فضاء الرأي

الدوامة العراقية و"الداء منا" (2/2)

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

صحيح أن للأزمة العراقية أسبابا وأبعادا إقليمية ودولية، وأن التدخل الخارجي هو من العوامل المهمة لدوام وتعمق هذه الأزمة. وبقدر ما يتعلق ببقاء المالكي في منصبه حاليا، فيبدو أن ثمة توافقا غير معلن على ذلك بين إيران وواشنطن. وهو اتفاق موضوعي ومن منطلقات مختلفة ولغايات متضاربة. وتحرص إيران خاصة على هذا لأسباب كثيرة في مقدمتها اليوم الوضع السوري ودعم حكومة المالكي لبشار الأسد. وقد نشرت صحيفة الحياة في 2 تموز الجاري مقالا للصحفي الإيراني محمد صدقيان من طهران يلخص موقف القيادة الإيرانية من الموضوع وحيث يرد: " إيرانيا لا ترى القيادة أي جدوى من تغيير رئيس الوزراء الحالي نوري المالكي، في الظروف التي تمر بالعراق أولا، والمنطقة ثانيا، خصوصا ما يتعلق بالتطورات السورية، والاصطفاف الغربي ضد النظام السياسي السوري الحليف لطهران..."
غير أن العامل الخارجي لا يكفي لتفسير ما يجري من صراعات، وعمليات فساد، وتدهور أمني، وانتشار الطائفية، وأسلمة المجتمع العراقي تدريجيا بزعامة حزب الدعوة، وانتشار الفقر، وغير ذلك من مظاهر مروعة.
العراق قد مر بفترات كشف فيها العقل السياسي العراقي عن مدى عدم شعور نخب سياسية حاكمة بالمسؤولية تجاه البلد والشعب، ومن ذلك إشعال الحرب مع إيران، وغزو

الحلقة الأولى

الكويت، واللعب مع فرق التفتيش الدولية حول الأسلحة المحظورة برغم التحذيرات والتهديدات. واليوم، فإن العقل السياسي، الذي يحكم العراق، يتحمل قبل غيره مسئولية كل ما يجري، واجدا مناخا ملائما فيما خلفه النظام السابق من خراب سياسي وأخلاقي وفكري واجتماعي، ومن عواقب مظالمه التي طالت الجميع ولاسيما الشيعة والكرد.
أطراف الحكم العراقي يتصارعون، ويهدد بعضهم بعضا ب "فتح الملفات"، أمنية كانت او ما يخص الفساد. والسيد المالكي هو الأستاذ الأكثر قدرة ومهارة وممارسة في هذا المجال. والتهديد بنشر الملفات وعدم نشرها يدلل، كما يقول الكاتب الصديق الدكتور كاظم حبيب، على أن الكثيرين متورطون، وبيوتهم من زجاج، ويخشى بعضهم رمي الحجارة على البعض الأخر. وهم يمارسون مبدأ " اسكت لكي أسكت عنك". وتكون هذه الممارسة شديدة الخطورة حين تمس الأمن العراقي وثرواته المهدورة، ولاسيما حين يمارسها من بيديه عتلات الحكم ومفاصله الكبرى والحاسمة، وأعني المالكي. إن الأطراف السياسية في الحكم في واد ومصالح الشعب في واد، وكل يمارس ما سمته صحيفة أميركية عام 2010 ب "رياضة قتل الآخر". إنهم يتشاتمون ويهدد بعضهم بعضا، ويندر تماما من يتقبل الملاحظة والنقد منهم.
نعم، المسئوليات عن الدوامة العراقية الراهنة مشتركة، ولا يجب تغييب مسئولية أي طرف، ولكن أيضا ليس صحيحا محاولة تغييب المسئولية الأكبر لمن لعب الدور الاستثنائي في تفجير الأزمة ودوامها.
للأطراف الكردستانية دورها دون شك، ولاسيما في تحالفها " الاستراتيجي" مع أحزاب الإسلام السياسي الشيعي الحاكم قبل سقوط النظام السابق وبعده. وهو ما يسمونه "التحالف الكردي - الشيعي"، وكأنما الأحزاب المذهبية الشيعية تمثل كل شيعة العراق وجميع التيارات الفكرية والسياسية بين الشيعة. كما أن هذا المفهوم، أي كردي- شيعي" يتجاهل بقية مكونات الشعب العراقي. ومن هذا المنطلق، أيدوا مطلب إقامة إقليم الوسط والجنوب الطائفي، وتجاهلوا كل ما يجري في أنحاء العراق من تضييق على الحريات العامة والشخصية، ومحاربة للعلمانية ومن خطوات الأسلمة، وكأنها لا تعنيهم. كما لم يكن صحيحا إطلاق تصريحات باسم حق تقرير المصير فسرت بنية الانفصال؛ وهكذا من ممارسات ومواقف سبق لي التوقف عندها من موقع الحرص الوطني وكمواطن ومثقف عراقي كردي.
ودور "العراقية" هو الآخر واضح بسبب تذبذب المواقف وتناقضاتها، والتهديد والتراجع وعدم الانسجام داخل العراقية نفسها. وأما مقتدى الصدر، فقد أبدينا في الحلقة السابقة رأينا في مواقفه وممارساته. وها هو ينسحب من موضوع "استجواب المالكي" بعد أن كان من أبطاله. والغريب أن يصدق السيد رئيس الإقليم والدكتور علاوي ما يقوله الرجل ويتعهد به.
إن طلب استجواب رئيس للوزراء أو سحب الثقة من حكومته هو من أوليات العمل الديمقراطي السليم، ولكن عقلية حكام اليوم تعتبر ذلك عدوانا لا على شخص المالكي وحسب، بل وكذلك إساءة لكل العراق. وهذه العقلية لا علاقة لها بأية "مؤامرة أميركية - إسرائيلية"!! ولا علاقة أيضا لانتشار الفساد، وتحجيب الصغيرات، وفصل الطالبات عن الطلبة في المدارس والجامعات. ولا علاقة أيضا لترك عشرات المولدات الكهربائية في ميناء خور الزبير بالبصرة منذ 2007، والتي اشتريت بالملايين، بينما يعاني العراقيون من مشكلة الكهرباء. ولا علاقة للشهادات المزورة التي صدر عن حملتها عفو حكومي، ولا لحظر الغناء والرسم والنحت بينما يستوردون للنجف من إيران تماثيل شمعية للعشرات من الشخصيات الشيعية الراحلة والتي على قيد الحياة. ويمكن تعداد غير هذا كله من ممارسات وظواهر يتحمل الحكام ومن معهم مسئوليتها. كما أن الغريب أن الجميع يتحدثون عن الدستور، ولكن بطريقة انتقائية ومنهم من ينتهك بنوده، وفي المقدمة السيد رئيس مجلس الوزراء نفسه، حين يضم لمكتبه مؤسسات هامة يجب أن تبقى مستقلة، وحين يتحدى البنك الرمزي ويعاديه لان مدير البنك يتمسك بالقانون وبسلطة رقابة البرلمان.
والحل؟ العراق مرشح للبقاء في الدوامة سنوات أخرى، وهذا محزن ومأساوي. والمواطن "الخايب" هو الضحية. وقد صار العراقي، على حد توصيف عراقي طريف، ولكنه مؤلم:
"مشكوك فيه دوليا، مظلوم وطنيا، محترق صيفيا، مثلج شتويا، محروم نفطيا، ممنوع كهربائيا، مفخفخ يوميا، مفلس ومهتلف سنويا، تعبان واحرق جد جده نفسيا.. ومرفوع رأسه إن شاء الله أبديا؟؟!!"

ملاحظة: بعد كتابة المقال جاءت الأنباء بانتهاء أزمة سحب الثقة بعد لعبة الصدر. وعادت الأمور "إلى مجاريها" بإشارات خارجية! وأما العراق؟!!!!

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
ملينا
أبو رامي -

يا أستاذ والله ملينا ..... ونقدر نزيدكم من الشعر الف بيت.. المطلوب أين الحل؟؟؟

بغداد لاشافتها عينك
كامل -

استاد عزيز عينك لاشافت بغداد اليوم مدينة تنتشر فيها الازبال والاوساخ والدباب والغبار وتوجد فيها احياء رهيبةفي الوساخة والقدارة والازبال المتكدسة كالبتاويين وبغداد الجديدة مشكلة العراق ان شعبه يعبد الايدلوجية ولا يريد التحديث والتخلص من الفقر في زمانك - زمن المد الشيوعي 90% من الشعب العراقي مؤيد للشيوعين واليوم نفس النسبة مؤيدة للصدر لاخلاص للشعب العراقي الا بكنس الايدلوجيات السياسية والدينية والطائفية ولقد اثبتت الايام ان العهد الملكي الدي حاربته انت والشيوعيون كان افضل العهود وانظفها على الاطلاق واليوم هنالك مد طائفي يقزز النفس بسبب تخلف الشعب العراقي انظر الى ملابس العراقيين انها رثة وهم يعيشون بين الاوساخ غير مكترثين ولكنهم يخرجون سيرا على الاقدام لمئات الكليوميترات لتبجيل معمم مات قبل الف سنه كما سارو بالملايين بعد سقوط الملكية خلفكم وبالملايين يهتفون ماكو زعيم الا كريم والحزب الشيوعي في الحكم مطلب عظيمي هدا الشعب ادا بقى على هدا لوضع سوف يندثر لان هواءه ماؤه وغداءه وساسته وعقله ملوثون

من هو اول مجرم في العراق
حسام -

انه ضابط مغمور في الجيش العراقي زار بريطانيا زمن العهد الملكي ونم نجنيده من قبل تامخابرات البريطانية لاحداث انقلاب في العراق لان الانكليز سئموا من نوري السعيد الدي صبحوا يرون فيه عبئا عليهم . قام هدا المجنون بقتل العائلة المالكة وسيد الرعاع على الاشراف لانه من علئلة مدقعة في الفقر وتسكن في اكثر مناطق بغداد فقرا وهي منطقة المهدية واصبح هدا الناكر لجميل سيده نوري السعيد الدى رعاه وتبناه زعيما شوارعيا ترفع حبال وسكاكين الشيوعيين وحلفاءهم الكرد بوجه كل من يعارضه قالوا انه مات وهو في جيبه ربع دينار وهو كان مهتما في حب الظهور والزعامة واطلق على نفسه الزعيم الاوحد انه القاتل عبد الكريم قاسم الدي كان عميلا للمخابرات الاجنبية