الحلال والحرام في الفضائية العراقية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
"هذه المقالة هي صياغتي لكنها مكتوبة من قبل عدد من الفنانين العراقيين في داخل العراق، حملوني مسؤولية كتابة آرائهم وإطلاق صوتهم من خارج العراق لعدم إمكانية إطلاق صوتهم داخل العراق بعد أن جمعتني وأياهم جلسة ثقافية في ديوان أحدهم في بغداد. وأنا هنا أعيد صياغة ما دون بالضبط في ما يشبه محضراً ثقافياً. بعض هؤلاء الأصدقاء يعمل داخل المؤسسات الإعلامية والثقافية، في وزارة الثقافة، في مؤسسة السينما، في الفضائية العراقية، في فضائية الفرات، وفي أكاديمية الفنون"
بين الشاشة واجهة القناة الفضائية العراقية وممرات القناة غير المرئية داخل مقرها يكمن الحرام والحلال الحرام! فالقناة الفضائية العراقية التي جاءتها إدارة جديدة، هي في حقيقة الأمر مثل الإدارات السابقة لا تقدم ولا تؤخر، طالما مزاج الفساد والعقلية المتأخرة هما اللذان يقودان هذه الشخصية والتي قبلها في مجال العمل والإعلامي والثقافي في العراق المغتصب على مدى أكثر من أربعين عاماً!
الثقافة والإعلام بحد ذاتهما هما اداتان حضاريتان لا تنسجمان على الأطلاق مع الفكر السلفي والعقلية المتأخرة، والأعلام بوسائله التقنية الحديثة هو نتاج ما حققته الحضارة الإنسانية على مر الأزمان وقدمت للبشرية خدمات جلى وبدأ التاريخ يسجل بالصورة والصوت بعد أن كان التاريخ يروى شفاهاً ويتم تناقله "عن فلان قال عبد الله أنه سمع والده يقول أن فلاناً قد نقل إليه عن فلان الفلاني عن أبن صاحبه عن عمه عن جده قال.." إلى آخر ما يرويه التاريخ الشفاهي الذي عالجه الغرب بموضوعية وبحكمة العقل والمنطق، لأن الغرب قد أعطى لمن يريد خوض غمار التاريخ أن يلتجئ للمنطق وأوجد صيغاً درامية ودراما وثائقية لإعادة كتابة التاريخ، فيما نحن ننسج الحكايات الخرافية ونرميها على عهدة التاريخ وبذلك أضعنا الجغرافيا وأيضا أضعنا التاريخ.
لجأ المدراء السابقون في الفضائية العراقية وتلجأ الإدارة الحالية إلى ذات النهج في عدم السماح لأي مبدع شريف أن يعمل في قسم من أقسامها سوى الذين يأتي تعيينهم من أحد المعممين في القناة، ويستثنى من ذلك عدد من الشباب الشرفاء الموهوبين الذين تقتضي الحاجة التقنية وجودهم في القناة.
سوى ذلك فأن أكداساً من اللصوص ومن العاطلين عن العمل يشكلون كادر القناة المنفوخ والبالغ عدده أربعة آلاف ومائتين وسبعين منتسباً. ولذلك تتفشى الأمية داخل هذه القناة ويصبح من الصعب إصلاحها بواسطة أي من "العطارين" الإسلاميين! ولذلك فإن هيمنة الفكر الأسلاموي على واقع القناة يحول بالضرورة إلى عتمتها وبعدها عن العصر وبعدها عن الحقيقة. فمن الحرام السماح لعرض أي مشهد قد يخدش مشاعر الحاكم أو يخدش مشاعر المؤسسة الدينية، فهذا يندرج ضمن الحرام خشية أن يمسك عضو البرلمان أو رجل الدين الهاتف ويخاطب المدير أو هيئة الإتصالات الإعلامية أو مجلس الوزراء ويعاتبهم، بل "يوبخهم" على ما تقدمه القناة العراقية من المحرمات، فهو حرام في حين يندرج ضمن الحلال مثلا الفساد المتمثل بشراء أشرطة مستهلكة من سوق المافيات في بيروت وعمان ومعروضة عشرات المرات، يتم شراؤها بمئات الآلاف من الدولارات وثمنها لا يساوي سوى بضعة آلاف. والمؤتمر الصحفي الذي أعلن فيه إثنان من الإعلاميين إستقالتهما قبل سنوات كان بسبب طلب رئيس الوزراء الأسبق أن يوقعا على عقد مع شركة لبنانية لشراء أشرطة لأفلام الكرتون بلغت قيمة العقد ستة وتسعين مليون دولاراً فيما قيمتها لا تتعدى المائة ألف دولار "يومها كانت الميزانية مفتوحة وغير محددة وتدفع مباشرة من مالية الدولة".
راجعوا المؤتمر الصحفي الموثق، وبعد أستقالة المدير ونائبه، عقدت الصفقة "ولمرتين!!؟". هذا حلال. وحلال أيضاً أن تشتري الفضائية العراقية اليوم مسلسلات دينية "لا علاقة لها بالعصر ولا بالواقع ولا بمشاكل الوطن" يتم شراؤها بأربعة أضعاف ثمنها، ولا أحد يسأل "لماذا؟" وبهذا يتم إستنزاف ميزانية القناة البالغة تسعة وسبعين مليوناً من الدولارات على هذه البرامج وعلى الرواتب المفتعلة وعلى مسلسلات درامية فاشلة مسبقا بسبب هزالة التأليف وأمية الأنتاج والإخراج ولصوصية التنفيذ بوعي وقصدية، كل ذلك على حساب حرية الوطن وبناء الوطن ومصادرة حق المبدعين من أبناء الوطن الذين واجهوا الدكتاتورية بشجاعة وتحملوا عذاب سنوات متنقلين بين العواضم العربية التي ترفض حتى تقديم الإقامة لهم أو حتى منحهم التأشيرة كي يصار إلى تهميشهم. وكل هذا حلال وحرام أن يظهر مشهد يطلقون عليه "غير محتشم" في حين تكمن الحشمة في سرقة أموال البلاد صراحة وعلناً أمام عيون الجميع!
رمضان والمسلسلات الدينية!
تعمد الكثير من الفضائيات العربية سيما المسلمة منها إلى عرض المسلسلات الدينية في شهر رمضان. وهي تتنافس وتتسابق في إنتاج هذا النوع من المسلسلات، وكل يبكي على ليلاه! فيكتبون لنا وعلى عجالة وينتجون لنا وعلى عجالة ثلاثين حلقة عن كل حادثة تاريخية وبشكل خاص في التاريخ الإسلامي ويغذون الصائم بعد أن يفطر صيامه على كمية من المقبلات والأكلات الدسمة والحلويات، وحشا معدته بكل الأطعمة التي تسبب لها الكولسترول والمغص ليتم تغذية عقله بمسلسلات مزيفة للتاريخ العربي والإسلامي!
من قال أننا في رمضان بحاجة إلى إستعادة تاريخ مزيف وليته تأريخ منقول بشكل حقيقي ومنطقي. إن التاريخ غير مدون وهو تاريخ شفاهي. وهذا التاريخ ثمة من يريده هكذا مزيفاً لأسباب في نفس يعقوب وأسباب في نفس دايان وأسباب في نفوس الكثيرين الذين لا يريدون الخير لهذا الوطن!
نعم نحن نريد التاريخ ولا نتنكر له، لكننا نريده تأريخاً حقيقياً غير مزيف. نريده عندما يحفظ لنا الجغرافيا. ونريد التاريخ عندما يحقق لنا وحدة الصف. ونريد التاريخ عندما يحذرنا من غباء الحروب. ونريد التاريخ عندما يعلمنا أن لا نزرع الحقد بين أهلنا. نريد التاريخ عندما يعلمنا أن الوطن غالي. نريد التاريخ عندما نسقطه على الحاضر ونكشف من خلال هناته مساوئ ما يجري في واقع بلادنا التي يهدها الفقر وينهكها الجوع ويدمي عيون أبنائها الأسى وعتمة الأفق. حينها يصبح للتاريخ معنى، كما أن للواقع معنى ينبغي كشفه بجلاء ووضوح لا أن نتخذ من الدين ضباباً يعتم علينا معرفة الحقيقة. نعم، نريد التاريخ عندما نستقي منه جماله!
هذه مسؤولية الإعلام الذي غرق منذ سقوط النظام وحتى اليوم في الفساد "المالي" و"الأخلاقي" و"الأخلاقي" و "المالي" وكلاهما حلال إذا ما إلتزم القائمون بعدم خدش مشاعر الحاكم ومشاعر رجل الدين المعلنة! وحلال أن يتم تشويه القيم الفكرية والجمالية ويتم إفساد ذوق المواطن بكل ما هو رديء ومقرف. رئيس الوزراء، أعضاء البرلمان، والأهم المواطنون لا يمكنهم أن يدركوا مدى التأثير السلبي على عقل وحس المتلقي! فهم يشاهدون بحكم الأعتياد.. وهم مسرورون أحيانا!
في كل مناسبة دينية يتم تهديدنا بحرمة الموسيقى وأقل تهمة توجه لنا هي الكفر والزندقة فيما حقيقة الكفر والزندقة تكمنان في تزييف الواقع وتزييف الواقع التاريخي وتزييف الأحداث. فيما لم يحرم الدين الموسيقى ولم برفض الموسيقى لا الإمام موسى الكاظم ولا الإمام محمد الباقر ولا حتى الإمام السجاد!
النغم في الدين الإسلامي
بسم الله الرحمن الرحيم
ورتلوا القرآن ترتيلا - سورة المزمل الآية 4
والترتيل هو نغم من أنغام الموسيقى حيث كل قارئ للقرآن له طريقة في التجويد والترتيل، وقد جاء في الحديث "تغنوا بالقرآن"، ورد ذلك في كتاب بحار الأنوار الجزء 92 صفحة 191 وفي جامع الأخبار الفصل 23 صفحة 57 وذلك يعني أن يرتل القرآن غناءً لما يجعله أكثر جمالا في الإستقبال والتلقي.
الأذان هو غناء من نغم الحجاز.
"لقد أشتهر قارئ القرآن عبد الباسط محمد عبد الصمد لأنه كان يقرأ القرآن بصوت ولحن جميلين وهو يعرف أنواع القرءات والألحان ويعرف بالضبط كل سورة بأي لحن من الألحان تقرأ. وفي كل سورة نغم خاص بها متفاعل متناغم وشكلها ومضامينها - مرتضى المطهري".
وفي كتاب الملحمة الحسينية وهو بثلاثة أجزاء للعلامة مرتضى المطهري الذي كشف الكثير من الزيف في المنابر الحسينية يقول في الجزء الأول من الملحمة وفي الصفحة 171:
rsquo;ورد في الحديث حول عدد من الأئمة الأطهار ومن جملتهم الإمام السجاد والباقر عليهما السلام، بأنهم عندما كانوا يقرأون القرآن فإنهم يرتلونه بصوت رخيم، ولحن جميل أخاذ حتى أن صوت قراءتهم كان يطير بالآفاق ويملأ فضاء الزقاق مما كان يدفع المارة إلى التوقف عند بابهم ويقال أنه وطوال المدة التي كان يقرأ فيها الإمام القرآن بلحنه الجميل، وصوته اللطيف، كان المارة يتجمعون حول بيته إلى درجة أن الزقاق يصبح غير قابل للمرور من شدة التزاحم، بل ويقال أيضا أن الناس كانت تقف لتستمع إليه وهي تحمل على أكتافها قرب المياه الثقيلة التي ملؤها من البئر وهي في طريقها إلى البيت ذلك أن صوت الإمام الجذاب كان يمنعهم من متابعة المسير، ويسمر أرجلهم على الأرض ويفقدهم القدرة على تحريكها إلى أن ينتهي الإمام من قراءة القرآن - ص 171 الجزء الأول - الملحمة الحسينية "مرتضى المطهري".
يلاحظ أن الكاتب قد أستعمل تعبير اللحن الجميل والصوت اللطيف. بمعنى أن القرآن ملحن ومغنى ويسمى الترتيل أو التجويد.
فلماذا يتهم الناس بالكفر والزندقة في أدائهم للموسيقى والألحان. ونحن مجبرون أن تخصص القناة العراقية لهؤلاء الذين يهددون الناس بالنار والجحيم، ذلك لأن عقلية من يدير ويترأس شبكة الإعلام العراقية هي عقلية متأخرة كثيراً ولا تفقه من الدين ذرة رمل ولايمكنها والحالة هذه أن تتصرف بأذواق الناس بل وتلعب دوراً سيئاً وسلبياً في مستقبل الأجيال، فالقناة التي تخصص البرامج المتخلفة هي قناة لا تصلح للوطن وعلى الدولة أعادة النظر في هذه القناة وغلقها على مدى ستة شهور يصار خلالها إلى تأسيس قناة جديدة على أسس سليمة وبعقليات نظيفة ووطنية بكل ما تعنيه النظافة وحب الوطن من معنى!
الفساد وعنوان الفساد
الفساد بالمفهوم السائد هو الفساد الأخلاقي ولكن برز تعبير الفساد في العراق بعد سقوط النظام حيث أخذ معنى سرقة المال لكنه لا ينفي معناه الأول "الفساد الأخلاقي".
إن الفساد المالي في الفضائية العراقية "موثق"! وهو لا يقبل حتى الشك لأنه من اليقين ومع ذلك "إن عالما يحتاج فيه المرء إلى شاهد لإثبات حقيقة واضحة كالشمس لهو عالم رديء سيء إلإدارة - هنريك أبسن ".
لقد عمد الدكتاتور الأرعن والغبي إلى قتل وإبعاد وتهجير كل الفنانين العراقيين لأنهم رفضوا الإنصياع لأوامره وفكره النازي ورفضوا الحرب ورفضوا فكرة السجون وما يطلق عليه الغرب بيوت الأشباح، وكانوا شجعاناً في مواقفهم، وهم لم يستكينوا حتى في ظروف المنفى وخاصة حقبة بيروت ودمشق القاسيتين بل واجهوا الدكتاتورية وكشفوا أسرارها وحرضوا على إنهائها وقدم بعضهم حياته ثمنا لموقفه ذاك. وعندما خلت الساحة الثقافية الفنية العراقية من المبدعين سوى إثنين بقيا يلازمان الدكتاتور أحدهما في التلفزيون والثاني في مؤسسة السينما، عمد الدكتاتور إلى جلب فنانين من مصر "توفيق صالح، صلاح أبو سيف، سعاد حسني، أحمد راشد، هاشم النحاس، فؤاد التهامي، إبراهيم عبد الجليل، سهير المرشدي، عزت العلايلي، وغيرهم من اللبنانيين والفلسطنيين - اخذت قائمة الأسماء من مؤسسة السينما وأكاديمية الفنون وهي طويلة!
بغض النظر عن قدرات هؤلاء الفنانين، ولكنهم لم يؤت بهم لهذا السبب بل لسد الفراغ الذي تركته هجرة المثقفين من الكتاب والصحفيين والفنانين. تماما مثل ما سدت العمالة المصرية النقص في الأيدي العاملة في العراق بسبب زج العمال والطلبة والمزارعين والشباب في الحربين المجنونتين.
عندما حصل التغيير في العراق أصبح من حق الفنانين العراقيين والمثقفين العراقيين المهاجرين ومن واجبهم العودة وخدمة وطنهم عبر وسائل الأعلام ووسائل الثقافة، وفرص الإبداع في مجالي الثقافة والإعلام هما من حق المواطنة في أي وطن، ولا تجوز مصادرتهما، لكن الدكتاتورية صادرت هذا الحق واليوم تتم مصادرة هذا الحق أكثر من حقبة الدكتاتورية وبشكل فج وسافر ودوني وتحت مبررات يقع التبرير الديني في مقدمتها من أجل إيجاد المبرر لمصادرة حق العمل والإبداع والإنتاج والذي هو حق وليس منُه. ومن يريد مصادرة حق المواطنة والعمل والإبداع هو ليس سوى شخص جاء مع علامات إستفهام وتعجب تمشي معه، ليحقق أجندة خارجية مشبوهة الأهداف بالضرورة أو إنتصاراً للحقبة الدكتاتورية بشكل مباشر أو غير مباشر. واليوم البلد يعج بهؤلاء الذين يسيرون وتسير أمامهم علامات التعجب والإستفهام!؟ وما حصل في مؤسسة السينما والمسرح ولنا وقفة معها يؤكد هذه الحقيقة!
تصفية المثقفين العائدين!
لقد عاد عدد غير قليل من المثقفين والإعلاميين إلى الوطن بعد رحيل الدكتاتور الأرعن، عادوا في رغبة لبناء الوطن وإنجاز حقهم الإنساني والإبداعي وتمت تصفية بعض رموز الثقافة العراقية على أيد قوى معروفة الهوية ومؤكدة ولا تقبل الجدل والشك! ومع وجود وثائق هامة عمن يقف وراء عمليات إغتيال المثقفين إلا أننا نعيد القول "إن عالماً يحتاج فيه المرء إلى شاهد لإثبات حقيقة واضحة كالشمس لهو عالم رديء سيء الإدارة " وكامل شياع وهادي مهدي ليسا سوى نماذج لقائمة من الشهداء في مجال الأدب والفن والإعلام. ومع ذلك صمد هذا العدد من الفنانين رغبة في خدمة وطنهم لتأتي أدارة جديدة لشبكة الإعلام والقناة العراقية منسجمة مع لعبة الإدارات السابقة قيتم تهميشهم وتهشيمهم أيضاً، ويجري العمل على إنتاج أعمال درامية ويتم التعاقد مع مخرجين - نصف مخرجين _ أو ربع مخرجين من بلدان الجوار لتنفيذ تلك الأعمال الدرامية ما أضطر ذلك عدد من الفنانين العراقيين لتصميم الهجرة ثانية بإتجاه الخليج بحثاً عن فرص العمل أو بإتجاه أوربا لطلب اللجوء "السياسي"! وهذه مسؤولية وجريمة يجب تسجيلها قانونيا وتاريخيا ضد الفئة الحاكمة! فإذا كان الدكتاتور يريد من جلب فنانين من مصر كي يسد الفراغ بسبب هجرة الفنانين والمثقفين فإن جلب الفنانين العرب من خارج العراق بعد الإطاحة بحقبة الدكتاتور مع عودة الفنانين العراقيين وبقائهم من دون عمل لا يمكن تفسيره سوى بسبب واحد وهو "الفساد" حيث المخرج غير العراقي لا يعنيه كثيراً ما يجري وهو قد يغمض عينيه عن العمليات المصرفية فيتحقق هدفان الأول سلاسة "الفساد" والثاني تحقيق عقدة الخواجة حتى وإن كان المستورد من الدرجة العاشرة، في محاولة لإضفاء نجاح الدراما العربية إسمياً على أعمال عراقية مكتوبة بشكل هزيل، ومحالة إلى شركات ربما هي مسجلة بإسماء أقرباء مدراء القناة!!!!؟؟؟ وهذه الشركات معروفة بالأسماء لكنهم يعتقدون أن الحقيقة يمكن أن تضيع وسط أصوات فوضى أربعة آلاف ومائتين وسبعين منتسبا للقناة يتدافعون في نهاية الشهر لتسلم رواتبهم والعودة إلى بيوتهم لكي يعودوا في نهاية الشهر التالي لتسلم تلك الرواتب، أشخاص حقيقيون أو وهميون!. بإمكان عدد كبير من هؤلاء أكثر من تسعين بالمائة من الذين لا يعملون بإمكانهم شتل أربعة آلاف فسيلة نخيل شهرياً تساعد في تنقية هواء الوطن الفاسد!
هل يمكن أن تموت الحقيقة؟!
يعرف الجميع أن الحقيقة لا تموت ولن تموت ولكن حتى تنكشف يكون الثمن قد دفع باهضاً، وأمام العين هذه الأيام فضائح الملفات التي سوف يفتحها المتخاصمون داخل الدولة وأصبح التهديد والتهديد المضاد على واجهة وسائل الإعلام سواء في مؤسسات الإعلام أو في مؤسسات الثقافة وفي أروقة المنطقة الخضراء فيما الناس يعيشون كما شاهدتهم بقسوة لا يمكن لأي مخلوق إنساني أن يتحملها وسط حالة من اليأس والأسى. هؤلاء الناس بعيدون عن صورة الإعلام المنشغل بخلاف المكونات!
حجم الفقر بل حجم الفاقة وأسبابه وغيابه عن الصورة هو جريمة إعلامية وثقافية لأن العراق ليس كما يتم عرضه على الشاشة على الإطلاق. إن صورة العراق الذي شاهدته مخجلة وهي بحاجة إلى أن يتم بحثها جدياً عبر كل أدوات الإعلام. فإذا ما أفترضنا بأن ثمة وسائل إعلام لها أجندات خارجية وأهداف تبدو غير مرئية تستهدف الوطن بالكامل فالمفروض أن القناة العراقية العراقية تشكل الصورة الوطنية للعراق والصورة الثقافية للعراق لا أن تكون وبكل الإمكانات المتاحة لها صورة الزيف والخداع والتظليل الإعلاميين، لا تنشغل سوى بالمناسبات الدينية كي تثبت هويتها الوطنية أمام المزورين!
هذا حلال... حلال أن تسرق وأن تزيف وحرام أن تكشف الحقيقة كي لا يزعل الحاكم وحرام أن يظهر على الشاشة مشهداً يخدش مشاعر رجل الدين العلنية والمعلنة فقط!
الشاشة هي الشاشة سواء كانت الشاشة عراقية أو سومرية. فما هو ممنوع على الشاشة العراقية مسموح في قنوات أخرى وقد شاهدنا في بغداد وأثناء الإجتماع مع الفنانين على إحدى الشاشات العراقية مشاهد لناس عراة عرياً كاملاً تحت ذريعة أقوام يعيشون في أدغال أفريقيا.. أكرر عرياً كاملاً، فما الداعي أن نتحجب في شاشة ونتعرى في شاشة ثانية وكلا الشاشتين عراقيتين تلتقطان المشاهد عبر الأثير من ذات الأقمار الإصطناعية داخل العراق وخارجه؟! ثم أن الواقع المعاش في العراق على صعد الإقتصاد والإجتماع أكثر عرياً من هذه المشاهد وهي مكشوفة لكل من له بصر وبصيرة، الأجدى ليس عرضها بل وضعها على طاولة الحقيقة كي ترى وتعالج وهذه مسألة من مهام الإعلامي الشريف وهي لا تندرج تحت عنوان الحرام، بل الحرام حدوثها والحلال هو معرفة أسبابها أمام عين المشاهد!
يحصل ذلك فيما يجري الحديث عن الديمقراطية في العراق بشكل وقح وأيضا كوميدي، ولكن من نوع الكوميديا المرة وشر البلية ما يضحك!
القانون!؟
إن واقع العراق والفوضى الإعلامية القائمة يحتم شرف المنهة مثل بلدان العالم المتحضرة وحتى غير المتحضرة، فيبدو أن العراق غير متحضر وهو أيضا دون مستوى تعبير "غير المتحضر" هو خارج التاريخ وخارج الجغرافيا. والفوضى السائدة في الإعلام تحصل بسبب غياب القانون والقوضى تضيع في ثناياها السرقات ويعم في مسارها الفساد "الأخلاقي" و"المالي"! إذ أن وجود أربعة آلاف ومائتين وسبعين منتسباً في قناة فضائية هو حالة واضحة للفساد لقناة لا تحتاج إلى أكثر من مائيتين وسبعين منتسباً وهؤلاء الآلاف الأربعة مجرد مرتزقة تابعين لمليشيات العراق الذي يشتهر بظاهرة المليشيات. يمكن لمديرية الموانئ أن يكون لديها مثل هذا العدد وهو أيضا رقم كبير ولكن عمال الأرصفة والشحن والمخازن والإدارة وترميم السفن يمكن أن يصل عددهم إلى أربعة آلاف وكذا الحال ربما في شركات النفط العملاقة. فهل سأل رئيس الوزراء نفسه هذا السؤال؟ هل سأل البرلمانيون أنفسهم مثل هذا السؤال؟ هل سألت لجنة الإعلام والإتصالات نفسها هذا السؤال؟ والأهم هل سألت لجنة النزاهة نفسها هذا السؤال؟ وهل حقاً أن الرقم أربعة آلاف ومائتين وسبعين هم أشخاص حقيقيون أم هي قوائم وهمية مثلها مثل ما كشفت التحقيقات العديد من القوائم الوهمية التي كان مدراء الوزارات يصرفون بموجبها الرواتب لحساباتهم؟ وهل سألت لجنة الأمناء في ما يسمى شبكة الإعلام العراقية نفسها مثل هذا السؤال؟ أم أن المثل الذي يقول "أطعم الفم تستحي العين" هو السائد في هذا الوطن البائد!؟ يحصل كل ذلك لأن الواقع الأعلامي في العراق هو إعلام سائب تستفيد منه قوى لا تريد الخير للعراق مستفيدة من غياب القانون وغياب هيئة إعلام على مستوى كبير من الثقافة والوطنية والمعرفة.
التمايز الإجتماعي والإقتصادي!
لا أدري من وضع لائحة الرواتب في الدولة العراقية الجديدة، فهل أن رئيس الجمهورية ينتج للوطن أكثر مني على سبيل المثال!؟ فهو يتقاضى خمسة عشر ألف دولار شهرياً وحجم المخصصات يفوق راتبه بعشرات المراة فيما راتبي أنا الذي خدمت الوطن وأستقطعت مني نسبة للتقاعد.. يبلغ راتبي (صفر) وهذا التفاوت الإقتصادي والإجتماعي الذي يبدو سخيفا هو الذي ينجز الثورات. ولنا عودة إليه في مقالات قادمة خطيرة. هذا التفاوت أو التباين الإجتماعي - الإقتصادي يسود الفضائية العراقية أيضاً.
أن التفاوت الشاسع في الرواتب يخلق حالة من الغضب وعدم القناعة بالعطاء المثمر عندما يشعر أحد المبدعين بفارق الراتب بما يعادل عشرة أضعاف راتبه لأشخاص بدون موهبة وبدون عطاء في حين يعمل الشباب في مجال البث والتقنية الصورية والصوتية برواتب متدنية مع إلغاء مخصصات الحافز، فإن ذلك التباين الذي ليس له عنوان غير الإبتزاز والسرقة، فإنه يندرج ضمن الحلال!
جولة في العاصمة بغداد!
قبل أن أغادر "وطني!" طلبت من صاحبي الذي قادني إلى "مبنى" التلفزيون أن يمشي معي في شوارع الوطن لأنني فقدت القدرة على المشي وحدي والقدرة على شكل المخاطبة! لا أعرف الطرقات لأنني ضعت في شوارع الوطن ودرابينه إذ وجدتها متغيرة تماماً وكأنني في عراق ثان. لا الناس هم الناس ولا الشوارع ذات الشوارع. الشوارع أنحسرت مسافاتها. الساحات ترابية وضائعة بين المزابل. في أكثر من ساحة شاهدت بيوت من الكرتون والخيش والسعف اليابس، بيوت غابات أفريقيا أرحم منها. وما يعيش في هذه البيوت وهي ظاهرة وليست إستثناءً بشر عراقيون في وطن يسبح على بحار من الثروات التي وهبها الله سبحانه للوطن العزيز. زوج وزوجة وأطفال في عمر الورد بدون تعليم ولا صحة ولا فرح يخرجون من بيوت إسمها بيوت مجازاً، فهي علب من الكرتون والصفيح لا يدخل فيها سوى جرذان تحتمي من الريح المغبرة صيفا ومن المطر شتاءً، كما شاهدت صبايا العراق موشحات باللون الأسود يذهبن قبل الفجر إلى كونتينرات المزابل. يدخلن فيها ويرمين القمامة حتى يفرزن منها القناني البلاستيكية الفارغة كي يبعنها لمعامل تزوير العصير من أجل رغيف خبز لأول الصباح لأطفال يتامي ربما، وليس لك سوى أن تصرخ "الله أكبر" وهو نداء الإستغاثة الإنسانية وليس نداءً للصلاة!. الناس متوترة الأعصاب ويكفرون بالذي جاء بهم إلى الحياة. لا حل ولا أفق والساسة ورجال الدين فتحت لهم حسينية كبيرة ميزانيتها تسعة وسبعون مليون من الدولارات إسمها الفضائية العراقية كي تزيف الواقع وتظهراللصوص والمزورين على واجهتها وتطلي وجوهم بطلاء الزيف، طلاء المهزلة في الحياة العراقية المعاصرة.
فبماذا يمكن وصف هذه المؤسسة وغيرها من المؤسسات الإعلامية والثقافية؟ أترك ذلك لمن يقرأ هذه المقالة ليكتب لي صفة هذه المؤسسات التي تبذخ السلطة عليها الأموال المسلوبة من عيون أولئك الأطفال الذين ينامون في تلك البيوت الكرتونية مثل الجرذان! فاذا كان هذا حال قناة فضائية فما هو حال وزارات النفط والكهرباء والتجارة؟ وكيف هو حال المحافظات؟ ولكن خطورة الإعلام هو قلب الحقائق عندما ينام على مبدأ التخلف وينهض على مبدأ الفساد.
الضمير.. عندما يموت!
لم تعد هذه المؤسسات صورة تعكس الواقع الموضوعي بل هي مؤسسات ذات طابع تظليلي محض يصبغ وجوه القادة والمزورين بالألوان فيما يعيش المواطن العراقي بالأسود والأبيض أو بالأحرى بالأسود والأسود وسط غابة من الفساد الذي حول مهنة شرف الإعلام وشرف المهنة وشرف الثقافة حولها إلى مأتم للعزاء وكأن بيوت الله وبيوت الحسين لا تكفي للنواح المعتق. وحولوها إلى مخازن للأشرطة المستهلكة في عراق مات فيه كل شيء ولعل أخطر ما مات فيه هو "الضمير"!
لم نسمع من هذه القناة ولا من غيرها من القنوات صوت الحقيقة. الشئ الوحيد الذي نسمعه هو خلافات ما يطلق عليهم المكونات من أجل إقتناص المنصب السلطوي ولم نسمع من هذه القناة وغيرها من القنوات سوى صوت المتفجرات وصوت فضائح سرقة أموال الوطن بهروب هذا المسؤول أو ذاك. والكل يصرح ويتحدث ويكتب المقالات عن الديمقراطيات والحضارة.
"وعلى رأي المثل: أسمع كلامك يعجبني أشوف عمايلك أستعجب"!
مبدأ تأسيس الفضائية العراقية!
إن القناة الفضائية العراقية قد تأسست في بداية تأسيسها على أساس تجربة البي بي سي البريطانية، أن يصار إلى تأسيس قناة فضائية عراقية تدعم مالياً من قبل الدولة وتصبح قناة مستقلة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى ويتشكل لهذه القناة مجلس أدارة على مستوى من الثقافة والمسؤولية لتصبح قناة لكل العراقيين تكشف الحقيقة الموضوعية ويكون لها نظام مدروس يكفل حرية العمل الصحفي ويكفل التحضر ويكون معبراً عن مشاعر وعادات وتقاليد وطقوس كل العراقيين. فالقناة ليست صورة الفئة الحاكمة وليست قناة لرئيس وزراء أو رئيس جمهورية وليست قناة لطائفة دون أخرى. هي ليست قناة حكومية بل هي إستنساخ لتجرب البي بي سي البريطانية. ولكن طبيعة التغيير وطبيعة "بريمر" وأهدافه وطبيعة العقليات المتأخرة التي جاءت للوطن، من أين.. لا أدري فرضت علينا صيغة متأخرة من الإعلام وألغت الثقافة من قاموس العراق وجاءت لنا بكل لصوص العراق الذين كانوا في سجون الدكتاتور لأسباب أخلاقية أو جاءوا من مدينة قم لأسباب طائفية كي يفرضوا علينا شكل الحكومة القائمة وشكل الإعلام المزيف. ليس هذا فحسب بل أن الإدارة الجديدة تريد أن تختصر المسافة في الطريق إلى سفارة العراق في الكويت!
الربيع الآتي؟!
لاحظنا منذ رحيل الدكتاتور حتى الآن، كلما ظهرت فضيحة لمسؤول يتم طرده خارج العراق عبر وزارة الخارجية العراقية، التي لنا وقفة معها، ليتعين اللص سفيراً أو ملحقاً ثقافياً.
إن أربعة ملايين عراقي في المنفى يحبون وطنهم ويمتلكون قدرات خارقة كل في مجال تخصصه يشكلون صوتاً مدوياً وقد بدأوا يتملمون وبهم سوف يسجل ربيع آخر ليصبح للعراق ربيعان. ربيع يطوق المنطقة الخضراء وربيع يطوق سفاراتها.
العراق هو بلد العراقيين الذين إذا رفضوا غضبوا وإذا غضبوا إنتظروا عبور فصل الشتاء حتى يأتيهم الربيع الآتي!
الحلال والحرام في هذه المؤسسة التي أسمها الفضائية العراقية والحلال والحرام في كل مفاصل الدولة لا يحسمهما الدين بل يحسمهما الضمير!
كاتب وإعلامي مقيم في بريطانيا
alsohail@yahoo.com
التعليقات
صالحيات
ابو صالح -كاتبنا العزيز لاتدوخ من يطلع ابو صالح يصفيها
العراق اكبر حسينية
قاريء -العراق تحول الى اكبر حسينية في العالم وفق ارقام جينيس للارقام القياسية ؟!!
الامام المنتظر
abu falih -الئ ابو صالح.هذا مثال على الامية الدينية التي ضربت جذورها عميقا في العراق بعد السقوط.اسكت واقبل ياشعب بكل هذاختئ يخرج الامام المنتظر وان تطلب الامر مليون عام.انها حماقات رجال الدين في العراق.
الفساد هو أخلاقي أولا
عامر -الفساد هو أخلاقي أولا قبل أن يكون فساد مالي أو فساد إداري أو فساد دينيلماذا لم تذكر إسم رئيس الوزراء الأسبق الذي عقد الصفقة من خلال أخيه في لبنان وهو المدعي الوطنية والكذاب المحترف أول الحرامية العراقيين الذين مدوا أياديهم وسرقوا المال العام أياد علاوي وهو رئيس أكبر الوزراء سرقة في تأريخ العراق وهم وزير دفاعه حازم الشعلان وبطانته 3.6 مليار دولار ووزير كهربائه أيهم السامرائي وبطانته مليار دولار ووزير نقله ووزير داخليته ووزير الموارد المائية الذي تحول الى مقاول بناء وسرقات مكتبه ومع الأسف تغلغل الفساد في جسم الدولة العراقية الى الحد الذي أصبح حتى الموظفون الصغار يؤخرون إنجاز أي معاملة حتى يسرقون المواطن المنهوك لتمشيتها الرعاقيون والعراق بتطلعون الى مخلص لهم يأخذهم خارج هذه الدائرة من الحرامية التي تسمى المجاميع السياسية قائدة العملية السياسية لنهب العراقمن العرب والكرد والشيعة والسنة ومن لم يسرق فهو ساكت عن السرقة أو وجوده معين لها إن لم يمنعها فكلهم فيها سواء
الفساد العقلي
فيصل الثاني -سيدي الفاضل قبل الفساد الاخلاقي والفساد المالي .. اصبحنا نعاني من الفساد العقلي اي اصبح معظم الشعب العراقي ( عقل سز ) واصبح غارقا في الجهل والتخلف وهذا لم يكن وليد الاعوام التسعه الماضية بل هو بدأ منذ الثمانينيات منذ مجيء ( قائد الصيرورة ) حيث بدأ بترسيخ فكر العشيرة والانتماء العشائري وحكم العشيرة وبدأنا نسمع قصصا عجيبه غريبة عن الفصل العشائري وما الى ذلك من القصص التي تضخم وتعظم وتمجد دور العشيرة كجهة قضائية وقانونيه وتنفيذية بعد ان كانت العشيرة تعني الوطن والوطنية والثورة على الفساد والاستعمار .. وبدأ يترسخ الشعور لدى اغلب العراقيين بأنتمائهم العشائري قبل الوطن ومصلحة الوطن وهنا بدأت اخطر وأول مرحلة من مراحل الجهل والتخلف بعد ان كان ممنوعا على العراقيين كتابة اسماء عشائرهم ايام السبعينيات اصبح اسم العشيرة يأتي بالمقدمه واصبح العراق عبارة عن عشائر وافخاذ وافخاذ الافخاذ .. ثم جاء رجال الدين و والرجال الذين لبسوا ثوب رجال الدين مع بداية السقوط سنة 2003 ليزيدوا هذا الفساد العقلي بتركيز ما يمكن ان نسميه الفساد الطائفي وارجاع عقلية المواطن العراقي الى عصور ماقبل التاريخ وضرب اسس وركائز الاوهام والخرافات والقصص المزورة عن المعجزات الفردية لاشخاص لم يكونوا قد تخيلوا يوما هذه ( المعجزات ) ناهيك عن حدوثها على ايديهم في عقلية المواطن العراقي التي اصبحت ارضا خصبة لزرع هذه البذور بعد سنوات طويلة من الحصار والحروب والتعتيم الاعلامي والثقافي والانعزال عن بقية العالم .. والمصيبة الاعظم ان هناك اكثرية من الذين يمكننا ان نسميهم بالمثقفين واصحاب الكفاءات والذين يحملون شهادات عليا ساروا على هذا النهج من الفساد العقلي واصبحت عقولهم معزولة عن الحقائق والعلوم والثقافات التي تعلموها ودرسوها ..ولا اريد ان اسرد لك مايفعله العراقيين الذين يعيشون بالغربة وفي بلدان متحضرة وانت اعلم مني بهذا .. ولكني سأورد مثلا عن صديق يحمل شهادة الدكتوراه ويعمل استاذا جامعيا اعرب عن اسفه (وهو المتزوج منذ اكثر من عشرون عاما ولديه اولاد بعمر الزواج) من زواجه بزوجته التي هي من طائفه اخرى غير طائفته .. وقس انت هذه العقلية من شخص يفترض ان يكون مربيا لأجيال وقضى معظم وقته بالدراسة والبحث على عقلية مواطن بسيط لم يملك من التعليم مايمكنه ربما من التمييز الصحيح بين الوطنية وبين الانتماء للعشيرة والطائفة ...