أصداء

الثورات العربية واتفاقية سايكس- بيكو

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

دفع الشهيد التونسي محمد بوعزيزي حياته ثمنا لبدء ثورة أسقطت نظام بن علي ودفع الشباب العربي من بعده الى عدم القبول بالحياة القاسية والذل بينما يعيش قلة قليلة في رفاهية ونعيم، وجرر مع صعود روحه الى السماء أرواح أنظمة عربية ديكتاتورية عسكرتارية مضت على تسلمها السلطة عقود من الزمن. ان عقود الحكم الديكتاتوري العربي في أكثرية دول الشرق الاوسط أو دول اتفاقية سايكس- بيكو المشؤومة الموقعة بين بريطانيا وفرنسا في بدايات القرن الماضي، أفرزت أنظمة سياسية غريبة عجيبة في فسادها وخرابها وهضم حقوق مواطنيها في الحرية والتعبير عن الرأي وأبسط الحقوق الاساسية من ديمقراطية بكل دلالاتها ومعانيها. ان العقلية المتحجرة من لدن الانظمة الانفة الذكر دفعت بالعالم الى حسم أمرها تجاه الانسان الشرق أوسطي الذي أصبح انسان من المرتبة الثانية وغير قابل للتطور، وأصبح مع الاسف دول اتفاقية سايكس- بيكو من أوائل دول التخلف سياسيا واقتصاديا واجتماعيا.

أن اعادة رسم الخرائط السياسية والادارية للشرق الاوسط وابطال مفعول اتفاقية سايكس- بيكو المشؤومة وتفعيل الخرائط البديلة التي تأخذ بنظر الاعتبار التكوين الاجتماعي والثقافي واللغوي للقاطنين في هذه المنطقة الغنية بثرواتها والفقيرة في طبيعة ادارة امورها، اصبحت اليوم مواضيع قابلة للنقاش والبحث والفهم. ان الخلل الموجود في اتفاقية سايكس- بيكو التي دقت الثورات العربية اولى مسامير نعشها (ما أتمناه)، تكمن في طبيعتها الاستعمارية حيث ان الحدود الادارية للدول الناتجة عنها رسمت على أساس فرق تسد، أي التقسيم على أساس سهولة السيطرة على ثرواتها ومقدراتها لقرون من الزمن.

اننا نعيش في عصر أصبح فيه العالم منظومة مفتوحة ومن يريد ان يعيش في بلد منغلق ليس له في هذا العصر (بكل ما يملك من مزايا التنوير والعلم والرفاهية والعيش الكريم) لا حظ ولا نصيب. وفي هذه المنظومة المفتوحة كل المواضيع ذات الصلة بالقاطنين في منطقة الشرق الاوسط قابلة للنقاش والنظر فيها من جديد.

أن الجيل الجديد الصاعد من أبناء الشرق الاوسط ومن الثوريين الجدد سوف يبطلون عمليا اتفاقية سايكس - بيكو وسوف يبحثون عن خارطة جديدة أقرب من توجهات وخرائط لورنس العرب الذي ربط بين الأنسان والأرض، فمن غير المعقول فرض حدود استعماريّة على ملايين من البشر بدون رضاهم. أعتقد بأن منطقة الشرق الاوسط سوف تنعم بسلام أكثر اذا ما سنحت لقاطنيها اعادة رسم خارطة الشرق الاوسط من جديد بما يتطابق مع تطلعات أهلها لا مع اتفاقية سرية ابرمت في القرن الماضي من أجل مطامع استعمارية تدوم لقرون.

باريس

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف