أصداء

الحراك السياسي الكردي ومنطق التوسل

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

لا يزال الحراك الكردي يغوص في مفاهيم الاستجداء والطلب، وهي البنية الثقافية - السياسية التي فرضت عليها على مدى نصف قرن من التهميش والإملاءات القسرية من سلطة شمولية. يحضرون مؤتمرات قوى المعارضة بالمدارك نفسها، ويجابهون مجموعات عروبية غارقة في ثقافة البعث، متغلغلة في ثنايا المعارضة الخارجية، الذين تغيب عن مداركهم غاية بناء سوريا القادمة كوطن كلي عند مواجهة مطالب الشعب الكردي، وبغيابها يصبح مبدأ النقاش على بناء الوطن الكلي مهترئاً مغلفاً بالخدع السياسية بين الجهتين.

اختزل المنطق الدبلوماسي والتعامل السياسي في معظم مؤتمرات المعارضة السورية، والأسباب واضحة للجميع، لا داعي لتكرارها هنا. تاهت المعارضة السورية بمعظم تياراتها الخارجية في ضحالة الأخطاء العديدة، والتي من نتائجها استمرارية السلطة الحالية حتى اليوم، ونحن لسنا بصدد تلك الأخطاء، بل نبحث عن التعامل الخاطئ للمعارضة الكردية السياسية، والتي تسمح للقوى العروبية بتياريها البعثي والإسلام السياسي في المجلس الوطني السوري، مثلما تعاملوا مع السلطة الشمولية الحالية، فيسمحون للقوى المعارضة الأخرى بالتظاهر وكأن الوطن السوري ملك يمينهم، وهم ضيوف على ساحاتها وليسوا أصحابها. منطق لا بد من إزالته، فللكرد حصة في هذا الوطن وهم شركاء في بناء النظام القادم وتكوينه.

تبين بشكل واضح، من خلال الحوار الأخير في مؤتمر القاهرة، على أنه هناك هشاشة في الخبرة واسلوب التعامل الدبلوماسي والمحاورات الدولية أو الوطنية عند الحركة السياسية الكردية السورية، حتى ولو كان المقابل عنصرياً بالفطرة أو متشبعاً من الثقافة العدمية، ستحتاج الثورة إلى عهود لإزالتها من المجتمع السوري، يتطلب من الأحزاب الكردية التحلي بالحكمة والتروي في التعامل والتفاوض، وأمتلاك القدرة على تبيان الأخر مذنباً أمام مطالب شعب عانى من الويلات على مدى عقود، وإبقاء الأبواب مفتوحة، خاصة وأن السلطة الشمولية لا تزال تعبث بالوطن، وتستفحل الخلافات، ولا يستبعد من وجود إملاءات لها على البعض الذين يظهرون هذا العناد الفكري ضمن المعارضة العربية.

ظهر من خلال كل هذه المؤتمرات، أن المعارضة الكردية لا تملك أية معلومات مسبقة عن البيانات الختامية أو عن الوثائق الوطنية إلا عن طريق الإعلام، أو في اللحظات الأخيرة قبل إنعقاد الجلسات الختامية، ولا يملكون أي رأي مسبق عنها لتحليلها وشرحها ونقد الجوانب السلبية فيها، ولا تردعهم هذا التهميش من الركض إلى أول طائرة متجهة إلى حيث الدعوة، والتكالب على قاعات المؤتمرات. المطلوب منهم قبل هذه الخطوات، النقاش مع جميع الأطراف لتعديل المطروح قبل حضور المؤتمر، والذي يجب أن يكون الإجتماع فيه نقطة النهاية في النقاشات والتداولات، وأن تكون الجلسة للتوقيع، وليست قاعة للنقاشات.

حان للكرد أن يقتنعوا انهم لا يمكن أن يبحثوا ويتناقشوا على مواضيع مهمة وحساسة ومثارة منذ أكثر من نصف قرن، ويحللوا قضايا الخلاف على، الشعب أوالقومية، اللامركزية الإدارية " كما تطرحها المعارضة والسلطة معاً " أوالنظام الفيدرالي لسوريا القادمة خلال ساعات وفي يومين، والذين يدعونهم إلى المؤتمرات وعلى هذه الخلفيات وبهذه الطريقة يخفون غايات غير نزيهة بالمطلق، والخطأ الكردي الوطني يكمن في:
1 - الكرد ليس لهم اطلاع مسبق على مسودة البيان الختامي.
2 - يذهبون دون تحضير مسبق جمعي، وكل ما يبحث يكون بين عدد قليل من الأشخاص، وهؤلاء ليس لهم قدرة على التحدث باسم الجميع، فلم يكتبوا مسبقاً أية صيغة نهائية من طرف الحراك الكردي وبالمنطق الكردي والتي يجب أن تطرح فيها كل القضايا التي تهم الكرد، يوضحون فيه عقدة الخلاف بين الكرد والقوى المعارضة العروبية.
3 - يجب عدم الحضور إذا لم يكونوا من مشاركي كتابة وصياغة البيان الختامي مسبقاً، وليس لهم أطلاع على مضمونه ومعرفة مخططيها وكاتبيها، مخالفاً لهذا، سيكون ردود الفعل كما شاهدناه، المهزلة السياسية والدبلوماسية أمام البشرية والإعلام العالمي.
4 - من الخطأ الفاضح، رغم العلات التي ترافق الذهاب، تهيئة الوفد على نفسية الإنسحاب المسبق في حال عدم ظهور المطلوب في الوثيقة، فهو منطق خارج العلاقات الدبلوماسية والسياسية وأثبات على أنهم ضيوف على المؤتمر، حاضرون للإستماع، بالموافقة أو الرفض، باقون أو خارجون، فهم ليسوا أصحاب القضية الوطنية التي يتمسك الاخرون بها، وهنا نتحدث عن المدارك الدبلوماسية العالمية وآراء المجتمع الدولي حول ثقافة الكرد الدبلوماسية والتعامل السياسي.
5 - عند الحضور، عليهم أن يظهروا منطقين في التعامل، أثناء إنتظار ما سيخرج من خلف الستارة:
-على أنهم أصحاب الوطن، مثلهم مثل الذين كتبوا الصيغة النهائية أو المسودة، لذلك يحق لهم كتابة مسودة منافسة وعرضها على القوى التي عارضت الأولى، وتبيان ذاتهم كمعارضة حقيقية رافضة للمطروحة التي لا تعكس مفاهيم الثورة السورية.
-البقاء في قاعة المؤتمر والاستمرار في المعارضة داخل القاعة، بالسكوت وعدم التصويت، ورفض الوثيقة، وابراز البيان الختامي الخاص والطلب من الآخرين الموافقة على بيانهم، تقديم طلب لتمديد المؤتمر أو عقد مؤتمر آخر لتقريب وجهات النظر، أي أن لا يترك الدار للمفسدين والإنتهازيين والعنصريين الذين يبحثون عن تغيير السلطة وليس النظام، أغلب هؤلاء هم طلاب مصالح آنية ولا علاقة لهم بالثورة. ومن ثم اصدار بيان عام حول اسباب رفضهم للبيان الختامي أو الوثيقة الوطنية.
الكرد هم أصحاب الثورة الذين بنوا المعارضة الأساسية وهم بنيانها منذ نصف قرن، ويجب أن لا يسمحوا للأخرين بالسير في المقدمة، وقيادتهم، وسرقة الثورة والتجارة بدماء الشهداء، وكأنهم أصحابها والكرد ضيوف على سوريا وعلى المعارضة.

أخطأت القوى الكردية قومياً وذاتياً، في عدة نقاط:
1 - الذهاب إلى مؤتمرات المعارضة وخاصة الأخيرة مؤتمر القاهرة، بدون قوة موحدة، رغم الوقوع مسبقاً في الهوة نفسها عدة مرات وفي عدة مؤتمرات سابقة مشابهة.
2- الحضور بدون وثيقة " وطنية سورية - قومية كردية " كمسودة على الأقل، تقدم للحضور يبينون فيها مطالبهم بشكل واضح ومحدد.
3 - عدم أتفاق اطراف الحركة السياسية حتى اللحظة على الوثيقة التي نحن بصددها، يوضحون فيها مطالبهم لسوريا المستقبل، وهنا فالخطأ الأكبر تقع على عاتق الحراك الكردي بكليته، وبدون أستثناء أحد.
4 - تهميش الكردي للكردي، حزباً أو اشخاصاً مستقلين معروفين على الساحة السياسية، وخاصة للحركات الشبابية. لا يزال ينخر في نفسية اغلب قادة الحراك الكردي، الأنا الأنانية، والتعصب الحزبي قبل الوطني، والتي تعكس بشكل واضح على تعامل قوى الحراك بين بعضها، ومن منطلق من الأقوى، أو من يمثل الكرد، يصل التهميش أحياناً إلى حالات التخوين!. وللأسف، فلو تركت مسودة البيان الختامي أو الوثيقة الوطنية أو حتى الخاصة بالشعب الكردي، للأحزاب الكردية بالبحث فيها والخروج بمسودة نهائية متفقة، لحدث اختلاف افظع من الاختلاف الذي حدث بين هذه القوى والقوى البعثية العروبية ضمن المعارضة العربية إن كانوا في المجلس الوطني السوري أو هيئة التنسيق الوطنية الغارقة في وجهات نظر البعثيين!

الكرد يسيرون في متاهات التشتت والضياع والحيرة والشك وعدم الثقة وعدم وضوح الرؤية، قبل السفر، وعند الوصول، واثناء النقاش على البيان الختامي، أو أي بيان، فلهم رأي مسبق بالنفي نحوه لأنهم يحملون القناعة على أن الوثيقة سوف لن تخرج بالمطلوب، والأهم أغلبهم يطرحون أراء وأملاءات مسبقة خارج جغرافية غربي كردستان.
عدم وجود القناعة المسبقة والإيمان بالمطلب القومي على صيغة موحدة، يؤدي حتماً إلى تهميش من الأخرين، الذين يدركون الوجود المفكك للكرد في القاعة.
الخطأ يكمن في الحراك الكردي قبل أن يكون في القوى المعارضة البعثية العروبية سابقاً أو في تيارات الإسلام السياسي، علة قلة الخبرة الدبلوماسية والإطلاع على مفاهيم أروقة السياسة العالمية، الأسباب عديدة لسنا بصددها، هي التي تجرف بالحركة الكردية إلى الأخطاء المتكررة ومتاهات الفشل وراء الفشل.

الولايات المتحدة الأمريكية
mamokurda@gmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
كرم احفاد حاتم الطائي
cekdar -

انها قصة كرم احفاد حاتم الطائي مع احفاد صلاح الدين الأيوبي! انهم كرماء معنا يدعوننا الى مؤتمراتهم الكثيرة (ما شاء الله) كضيوف ومع ذلك يمنحونا حق التصويت على مشاريعهم المستقبلية (وغالبا يجب ان نصوت بنعم ونقول امرك مولاي!), ماذا نريد اكثر من هذا؟ لانهم اصلا يروننا ضيوف على ارضنا التاريخية قبل ان يأتوا هم بفتوحاتهم وغزواتهم التاريخية الرجعية الى المنطقة فاريين من الصحراء من موطن الجاهلية وابا جهل الى جنة الدنيا الى بلاد ما بين النهرين الى كردستان. من النتائج يتبين لنا بالادلة الدامغة انه لا فرق بين المعارضة العربية الشوفينية وبين البعث الشوفيني الحاكم, ففي منطق الأثنين نحن ضيوف ولنا حق المواطنة ويحق لنا ان نأخذ الجنسية العربية السورية وننصهر في بوتقة القومية العربية تدريجيا. ولكن الذنب ليس ذنبهم لوحدهم بل نحن نتحمل جزءا منه. الوضع الكردي المتشرذم ليست لنا مرجعية واحدة كل منا يغني على ليلاه وعلى تنبوره حتى لو كان نشاذا, لا نصدق ان يدعونا احد الى مكان ما حتى نركض اليه دون ان ندرس الدعوة أو ماذا بعد ذلك. المصيبة نذهب على دفعات وعلى شكل مجموعات ويبدو علينا عدم الاتفاق بيننا من مسافات. فلولا هذا الوضع لكانوا حسبوا لنا حساب. في الأونة الأخيرة أي بعد الثورة كل عائلة شكلت لها ما يسمى بتنسيقية فأزدادت المشاكل وعدم وجود مشروع كردي مشترك يضمن للشعب الكردي حقه في سورية المستقبلية, التي يبدو انها لن تكون مختلفة بالنسبة لنا, كما تبدو من مخططات المعارضات العربية السورية بكل اطيافها سواء المعارضة الخارجية أو الداخلية التي من الواضح انها تتفق فقط في عدم قبول الأخر وتهميش الكرد وحقوقهم..من الأن فصاعدا يجب عدم حضور المؤتمرات التي يمكن تسميتها المؤامرات ايضا, اعتباطيا وبشكل عشوائي, يجب الالتفاف حول مشروع كردي وطني, يجب نلتقي على طاولة واحدة قبل ان نلتقى على طاولة الأخرين.....

الموضوع واضح
Hassan -

يا أخي الموضوع واضح الموضوع حسب مطالبهم هي انشاء دوله كرديه في شمال سوريه فلا يوجد اي نضال تاريخي للكرد في سوريا إلا بالتسرب من تركيا و شمال العراق الى شمال سوريه حيث الحدود فلتانهالقامشلي تاريخيا مدينه مسيحيه و الحسكه مدينه مختلطه و قس على ذلك في المناطق الحدوديهاما الاكراد في دمشق او حلب او باقي المدن فهم جزء من النسيج الاجتماهي و البشري ولا يمكن فصلهم باي شكل من الأشكالالمعارضه المجتمعه في القاهره و قبلها في استنبول لا يمكنها البحث اكثر من مما بحثته

تقسيم جلد الدب قبل صيده
فاضل عنداني -

يااخي الاكراد امرهم غريب لدينا في سورية ثورة ولدينا ديكتاتور ينبغي ازاحته وهم كل مشكلتهم فيدرالية ام مركزية وحكم ذاتي ام حكم مركزي هناك عشرات الالاف من الشهداء واضعافهم من الجرحى والمعتقلين وملايين المهجرين والاكراد كل همهم ان تصبح لديهم منطقة حكم ذاتي ولتذهب سورية الى الجحيم لايشاركوا بالثورة ولم يقدموا الضحايا ويريدونها ان تقدم لهم جاهزة هي كلمة واحدة ثورتنا للخلاص من الظلم وبناء المستقبل وليس لتقسيم البلد واضاعة المستقبل لذلك هي كلمة واحدة حلمهم بتقسيم سورية حلم ابليس في الجنة واذا اقتضى الامر سندافع عن وحدة سورية وبالسلاح شاء من شاء وابى من ابى

اكراد سوريا
كردستان سوريا -

ان نظرة سريعة يلقيها المرء على بعض الخرائط التي رسمها في اواخر القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين بعض الكتاب الاوروبيين سيجد بان جميع المدن والبلدات كالقامشلي والحسكة والمالكية والقحطانية وعامودا والدرباسية عدا مدينة رأس العين التي كانت تدعى (ريش عينا) حيث شيدت قبل الميلاد، اما باقي المدن المذكورة اعلاه فمعظمها قد بني في القرن العشرين. فعمر السريان العائدين من الجبال السورية التي اغتصبتها تركيا وعمروا القامشلي عام 1927 م، ولم يجدوا فيها سوى خيمة زعيم عشيرة طيء (أحمد المقطف او المكطف) على ضفاف نهر الجغجغ في حي البشيرية في القامشلي. اما في القرن التاسع عشر والقرن العشرين فكانت الخارطة القومية كالتالي: القبائل العربية سكنت في جنوب الجزيرة السورية، وكان هناك في الشمال عدة قرى لا تتجاوز عشرون او ثلاثون قرية سريانية وكردية متناثرة على طريق الحرير أي من نصيبين وحتى جزيرة ابن عمر.