أصداء

التواءات تواجه الثورة السورية

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

العنف ليس أداة سياسة فقط، وإنما تعبير عن رفض مطلق لكل السياسة أيضا،هكذا هو عنف العصابة الأسدية..العنف ضد المجتمع السوري مقنع ولم يكن مخفي،عمره اربعة عقود..الآن هذا العنف وجد من يقول له: لا...لكن العنف لايولد سوى العنف خاصة عند من اعتاد عليه كوسيلة رئيسية وأساسية في السيطرة المشخصنة ولأنها كذلك فهي رفض للسياسة مطلق... لهذا لم تستغرق العصابة الأسدية وقتا لكي تواجه أطفال درعا بالرصاص الحي،لأنه خيار محسوم، وقائم أصلا. العنف هو فساد السياسة والأخلاق والانتماء، وبغير ذلك لا يمكن لسلطة عنفية أن تستمر. ما يميز عنف آل الأسد عن نظرائهم في العالم هو نظرتهم لبقية الشعب السوري، أنه شعب لايستحق حتى الرشوة!!! كما تفعل بعض الانظمة المشابهة عندما تواجه حالة طارئة... هذا الحضيض يعبر عن أهم أس من أسس هذا العنف الأسدي...

الشعب السوري لم يمارس العنف بحق بعضه في كل تاريخه المعاصر...إلا بعد أن جاءت سلطة مولدة للعنف..بكافة أشكاله..وسيبقى شعبنا يعيش ذيول هذا العنف حتى يتم تجاوزها عبر الحرية ومؤسساتها وفضاءها القيمي ودولة قانونها...بعد أن مارس هذا العنف كل أشكاله المعروفة وغير المعروفة بحق شعبنا اطفالا ونساء وشبابا وشابات كانوا يوجهونه بالتظاهرات السلمية..وعند تشكل الجيش الحر، كما هو معروف للجميع وما هي اسباب الانشقاقات منه، لجأ النظام الأسدي إلى خطوة اخرى وهي تدمير المدن والقرى وخاصة من خرجت في التظاهرات، بحجة وجود جيش حر...لهذا الالتواء الأول هو ناتج عن موقف دولي متواطئ أن العنف متبادل...وهذا كلام غير صحيح وتجني واضح، لأن هنالك فارق في التاريخ والشرائع الوضعية والسماوية بين المعتدي بالعنف وبين حق الدفاع عن النفس...ولا يوقف العنف إلا قبول السياسة، والنظام العصابة رافض لأي سياسة، أو بقوة أقوى! وماعدا ذلك يعتبر إعطاء فرص لمزيد من العنف.. يتحمل مسؤولية العنف بمواجهة ثورة شعبنا في سورية، العصابة الاسدية من جهة وتخاذل المجتمع الدولي وتواطؤاته من جهة أخرى..حيث لايزال هذا التواطؤ ساري المفعول، حتى اللحظة، وهذا أيضا ماجعل سورية أرضية لزيادة انتشار السلاح من أجل الدفاع عن النفس بمواجهة هذه المجازر الفظيعة التي ترتكبها هذه العصابة...هذا التواء واجه الثورة السورية منذ البدء..ولايزال...

الالتواء الثاني كان نتاج للالتواء الأول ومحاولة تزمين الوضع التدميري العنفي هذا من قبل محصلة التوازنات الدولية في تعاملها مع شعب يذبح بوصفه ملف سياسي. انتشار البنية التآمرية بشكل سريع، وتسويق فكرة متداخلة أن هنالك مشكلة مزدوجة وهي تتعلق بعدم وحدة المعارضة السورية والخوف من التشدد الاسلامي والاسلاميين.لم تستطع المعارضة السياسية أن تقدم استراتيجية واضحة في تحميل المجتمع الدولي مسؤولية الجريمة أيضا..فتفنن هذا المجتمع الدولي وبعض أطرافه في ستر تواطئهم بمثل هذه المقولات..ساعدهم في ذلك اختراق واسع لاستخبارات العصابة الحاكمة لأطر المعارضة أو من تسمى كذلك..وتطهر مخزي وسخيف في الواقع من قبل قوى معارضة اخرى أنها ترفض التدخل العسكري الدولي، وهذا ما جعل الاطراف الدولية تستسهل اتهام المعارضة بالتشرذم..وبكل وضوح نتحدث أيضا عن تشتت التيار الليبرالي الديمقراطي لكثرة مدعيه وزعاماته من جهة، وفشل نسبي للتيار الاسلامي في الخارج بما فيهم الاصدقاء في جماعة الاخوان المسلمين في أن يكونوا، طليعة حقيقية لاختراق هذا النسق السياسي الملتوي..وهنالك فارق بين أن تقود مؤسسات فاشلة وتفرغ قسما كبيرا من طاقاتك من أجل البقاء في موقع القيادة، وعلى برنامج مفارق لمطالب الثورة، ولنلاحظ مفارقة بسيطة، الصديق زهير سالم الناطق الرسمي باسم الجماعة يؤكد في مقالاته، وتعليقاته على موضوعة تحميل المجتمع الدولي مسؤولية مايجري من جهة ويطالبه بتحمل مسؤولياته وفقا للبند السابع من ميثاق الامم المتحدة، بينما الجماعة في المجلس الوطني وغيره من نشاطاتها، تحاول عرقلة اي طلب بالتدخل الدولي رسميا..! وهذا ما صرحت به وزيرة الخارجية الأمريكية بعد انتهاء مؤتمر اصدقاء سورية في باريس منذ أقل من شهر حين قالت في مؤتمر صحفي" اننا لم نتلق طلبا من اية جهة معارضة سورية بالتدخل".

وهذا ما جعل المجلس الوطني كسيحا في بعض اللحظات الحاسمة، وتجلى ذلك في محطتين مهمتين: الأولى مؤتمر القاهرة للمعارضة السورية..والثانية تسليم عصابات الأسد لبعض المناطق في الجزيرة السورية لقوات حزب الاتحاد الديمقراطي- الفرع السوري لحزب البي كي كي الكردي التركي، هذا التسليم الذي يعد بداية لتطور سيناريو سقوط العصابة الأسدية التقسيمي لسورية، في حال خسرت معركتها.. في الواقع هو ليس سيناريو تقسيمي بالمعنى المطروح من قبل بعض المحللين بل هو عبارة عن إدخال سورية في نفق التنازعات الأهلية الطويلة المدى..لأن التقسيم ليس سوى فرضية تطرح لكي يتم من خلالها تسويق آل الأسد مرة أخرى...لم يكن للمجلس الوطني أي حضور رغم محاولة الكتلة الكردية الموجودة فيه التعليق على الحدث دون أن يكون لها فعل حقيقي على الارض..وهذا ما جعل الدول تبدأ بتقليص مساحة المجلس الوطني في علاقاتها بملف المعارضة السورية..البنية التآمرية تخلق وضعا مفاجئا دوما، وهذا ماكنا نحذر منه دوما...والتي هي وفرة من قيام الاجهزة الاستخباراتية في تغيير الوقائع على الارض بشكل سري وجعل الوقائع الجديدة كأمر واقع لامفر منه..

اما الالتواء الثالث فهو يتعلق بابراز الملف الطائفي ووضع الأقليات في سورية بطريقة وكأن الأكثرية السنية هي الحاكمة، وهي من تغتصب حقوق الأقليات من جهة أو لكون هذه الأكثرية تسعى لقيام نظام سني مخيف للأقليات والجميع يعرف أن هذا محض كذب وافتراء لاعتبارات عديدة كتبت وكتب عنها كثر من السوريين..فباتت الضحية في وضع تقتل يوميا وبنفس الوقت مطلوب منها أن تقدم ضمانات لمن هم متحالفي مع العصابة الحاكمة..لأن الأقليات المنخرطة بالثورة، هي جزء أصيل ومقرر في هذه الثورة..فلا تجد أن هذه المسألة مطروحة وتعتبرها نفاقا روسيا- عندما اعلن سرغي لافروف خوفه على المسيحية في سورية- او غربيا...هذا من أخطر الالتواءات التي واجهت وتواجهة الثورة... مثال" مجلة دير شبيغل الألمانية الواسعة الانتشار تنشر تحقيقا غير مهني عن ان الأقلية المسيحية مستهدفة من قبل الجيش الحر، علما ان هذا التحقيق كما يسمى لم يقدم معلومة واحدة موثقة...بينما لم تكلف نفسها عناء نشر تحقيقا واحدا عما يجري من مجازر ومذابح على أيدي العصابة الأسدية..لم نجد أحدا ممن يطالبون بهذه الضمانات تحدث عن عصابة أسدية أصولية بالمعنى الطائفي...وهنا لابد من توضيح أن هذه الاصولية الطائفية السياسية لاتعني أبدا تحميل جماهير الطائفة المسؤولية، ولا تعني غياب دعم ما للثورة من قبل ناشطين منحدرين من الطائفة..لأن الثورة لكل السوريين كانت بالانطلاق وستبقى بعد سقوط العصابة...الالتواء الرابع الذي بدأ يظهر نتيجة لهذه الالتواءات المذكورة هو بروز تشدد عند الكثير من أفراد الشعب السوري ومن كل الطوائف والاديان والقوميات..رغم أنه محدود التأثير حتى اللحظة إلا انه إن لم يعالج سيضاف كإشكالية إلى الوضع السوري.. وهذا ما تريده العصابة الأسدية ومن معها دوليا...

الالتواء الخامس..لا أعرف هل مكتوب على شعب سورية أن يبقى محكوم من هذه العصابة بغض النظر عن أي شيئ..!!! وهذا هدف الثورة والجميع يحاول نسيانه...فكل الاشكاليات لاتعني أبدا استمرار هذه العصابة في حكم البلد...شعبنا لم يقم بثورته هذه لأنه اسلامي متشدد، وليس لأنه يريد العنف، وليس لأنه طائفي.شعبنا قام بثورته لأنه يريد أن يعيش بسلام في دولة محترمة كباقي دول العالم..دولة ديمقراطية.
إشكاليات جدية مطلوب مواجهتها ومعالجتها...

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لا يزال يكتب
ريحانة -

مخالف لشروط النشر

لا يزال يكتب
ريحانة -

مخالف لشروط النشر

هي الحقيقة
safwan -

صف روبرت فيسك في مقاله المنشور في صحيفة الاندبندنت أون صنداي بكلمات لاذعة موقف وخطاب الحكومات والرأي العام في الشرق والغرب على حد سواء من القتل وسفك الدماء الذي تشهده سوريا.ويشير فيسك الى ما يراه مفارقة صارخة في أن قطر والسعودية تدعمان المسلحين الذين يسعون لتحقيق الديمقراطية بينما هي مفقودة في كلا البلدين، وتشجع الولايات المتحدة الدعم السعودي-القطري دون أن تلفت المفارقة انتباهها.في قطر كما في السعودية نظام الحكم وراثي، كما هو حال النظم الذي وصل من خلاله بشار الأسد الى الحكم الذي ورثه عن أبيه الرئيس السابق حافظ الأسد.ويقول فيسك إن النظام السعودي الوهابي يتحالف مع السلفيين من المعارضين السوريين، كما كان سابقا يتحالف مع نظام طالبان في باكستان، ويشير إلى أن 15 من أصل 19 عنصرا من الذين نفذوا هجمات الحادي عشر من سبتمبر في الولايات المتحدة كانوا من أصل سعودي.كما يشير الكاتب الى أن النظام السعودي يقمع الأقلية الشيعية في بلاده.ثم ينتقل الكاتب الى المفارقة في موقف حزب الله الذي يدعم نظام الاسد، وهو الذي على مدى 30 عاما كان في صف الشيعة المقموعين في جنوب لبنان الذين عانوا من العدوان الإسرائيلي.قدم الحزب نفسه على أنه المدافع عن حقوق الفلسطينيين، لكنه لم يتحالف مع المطالبين بالحرية في سوريا، يقول فيسك.ويعود فيسك الى الولايات المتحدة فيشكك في مصداقيتها حين تنتقد القمع والتعذيب الذي يمارسه النظام السوري، وهي التي الى عهد قريب كانت ترسل المشتبهين الى ذلك النظام تحديدا ليقتلع اظافرهم من أجل انتزاع الاعترافات.وماذا عن العراق الذي جلبنا له الحرية والديمقراطية؟ يتساءل الكاتب، ويذكر أن العراق شهد 29 هجوما في 19 مدينة خلال يوم واحد، ومقتل 111 مدنيا، وهذا كله "من نتائج أفعالنا هناك".ثم يختم فيسك مقاله بالقول ان السعي لضرب الدكتاتورية السورية لا يعود الى محبتنا للشعب السوري أو كراهيتنا لصديقنا السابق بشار وليس بسبب غضبنا من روسيا، بل بسبب رغبتنا في توجيه ضربة إلى النظام في إيران من خلال ضرب حليفه.