هل أصبحت سياسة الأزمات هى الحل؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
ربما لم تتضح صورة عراق مابعد الاحتلال. ولن تتضح على الارجح فى مدى عقد قادم من الزمن.ولااظن ان القائمين على حكمه اليوم.قد خرجوا من تحت عباءة معارضتهم لنظام البعث الى فضاء مانادوا به. ولايزالون.منذ زمن بعيد.من قيم. المساواة. والعدالة. فى ادبياتهم المعلنة والسرية. رغم انهم يدركون منذ ان خرجوا رافعى لواء المعارضة.انهم ليسوا الطرف الوحيد فى الساحة السياسية العراقية.وان لكل فريق منهم اراءه وفلسفته فى الحكم ومعتقداته ولا اقول برنامجه الخاص به للتغيير. لان البرامج التى كانت متداولة مغرقة فى عموميتها.الى الدرجة التى اضاعت فرصة اللقاء على ارضية مشتركة بين الاطراف المختلفة. لوضع برنامج مرحلى يضع الاسس المتينة لبناء دولة ذات موْسسات مستقلة تاخذ على عاتقها ادارة شوْوْن المجتمع.فكانت الفوضى هى النتاج الحتمى لهذا الاخفاق التاريخى.وما اسباب صراع مابعد الوصول الى السلطة السياسية.(التى منحتها قوات التحالف التى اسقطت نظام البعث فى العراق). بين هذه الفرق والاحزاب الذى.كان ولايزال مبهما. فى ظاهره.او فيماخفى منه. فلربما تكمن في اسبابه كل تلك الفوضى الامنية.والتخبط السياسى.اذ ان جميع هذه الفرق او الاحزاب التى كانت فى صورة المشهد السياسى قبل ان تتم تصفيتها او تهميشها واقصائها من قبل نطام البعث.وملاجقة ماتبقى منها امنيا.لم تكن ذات تربية ثقافية داخلية تقوم على اسس ديمقراطية سليمة.بقدر ماكانت شكلية فى تركيبتها.تقوم على اضفاء هالة من القدسية والرهبة المفتعلة من رموز بعينها داخل تلك الفرق والاحزاب،وهذا ما جعل تراكم مفاهيم القائد الفذ وعبقرية القيادة مدخلا واسعا لدكتاتورية الفرد وبالتالى دكتاتورية الفرق والاحزاب.الذى انعكس اسباواضحا فى حقبة مابعد اسقاط نظام البعث..وكل فريق من هذه الفرق التى تعج بها الخارطة السياسية الان. يعتقد انه على صواب.والاخرون على خطاْ.رغم ان منظروا هذه الاحزاب والفرق او الناطقين باسماءها لاينفكون من التصريحات العلنية.بانهم من اول الداعين والداعمين الى الحوار للوصول الى قواسم مشتركة.تجمع الفرق المختلفة تحت خيمة الدستور.ذلك الدستور الذى كتبوه واقروه هم انفسهم.تحت شعار التوافقية.او المشاركة السياسية.وتقاسم السلطة.ولو انهمعلى علم او دراية بحقائق التاريخ. واطلعوا عليه لجنبوا انفسهم الكثير.من هدر الوقت والمال العام.اذ لم تعمر حكومات الشراكة الوطنية لاحزاب مختلفة جذريا فى توجهاتها فى احسن الاحوال سوى لاشهر لاتتعدى اصابع اليد.وهذا ان حدث فوفق تفاهمات مسبقة تجتمع عليها الاطراف لتجاوز ازمة بعينها.مع ان هذه الاحزاب او القوى لاتحتكم فى اغلب حالات مايعرف بالشركة او الائتلافات السياسية الى انتماءاتها العرقية او الاثنية.ومع ذلك ففى بلد مثل العراق خرج لتوه من تحت عباءة نظام حكم شمولى.تشكلت معظم احزابه على اسس عرقيىة او اثنية.تشكلت اولى حكوماته بطريقة انتقائية للاعداد لمرحلة انتقالية فقط لغرض ملْ الفراغ السياسى الذى نتج عن تلاشى معظم موسسات الدولة القديمة.والذى مهد الطريق لاحقا لفوضى عارمة استندت اساسا على فكرة ملْ الفراغ الامنى والسياسى.فى سباق متسارع مع الزمن لكسب الشرعية الجماهيرية.دون اى حسابات للكيف او النوع.فكان ان برزت الى السطع وبصورة مبكرة تلك الاسس التى استندت اليها اساسا تلك الاحزاب فى تشكيلتها.والتى يشكل التاريخ الطويل من الصراعات الجزء الاكبر من تركيبتها الفكرية والنفسية والعقائدية.والتى ستقود بالضرورة الى مزيد من الاخفاقات والقاء التهم واللوم على الاخر لتبرير مايحدث..ولااحد يفهم. لحد الان لم كل هذا التركيزعلى الغوص فى عقد التاريخ وصراعاته متناسيا انه يمارس السلطة فى قرن اخر له متطلباته والتزاماته.بل ان اخطر مانتج عن تلك الاسس التى تشكلت على اثرها تلك الاحزاب هو الذهاب الى مقولة " عدم القدرة على التعايش السلمى فى بلد ظل متماسكا على مدى الالاف السنين ".وظهر الى العلن من ينادى بتقسيم هذا البلد بوضوح وصراحة.وان البعض بداْ فعلا بالاعداد لمرحلة مابعد التقسيم. والتاكيد على ان تقسيم بلد مثل العراق عرقيا او طائفيا قادم لامحالة وان عراق العشرينيات من القرن الماضى.كان مصطنعا فرضته تفاهمات معاهدة سايكس-بيكو(وهى الاتفاقية الموقعة بين فرنسا والمملكة المتحدة بمباركة من الامبراطورية الروسية 1916 م لتقسيم مناطق النفوذ لكل منهما فى منطقة الهلال الخصيب ).رغم ان شاهدا عالميا من دول العالم الثالث(الهند) قد اصبح قوة اقتصادية صاعدة،رغم تعدد الاعراق والاثنيات فيه.وكان عراق الحاضر. هو عراق مابعد حقبة حكم البعث له فقط.اوكان العالم قد خبئ فى قمقم على مدى عقود من الزمن وبقى كما هو منذ ذلك الحين وكان العالم.لم يتغير وبصورة لم يشهدها التاريخ من قبل.فلا اوربا العشرينيات من القرن الماضى هى اوربا اليوم.ولاشعوب اسيا وافريقيا والاميريكيتين كما هما،العالم يتغير.ومن اهم اسباب تغيره البحث المستمر والدراسات الواضحة والعميقة والصريحة عن الاسباب التى ادت الى النتائج الكارثية لاداء حكومات وشعوب تلك الدول.انهم ببساطة صاروا اكثر وعيا بحاجات شعوبهم وماالذى تريد تحقيقه من خلالهم.ولو ان كل من يعيش فوق تربة هذا الجريح النازف (العراق) سال نفسه ؟ مالذى ساستفيد منه ويكون عونا لى فى حياتى ومستقبل ابنائى بعد رحيلى عن هذه الدنيا.(ان كنت شيعيا او سنيا او مسيحيا او يهوديا او غير موْمن على الاطلاق).من هذه الصراعات ؟ ان كنتم تودون البحث فى التاريخ فلن تجدوا غير البوس والشقاء والكوارث.مالذى يهم الانسان البسيط فى هذا الذى تسمونه وطن. ليس الا ان يعيش فيه مثل مواطنى الكثير من الدول.يمارس حريته من دون ان يصادرها احد. مالم يتجاوزحدودها..وفى كل ارجاء العالم المتحضر هناك شى اسمه القانون." ان تخالف القانون يعنى ان تذهب وراء القضبان ".ولو ان كل طائفة او حزب او قومية فرضت ما توده هى لعمت الفوضى فى هذه البلدان منذ زمن بعيد.ففى اوربا عشرات الاعراق والقوميات والاديان، وفى اسيا وافريقيا والاميريكيتين كذلك.ولكنهم فهموا حقائق التاريخ بعد الكوارث التى حلت بهم.ووضعوا لهم طريقا للخلاص من خلال انظمة تستمد شرعيتها منهم.تحاوروا اتفقوا اختلفوا لكنهم فى نهاية الامر وضعوا مصلحة شعوبهم نصب اعينهم.قولا وفعلا.كانوا صادقين مع انفسهم ومع الاخرين.واضحين صريحين.احدهم كان يريد الفدرالية والاخر كان يريد التقيسم وغيره كان يريد فرض الوحدة. ولكنهم وجدوا ان المصالح المشتركة هى الجامع المشترك لكل الاراء والطروحات.فاتفقوا عليها.ومع مرور الزمن وجدوا ان هذه المصالح المشتركة تقربهم شيئا فشيئا.فاتجهوا الى تفاهمات مشتركة تحفظ لجميع فئات المجتمع مصالحه.لقد دفعت الكثير من شعوب العالم ثمنا باهضا لان حقائق التاريخ كانت بعيدة عن مدى رؤيتهم.فالتمسوا فى الصراعات طريقا كان على الدوام معروفا الى اين ينتهى.