فضاء الرأي

اغتيال عرفات... والتعتيم بالإضاءة!؟

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

لطالما كان الإعلام مهنة ذات أبعاد إنسانية رسالية تهدف إلى نقل معاناة الناس وإيصال صوتهم إلى أصحاب الشأن والاختصاص، وتسليط الضوء على الأزمات والمشكلات والحيثيات التي لا يصل فيها صوت المواطن في الدولة الوطنية الحديثة، من خلال الطرق والسبل الاعتيادية.
قضية اغتيال الزعيم الفلسطيني التاريخي ياسر عرفات أبو عمار عادت لتحتل مشهد الحدث الفلسطيني والعربي (وربما الدولي مستقبلاً) بعد تقرير استقصائي بثته قناة الجزيرة القطرية حول ملابسات وحيثيات اغتيال الزعيم الفلسطيني، التي تم التكتم عليها حينها وفق توافقات فلسطينية- عربية - دولية لتمرير أحداث واستحقاقات معينة.
الجزيرة القطرية "مشكورة" على جهدها وسعيها إلى استكشاف الحقيقة، والوقوف على معالم جريمة يعلم أصغر طفل فلسطيني، كما قال مستشار الرئيس الفلسطيني السابق بسام أبو شريف، أنها وقعت اغتيالاً وبتواطؤ كبير من أكثر من جهة فلسطينية وعربية ودولية، لكن الطريف في الأمر، والشيء بالشيء يذكر، أنه إذا كانت قناة الجزيرة المصنفة ضمن سياق القنوات "المغرضة" و"المثيرة للفتنة" وفق تصنيف بعض التيارات العربية، التي اضمحلت مع مرور الوقت، تحاول "إثارة الفتنة" الداخلية الفلسطينية، وتسليط الضوء بعيداً عن الملف السوري الأكثر تعقيداً وإلحاحاً في الوقت الراهن، لغايات وأغراض إراحة المشتبكين والمنخرطين في الملف من التركيز الإعلامي على تحركاتهم، فما بال بعض القنوات "الموالية" (كالميادين) على سبيل المثال، تنخرط في سياق الضجة الإعلامية، وتشارك "الجزيرة" حملتها من خلال بث تقرير عن جاسوس اعترف فيه بتسميم الرئيس أبو عمار، بصرف النظر عن القيمة الإعلامية للتقرير ذاته، والذي لا يرقى إلا إلى اعتباره "وسيلة إثبات" يمكن أن تستخدمها السلطة الفلسطينية تالياً لاتهام القناة "بالتضليل الإعلامي"!؟
والحال أن انسداد أفق الأزمة السورية وسبل إيجاد حلول سياسية أو توافقية لها، قد يكون الدافع وراء إطلاق هذه الحملة الإعلامية للتعتيم على الشأن السوري من خلال إبراز وتسليط الضوء على ملف كاد ينسى بالنسبة للمشاهد العربي والدولي، وهو الملف الفلسطيني، ومن أفضل من ملف اغتيال الرئيس الراحل أبو عمار لإعادة الحياة والضوء إلى الملف الفلسطيني في ظل انسداد الملفات والتفرعات الأخرى، كالمصالحة وحكومة الوحدة الوطنية والانتخابات وحصار غزة....
لا يمكن بحال من الأحوال غض الطرف عن موقف السلطة الفلسطينية التي سارعت إلى إبداء الرغبة في التعاون حول ملف التحقيق باغتيال عرفات، ولنا أن نسأل: هل المسارعة في التعاون أو إبداء الرغبة في الكشف عن ملابسات الاغتيال الآن لا يخدم السلطة التي وصلت إلى طريق مسدود على مستوى التفاهمات السياسية، وبدأت شعبيتها تتآكل بعد مظاهرات رام الله الاحتجاجية على زيارة موفاز والتنسيق الأمني واتفاق أوسلو برمته، وبعد أن علقت السلطة على رأس شجرة الذهاب إلى الأمم المتحدة للاعتراف بدولة فلسطينية كاملة العضوية، واصطدامها بالرفض الأمريكي والغربي، وعقابها على تلك المحاولة "اليائسة" بتخفيض المعونات المالية الدولية لها؟
المشكلة في جريمة اغتيال أبو عمار أن ذاكرة الناس القريبة لم تنس بعد تواطؤ النظام المصري البائد (ممثلاً باللواء عمر سليمان مسؤول الملف الفلسطيني حينها) مع حكومة شارون ومن والها في الولايات المتحدة، للتخلص ممن أدرك أخيراً (أبو عمار) أن أفق التسوية السياسية قد وصل إلى سد لا منفذ منه، فأطلق الكفاح الشعبي ويد حركة حماس وكتائب شهداء الأقصى بالذات، لمواجهة ما وصلت إليه العملية السلمية.
هو التعتيم إذن على الملف السوري والتقاط الأنفاس ريثما يتم التوافق والاتفاق على مخرج سياسي، من خلال تسليط الضوء على الملف الفلسطيني الأكثر إلهاباً للمشاعر الشعبية الفلسطينية والعربية، ملف اغتيال أبو عمار، وهو ملف قد يكشف الخوض فيه عن حجم التضليل الذي قد مورس أو سوف يمارس لتوريط بعض الأطراف الفلسطينية في جريمة التواطؤ أو السكوت عن التحقيق في الجريمة حتى اليوم، وقد يفضي إلى توريط البعض بالتزامات قانونية وسياسية إذا ما قرر العرب والفلسطينيون الذهاب بالملف إلى محكمة الجنايات الدولية لنخرج بصيغة من التوافقات والاتفاقات حول ضرورة تمرير ملفات أخرى (اغتيال الحريري واتهام الرئيس البشير وغيرهما) مقابل السماح بتشكيل محكمة دولية جديدة.. "قد" لا تسمن أو تغني من جوع، في ظل انكشاف القاتل واتضاح هويته.

... كاتب وباحث
hichammunawar@gmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
خلصونا من نظريات المؤامرة
رياض -

يعني بعدين؟ هي السلطة الفلسطينية خلصت مشاكلها؟ ولا بدهم يلهوا العالم بمشكلة جديدة؟ خلصونا عاد! ما اشطرنا باختراع نظريات المؤامرة وبعدين بنصدق حالنا وبنجري خلف سراب وبنعطل كل شي وبنلتهي بالتفاهات

خلصونا من نظريات المؤامرة
رياض -

يعني بعدين؟ هي السلطة الفلسطينية خلصت مشاكلها؟ ولا بدهم يلهوا العالم بمشكلة جديدة؟ خلصونا عاد! ما اشطرنا باختراع نظريات المؤامرة وبعدين بنصدق حالنا وبنجري خلف سراب وبنعطل كل شي وبنلتهي بالتفاهات

ما يحتاجه الفلسطيني
أحلام أكرم -

بغض النظر عن رأي الشخصي في طريقة إدارة عرفات للصراع العربي - الفلسطيني الإسرائيلي .. إلا أنني لا أستطيع إنكار أنه أصبح رمزا للكفاح الفلسطيني وإن كانت أخطاؤه أكبر من إنجازاته .. فتح هذا الملف ومحاولة إستقصاء الحقيقة ستكلف السلطة الفلسطينية أموالا طائلة .. إضافة إلى أنه حتى وإن عرفت الحقيقة واكتشف القاتل .. فستمرر القضية مرة أخرى .. هل كل هذا سيعيد عرفات إلى الحياة ؟؟؟ الإنسان الفلسطيني أولى بالأموال التي ستصرف على القضية .. إن كان هناك من تحقيقات يجب أن تجرى على ملفات الفساد . وإستعادة الأموال المسروقة من الإنسان الفلسطيني الكادح .. إن كان هناك من تحقيق فيجب أن يتم مع السلطات الفرنسية التي كانت تتساءل عن وصول 12 مليون دولار لزوجته قبل شهر من وفاته .. ثم طوت الملف .. الوضع العربي يزيد تعقيدا وسوءا .. ولا داعي لإستغلال القضية الفلسطينية لإلهاب مشاعر العرب .. كل ما يحتاجه الإنسان الفلسطيني من الجميع الآن بما فيها إسرائيل .. إحترام كرامته الإنسانية وحقه في الحياة مثل بقية البشر .. أن لا يتمرمط على الحدود والمعابر .. أن يعيش بكرامة في أي بلد يختاره للإستقرار والحياة . أن يحلم ويعمل من أجل مستقبل زاهر لأبناؤه .. مثل بقية البشر فقط لا غير ...

ما يحتاجه الفلسطيني
أحلام أكرم -

بغض النظر عن رأي الشخصي في طريقة إدارة عرفات للصراع العربي - الفلسطيني الإسرائيلي .. إلا أنني لا أستطيع إنكار أنه أصبح رمزا للكفاح الفلسطيني وإن كانت أخطاؤه أكبر من إنجازاته .. فتح هذا الملف ومحاولة إستقصاء الحقيقة ستكلف السلطة الفلسطينية أموالا طائلة .. إضافة إلى أنه حتى وإن عرفت الحقيقة واكتشف القاتل .. فستمرر القضية مرة أخرى .. هل كل هذا سيعيد عرفات إلى الحياة ؟؟؟ الإنسان الفلسطيني أولى بالأموال التي ستصرف على القضية .. إن كان هناك من تحقيقات يجب أن تجرى على ملفات الفساد . وإستعادة الأموال المسروقة من الإنسان الفلسطيني الكادح .. إن كان هناك من تحقيق فيجب أن يتم مع السلطات الفرنسية التي كانت تتساءل عن وصول 12 مليون دولار لزوجته قبل شهر من وفاته .. ثم طوت الملف .. الوضع العربي يزيد تعقيدا وسوءا .. ولا داعي لإستغلال القضية الفلسطينية لإلهاب مشاعر العرب .. كل ما يحتاجه الإنسان الفلسطيني من الجميع الآن بما فيها إسرائيل .. إحترام كرامته الإنسانية وحقه في الحياة مثل بقية البشر .. أن لا يتمرمط على الحدود والمعابر .. أن يعيش بكرامة في أي بلد يختاره للإستقرار والحياة . أن يحلم ويعمل من أجل مستقبل زاهر لأبناؤه .. مثل بقية البشر فقط لا غير ...