فضاء الرأي

«نظام الأسد» ..كان يجب أن يسقط

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

كان يجب أن يسقط؛ لأنه فقد مسوِّغَ وجوده؛ فلم تعد له وظيفة اجتماعية سياسية، كما النظام السياسي الطبيعي، والدولة؛ فأصبح كــــ" المخلفات الثقافية" "cultural survivals" وهي السمات الثقافية التي "تلكأت" في سيرها وتخلفت عن ركب التطور، أو على الأقل لم تتطور بنفس السرعة التي تطورت بها بقيةُ السمات والنظم، وأصبحت نتيجة لذلك، غربيةً عن الحياة الاجتماعية في مجملها، ولم يعد وجودُها يتلاءم مع بقية النظم السائدة في ذلك المجتمع، كما لم يعد لها وظيفةٌ معينة في الحياة الاجتماعية. (وليس وحده، ولكن لعله من أكثرها وضوحا).

إلا أن تلك "المخلفات الثقافية" قد تكون ضرورية لغايات بحثية، وتاريخية، أو جمالية إنسانية، ولكن هذا "النظام" أصبح فاعليةَ إضرارا وخطر، ولا سيما بعدما تعرض لهذه الثورة التي كشفت عن مقدار تعفنه، ووحشيته، فقد (دفشه الناس ورأوا ما ...)!

كان يجب أن يسقط؛ لأنه لما فقد وظيفته المفترضة، واستعصى على التطور والتكيف لم تعد له شرعية، هذا إذا كانت له أصلا، ولا قبولا؛ فكان الرفض الشعبي، وزاد حينما جُوبِه الطالبون بالحرية، بالعنف المفرط الذي أيقظ المكبوت عقودا...ظلما وتفردا بمقدرات البلد، وتهميشا للناس، إلا من كان من الحزب، أو تملق، أو نافق...

وسرّع في سقوطه تهاوي نظرائه من "النظم" المستبدة الجبارة، كالقذافي الذي أظهر بشار الأسد، تألمه، مؤخرا، من الطريقة التي انتهى فيها؛ لعله خشي أن يناله ما ناله!

كان يجب أن يسقط، وهذه الـــــ" يجب" ليست الوعظية غير المفضَّلة، كثيرا، ولكنه الوجوبُ الضرورة، وليس "الحاكم الضرورة" الذي كانَه الأسد؛ ليحمي العروبة التي أصبحت يتيمة، وقضاياها؛ فكان خنقُه لهذا الشعب السوري المتميز ذكاء واتقادا، وقهرُه، دون أن يحرر له أرضه الغالية في الجولان البالغ الأهمية والاستراتيجي الموقع والموارد والمياه، ملتزما التزاما حديديا باتفاقية فك الاشتباك، منذ 1974م ودون أي مقابل! كان ذلك هو رعاية العروبة، حق رعايتها!

وكان تحالُفه الاستراتيجي، وما فوق الاستراتيجي مع إيران، مع كل عنجهيتها، وطموحها في السيطرة الإقليمية الفجة...هو رعاية العروبة حقَّ رعايتها، وكان تخريبُه للبنان، مع تنسيقه مع الولايات المتحدة في كل المفاصل المهمة في المنطقة، بشهادة مسؤولين أمريكيين علنية هو الرعاية القومية، والمزاودة المستفزة الكاذبة!

هذه الضرورة، وهذا الوجوبُ جسَّده، وأخرجه من النظرية إلى التنفيذ، الشعبُ السوري الأسطوريُّ الشجاعة، والبالغ التصميم..كما ساعده تعفُّنُ "النظام" من الداخل، كما كل النظم الفردية الدكتاتورية التي هي أشبه ببيت العنكبوت، وإن أوْهنَ البيوتِ لبيتُ العنكبوت!

والآن، وقد يُئس من استمراره، وقام عوَّدُه؛ يأسا من شفائه، ماذا بقي للمدافعين عنه؟!
من الناحية الواقعية هم يعولون على (حصان) خاسر، ومن ناحية مستقبل الوطن وسلامة المجتمع أصبح عبئا عليه، ووبالا، ومنذرا بأفعال انتقامية يائسة، خَطِرة، على كل مكونات الشعب السوري، ولا يراها هو؛ فلا يعبأ بها؛ لأنه المهزوم المجروح في (كبريائه).

فإذا كان قبل فترة، في خضم الثورة، موضعَ تنازع، وانقسام، غير حاسم، أو غير ظاهر الحسم؛ فإنه، الآن، أراح المترددين، ووضح أمرُه للمتخوفين من كيفية خلاصهم منه، أو تخليص البلد منه؛ فالمسألة قد لا تكون بتلك الخطورة، ولا الصعوبة، صحيحٌ أنها لا تخلو من ذلك، وأي ثمن سيتحقق!

فعودة القرار إلى الناس، مهما قيل عن تدخلات خارجية، فإنها لن تكون فاعلة إلى درجة إلغاء الشعب كلِّه، وهو على هذا القدر من الشجاعة والوعي..وقد بولغ في تأثير قطر على ليبيا، مع أن إسهامها هناك كان أوضح، وأكبر.. ومع ذلك لم يرتهن الشعب الليبي لقطر، ولا لغيرها؛ فالشعور الوطني ليس من السهل أن ينكص على عقبيه، ويعود إلى الاستخذاء والتبعية؛ فهذا تهميش مسطح لإمكانات شعب عريق.

وهذا الاتهام تجاهلٌ للحالة النفسية لهذا الشعب الذي ضاق ذرعا بمصادرة رأيه، وطمس شخصيته، على مدى ما يزيد عن عقود أربعة..إذا كان التاريخ قد شهد حالات عديدة تغلَّب فيها المغلوبُ على الغالب العسكري، حضاريا، وهنا لا مقارنة، ولكن مقاربة، فإن الشعب السوري المتطلع إلى استرجاع ذاته وكينونته يمتلك من المقومات ما يعصمه من التبعية لأي جهة دولية، أو غير دولية، من باب أولى.

هذا الانعتاق من التبعية، إذا أردناه مطلقا، لن يكون إلا إذا تحرر الإنسان داخليا، وتجانست قوى الشعب في نظام سياسي حقيقي فاعل، ومفعِّل للطاقات الظاهرة، والكامنة.

وكما لم يحمِ الدعمُ الروسي، ودعمُ إيران وحلفائها، والتلكؤ الدولي، حتى الاتهام بالتواطؤ.. الأسد من شعبه، ولم يمنع تهاويه المريع هذا..فلن يكون التدخل الخارجي مانعا من التحرر مستقبلا، كلما نضجت الأوضاع الداخلية.

ولو ذهبنا إلى العلاقات الدولية، وعلاقات سورية الخارجية فإن بقاء الأسد، على فرَض بقائه، سيعطي لروسيا غيرِ البريئة عن الأطماع والسيطرة فرصةً تاريخية لامتلاك هذا البلد، بعد أن أضحت "قيادتُه" أسيرةً لهذا "الجميل" الروسي الذي حفظ له حياتَه، وأعاد له روحه المُزهَقة!

و"نظام" غير مؤسسي، سيكون أسهل ابتزازا من روسيا وغيرها. فضلا عن أن انقطاع صلته بشعبه، على هذا النحو، وقطع كل الخيوط معه، سيدفعه دفعا أشد ضعفا، إلى الدول التي كانت صديقته وقت ضيقه، روسيا والصين وإيران، وسواها.

في المقابل فإن انطلاق الشعب السوري من عقاله، بروح الثورة الجديدة القاطعة مع ما قبلها سيوفر فرصةً لإعادة تشكيل المجتمع والدولة، بمشاركة كل المكونات، بعيدا عن الثأرية الضيقة، أو الإقصاء.

وعلى الصعيد الدولي لن يكون من السهل فرض قيادات سورية معينة، ولو كان، فلن تكون مطلقةَ اليد، ولا دائمةَ السلطة، وقد عادت السلطةُ الحقيقية، أو جزءٌ كبير منها، إلى الشعب؛ فإنْ لم تكن في الطور الأول، فالشعب إلى استعادتها، وامتلاكها في الطور التالي..
o_shaawar@hotmail.com.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
كان يجب
sami -

صمود هذا النظام لأنه يمثل بلدا وشعبا سواء مؤيدين أو معارضين وطنيين غير مباعين , صمود لا يتعلق ببقاء بشار الأسد أو ذهابه, بشار الأسد هو مجرد شخص تم الإجماع عليه كأفضل إختيار لزعامة سوريا

كان يجب
sami -

صمود هذا النظام لأنه يمثل بلدا وشعبا سواء مؤيدين أو معارضين وطنيين غير مباعين , صمود لا يتعلق ببقاء بشار الأسد أو ذهابه, بشار الأسد هو مجرد شخص تم الإجماع عليه كأفضل إختيار لزعامة سوريا

رد على تعليق & ;كان يجب& ;
مالك حسن -

العام 1963 رأى العسكر الفلاحون المنتسبون لحزب البعث أنهم الخيار الأفضل لقيادة سوريا وكل الأمة العربية. ثم رأينا وجوها قبيحة توالت على حكم سوريا وتصارعت على امتلاك البلد بكل الأسلحة المتاحة. إلى أن جاء العام 1970 عندما تمكن حافظ الأسد من وضع الجميع في السجون وقرر الاحتفاظ بسوريا ملكا خالصا له ولأولاده من بعده وللأبد، فبنى من فلاحي العلويين جيشا وحرسا وأجهزة أمنية فتاكة لا مهمة لها سوى الحفاظ على وجود نظامه. مات حافظ الأسد فورثه ابنه بشار بعد أن أفشل القدر توريث باسل. أنجب بشار حافظ الثاني ليرثه بعد ما كان يعتقده عمرا طويلا. عبر خمسين عاما ذابت الدولة السورية وتحولت لمجرد أجهزة أمنية فلاحية أمية يمسك خيوطها الرئيس. الآن تقول أن بشار هو الخيار الأفضل؟ وهل مارس الشعب السوري خلال نصف قرن أي نوع من الخيارات؟

رد على تعليق & ;كان يجب& ;
مالك حسن -

العام 1963 رأى العسكر الفلاحون المنتسبون لحزب البعث أنهم الخيار الأفضل لقيادة سوريا وكل الأمة العربية. ثم رأينا وجوها قبيحة توالت على حكم سوريا وتصارعت على امتلاك البلد بكل الأسلحة المتاحة. إلى أن جاء العام 1970 عندما تمكن حافظ الأسد من وضع الجميع في السجون وقرر الاحتفاظ بسوريا ملكا خالصا له ولأولاده من بعده وللأبد، فبنى من فلاحي العلويين جيشا وحرسا وأجهزة أمنية فتاكة لا مهمة لها سوى الحفاظ على وجود نظامه. مات حافظ الأسد فورثه ابنه بشار بعد أن أفشل القدر توريث باسل. أنجب بشار حافظ الثاني ليرثه بعد ما كان يعتقده عمرا طويلا. عبر خمسين عاما ذابت الدولة السورية وتحولت لمجرد أجهزة أمنية فلاحية أمية يمسك خيوطها الرئيس. الآن تقول أن بشار هو الخيار الأفضل؟ وهل مارس الشعب السوري خلال نصف قرن أي نوع من الخيارات؟

الماجورين
طريبش -

بشار الاسد افضل بكثير من بعض الانظمه العربيه لماذا لاتكتب عنها ام انك تبيع لمن يشتري

الماجورين
طريبش -

بشار الاسد افضل بكثير من بعض الانظمه العربيه لماذا لاتكتب عنها ام انك تبيع لمن يشتري

نهاية حكم المافيات
اردني -

المرحله الحاليه في تاريخ الوطن العربي هي مرحلة نهاية حكم الاقليات والمافيات التي ارسى قواعدها الاستعمار البريطاني والفرنسي وبداية الديموقراطيات العربيه التي سوف تفتح الباب للفوضى الخلاقه التي تريدها الولايات المتحده لضمان مصالحها في المنطقهنظام بشار هو احد الانظمه المستهلكه غير القابله للاصلاح لانه نظام طائفي بامتياز ولذلك لا بد من استبداله بنظام اكثر مرونه لتحقيق مصالح الغرباصحى يا نايمالانظمه القادمه اسوأ من الانظمه الزائله

نهاية حكم المافيات
اردني -

المرحله الحاليه في تاريخ الوطن العربي هي مرحلة نهاية حكم الاقليات والمافيات التي ارسى قواعدها الاستعمار البريطاني والفرنسي وبداية الديموقراطيات العربيه التي سوف تفتح الباب للفوضى الخلاقه التي تريدها الولايات المتحده لضمان مصالحها في المنطقهنظام بشار هو احد الانظمه المستهلكه غير القابله للاصلاح لانه نظام طائفي بامتياز ولذلك لا بد من استبداله بنظام اكثر مرونه لتحقيق مصالح الغرباصحى يا نايمالانظمه القادمه اسوأ من الانظمه الزائله