فضاء الرأي

جامعة فلسطينية تفضّل الجهل على المعرفة

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

منذ شهر أو أكثر
يتعالى الجدل في الساحات الافتراضية الفلسطينية، وخلف الستار، حول قضيّة الأستاذ موسى البديري وجامعة بير زيت الفلسطينية. على ما يبدو هنالك من يخشى في وسائل الإعلام الفلسطينية، رسمية وغير رسمية، من الولوج في صلب هذه القضايا. وكأنّ لسان حالهم يقول: لأيش وجع الرأس؟

غير أنّ وجع الرأس هذا هو بالذّات ما يُفتَرض من الصحافة المسؤولة أن تتعامل معه، وأن تضعه على طاولة الحوار الشعبي. كما إنّ وجع الرأس هذا، أي إثارة حبّ الاستطلاع، والشكّ في كلّ المسلّمات، والتساؤل حول كلّ شيء هو ما يٌفترض أن تقوم به الجامعات التي تطمح إلى المعرفة، وإلى البحث والتقصّي في كاف المجالات. إنّ وجع الرأس هذا هو ما يُفترض أن يشيعه الكتّاب والمثقّفون وأن لا يركنوا إلى راحة الانضمام إلى جريان الرّيح بما لا تشتهيه سفن المعرفة. لأنّهم، إن لم يقفوا بوجه هذه التيارات فإنّهم يخونون المسؤولية التي من المفروض أن تكون ملقاة على عاتقهم.

كيف بدأت الحكاية؟
الدكتور موسى البديري يعمل في قسم الفلسفة والدراسات الثقافية في جامعة بير زيت الفلسطينية. لقد علّق الدكتور البديري منذ عام أو أكثر رسومات ساذجة على باب غرفته. والرسومات، على كلّ حال، مأخوذة من مصدر عربيّ أصلاً، rdquo;أعدّه مواطن إماراتي حول مغامرات سوبرمان، وهي موجودة على موقع إلكتروني سعودي.ldquo; كما يقول الأستاذ البديري.

ربّما رغب الأستاذ البديري أن تثير جمهور الطلبة في الجامعة طرح تساؤلات بشأن كثير من القضايا الاجتماعية المُحدقة بالجميع في هذا الأوان. غير أنّ ظنّ البديري قد خاب، إذ أنّ تلك الرسومات لم تثر أحدًا طوال عام وأكثر. وفي الحقيقة، ليس في هذه الرسومات ما يثير، إذ أنّها رسومات ساذجة. مثلاً: رسم لسوبرمان بجانبه امرأة تسأله: rdquo;هل تتزوّجني؟ldquo;، فيجيبها: rdquo;ما أقدر، الشريعة في كوكب كريبتون ما تسمح لي آخذ الخامسةldquo;. وقد يكون هذا الرسم ترجمة للكثير من النكات الشائعة على ألسنة الكثيرين في هذا العالم العربي.

غير أنّ بعض الإسلاميين،
من صنف أولئك الذين قد عيّنوا أنفسهم حماة للإسلام ومتحدّثين باسم الإسلام دون غيرهم من سائر البشر من المسلمين، قد وجدوا على ما يبدوا في ذلك فرصة مؤاتية للاصطياد في مياه فلسطين العكرة. وهي حقًّا عكرة. وهكذا فقد شنّوا حملة تحريضيّة ضدّ الأستاذ البديري يتّهمونه بالإساءة للإسلام، ويطالبون إدارة الجامعة بإقالته. هذا ناهيك عن التهديدات التي تصل الأستاذ البديري من بعض الأطراف وممّن هم على شاكلة تلك الأطراف.

غير أنّ إدارة جامعة بير زيت، وبدل من أن تقف سدًّا منيعًا أمام حملات التحريض هذه ضدّ الأستاذ البديري، فإنّها تتخاذل في القيام بواجبها، بل والأسوأ من ذلك أنّ هنالك rdquo;أساتذةldquo; في الجامعة لا يخجلون من الانضمام إلى حملات التنديد بالأستاذ البديري. فهل هؤلاء حقًّا أساتذة جامعة؟ وما هي الأجواء المعرفية التي يريدون إشاعتها في أروقة الجامعة؟

لقد دفعت هذه الأجواء الأستاذ البديري إلى
تحرير رسالة شديدة موجّهة إلى أسرة الجامعة، وقد جاء فيها: rdquo;إن تلكؤ إدارة الجامعة -حتى تاريخ كتابة هذه السطور - في اتخاذ إجراءات تأديبية ضد هذه المجموعة من الجسم الطلابي الذين قاموا بهذه الحملة التحريضية داخل الجامعة وخارجها، والذين نصَّبوا أنفسهم متحدِّثين رسميين باسم الإسلام، أدَّى إلى إدامة هذا المناخ التحريضي مترافقاً مع اتهامات غير معقولة تدَّعي أنها تعرف الأفكار والنوايا الحقيقيةldquo;. وقد أنهى الأستاذ البديري رسالته بـ: rdquo;كلّي أمل أن تكون الجامعة ساحة يمارس فيها روادها السجال الفكري بروح النقد وقبول الفكر المغاير والشعور بالغنى الناجم عن التعدد بدلا من القلق من الاختلاف.ldquo;

في هذه الأثناء تجدر الإشارة إلى أنّ مجلس مؤسسات حقوق الإنسان الفلسطينية قد أصدر بيانًا يعبّر فيه عن: rdquo;قلقه من لغة الخطاب التكفيري والتحريضي الذي شهدته ساحة جامعة بيرزيت مؤخرًاldquo;. وقد أكّد البيان على أنّ: rdquo;استخدام الدين عبر شعارات تحريضية وتشهيرية لقمع الرأي الآخر يشكل تعديًا خطيرًا على الممارسة الديمقراطية والإنسانيةldquo;.

وإلى جانب الإشادة ببيان
مؤسسات حقوق الإنسان الفلسطينية، لا بدّ من الإشارة إلى تخاذُل الآخرين إزاء هذه القضيّة. فالصحافة الفلسطينية تدسّ رأسها في الرّمال كما تفعل النعامات، وفي الوقت ذاته يهرب المثقّفون وأساتذة الجامعات إلى جحورهم ولا ينبسون ببنت شفة تنديدًا بهذه الحملات التكفيرية والتحريضية ضدّ أحد الأساتذة الفلسطينيين المتنوّرين.

فأيّ مجتمع فلسطيني يريد كلّ هؤلاء المتخاذلين؟ هل يريدون مجتمعًا يجري كالقطيع دون أن يكون فيه أفراد يشغّلون تلك الملكة الذهنية التي مُنحوها؟ وأيّ مؤسسة جامعية هي تلك التي لا تجعل الشكّ، والبحث والتقصي والسؤال في مقدّمة العناوين الكبرى التي تشتغل بها، وتحاول تجذيرها في المجتمع؟

هل تريد أسرة الجامعة المتخاذلة في هذه المسألة تذكير الجامعة، وإلغاء تاء التأنيث منها لتضحي جامعًا فقط؟ إنّ هذا التخاذل إزاء هذه الحملة التحريضية ضدّ الأستاذ البديري سيضع هذه الجامعة الفلسطينية في عداد الكتاتيب الإسلامية، ليس إلاّ. والكتاتيب لا تصنع علمًا، كما هو معلوم للقاصي والداني. ولهذا وجب التنويه.

والعقل ولي التوفيق!
*
موقع الكاتب: rdquo;من جهة أخرىldquo;
http://salmaghari.blogspot.co.il
______


التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
يا ايتام رحبعام زئيفي
يا ايتام رحبعام زئيفي -

هل كان الدكتور سيعلق ما يشير الى شكه في ضحايا المحرقة ! وهل سيسمح له بذلك وهل سيعتبر هذا حرية تعبير وتفكير يا ايتام رحبعام زئيفي ؟!

يا ايتام رحبعام زئيفي
يا ايتام رحبعام زئيفي -

هل كان الدكتور سيعلق ما يشير الى شكه في ضحايا المحرقة ! وهل سيسمح له بذلك وهل سيعتبر هذا حرية تعبير وتفكير يا ايتام رحبعام زئيفي ؟!

تعليق
عصام -

صدقت يااخ سلمان ان الجامعات في العالم العربي اصبحت تدرّس الجهل والتخلّف فقد اصبحت مراكز انحطاط علمي

تعليق
عصام -

صدقت يااخ سلمان ان الجامعات في العالم العربي اصبحت تدرّس الجهل والتخلّف فقد اصبحت مراكز انحطاط علمي

من ثمارهم تعرفونهم
من تعليقاتهم تعرفونهم -

من ....تعرفونهم

من ثمارهم تعرفونهم
من تعليقاتهم تعرفونهم -

من ....تعرفونهم

موجات لابد ان تنحسر
علي البصري -

في حيا ة الشعوب الغير مستقرة والتاقصة في الثقافة وكل شيء تحدث فيها الاعاجب والغرائب ،في الثورة الثقافية في الصين وعبادة الفرد ماوتسي تونغ زايد الشيوعين وصوروا لماو ان الصين تنتج من الحبوب ارقام غير صحيحة فما كان من ماو الا ان يطلب تصدير تلك الحبوب للخارج فما كان من الشيوعين الا ان يصدروا كل غذاء الشعب الصيني من الحبوب ليأكل الصينين التبن !!! وبعد عقود يستيقظ الصنيون من مخدرات ثورتهم ليضحكوا على انفسهم !! ويعيدوا الاعتبار لمن عارضوا وكانوا حقا على صواب ،وترى اليوم هكذا امور مشابهة لما سلف ،ومابالك حين تخترق هكذا مجاميع من اعدائها لتبشيعها وتسقيطها لكن في النهاية وبعد خراب البصرة لايصح الا الصحيح ،اقول لاكاديمي فلسطين ولغيرهم انحنوا قليلا للعاصفة فان غدا لناظره قريب .

موجات لابد ان تنحسر
علي البصري -

في حيا ة الشعوب الغير مستقرة والتاقصة في الثقافة وكل شيء تحدث فيها الاعاجب والغرائب ،في الثورة الثقافية في الصين وعبادة الفرد ماوتسي تونغ زايد الشيوعين وصوروا لماو ان الصين تنتج من الحبوب ارقام غير صحيحة فما كان من ماو الا ان يطلب تصدير تلك الحبوب للخارج فما كان من الشيوعين الا ان يصدروا كل غذاء الشعب الصيني من الحبوب ليأكل الصينين التبن !!! وبعد عقود يستيقظ الصنيون من مخدرات ثورتهم ليضحكوا على انفسهم !! ويعيدوا الاعتبار لمن عارضوا وكانوا حقا على صواب ،وترى اليوم هكذا امور مشابهة لما سلف ،ومابالك حين تخترق هكذا مجاميع من اعدائها لتبشيعها وتسقيطها لكن في النهاية وبعد خراب البصرة لايصح الا الصحيح ،اقول لاكاديمي فلسطين ولغيرهم انحنوا قليلا للعاصفة فان غدا لناظره قريب .

التحريض !
مدرّس من فرنسا -

هناك فرق كبير بين التحريض على التفكير الحر والتوق إلى المعرفة بكل أنواعها وحرية الشك والاختيار، وبين التذرع بالعلم والمعرفة لضرب نسيج بلد مازال قيد الاحتلال الصهيوني الفعلي! ياصديقي أنا أعيش في فرنسا منذ حوالي 30 سنة ودرست وأدرّس في جامعاتها لم ألحظ خلالها هذه النوعية من الاسفاف في التحريض على المقدسات! نعم التحريض يكون في الإعلام أما على منابر الجامعات فهناك الرأي والرأي الآخر والفكر والفكر المضاد، وذلك عبر حوار معرفي عميق دون تزمت أو عملية استعراضية لامعنى لها إلا في عقول بعض "أساتذة" الجامعات في عالمنا العربي الذي يئن من جميع الأمراض والأفات!

التحريض !
مدرّس من فرنسا -

هناك فرق كبير بين التحريض على التفكير الحر والتوق إلى المعرفة بكل أنواعها وحرية الشك والاختيار، وبين التذرع بالعلم والمعرفة لضرب نسيج بلد مازال قيد الاحتلال الصهيوني الفعلي! ياصديقي أنا أعيش في فرنسا منذ حوالي 30 سنة ودرست وأدرّس في جامعاتها لم ألحظ خلالها هذه النوعية من الاسفاف في التحريض على المقدسات! نعم التحريض يكون في الإعلام أما على منابر الجامعات فهناك الرأي والرأي الآخر والفكر والفكر المضاد، وذلك عبر حوار معرفي عميق دون تزمت أو عملية استعراضية لامعنى لها إلا في عقول بعض "أساتذة" الجامعات في عالمنا العربي الذي يئن من جميع الأمراض والأفات!

ملة الملاحدة واحدة
ملة الملاحدة واحدة -

على كل حال ملة الملاحدة واحدة والطيور على اشباهها تقع !!!

ملة الملاحدة واحدة
ملة الملاحدة واحدة -

على كل حال ملة الملاحدة واحدة والطيور على اشباهها تقع !!!