و المقاربة الحالية للأمور.
كاتب كردي سوري
التعليقات
نصيحة مخلصة
سلام الموصلي -نصيحتي المخلصة للكورد هي أن يسعوا الى خلق المزيد من الأصدقاء لا الأعداء، ويكون ذلك بالتخلي عن الطروحات القومية المتطرفة. التطرف القومي - سواء كان عربي أم تركي أم كردي - ليس في صالح التعايش والتفاهم بين شعوب المنطقة. كذلك مطلوب من الأكراد أن يسيطروا على الجماعات المتطرفة - إسلامية وقومية- التي تعتدي على المكونات الأخرى التي تتعايش مع الكورد، وذلك مثلما حصل من إعتداءات قام بها مؤخراً بعض الكورد ضد بيوت السريان والآشوريين في القامشلي. من حق أكراد سوريا التمتع بكافة حقوقهم السياسية والثقافية والإجتماعية، لكن ليس في صالح قضيتهم المبالغة في طروحاتهم بحيث تصل الى درجة المطالبة بالإنفصال عن الوطن السوري.
نصيحة مخلصة
سلام الموصلي -نصيحتي المخلصة للكورد هي أن يسعوا الى خلق المزيد من الأصدقاء لا الأعداء، ويكون ذلك بالتخلي عن الطروحات القومية المتطرفة. التطرف القومي - سواء كان عربي أم تركي أم كردي - ليس في صالح التعايش والتفاهم بين شعوب المنطقة. كذلك مطلوب من الأكراد أن يسيطروا على الجماعات المتطرفة - إسلامية وقومية- التي تعتدي على المكونات الأخرى التي تتعايش مع الكورد، وذلك مثلما حصل من إعتداءات قام بها مؤخراً بعض الكورد ضد بيوت السريان والآشوريين في القامشلي. من حق أكراد سوريا التمتع بكافة حقوقهم السياسية والثقافية والإجتماعية، لكن ليس في صالح قضيتهم المبالغة في طروحاتهم بحيث تصل الى درجة المطالبة بالإنفصال عن الوطن السوري.
اقليم
Azad -سنحرراقليم كردستان ما دام يوجد كردي شريف واحد ،يجب ن يكون عندنا جيش مستقل يدافع عنا،سنعيش في سورية اتحادية،ما راح نقبل ان نذوب, على رغم كل ماسي دفعنا غالي ونفيس لاجل هويتنا شوف كل تجارب من اتى محتل عربي اعترف بالكرد في عراق وسورية هذه شعارات براقة انتهت من ايام عفلق -سنحرر او نذوب
اقليم
Azad -سنحرراقليم كردستان ما دام يوجد كردي شريف واحد ،يجب ن يكون عندنا جيش مستقل يدافع عنا،سنعيش في سورية اتحادية،ما راح نقبل ان نذوب, على رغم كل ماسي دفعنا غالي ونفيس لاجل هويتنا شوف كل تجارب من اتى محتل عربي اعترف بالكرد في عراق وسورية هذه شعارات براقة انتهت من ايام عفلق -سنحرر او نذوب
أفكار
مالك حسن -رغم الامتداد التاريخي للأكراد في المنطقة فإن الفترات التي كانت لهم فيها دولة صافية تبدو ضئيلة جدا. ولكن، لماذا يجب أن تكون لهم دولة صافية؟ أليس هذا رد فعل على محاولات تذويبهم بالقوة في السائل العربي؟ ألا يعتبر انسياقهم وراء حلم دولة صافية لهم تكرارا سيئا للمشروع القومي العربي الذي لم ينتج في النهاية شيئا غير الاستبداد والفشل في كل مناحي الحياة؟ في حوارات جرت مع بعض الأخوة أكراد سوريا تم التوصل إلى فكرة أن يبقوا مواطنين سوريين لهم حقوق قومية واضحة مماثلة لتلك التي يتمتع بها الأرمن في سوريا، تتمثل في حريتهم في تسمية مواليدهم بأسماء كردية، الاعتراف بحقهم في تعليم وتعلم لغتهم والتحدث بها، إصدار المطبوعات المختلفة باللغة الكردية (صحف، مجلات، كتب)، والاحتفال بأعيادهم. يضاف لذلك حرية العمل السياسي وتأسيس الأحزاب، وافتتاح محطات إرسال إذاعي وتلفزيوني. من السذاجة أن يتصور عرب سوريا أن حقوقا كهذه ستقوض بنيانهم العروبي - إن كان فعلا هناك شيء كهذا...
أفكار
مالك حسن -رغم الامتداد التاريخي للأكراد في المنطقة فإن الفترات التي كانت لهم فيها دولة صافية تبدو ضئيلة جدا. ولكن، لماذا يجب أن تكون لهم دولة صافية؟ أليس هذا رد فعل على محاولات تذويبهم بالقوة في السائل العربي؟ ألا يعتبر انسياقهم وراء حلم دولة صافية لهم تكرارا سيئا للمشروع القومي العربي الذي لم ينتج في النهاية شيئا غير الاستبداد والفشل في كل مناحي الحياة؟ في حوارات جرت مع بعض الأخوة أكراد سوريا تم التوصل إلى فكرة أن يبقوا مواطنين سوريين لهم حقوق قومية واضحة مماثلة لتلك التي يتمتع بها الأرمن في سوريا، تتمثل في حريتهم في تسمية مواليدهم بأسماء كردية، الاعتراف بحقهم في تعليم وتعلم لغتهم والتحدث بها، إصدار المطبوعات المختلفة باللغة الكردية (صحف، مجلات، كتب)، والاحتفال بأعيادهم. يضاف لذلك حرية العمل السياسي وتأسيس الأحزاب، وافتتاح محطات إرسال إذاعي وتلفزيوني. من السذاجة أن يتصور عرب سوريا أن حقوقا كهذه ستقوض بنيانهم العروبي - إن كان فعلا هناك شيء كهذا...
مطالبة الكورد
كوردي -لحقوقهم الطبيعية في تعليم لغتهم الأم و عدم أنكار وجودهم كشعب له تاريخه في المنطقة ومطالبتهم بإدارة مناطق عيشهم الأصلية شيء طبيعي جدا وهذا ليس بتطرف.لاأعرف لماذا يحق للشعب الفلسطيني ان يطالب بحق تقرير مصيره, مع أن العدو الصهيوني يعترف باللغة العربية ولا ينكر وجود الشعب العربي في فلسطين و لا يحق للشعب الكوردي الذي ينكر وجوده وتمنع لغته من ان يطالب بحقه في تقرير مصيره؟ لماذا الكيل بمكيالين ياإخوتي العرب؟ وجزيل الشكر لإيلاف!
مطالبة الكورد
كوردي -لحقوقهم الطبيعية في تعليم لغتهم الأم و عدم أنكار وجودهم كشعب له تاريخه في المنطقة ومطالبتهم بإدارة مناطق عيشهم الأصلية شيء طبيعي جدا وهذا ليس بتطرف.لاأعرف لماذا يحق للشعب الفلسطيني ان يطالب بحق تقرير مصيره, مع أن العدو الصهيوني يعترف باللغة العربية ولا ينكر وجود الشعب العربي في فلسطين و لا يحق للشعب الكوردي الذي ينكر وجوده وتمنع لغته من ان يطالب بحقه في تقرير مصيره؟ لماذا الكيل بمكيالين ياإخوتي العرب؟ وجزيل الشكر لإيلاف!
رد على كاتب المقالة
George Yacoub -السيد زيور العمر المحترمسأقتصر وعلى عُجالة على جملتين وردتا في مقالكم٫ ،افترض مقدماً حسن النوايا في ما جاء فيهما٫ لكنهما لا تخلوان من الالتفاف أو تجنب الدقة. جاء في مقالكم:" وتسكنها جماعات قومية ودينية متعددة بغض النظر عن الاعداد والنسب" وأنا هنا لا أفهم كيف يمكننا أن نغضَ النظر عن الاعداد والنسب في موضوع تلعب فيه الاعداد والنسب دورا أساسياً. أما الجملة الثانية:" بحيث بات الحديث عن أغلبية كردية في مدينة الحسكة على سبيل المثال محل تساؤل"لستُ أدري هل الكاتب من الحسكة٫ لكني أنا من مواليد هـذه المدينة٫ وفيها ترعرعت ولم يكن الحديث آنذاك( الخمسينات ،الستينات ،السبعينات من القرن العشرين) عن أغلبية كردية في مدينة الحسكة محل تساؤل٫ لأن الأغلبية لم تكن كردية. وكم كنت أتمنى على الكاتب وعلى كل من يكتب في هـذه القضية المفرطة الحساسية أن يتوخوا الدقة في الحديث عن المسألة الكردية في سوريا. سأحاول التوسع في هذا الموضوع لاحقاً.مع فائق الاحترام
رد على كاتب المقالة
George Yacoub -السيد زيور العمر المحترمسأقتصر وعلى عُجالة على جملتين وردتا في مقالكم٫ ،افترض مقدماً حسن النوايا في ما جاء فيهما٫ لكنهما لا تخلوان من الالتفاف أو تجنب الدقة. جاء في مقالكم:" وتسكنها جماعات قومية ودينية متعددة بغض النظر عن الاعداد والنسب" وأنا هنا لا أفهم كيف يمكننا أن نغضَ النظر عن الاعداد والنسب في موضوع تلعب فيه الاعداد والنسب دورا أساسياً. أما الجملة الثانية:" بحيث بات الحديث عن أغلبية كردية في مدينة الحسكة على سبيل المثال محل تساؤل"لستُ أدري هل الكاتب من الحسكة٫ لكني أنا من مواليد هـذه المدينة٫ وفيها ترعرعت ولم يكن الحديث آنذاك( الخمسينات ،الستينات ،السبعينات من القرن العشرين) عن أغلبية كردية في مدينة الحسكة محل تساؤل٫ لأن الأغلبية لم تكن كردية. وكم كنت أتمنى على الكاتب وعلى كل من يكتب في هـذه القضية المفرطة الحساسية أن يتوخوا الدقة في الحديث عن المسألة الكردية في سوريا. سأحاول التوسع في هذا الموضوع لاحقاً.مع فائق الاحترام