فضاء الرأي

دولة مدنية رائدة ذات عدالة سائدة

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

ها هي مجزرة جديدة
تنضاف إلى سجلّ هذه المافيا البعثية التي أطلقت منذ أكثر من عام العنان لجيشها الفئوي للمضيّ في جرائم ترويع وتركيع أبناء الشعب السّوري الذي انتفض على الظلم والاستبداد. لقد كشفت هذه المافيا اللئيمة، ومنذ أكثر من عام، حقيقتها على الملأ. لقد كشفت هذه المافيا حقيقتها على لسان من يقف على رأسها حينما صرّح لوسائل الإعلام الغربية، مع بداية هبّة السوريين ضدّ نظامه، أنّ سورية غير تونس وسورية غير مصر.

بالطبع سورية غير تونس وغير مصر. إذ أنّ سورية أكثر شبهًا بالعراق من أي صقع عربي آخر. ومثلما حصل في العراق الذي عانى الأمرّين من حكم البعث القبلي التكريتي، فها هي سورية تعاني الأمرين من حكم البعث القبلي القرداحي. لقد شكّلت هذه الأيديولوجية البعثية ذات الشعارات العروبية الكاذبة أرضيّة للاستحواذ القبلي على مقاليد السلطة وعلى مقدرات البلاد وأدمنت القتل واستعباد العباد.

هذه الأيديولوجية الكاذبة
لم تخلق شعبًا لا في العراق ولا في سورية. ليس فقط أنّ القبليّة التي انبنت عليها قد فتّتت في الواقع المجتمعات العربيّة، بل وأكثر من ذلك ففي كلّ من البلدين اتّسمت هذه الأيديولوجيّة البعثيّة الكاذبة بعنصريّة عربيّة تجاه الأكراد الذين يعيشون في هذه الأوطان. ومن هذا المنطلق، وبسبب هذه التركيبة الطائفيّة والإثنيّة لهذه المجتمعات في هذين البلدين، على سبيل المثال فقط، فإنّ الحديث عن rdquo;شعب عراقيldquo; أو rdquo;شعب سوريldquo; هو ضرب من الأوهام التي لم تستند في يوم الأيّام إلى أيّ أساس في الواقع، وسرعان ما تنكشف على الملأ كلّ هذه العورات المجتمعية في هذه الأقطار.

لا بدّ من التأكيد على أنّ البلاد التي تتشكّل من إثنيّات وطوائف وملل ونحل، فقط دولة المواطنة الواحدة التي تخترق الحدود الطائفيّة والإثنية هي التي تصنع شعبًا. وبكلمات أخرى، فقط الدولة التي تفصل الدين والطائفة عن الدولة هي تلك التي تصنع شعب المواطنين المتساوين في الحقوق والواجبات. أمّا بغير هذا المبدأ فإنّ الدولة تبقى دومًا معرّضة للاستبداد الإثني والطائفي، فمرّة يأتي الاستبداد السلطوي من هذه الطائفة أو هذه القبيلة ومرّة يأتي من طائفة أخرى أو قبيلة أخرى.

الدولة في المفهوم العربي:
هنالك حاجة إلى فهم دلالة المصطلح rdquo;دولةldquo; العربي لكي نفهم عمق هذه الإشكالية المدنية العربية. فالـrdquo;دولةldquo; في الذهنيّة العربية هي ظهور قبيلة على أخرى في السيطرة على الأرض، على الحجر والشجر والبشر. كذا هي rdquo;دولة بني العبّاسldquo; أو rdquo;دولة بني أميّةldquo;. أي أنّ ما يختفي وراء المصطلح rdquo;بني الـ...ldquo;، أي الانتماء البيولوجي القبلي، هو الأساس في مفهوم الدولة في الذهنيّة العربيّة، ومنذ قديم الزمان. فمرّة تدول، أي تدور الدائرة، لهذه القبيلة ومرّة تدول فتنتقل لقبيلة أخرى.

لا يمكن دسّ الرأس في الرمال، والتغاضي عن هذه الحقائق التي تشكّل أرضيّة اجتماعية، ثقافية وسياسية تنبني عليها الأجيال العربية منذ القدم. إنّ هذه الذهنيّات هي ولّدت في الماضي العربي المنصرم وهي التي تولّد الاستبداد في الحاضر العربي المعاصر. والحقيقة التي يجب أن تُقال علانية هي إنّه ما لم يتمّ التعامل مع هذا الإرث الاستبدادي فلن يستطيع هذا المشرق العربي أن يرى أو أن يحلم ببصيص من أمل لمستقبل آخر يختلف عمّا مضى.

ولو نظرنا إلى ما حصل
في العراق، على سبيل المثال، فإنّنا لا شكّ راؤون كيف دالت الدولة من طائفيّة وقبليّة واحدة إلى طائفيّة جديدة لا تختلف كثيرًا عمّا سلف إلاّ شكليًّا. لهذا السبب لا زال العراق يتخبّط منذ أن أُطيح بسفّاح العراق التكريتي، وتغلغل التأثير الإيراني فيه مستندًا إلى الفوارق الطائفيّة التي تُعشّش في نسيجه الاجتماعي.

وكذا هي الحال مع المافيا القبلية التي استحوذت منذ عقود على سورية. لقد استغلّت هذه المافيا البعثية كلّ تلك الفوارق الطائفيّة والإثنية التي يتشكّل منها النسيج السوري، ليس لبناء دولة مدنية عصرية، بل على العكس من ذلك. لقد استغلّت هذا النسيج الطائفي لتعميقه وترسيخه، وذلك لكي تربط مصائر طوائف وملل ونحل وإثنيّات أخرى بمصير بقاء الاستبداد القبليّ القرداحي دون غيره.

من هذا المنطلق،
إنّ المهمّة الملقاة على عاتق المنتفضين السوريين ضدّ هذا الاستبداد هي قطع الطريق على ما تحاول هذه المافيا البعثية إشاعته وتكريسه في وسائل الإعلام، من تأليب طائفي وتأجيج النعرات الكامنة في هذه المجتمعات.

ربّما قد آن الأوان أن تلتئم المعارضة السوريّة لطرح بديل واضح لهذا النّظام المافيوزي. بوسع هذه المعارضة أن تعلن مجلس انتقالي يضمّ عشرين شخصيّة سوريّة معتبرة من جميع طوائف المجتمع السوري. نعم المجتمع السوري مؤلّف من طوائف ومن إثنيّات مختلفة، ويجب أخذ هذه الحقيقة بالحسبان لقطع الطريق على المافيا البعثية.

على المعارضة السوريّة أن تنتخب مجلسًا رئاسيًّا للمرحلة الانتقالية يضمّ شخصيّات علويّة وسنيّة وكرديّة ومسيحية ودرزية وإسماعيلية وغيرها من أطياف المجتمع السوري بأسره. نعم، إنّ مجلسًا بهذه التركيبة هو الوحيد يُخوّل بالحديث باسم الثورة السورية وهو الوحيد الذي يأتمر الجيش السوري بإمرته. فقط بالانضباط الصارم إلى أبعد الحدود يمكن أن تنجو سورية من التفتيت الطائفي الذي ينتظرها.

على المجلس الانتقالي الجديد
ضمانات واضحة لأفراد الجيش السوري الذين لا يزالون يأتمرون بأوامر النظام المافيوزي، أنّهم لن يكونوا عرضة لملاحقات قانونية مستقبلية، بل إنّ العفو الثوري سيشملهم جميعًا، وذلك باستثناء القيادات المافيوزية العليا التي تُعطي الأوامر بتنفيذ المجازر. إذ أنّ هذه القيادات الإجرامية سيتمّ تقديمها لمحاكمات عادلة بحضور ممثّلين حقوقيين من أنحاء العالم.

لقد فقد هذا النّظام القبليّ أيّ مصداقيّة لبقائه. إنّ كلّ هذه المجازر لا يمكن أن تمرّ وكأنّ شيئًا لم يكن، وكأنّ rdquo;اللّي فات ماتldquo;. لقد أضحى زوال هذا النّظام الإجرامي هدفًا لكلّ من ينشد الحرية في هذا المشرق العربي. نعم، إنّ الأرواح العربية السورية التي زهقها هذا النّظام وشبّيحته وطوال عام مضى، يجب أن تشكّل درسًا لكلّ عربيّ في هذا المشرق. والدّرس هو وأد الذهنية الطائفية والقبلية وما يتشكّل فيها من نعرات وثارات تفسد حياة الإنسان العربي منذ قرون طويلة.

ومثلما يجب فصل الدين
عن الدولة، يجب أيضًا استبدال الشعار الكاذب عن rdquo;الأمّة الواحدة والرسالة الخالدةldquo; وترسيخ شعار آخر جديد في الذهنية العربية، وهو rdquo;دولة مدنية رائدة ذات عدالة سائدةldquo;. إذ بدون ترسيخ هذه المفاهيم سيظلّ معنى الـ rdquo;دولةldquo; ذو جذور النعرات القبلية والطائفية هو سيّد الموقف. فبئس ذلك المعنى وبئس تلك الدولة.

أليس كذلك؟!

موقع الكاتب: من جهة أخرى

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لاهل النخوة والمروءة
مواطن عربي مهاجر -

لاهل النخوة والمروءة والشهامة وادبيات العرب من قبل الاسلام ومنذ الاسلام الى ان يرث الله الارض ومن عليها، هل نقلت مواقع الاخبار والتغطية الاخبارية تفاصيل مهمة تظهر لماذا ظهرت ردة فعل العالم الحر على اختلاف ثقافاتهم وحضاراتهم بهذا الحزم والثبات؟؟؟؟!!!! لانهم تسلموا من محققي الامم المتحدة المهنيين المحترفين تقريرا مفجعا مؤلما يتحدث عن ٤٩ طفل بريئ و٣٤ امراة بريئة والباقي من الشهداء ١٠٨ من مواطنين قرويين ابرياء. التقرير الاولي يتحدث عن حوالي ٢٠ شهيد قضوا بالقصف المدفعي بينما الشهداء الاخرون تم ذبحهم كالخراف بالسكاكين والحراب بكل همجية وبربرية ودموية ولاانسانية مفجعة؟؟؟!!! انها مجزرة بشعة لا يمكن للعالم الحر ان يتجاهلها كما يفعل المتشدقون التافهون من امثال المقدسي والجعفري والمعلم وبثينة والبوطي وحسون والخصيان من الاذناب والابواق التي تعبد صنما لا يحمل طهر الحجر. الله اكبر على كل ظالم طاغية مجرم دموي بربري متوحش شارك بهذه الجريمة فعلا او اصدر لهم الاوامر او تستر عليهم او يحاول ان يدلس ويبرر لهم او يذيع اخبارا مفبركة حقيرة لصرف الانتباه عن جريمة ابادة جماعية لا انسانية. اللهم انتقم من كل من شارك او امر او تستر او فبرك او برر او تشاطر متهالكا بتفاهة لصرف الانتباه عن هذا الحدث الجلل. اللهم يا عزيز يا جبار يا منتقم يا فعال لما تريد عليك بكل هؤلاء الكائنات الذين يشاركوننا وطننا وماءنا وهواءنا وخيرات بلادنا متمسكنين، فاذا بهم عندما تسنح الظروف ينكشفون على حقيقتهم مجرمون دمويون بربريون متوحشون يقتلون اهلنا ويهتكون اعراضنا ويغتالون براءة اطفالنا ويسفهون تاريخنا وديننا وعقيدتنا ويدلسون ويفبركون ويفترون بكل فجر وحقارة ودناءة ولاانسانية. اللهم انتقم منهم شر انتقام. اللهم لا تذر منهم احدا. اللهم ارنا في المجرمين البربريين الدمويين المتوحشين السفاحين دلائل قدرتك وعظمتك وجبروتك وانتقامك يا الله يا عزيز يا رحيم يا جبار. اللهم وعدك الذي وعدت بنصر المؤمنين. اللهم تقبل شهداءنا. اللهم اغفر لهم. اللهم الهمنا الصبر فمصيبتنا عظيمة.

لاول مرة !!!!!
Ismail -

ارتاح كثيرا لمقالات هذا الكاتب المحترم وافكاره، ولا اختلف معه الا لماما.وتعجبني فصاحته ولغته السليمة عكس بقية كتاب ايلاف.اليوم ولاول مرة اتفطن لخطأ لغويّ في كتابات السيد مصالحه، كتب قاءلا:ربّما قد آن الأوان أن تلتئم المعارضة السوريّة لطرح بديل واضح لهذا النّظام المافيوزي. بوسع هذه المعارضة أن تعلن مجلس انتقاليان تعلن مجلسا انتقاليا ... هذا الاصح تحياتي له

لاهل النخوة والمروءة
مواطن عربي مهاجر -

لاهل النخوة والمروءة والشهامة وادبيات العرب من قبل الاسلام ومنذ الاسلام الى ان يرث الله الارض ومن عليها، هل نقلت مواقع الاخبار والتغطية الاخبارية تفاصيل مهمة تظهر لماذا ظهرت ردة فعل العالم الحر على اختلاف ثقافاتهم وحضاراتهم بهذا الحزم والثبات؟؟؟؟!!!! لانهم تسلموا من محققي الامم المتحدة المهنيين المحترفين تقريرا مفجعا مؤلما يتحدث عن ٤٩ طفل بريئ و٣٤ امراة بريئة والباقي من الشهداء ١٠٨ من مواطنين قرويين ابرياء. التقرير الاولي يتحدث عن حوالي ٢٠ شهيد قضوا بالقصف المدفعي بينما الشهداء الاخرون تم ذبحهم كالخراف بالسكاكين والحراب بكل همجية وبربرية ودموية ولاانسانية مفجعة؟؟؟!!! انها مجزرة بشعة لا يمكن للعالم الحر ان يتجاهلها كما يفعل المتشدقون التافهون من امثال المقدسي والجعفري والمعلم وبثينة والبوطي وحسون والخصيان من الاذناب والابواق التي تعبد صنما لا يحمل طهر الحجر. الله اكبر على كل ظالم طاغية مجرم دموي بربري متوحش شارك بهذه الجريمة فعلا او اصدر لهم الاوامر او تستر عليهم او يحاول ان يدلس ويبرر لهم او يذيع اخبارا مفبركة حقيرة لصرف الانتباه عن جريمة ابادة جماعية لا انسانية. اللهم انتقم من كل من شارك او امر او تستر او فبرك او برر او تشاطر متهالكا بتفاهة لصرف الانتباه عن هذا الحدث الجلل. اللهم يا عزيز يا جبار يا منتقم يا فعال لما تريد عليك بكل هؤلاء الكائنات الذين يشاركوننا وطننا وماءنا وهواءنا وخيرات بلادنا متمسكنين، فاذا بهم عندما تسنح الظروف ينكشفون على حقيقتهم مجرمون دمويون بربريون متوحشون يقتلون اهلنا ويهتكون اعراضنا ويغتالون براءة اطفالنا ويسفهون تاريخنا وديننا وعقيدتنا ويدلسون ويفبركون ويفترون بكل فجر وحقارة ودناءة ولاانسانية. اللهم انتقم منهم شر انتقام. اللهم لا تذر منهم احدا. اللهم ارنا في المجرمين البربريين الدمويين المتوحشين السفاحين دلائل قدرتك وعظمتك وجبروتك وانتقامك يا الله يا عزيز يا رحيم يا جبار. اللهم وعدك الذي وعدت بنصر المؤمنين. اللهم تقبل شهداءنا. اللهم اغفر لهم. اللهم الهمنا الصبر فمصيبتنا عظيمة.

إلى المعلق 2
د. بسام -

ما هذا الإكتشاف الكبير يا سيد رقم 2 !!! تعديت كل ما قاله الكاتب لتكتب سطرين فقط عن خطأ بسيط، جل من لايخطىء. أدع لك أن تخمن كم خطأ نحوي أو إملائي وقعت به أنت في سطرين فقط، ولا أوضح من خطئك في تهجية كلمة قائلاً، وقد كتبتها (قاءلا)! إبحث عن معاني المقال في المرة القادمة بدلاً من قشور الكلام.

ولدوا الناس احراراً
ابو علي -

كلام سليم . ولكني أشدد على ان تكون المجتمعات العربية مجتمعات تسودها القوانين وتكون العدالة والمساواة وحقوق الأنسان هي السمات البارزة لكل المواطنين . وان نبتعد عن المحاصصة الطائفية او المذهبية اوالعرقية او الدينية ، ليكون الناس في عيون السمك متساويين . مع اختفاء كامل للنعرات الطائفية والقبلية والدينية . وخاصة عند فصل الدين عن الدولة ومعاقبة أصحاب الفتاوى الدينية لكونها تحدث خلل وازمات في المجتمعات الأنسانية .

فليكن درساً
خوليو -

لتكن مذابح الشعب السوري رجالاً ونساءً وأطفالاً درساً لأنظمة القبائل والطوائف العربية والاسلامية في بلاد الشرق القريب والبعيد عن سوريا ، درساً يقول أن حكم القبائل والطوائف إن كان فيها شرش مقدس أو غير مقدس قد استنفذ كل مقوماته في عصر حقوق الانسان والمساواة الاجتماعية ومساواة الفرص ولم يعد صالحاً لهذا العصر، ولتنشا دولاً بمواطنين ومواطنات عمودها الفقري الانسان وحياتها ونهايتها من أجل الانسا وسعادته، دول ما بعد الربيع العربي التي بدأت تختار جماهيرها أحزاباً دينية سيصل بها المقام تراجعياً لما قبل ثورات ذلك الربيع، وهاهي الأخبار تأتي من تونس عن حرق وقتل وتصادم داخلي بسبب إشعال الرماد الطائفي والديني من جديد من قبل جماعات ديني(قبائل) لم تستفد شيئاً من عصر حقوق الانسان ، لاسلام ولا استقرار إلا بوجود الدولة المدنية العلمانية التي تعطي الحقوق للجميع.

نعم الكلام
حسين طالباني -

يعجبني في السيد الكاتب عمقه الثقافي، وتحليله المنطقي السليم للواقع العربي. فقد تجاوز العروبية بمعناها الاستعلائي، وينظر الى الدولة كمساحة ونظام يحترم خصوصيات الانسان الذي قدره ان يكون مواطنا في هذه البلدان. اشد على يد الكاتب واهنئه على مهنيته والافاق الانسانية التي يتناولها في كتاباته.