سوريا والتهافت الطائفي
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
الوضع الطائفي يشتعل في سوريا، تبعا لقيام "ميليشيات طائفية" تابعة للنظام السوري باستباحة أكثر من بلدة، في مشهد ترافق فيه حضورها مع حضور الجيش وهجومه على أماكن الاحتجاجات في سوريا. وقد يتفهم الإنسان اليوم وجود اشتعالات طائفية في سوريا تبعا لوضع قام النظام بتسميمه.. أما الغير مفهوم فهو وجود من يشعل الطائفية -وهو خارج سوريا- تبعا لأحداثها، مع أن ما يحدث في سوريا هو ثورة شعب على نظام تجلّت فيه مظاهر الاستبداد والفساد. وإبقاء هذه الحالة في بعدها السياسي والواقعي هو المطلوب، بما في ذلك جرائم الكراهية والطائفية التي وقعت.. فلم تكن بداية الأحداث وجود طائفة تريد قتل أخرى، كما أن نهايتها لن تكون كذلك!.
ومع اعدام النظام السوري لأية حلول ممكنة، تم تضخيم العقبات الأخرى الملاصقة لعقبة النظام، مثل: دعم روسيا، وتوحد المعارضة السورية، والصراع الطائفي. وبالنسبة للنقطة الأخيرة، من المراقبين والمنظرين من رسم وأسّس لمشهد طائفي يهيمن على أحداث الثورة السورية، وهذا هو عين ما يبحث عنه أساس المشكلة، وهو النظام السوري.. لأنه يعلم أن الصراع حين يتحول إلى طائفي، فهناك كثير سيقاتلون لأنفسهم لا لأجله.
وقد تواجدت ومنذ بداية الثورة العبارات العاطفية والحسّاسة التي تتكئ على بعد طائفي.. وهي تقدم خلطاً واسعاً بين ما هو سياسي وما هو طائفي. فمأساوية أي وضع في المنطقة لا يجب أن تمنعنا عن محاكمة الوضع بعقلانية وكما هو، لا كما تأخذنا إليه عواطفنا أو بلاغات الخطباء.. فهل الوضع هكذا فعلا، وهل نحن في حرب طائفية سوف تأتي إلينا بين لحظة وأخرى؟!.
إن ما يحدث في المنطقة في حقيقته هو اختلالات سياسية يستغل بعضها المسارات الطائفية الموجودة. وهي مسارات ثقافية كامنة، وقابلة دوماً للاستثارة. وقد تكون هناك حالة مواجهة طائفية اشتعلت بالفعل في الداخل السوري تبعا لما فعله النظام، لكن لا يوجد أي مبرر لتوسيع وتعميم الصراع الطائفي في المنطقة بناءً على ما حدث في سوريا. إضافة إلى أن الرؤية ليست واضحة تبعا لما يجري في سوريا، ولا يوجد قدرة على قراءة الوضع بوضوح والحكم أن هذه الطائفة بعمومها تمارس التعدي والإساءة، فهناك قطاعات من السنة وعلماء مثل المفتي وغيره قد وقفوا مع نظام الأسد!. كما يوجد فرق بين من يقف مع النظام، ومن يمارس "الإجرام" معه!.
لقد كانت الطائفة جزءً قديماً ومستمراً من المنطقة، وهي جزء طبيعي، لكن البعض (خصوصا من التيارات الدينية) ينطلق منه كأساس للمشكلة!. ونتيجة لوضع الأزمة الذي يتصاعد حالياً بسبب دموية النظام السوري، من المحتمل أن تنتج فعلا حالة جهادية في المنطقة، خصوصاً مع انزواء الغرب عن التدخل وعدم وجود تحرك سياسي إقليمي. بل قد يسأل الإنسان اليوم: أيهما سيسبق الأخر، حالة التدخل الدولي أم الحالة الجهادية؟. وكلاهما صعب، ولكن الثانية أخطر. فحالة التدخل الدولي قد تعقب تقسيماً لكن في النهاية ستكون حالة مسيطر عليها (بوجود الدعم والشرعية الدولية)، أما الحالة الجهادية (مع طائفية هذه المرة) فالله أعلم إن كانت ستنتهي إن بدأت، فهي ستعقب "تقسيمات" وصراعات مستمرة.
ومن السهل على دول فتح منافذ للقتال، لكن من الصعب أن يزعم أحد أنه يسيطر على الحالة في الميدان بعد ذلك. الموقف القتالي الغير مدعوم بشرعية دولية، قد يجعل الدول التي دعمته تنسحب عنه في أي لحظة، فلا يوجد ما يربطها بمواقف لا يعترف بها أحد!. فحالة الصومال تركت للفقر والموت حين تباعدت عنها المواقف السياسية. وفي أفغانستان، يموت اليوم عُشر الأطفال ويلقى "الأسيد" الحارق عل وجوه الفتيات في المدارس، ولا يوجد من يقف ليساعد الحالة الأفغانية مع بوادر انسحاب الاحتلال عنها (خصوصاً من أولئك الذين ألهبونا عاطفياً ببطولاتهم هناك!)..
وعلى الطرف المقابل هناك من يسيطر عليه المشهد الطائفي ويعتبر أن كل تحركات سياسية ليست سوى تحركات طائفية!. صحيح أن الحالة الطائفية موجودة في المنطقة على مستوى شعبي ونخبوي وسياسي، لكن الحكم على تحركات طائفية في حالة محددة هو حكم حسّاس لابد أن ترافقه استدلالاته، لا أن يكون موقفاً انطباعياً فقط!. يكتب البعض أن السعودية وقطر تختطفان وضع الثورة السورية وهذا غير صحيح، فالسعودية وصل بها الأمر إلى منع تبرعات شعبية تحوّطاً مع أن الحالة السورية جيّشت وآلمت قلوب الكثيرين.. ولم يبادر أحد لاختطاف مأساوية الوضع السوري، فالوضع كان مأساويا منذ البداية ومنذ انطلاق صرخة درعا وسوق الحميدية قبل أكثر من عام، بينما السعودية وقطر لم تصعدا اللهجة تجاه النظام السوري سوى في أواخر العام الماضي وبعد أشهر طويلة من بداية الثورة. وهو موقف انتظر طويلا وليس موقف من يسارع لاهتبال فرصة!. ومن الطبيعي أن تتحرك السعودية كدولة كبرى في المنطقة مثلما تتحرك تركيا، مع انشغال مصر حالياً، ومن الطبيعي أيضاً أن تتحرك قطر كدولة نشطة سياسيا، قد فتحت وساهمت في ملفات كثيرة في المنطقة من دارفور وحتى طالبان.
أمّا مسألة التكفير الطائفي، فلا تحسب على تحركات أحد، فهي مسألة تشدد مستمرة في المنطقة ولا تعتبر "متغيراً" جديدا تم انتاجه تبعاً للحالة السورية. كما أن تضخيم النظام السوري للحالة الجهادية واضح، فالجماعات الجهادية المعروفة لم تصرح بتواجدها في سوريا، ولا يوجد أي دليل على ذلك، على عكس الحالة الجهادية التي في العراق سابقاً والتي كانت واضحة. وتنظيم "النصرة لأهل الشام" الذي يُنقل أنه تبنى تفجيرات في سوريا، من الأقرب أنه تنظيم مصطنع.
ولا ينحصر هذا التأسيس الطائفي للحالة على من في داخل المنطقة، بل حتى المواقف الدولية. فالرؤية الغربية فيها اتكاء واسع على طائفية (ستقسم المنطقة)، وروسيا تحاول تقديم الوضع على أن ما يحدث في المنطقة هو حرب طائفية بين إيران من جهة وقطر والسعودية من جهة أخرى. ويتجاهل الروس عمداً وببلاهة أن ما حدث هو ثورة وشعب قدم الغالي والرخيص لأجل حريته وكرامته. ولم تكن روسيا لتقف موقفها لولا أنها لمست عدم جدية أميركا. فأميركا حين تكون جادة ستتدخل حتى من دون مجلس الأمن، لكنها وجدت في روسيا السبب الذي تريد لتفسر به موقفها. والآن يدخل القطبان في محادثات، ومفاوضات غير واضحة. لكن ما هو واضح وأكيد هو أن شبح الطائفية يجثم فوق المنطقة..
يبقى أن المواقف السياسية لدول المنطقة واضحة وطبيعية، ولا تتكلف موقفا طائفيا. الخوف ممن يتهمها بذلك، بينما هو يؤسس قناعاته ومواقفه طائفيا!.
التعليقات
الجراحات العميقة
علي عمر -اعتقد ان الذي خلق الطائفية هو انتم واخرين في المنطقة لا يطيب لهم الا خراب البيوت وها هي الثورات العربية اكبر دليل على ان المال السياسي الذي دفعتموه هو اكبر محرك للتناحر بين الاطراف.... العراق هو دليل اخر على تبني بعض الدول منهج طائفي بغيض اتجاه مكوناته وشعبه.... الذي لانرضاها هو التدخل السافر في شؤون هذه الدول دونما وعي للنتائج التي تترتب على التدخل بل مصالح ضيقة وغايات اقلها مشبوه ... والا بربك ماذا يفعل مسعود برزاني العنصري في امارة قطر قبل تفجر الازمة السياسية العراقية الحالية وماذا تفعل دول خليجية اخرى مع نائب الرئيس المتهم بالارهاب ... وماذا يفعل كم هائل من الشباب الارهابيين في سجون العراق بعد ان القي عليهم متلبسين باعمال قتل او تفخيخ او غيرها .... وهم من دول اقليمية او شمال افريقيا..... ان عملية اعادة انتاج بن لادن جديد في المنطقة بات قاب قوسين او ادنى حتى نشوه اكثر هذا الدين .... ان تمويل الجماعات السلفية في تونس ومصر وليبيا واليمن ومؤخرا في سوريا لهو دليل على ان الامر متجه الى دعم هؤلاء لكي يكونوا مثال على تخلفنا اكثر وان الاسلام دين فشل والاسلام دين لايستحق الاحترام .... دين تفخيخ وقتل وترويع .... وكل شي حرام وكل شي ممنوع .... لان القاعدة تنمو وهي المثال وهي الصورة التي يريدها البعض عن الاسلام وليس الاعتدال وليسس الوسطية وليس دين المحبة والتسامح ..... لقد ذبحونا اخوتنا باسم الحرام وذبحونا باسم الطائفية كل يوم.... والعراق خير شاهد .... قل لي من انت حتى تضحك على جراحاتنا .... قل لي من انت حتى تدس الملح عميقا في جروحنا
من یصنع الطائفیة
جعفر محمود -ملاحظة اسلوب النظام السوری فی السنة الماضیة تدل علی انه لایرید الوقوع فی الطائفیة ابدا < لانه یعلم انها بضرره < لان السنة یشکلون الاکثریة < فلذا یرید الابتعاد عن کل شیء یرتبط بالامر الطائفی بل من قبل تزوج بشار و ماهر من نساء من السنة لذلک < مثلا قبل ایام حدث تفجیر قرب مقام السیدة زینب لکن الاعلام السوری عرض الصور من زاویة لا تشاهد فیه المقام ابدا < ان الاعلام السلفی العرعوری حاول تحویل الامر الی طائفی لکنهم اضروا الثورة الجماهیریة اکثر مما نفعوها < لان ذلک سبب اصطفاف کل الاقلیات الدینیة و المذهبة مع النظام خوفا من السلفیین و المتسمین بالمجاهدین
المحور
حسان -سبب تحول الأمر إلى طائفي هو دعم دول وجماعات المحور التي يعود لها النظام للنظام نفسه بدلا من تقديم النصح والإرشاد في البدايات لتحقيق كل طموحات الشعب السوري.
إديولوجية الحقد وعقيدتة
سجل أنا سوري -أليس غريباً أن السعودية وجيشها الإعلامي كانت الدولة الوحيدة في العالم وأقول الوحيدة في العالم عن وعي ومتابعة دقيقة للأحداث السورية ,وبحكم أني مغترب في أوروبا لمدة ليست بقصيرة, أن السعودية ومنذ الأسبوع الأول للثورة السورية روجت وسوقت للحرب الأهلية والطائفية في سورية بشكل مبطن ,من خلال كتابات صحفها وإعلامها ,بحيث كل تحليلات ((((عباقرتها)))) السعوديين !! كانوا يحللوا بلغة الرغبة والتمنيات الشخصية وليس لغة التحليل البراغماتي والموضوعي ,المفترض أن التحليل السياسي هو وقائع وليس رغبات شخصية ?.ثانياً أنا قلت في اليوم الأول للثورة السورية المباركة ,أن السعودية ستقتل الثورة السورية وتجهضها! كيف?! تتسائلون?الشعب السوري يعلم علم اليقين, لأنة يقرأ التاريخ جيداً ,أن السعوديون يحملون بذرة ثقافة الحقد ضد سورية ,قبل الثورة السورية وفي أيام السلم لم أشاهد إعلام يتلذذ بإهانة السوريين ويبث السموم والحقد كالسعودية. إسرائيل لم تستخدم أعلامها لإهانة سورية كشعب ووطن كما فعل السعوديون منذ أن أنُشئت المملكة ,وبغض النظر من يحكم سورية ,سني درزي علوي كردي مسيحي ,لا يهم فهو سوري! وحتى بغض النظر قومي ,بعثي, أصولي , يساري يميني ,أيضاً لايهم فهو سوري. هناك مليون برهان ودليل على ذلك. ولهذا لم تتحرك المدن الكبرى وتتحمس للثورة ,ليس لأنهم يعشقون بشار الأسد ونظامة القمعي ,بل بكل بساطة لايريدون تدمير سورية لكي يخلد السعوديين الى النوم براحة,لقد شاهد السوريين بأم عينهم كيف شارك السعوديين بتمير وتمزيق العراق ,ولانزال نشاهد الصراعات القبيلة في ليبيا وأن السعودية لعبت دور كبير في ذلك إنتقاماً من القذافي وشاركت في تقسيم السودان الخ الخ .على فكرة أعرف أنكم لن تنشروا هذه الرسالة,لأنكم ماشاء الله عليكم (ديمقراطيين) بالفطرة والسليقة!..