الثانية أو الثالثة، المهم أن تكون جمهورية مؤسسات
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
إختلف الفقهاء والمفكرون كثيرا منذ سقط نظام الرئيس السابق حول ما إذا كانت مصر قد دخلت بعد ثورة يناير 2011 في عصر الجمهورية الثانية، ام الثلاثة ؟؟..
وأزعم انهم سيبقون كذلك لفترة من الزمن، لإن لكل فريق حجته الوجيهة وأسانيده التى يراها اكثر عمقاً وأشد قناعة من الفريق الآخر..
شخصيا لا تعني هذه التسميات، لأنها لن تقود إلي شئ ذو قيمة في اللحظة الراهنة.. بل ربما تفتح الباب لخلاف لا موضوعي وغير منطقي لن يُقدم أو يؤخر فيما يتعلق بمستقبل البلاد وتطلعات ثوارها وشعبها كله، الذين شاركو معا في الخلاص من رأس نظام اذاقهم الهوان وحرمهم من إقامة مؤسسات قادرة علي الإستمرار في تسيير دفة الأمور، بالكيفية التى تليق بمصر وتاريخها علي المستويات السياسية والاقتصادية وبما يتناسب مع مكانتها إقليميا وعالميا ودورها ضمن توازنات المنطقة الجغرافية القريبة منها والبعيدة..
أري ويري معي كثيرون أن نقطة ضعف وقوة الرئيس محمد مرسي، أنه تولي المسئولية في عصر تتحرك فيه المجتمعات إيجاباً وسلباً بسرعة لا توفر لغالبية المحللين الفرصة الكافية للتنبؤ بخطوتها التالية.. وفي زمن فرضت تقنياته المعلوماتية علي جميع الأطراف المشاركة في اللعبة السياسية، أن لا تخفي عن شعوبها " أي شئ " تعبيراً عن إحترامها وتقديرها لإمكانيات وقدرات مجتمعاتها التي أثبتت ثورات التغيير والإصلاح وإسقاط النظم، أنها أصبحت تمسك عن جدارة بأدوات المعرفة والتأثير والنشر والتوثيق..
كافة تجارب الربيع العربي ومن قبلها ربيع شرق أوربا، تتمتع بهذه الخاصية..
وربما تكون التجربة المصرية في هذا الخصوص الأكثر عمقاً، لأن كل ما مرت به من مد وجزر منذ الخامس والعشرون من يناير 2011 مسجل بالصوت والصورة لدي اكثر من مصدر ومتواجد في أرشيف غالبية وسائل الإعلام المحلية والأجنبية.. حتى ما كان يتم في خفاء من تنسيق وتحالف وتعهدات ليست فقط علي مستوي جماعة الإخوان المسملون والمجلس الاعلي للقوات المسلحة، بل علي كافة المستويات الحزبية والسياسية والإئتلافية.. هناك من تتبعه ورصده وإحتفظ به كوثيقة معلوماتية تاريخية..
لذلك يتطلب الأمر من رئيس جمهورية مصر المنتخب أن يعمل منذ الآن وهو يتباحث لتشكيل فريقه الرئاسي وإختيار أول رئيس وزراء بعد الثورة، أن يُفسح المجال لبناء مؤسسات الدولية بمساندة أصحاب الخبرات العلمية والمهنية والتخصصية.. حيث تؤكد مسارات نجاح التجارب الثورية والإصلاحية أن " رأس الدولة " لم يعد في مقدوره وحده أن يتحمل مسئولية إدارة شئون البلاد وإتخاذ القرار..
رئيس جمهورية مصر أمامه مجموعة هائلة من الملفات المتشابكة المعقدة التى تُعد برغم تنوعها، عاجلة وملحة وفورية..
هذه الملفات يمكن إجمالها فيما يلي..
ملف علاقته بالمجلس الإعلي للقوات المسلحة التى يراه البعض فوق " الدولة بما في ذلك الرئيس نفسه ".. وهي علاقة مُلغمة منذ صدر الإعلان الدستوري التكميلي الذي أوكل إلي المجلس المسئولية / السلطة التشريعية " بالدولة لحين إنتخاب مجلس شعب جديد.. خاصة في ضوء التقليص الملحوظ الذي لحق بـ " صلاحيات رئيس الجمهورية " ومسئولياته..
وهناك الترقب لما ستُسفر عنه المحاولات القانونية والدستورية الجارية حالياً للفصل بين إمكانية أن يطبق حكم المحكمة الدستورية العليا علي ثلث أعضاء مجلس الشعب فقط بدلاً عن أن يطبق علي المجلس كله، خاصة وأن حزب الحرية والعدالة هو الأكثر نشاطاً في هذا الخصوص لما لحق به من ضرر وعنت من جراء قرار حل مجلس الشعب بالكيفية التي فجرت إستقطاباً بين جميع الأطراف في المجتمع..
وهناك ملف إختيار الشخصية الوطينة المستقلة التى ستكلف - بعد حلف اليمين - بتشكيل الوزارة الجديدة.. والتى ربما يكون موضع تنازع ليس فقط بين الرئيس والمجلس الأعلي علي مستوى التوافق عند إختيار " الشخصية الوطنية المستقلة " أو علي مستوي عدد الوزارات التى سيخص المجلس بإختيار شاغليها، ولكن أيضا علي مستوي العلاقة الملتبسة بين العسكر وجماعة الإخوان المسلمون..
تبدو في الافق بوادر هذا الخلاف بالنظر إلي..
أ - الزيارة التي قام الدكتور محمد البرادعي لمقر وزارة الدفاع يوم الحد ( 24 يونية ) وما ترتب علي ذلك من اعتذاره عن قبول التكليف..
ب - أيضاً بالنظر إلي ما جاء علي لسان بعض من تداولت وسائل الإعلام اسماؤهم، من أنهم لن يتخذوا أي خطوة - إيجابية او سلبية - إلا بعد أن يستوثقوا من حدود مسئولياتهم ومدي حرية التصرف التى تشملهم فيما يتصل بعلاقتهم بالمجلس الأعلي..
ج - وتتمحور حولها الإنظار عندما نقيسها من زاوية عدد الوزرارات التي سيُكلف بها منتسبون لحزب الحرية والعدالة، خاصة في ضوء الزيادة العددية شبه اليومية التى يشير إليها اقطاب الحزب عبر وسائل الإعلام.. فبعد ان كانت النسبة 25 % صارت 30 % ثم قفزت مساء الثلاثاء 26 يونية إلي 50 %..
قد يقول قائل أن كافة هذه القضايا قابلة للحل..
ومن جانبنا لا نعترض، لكننا نرد في المقابل lsquo;ن الظروف المعقدة التى تمر بها الديموقراطية المصرية الوليدة، تُعد من قبيل القنابل الموقوته القابلة للإنفجار في أي لحظة..
وهناك ما يمكن تسميته بـ " الطريق المزدوج " الذي يجمع بشكل شرطي متلازم بين..
1 - إنتهاء اللجنة التأسيسية من عملها في صورته التوافقية وقبول الأطراف التي لها حق الاعتراض علي صيغتة النهائية وطرحه للإستفتاء الشعبي..
2 - وبين تحديد توقيت الإنتخابات التشريعية التالية..
نقول مزدوج لأن الإجراء الثاني مرتبط شرطياً بتحقيق الأول..
ونعني بذلك أنه إذا طالت الفترة الزمنية اللازمة لإعداد الدستور، ستمتد بالتالي الفترة الزمنية التى يحق للمجلس الأعلي للقوات المسلحة ان يتولي فيها المسئولية التشريعية للبلاد علي حساب صلاحيات رئيس الجمهورية.. خاصة وأن المجلس يُعد الطرف الأقوي فيما يتعلق بالاعتراض علي الدستور في صورته الأخيرة..
أما مشكلته - أي رئيس الجمهورية - التى ربما تتفاقم بسبب ما سردناه من ملفات، فهي برنامجه الإنتخابي الذي يتطلب منه النظر أولاً إلي أيسر السبل للوفاء بالوعود التى وعدها لمن أعطاه صوته سواء إاختيار حر لشخصه وما عرضه من أفكار من خلال لقاءاته الجماهيرية أو عِبر وسائل الإعلام المرئية والمقروءة، أو من صوت له لأنه غير راغب في تزكيه منافسه.. وكلها وعود ترتبط أكثر ما ترتبط بالحياة اليومية وتكاليفها ومستقبل الأيام القادمة علي مستوي الخدمات التعليمية والعلاجية والسكانية..
كل هذه النوعية من المشاكل تحتاج في المقام الأول لقدرات مؤسسات الدولة..
من هنا كان مطلبنا أن يبادر الرئيس محمد مرسي إلي الإستعانة بالخبراء والمتخصصون للتعرف علي أفكارهم علي مستوي البناء المؤسساتي للدولة !! وكيفية توزيع المهام والمسئوليات عليها وإيجاد صيفة عملية للتنسيق والتعاون فيما بينها.. لأن تخليق هذه المؤسسات علي قواعد تهتم في المقام الأول بإدارة الازمات وتحقيق التنمية المجتمعية سيساهم إلي حد بعيد في مساعدته علي إتخاذ القرار الجماعي لفك الإرتباط بين المشاكل المعقدة والمتداخلة من ناحية.. وعلي إيجاد حلول وبدائل حلول لكل منها.. وأيضاً علي مستوي التعاون بين الأجهزة المختصة التي يتطلب الأمر حتمية التنسيق فيما بينها لمواجهة كل واحدة من هذه المشاكل..
مصر زاخرة بالعديد من الخبراء في مجال إدارة الأزمات وفي مشاريع التنمية المجتمعية والمشاريع السكانية ذات الصلة بالبيئات الزراعية والصحراوية والريفية والحضرية.. وأزعم أنهم قادرون علي دعم مؤسسات الدولة بالشكل الذي يوفر أعلي قدر من ترسيخ مفهوم العمل المؤسسي ومهارات فرق صنع القرار، ليس فقط علي مستوي الروافد التى تصب في مكتب رئيس الجمهورية بل في كافة المواقع التى تخدم الوطن والإنسان المصري..
bull;استشاري إعلامي مقيم في بريطانيا drhassanelmassry@yahoo.co.uk