كتَّاب إيلاف

المواطنة الغائبة والديمقراطية العرجاء

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

ربما يعتقد البعض ان الديمقراطية هي مجرد تداول للسلطة من خلال صناديق الاقتراع، وهي ممارسة تجري كل اربع أو خمس سنوات لاستبدال رئيس أو مجلس نواب وما إلى ذلك من استبدال هياكل الدولة الإدارية، أو أنها جرعة دوائية أو قرار تنفيذي من جهة عليا في مجتمعات ما تزال تأن تحت نير الأمية والقبلية والانتماء المناطقي، متوارثة سلوكا شموليا عبر حقبة قد تمتد لمئات السنين من الثقافة الأحادية والتسلطية ابتداء من التربية داخل الأسرة والمدرسة والعشيرة، وما يكتنفها من غياب شبه كامل لمفهوم المواطنة وسيادة مفاهيم الانتماء العشائري والمناطقي أو الديني والمذهبي وهيمنة فكرة العشيرة والشيخ والأغا والعبودية بأي شكل من أشكالها.

وربما أيضا تقود صناديق الاقتراع والية الانتخابات حزب ما أو شخص ما إلى دفة الحكم ليمارس بعد أشهر أو سنوات تلك الثقافة المتكلسة في مفاصل سلوكه، فيتفرد تدريجيا ويكثف حوله وعاظ السلاطين من الضعاف والانتهازيين، الذين يصنعون منه طاغوتا جديدا بلبوس ديمقراطي، تشرعنه صناديق الاقتراع التي امتلأت هي الأخرى ببطاقات الود العشائري أو الطائفي أو الديني، بعيدا عن أي مفهوم للمواطنة التي ترتقي على كل هذه الانتماءات لتمنح الوطن هوية الانتماء الخالص.

إن اخطر ما يواجه الربيع العربي اليوم بعد اختراق حاجز الخوف وإحداث التغيير في شكل الهيكل الإداري للدولة، هو محاولة تلك القوى الراديكالية استخدام قطار الديمقراطية وآليات تداول السلطة، للنفوذ إلى مفاصل الحكم والبدء بصناعة الدكتاتورية المشرعنة باليات الديمقراطية في مجتمعات اقل ما يقال عنها أنها ما زالت متخلفة في معظم مناحي الحياة إن لم تكن في جميعها، وأنها لم تنجح في بلورة مفهوم سامي للمواطنة لدى سكانها الذين ما زالوا يسألون الفرد عن دينه ومذهبه وعشيرته وربما حتى عن مقدرته المالية، بعيدا عن أي سؤال يتعلق بإمكانياته العلمية أو الثقافية أو الأدبية أو الاجتماعية أو السياسية، وحتى لو حصل ذلك فان التزكية الأساس ما تزال محكومة بالثلاثي المتكلس الدين والمذهب والعشيرة وفي بلدان المكونات العرق والقومية.

ويبدو إن المواجهة قد بدأت فعلا بين القوى الديمقراطية التي تعتمد المواطنة أساسا في ممارستها وبين القوى التي تعتبر الديمقراطية سلما لارتقائها دفة الحكم وتنفيذ برامجها الشمولية من خلال تهييجاتها الدينية والمذهبية تارة والعشائرية والقومية تارة أخرى كما يحصل الآن في مصر وليبيا وتونس والعراق وإيران ولاحقا في اليمن وسوريا وغيرهم، مما يهيئ لحقبة جديدة من الدكتاتوريات المشرعنة باليات الديمقراطية التي ستحول هذا الربيع إلى صقيع آخر.

إن غياب مفهوم متحضر ومدني للمواطنة سينتج ديمقراطيات عرجاء لا تقل تخلفا عن تلك التي استخدمتها أنظمة الحزب الواحد والزعيم الأوحد في الدكتاتوريات الشعبية!

kmkinfo@gmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
نعم. كل ما قلته صحيح
سروه هورامى -

سلمت يداك مقال رائع وموضوع دقيق وشيق .. حقا نحن بحاجة الى وضع اطار للمواطنة في مجتمع يناشد الديمراطية ولا يمكن توثيق النجاح للديمقراطية وتثبيت المواطتة في مجتمع يفتقر الى الوعي الثقافي في جميع مجالات الحياة .

نعم. كل ما قلته صحيح
سروه هورامى -

سلمت يداك مقال رائع وموضوع دقيق وشيق .. حقا نحن بحاجة الى وضع اطار للمواطنة في مجتمع يناشد الديمراطية ولا يمكن توثيق النجاح للديمقراطية وتثبيت المواطتة في مجتمع يفتقر الى الوعي الثقافي في جميع مجالات الحياة .

لا ديمقراطية بدون علمانية
شهاب -

لقد احسن الكاتب وصف الوضع الديمقراطي المشوه في منطقتنا ، ففعلا ليس المشكل في الاختيار عبر الصناديق ولا من تأتي به حيث ان الديمقراطية لاتنتهي عند هذا الحد، وان دولة استبدادية معروف توجهاتها القسرية والديكتاتورية دون مواربه بحيث يمكن التعامل معها والعمل على تغييرها احب الي من دولة تدعي الديمقراطية وهي تمارس ماتطبقه الاستبدادية لكن بواسطة التزوير والتضليل وشراء الذمم و الاصوات عبر الصناديق مما يصعب التفاهم والانتقال بالبلد و المجتمع الى مأسسة التمدن والمواطنة في دولة الديمقراطية المزعومة والمشوهة مما يعني ان الدولة التي تخلصت من الرموز القديمة لم تتخلص من النظام القديم والذي لايعترف بالمواطنه الا من خلال المذهب والقبيلة او الحزب الاوحد المتنفذ بقوة المال و العصبية .

لا ديمقراطية بدون علمانية
شهاب -

لقد احسن الكاتب وصف الوضع الديمقراطي المشوه في منطقتنا ، ففعلا ليس المشكل في الاختيار عبر الصناديق ولا من تأتي به حيث ان الديمقراطية لاتنتهي عند هذا الحد، وان دولة استبدادية معروف توجهاتها القسرية والديكتاتورية دون مواربه بحيث يمكن التعامل معها والعمل على تغييرها احب الي من دولة تدعي الديمقراطية وهي تمارس ماتطبقه الاستبدادية لكن بواسطة التزوير والتضليل وشراء الذمم و الاصوات عبر الصناديق مما يصعب التفاهم والانتقال بالبلد و المجتمع الى مأسسة التمدن والمواطنة في دولة الديمقراطية المزعومة والمشوهة مما يعني ان الدولة التي تخلصت من الرموز القديمة لم تتخلص من النظام القديم والذي لايعترف بالمواطنه الا من خلال المذهب والقبيلة او الحزب الاوحد المتنفذ بقوة المال و العصبية .

الدكتاتورية المتوارثة
dr kifah -

سلمت استاذ المقال واقعي وان السبب بالديمقراطية العرجاء هو تربية الاجيال على هذا المفهوم القبلي والطائفي الضيق علينا الاهتمام بالاجيال الصاعدة وتربيتهم تربية علمانيةوان تكون هناك فترة انتقالية بدون انتخابات تستلم مقاليد الحكم نخب المجتمع للتحضير لانتقال سلمي للسطة وتطبيق الديمقراطية ونحن من نصتع الدكتاتورية وبعدها نشتكي

الدكتاتورية المتوارثة
dr kifah -

سلمت استاذ المقال واقعي وان السبب بالديمقراطية العرجاء هو تربية الاجيال على هذا المفهوم القبلي والطائفي الضيق علينا الاهتمام بالاجيال الصاعدة وتربيتهم تربية علمانيةوان تكون هناك فترة انتقالية بدون انتخابات تستلم مقاليد الحكم نخب المجتمع للتحضير لانتقال سلمي للسطة وتطبيق الديمقراطية ونحن من نصتع الدكتاتورية وبعدها نشتكي

المواطنة المزعومة
Abdulghafur Ali -

الجميع يجمل خطابه بالكلمات الجميلة لاستمالت الراي العام واقناعه انه الاكثر ديمقراطية من سواه والاكثر سعيا لتجسيد المواطنة الحقة وعندما يفقد ثقته بالراي العام ويعجز عن تضليله يلجأ الى اسليب الترغيب وشراء الذمم وتوزيع البطانيات على الناخبين وحسب عالم السياسة ديفرجية فالناخب وفي رابعة النهار يذهب الى صندوق الانتخابات ليضع صوته للنائب لمدة 4 سنوات لممارسة السلطة والحكم وعقد الصفقات ومرتب(ببطانية فقط)كم رخيص هذا الصوت الذي يساوي الملائين عند النائب المرشح عذرا استاذ كفاح ان ذهبت ابعد من خضرتك في تسعيرة المواطنة--اوافقكم الراي بان التضليل والتزوير لاتنقلنا الى طور متفدم وانما ترجعنا الى الخلف ولاتخلق المواطنة الصالحة اشكر خضرتك ولك العرفان والثناء للحب الذي تحمله للمواطن والوطن

المواطنة المزعومة
Abdulghafur Ali -

الجميع يجمل خطابه بالكلمات الجميلة لاستمالت الراي العام واقناعه انه الاكثر ديمقراطية من سواه والاكثر سعيا لتجسيد المواطنة الحقة وعندما يفقد ثقته بالراي العام ويعجز عن تضليله يلجأ الى اسليب الترغيب وشراء الذمم وتوزيع البطانيات على الناخبين وحسب عالم السياسة ديفرجية فالناخب وفي رابعة النهار يذهب الى صندوق الانتخابات ليضع صوته للنائب لمدة 4 سنوات لممارسة السلطة والحكم وعقد الصفقات ومرتب(ببطانية فقط)كم رخيص هذا الصوت الذي يساوي الملائين عند النائب المرشح عذرا استاذ كفاح ان ذهبت ابعد من خضرتك في تسعيرة المواطنة--اوافقكم الراي بان التضليل والتزوير لاتنقلنا الى طور متفدم وانما ترجعنا الى الخلف ولاتخلق المواطنة الصالحة اشكر خضرتك ولك العرفان والثناء للحب الذي تحمله للمواطن والوطن

شكرا لك ولقلمك
الدكتورملا سالم الشبكي -

حقيقة استاذ كفاح غني عن التعريف بثقافته وماخط قلمه في جميع مجالات الحياة وقد اصاب كما في مقالاته السابقة عين الحقيقة والديمقراطية ولدت ميتة وحملنا وحملوا نعشها الى مقابر لايزورها احد ليقرا فاتحة الكتاب على قبرها هيهات ماهكذا الظن بكم ياساسة العراق شكرا استاذ كفاح لك ولقلمك ماخط

شكرا لك ولقلمك
الدكتورملا سالم الشبكي -

حقيقة استاذ كفاح غني عن التعريف بثقافته وماخط قلمه في جميع مجالات الحياة وقد اصاب كما في مقالاته السابقة عين الحقيقة والديمقراطية ولدت ميتة وحملنا وحملوا نعشها الى مقابر لايزورها احد ليقرا فاتحة الكتاب على قبرها هيهات ماهكذا الظن بكم ياساسة العراق شكرا استاذ كفاح لك ولقلمك ماخط

لا ديمقرطية
Ahmed Aljaf‏ -

الكاتب الرائع كفاح فى الزمن الردىءتفتح كوات فى ثقوب الذاكرة بقلمك وريشتك الجميلة فى التنقل من حال الى حال...حين اراد ابراهيم الخليلالتى توجد مقامه بالقرب من المنطقة التى تعيش فيها انت يا صديقى...ان يغير ذهنية قومه وتحريرهم من اوهام افكارهم المتكلسة اشعلوا له نيران الدنيا والقصة معروفة وعيسى عليه السلام البسوه الصليب لانه اراد لقومه وبنى البشر ان يعيشوا احرارا وكذلك شطروا راس على بن ابى طالب وذبحو من بعده ابنه الحسين لانه اراد لقومه ان يكونوا احرارا فى دنياهم ...زفانت تسلك طريق الاحرار فطريق مسدود يا ولدى فى بلاد اعماه الطمع والجشع والكراسى الهزازة والخدم والحشم يسرع اليهم باشارة من اصبع والحراس من كل جانب يحدق خوفا ع سيده المطاع المرتعب خوفا من الجمهور انك رائع فى طرحك وجميل فى اشاراتك اهنيك من كل العمق فى داخلى عش حرا واكتب بمشاعل من نار مع اشراقات حبى الدائم لقلمك الجميل

السبب واضح هو : ايران !
د . علي الحسيني -

ما دامت ايران هي من تتحكم بمقدرات البلد العظيم العراق المظلوم فلا تترجى خيرا يا عزيزي ايها الكاتب ,,, وابشر بخميس دامي وجمعة اسود وسبت فنت واحد ظلام واثنين سواد وباقي ايام الاسبوع ؟!!! فلا خلاص و لا خلاص و لا خلاص الا بتغيير كل هؤلاء الساسة الايرانيين اللذي لا يعرفون العراق اين ؟!! بل فقط وفقط وفقط يعملون لايران الحبيبة كما صرح بذلك مرارا وتكرارا المرجع العراقي العربي السيد الصرخي الحسني .. ذلك المرجع العراقي الحقيقي الذي اثبت جدارته بالعلم والمنطق والعقل والفكر وتحدى الجميع بان يردوا على بحوثه ... وانا اليوم اتحدى اي لا يقول : ان السبب ايران ؟!فكل عراقي اصبح عنده من البديهيات فساد وافساد ايران في العراق ؟!!

الديمقراطية .دور المثقف
Hamid Sahnon -

كعادته الاستاذ كفاح يطل علينا مسلطا الضوء على موضوعة الديمقراطية التي تتجاوز في اهميتها الطروحات الاخرى,,وهو مشكورا يدعوا الى اعتماد معايير الكفاءة والنزاهة والمهنية التي يجب توفرها فيمن يريد التصدي للعمل العام والابتعاد عن الاختيار على اساس المذهب والقومية والعشيرة..وهنا يتجلى دور المثقفين في توجيه بوصلة الوعي الجمعي وتحريك المياه الاسنة جراء تراكمات سنين من الركود في قوالب انتمائية ضيقة وبالتالي تعطيل العقول التي تحاول الاحزاب الشمولية استغلالها واتخاذها مطية للوصول الى سدة الحكم ومن ثم السيطرة على مقدرات الشعوب وللأسف باليات ديمقراطية,,,,,

شراء ذمم بجرة قلم
رامي الخالدي -

تحياتي للدكتور عبد الغفار علي واشد علة عضدك فيما ذهبت اليه ولكن هنا لابد من التنبيه ان التعميم في كلية الشيء يفقد الكثير من مضمون صدقيته .. فليس كل العراقيون قد استلمو مرتب بطانية من احد سياسي التجارة الحاليون . .. اننا ان اردنا ان ننبه المواطن الى حقه في الاختيار وعدم الرضوخ لضغوطات السياسي سواء العشائرية منها او القومية او بالابتزاز واخيرا بالترهيب والترغيب هنا نعم من حقنا التنبيه لكن ان نعمم الاشياء حتى نفرغها من محتواها هذا مالايجوز .. ثم ان الاخ كفاح ذهب في مقاله الى حيث مااسبطن من من عواطف قومية بداخله فصرح بها من دون الاشارة الى اسماء لكن مضمون كلامه واضح للقاريء الفطن والمتابع ... نعم الديكتاتوريات من صناعة الشعوب واولهم اصحاب الاقلام الغير نظيفه التي تصنع من القائد السياسي الرمز والقائد الاوحد حتى وان بقي ذلك المهوس بالكرسي لاكثر من عشرين سنة حزبيه كانت او برئاسة وزراء او اقليم ؟؟ واطمان السيد سنجاري بان الذي كان يرمي اليه بالديكتاتوريه ليس بدمتاتور وهو غير باق لدورة اخرى وذات الشخصية صرحت لاكثر من مرة بانها سوف لن تبقى بمركزها الحالي الا اذا فرض عليها ذلك ؟؟ هل هذا بنظر السيد كفاح ديكتاتورية ام الذي باق في مركزه لاكثر من عشرين سنة وابناء عمومته وعشرته هي الحاكمة ؟؟؟ تحياتي للدكتور عبد الغفار وللرائع كفاح