فضاء الرأي

صراع الاخوان والعسكر في مصر

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

يبدو أن المجلس العسكري في مصر قرأ الحالة الإيرانية قراءة متأنية، وأدرك أن دولة المرشد العام للإخوان في مصر ستكون نسخة مكررة من دولة الولي الفقيه في إيران. ومن لا يتعظ بغيره وقع في جحر الأفاعي نفسه الذي مازال حتى اليوم يُعاني منه الإيرانيون.

الخميني عندما أعلن الثورة على شاه إيران في نهاية السبعينات من القرن المنصرم سار خلفه جميع من كان يعارض الشاه بلا استثناء. كان يعدهم في البداية بدولة العدل والرحمة والحرية التي لا يظلم فيها أحد، وأن الدولة سيتولاها المدنيون ورجال السياسة، وسيبقى رجال الدين المعممون في حوزاتهم بعيدين عن الحكم، يُراقبون تطبيق العدالة كي لا تنحرف الثورة عن مسارها. غير أن الخميني بمجرد أن ورث السلطة من الشاه، صمم دستوراً حل فيه الولي الفقيه محل الشاه المخلوع، (ديكتاتوراً) مدى الحياة، لا يُسأل عما يفعل، تثوبُ إليه جميع المرجعيات، وتأتمر بأمره كل السلطات، ويتصرّف في الخزينة تصرف الملاك في أملاكهم، ومن عصا وعارض فليس ثمة إلا العصا والسجن أو الإعدام، حتى وإن كان هذا المعارض رجل دين في درجة الخميني نفسه، كما فعلوا مع آية الله حسين علي منتظري الذي فُرضت عليه الإقامة الجبرية في بيته حتى مات. وهاهي إيران دولة لا تَخدم الإنسان وقضاياه، ولكن تخدم الأيديولوجيا، دولة تعيش في أزمات متوالية، ويعيش المواطن فيها في فقر مدقع، وتمارس ضد بعض مواطنيها غير الفرس -كالعرب مثلاً - كل أنواع الاضطهاد والقمع والسحق والإقصاء، وكل من اعترض على الولي الفقيه فهو يعترض على الله، ويُنازع صاحب الولاية ولايته الشرعية.

المجلس العسكري المصري يعرف الإخوان، ويعرف مخططاتهم، ويُدرك تماماً أن شغفهم بالحكم من خلال صناديق الاقتراع ليس سوى (وسيلة) إلى الوصول، وعندما يصلون سيغلقون الباب من خلفهم، ويستنسخون التجربة الإيرانية، مثلما استنسخ إخوان غزة التجربة ذاتها، وصلوا من خلال الصناديق، ثم اختلقوا من الأسباب والمبررات ما جعلهم يبقون رغم أنف الجميع سيوفاً مصلتة على رقاب أهلها بعد انقضاء فترتهم، من نازعهم سلطاتهم غيّبوا شمسه؛ فزوار الليل الملثمون في غزة إذا طرقوا باب بيتك في الليل فلن يُصبح لك صباح، والتهمة جاهزة، والقاضي أيضاً جاهز، والرمي بالرصاص هو المآل.

لذلك كان المجلس العسكري على حق عندما حَجَّمَ سلطات الرئيس، وكبّلها، وجعل المؤسسة العسكرية خارج سلطاتهم تماماً، فهم إن تولوا كل السلطات، وخاصة السلطة العسكرية، فلن يقتلعهم منها كائن من يكون، لأنهم يحكمون باسم الله، ويعتبرون مرشدهم مثل الولي الفقيه في إيران، وعندما تحكم باسم الله شعوباً متخلفة لا يعرفون حقوقهم، ولا يُفرقون بين النص الديني وتفسير النص، ولا يعلمون أن الإسلام (يُحرم) الكهنوتية واحتكار تفسير الإسلام على رجال بعينهم، فستصبح هذه الشعوب عجينة في يد حُكامها تشكلهم كما تريد، ومن عارض فسيكون حينئذ لا يُعارض الحاكم (الإنسان) الذي يُخطئ ويصيب، وإنما يُعارض حكم الله وتطبيق شريعته في الأرض؛ عندها تصبح مصر نسخة بالكربون مكررة من إيران.

الجيش في مصر سيصبح حامي الديمقراطية الوحيد على ما يبدو، فهو من يملك السلاح، ولن يسمح لأحد أن يملك سلاحاً غيره، ولن يستطيع الإخوان أن يصطنعوا حرساً ثوريا مؤدلجاً كما فعل متأسلمو إيران، ليحمي الإخوان بالقوة، ومن نجح فسيبقى، ومن فشلَ فلن يبقى، والحكم لصناديق الاقتراع في كل مرة؛ الإخوان سيأخذون فرصتهم؛ فإن استطاعوا أن يُنقذوا الإنسان المصري من براثن التخلف والفقر خلال فترة حكمهم فلن يستطع أن ينتزعهم أحد، وإن فشلوا فليس أمامهم إلى التنحِّي وإتاحة الفرصة لغيرهم. غير أن الإخوان نافسوا على السلطة ليس ليُجربوا ولكن ليبقوا فيها، ويستبدون بالسلطة، ويغلقون الباب خلفهم بالضبة والمفتاح؛ ولا شك لدي أنهم قطعاً سيفشلون، فالتنمية الاقتصادية ليست قط من ضمن برامجهم، بل لم تعرفها جميع أدبيات الإسلام السياسي، وأمامكم تراث هؤلاء المتأسلمين المسيسين فاقرؤوه، فهم يتحدثون عن قضايا ليس للتنمية الاقتصادية محل في ثناياها. قد يقول قائل : وماذا عن تجربة أردوغان في تركيا؟ . تجربة أردوغان تجربة علمانية بحتة، ومن يعود إلى خطاباته عندما زار مصر بعد الثورة فسيجد أنه دعا بوضوح ودون مواربة إلى (العلمانية)، وبالتالي فإن كنت تعتبر أن تجربة أردوغان إسلامية، ويجب أن تُحتذى، فيجب أن تقبل بدءاً بالعلمانية، التي هي والشريعة على طرفي نقيض كما هو خطاب جميع الإسلاميين العرب بمختلف أطيافهم.

لذلك كله فإن ما اتخذه المجلس العسكري من قرارات احترازية هي في تقديري عين العقل، فمن قرأ تجربة إيران قراءة واعية، فلا بد أن يقطع الطريق على هؤلاء قبل أن يصلوا إلى بُغيتهم، ويغلقون الباب من خلفهم، كما فعل متأسلمو إيران.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
تعليق
عصام -

وهاهم يحاولون في الأردن لعب اللعبه التي يلعبوها في مصر ولن ينجحوا. زمن الحكم الديني قد ولّى, نحن في عصر الدوله المدنيه العلمانيه حيث ان الدين امر شخصي وليس سياسي.

الإسلام هو الحل
صالح الصعيب -

زمن الربيع العربي كشف الأخوان . فالإنسان العربي يبحث عن حلول لمآسيه، بينما ليس لدى الإخوان إلا مجرد شعارات . (الإسلام هو الحل) . طيب كيف سيحل الإسلام البطالة والفقر والتخلف التنموي ؟ .. هل يستطيع إخواني أن يجيبني؟ .. أتحدىى

الاخوان بميدان التحرير
حكم المرشد -

غالبا سينفصل ميدان التحرير( غزه مصر) ويحلف مرسى اليمين امام الميدان ومعه الشاطر وابو اسماعيل وجيش محمد

الإسلام هو الحل
صالح الصعيب -

زمن الربيع العربي كشف الأخوان . فالإنسان العربي يبحث عن حلول لمآسيه، بينما ليس لدى الإخوان إلا مجرد شعارات . (الإسلام هو الحل) . طيب كيف سيحل الإسلام البطالة والفقر والتخلف التنموي ؟ .. هل يستطيع إخواني أن يجيبني؟ .. أتحدىى

موتوا بغيطكم
mohammed -

لقد بانت سوآتكم ايها الحاقدون لكل ما هو اسلامي وانكم تحكمون عليهم قبل ان بصلوا !!!!!! لقد عبرتم بما في نفوسكم المريضة من كراهية وحقد وهاهم اسيادكم العسكر في مصر لعبوا لعبتهم ولم بعلنوا نتيجة الانتخابات المعروفة نتيجتها موتوا بغيظكم فالحق ابلج والمستقبل لهذا الدين

كلام سليم
Ehab Nagdat -

تحليل عميق و منطقى للكاتب محمد بن عبداللطيف آل الشيخ , لا يسعنى كقارىء أولاً و كمصرى ثانى أن أشكره عليه و على الربط التاريخى بين الدقيق بين الحالة الإيرانية و الحالة المصرية . حيث أن الكثير من القوى الثورية فى مصر هذه الأيام و بدافع من " طهارة ثورية حالمة " و قليل من " الغباء السياسى " اذا جاز التعبير , تريد هذه القوى أن تخوض معركة الإخوان ضد الجيش المصرى ممثلاً فى المجلس العسكرى الذى هو المؤسسة الوطنية العميقة و الأكثر قدماً و وطنية فى مصر .!!!!

موتوا بغيطكم
mohammed -

لقد بانت سوآتكم ايها الحاقدون لكل ما هو اسلامي وانكم تحكمون عليهم قبل ان بصلوا !!!!!! لقد عبرتم بما في نفوسكم المريضة من كراهية وحقد وهاهم اسيادكم العسكر في مصر لعبوا لعبتهم ولم بعلنوا نتيجة الانتخابات المعروفة نتيجتها موتوا بغيظكم فالحق ابلج والمستقبل لهذا الدين

الاخوان اخطر
فراس التميمي -

نعم الاخوان اخطرمن اليهود عندما يصلون الحكم سيتعاملون مع الشعب ان لم تكن اخواني فانت ضدي وحينها تبدا الماساة وعندها لن ينفع الندم لذا وجب على الشعوب العربية محاربة هذا الحزب

نعم يجب لجم الاخوان
حمزة حسين -

الإيرانيون والاخوان ينتحون من ذات الفكر وإن اختلفت المذاهب .. إن ترك الجيش المصري مصر للإخوان فإن (غزة) ثانية ستتشكل في القاهرة

الاخوان اخطر
فراس التميمي -

نعم الاخوان اخطرمن اليهود عندما يصلون الحكم سيتعاملون مع الشعب ان لم تكن اخواني فانت ضدي وحينها تبدا الماساة وعندها لن ينفع الندم لذا وجب على الشعوب العربية محاربة هذا الحزب

كلام جميل
عامر بوتاني -

لنرى ما سيفعله الاخوان وكيف سيحكمون البلاد. فليأخذوا فرصتهم في الحكم

كلام جميل
عامر بوتاني -

لنرى ما سيفعله الاخوان وكيف سيحكمون البلاد. فليأخذوا فرصتهم في الحكم

هذه الاحداث والمحن كشفت
ابو خالد -

هذه المحن والاحداث كشفت لنا ادعياء الديموقراطية والحرية والشعارات المزيفة التي لا هم لها إلا اقصاء الدين في زاوية ضيقه كضيق عقولهم عن استيعاب أن الدين الاسلامي منهج حياة متكامل وخط ممتد منذ ولادتنا وحتى مماتنا. عن أي ديموقراطية وانتخابات كنتم تدندنون في الصحف وغيرها! قد فضحتكم صوارف الزمان وتقلب الحدثان وأظهرت نفاقكم ودجلكم وادلجتكم وانغماسكم في الجهل المركب وخدماتكم بمقابل او غير مقابل للاعداء. كشفت لنا السنتين الماضيتين أن الحرباء ليست اشد تقلبا منكم يا نفعيين يا ماركسيو الامس وليبراليو اليوم يا قوميون الامس وعلمانيو اليوم يا مستأجرين من قبل الشيطان واعوانه.

ماذا عن نموذج تركيا؟
انسان -

ليس بالضرورة ان يتبنى الاخوان النموذج الايراني، فهناك نموذج اخر هو الاقرب للواقع برأيي وهو النموذج التركي، ليكن الجيش حاميا للعلمانية وليشارك الاخوان في الحياة السياسية فهو في كل الاحوال افضل من التهميش والدفع باتجاه العنف.