أصداء

الرئيس مرسي وقيود كامب ديفد

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

حدثان مهمان شهدتهما مصر مؤخرا يجعلان من معاهدة كامب ديفد الموقعة بين مصر واسرائيل موضوعا للبحث من حيث اهميتها لأمن مصر والمطالبات بين الغاءها او تعديلها.
الحدث الاول الذي شهدته مصر يتمثل بالتغيير الذي حصل فيها واجراء انتخابات ورئاسية في هذا البلد الذي لم يشهدها منذ اكثر من اربعين سنة وذلك بسبب غياب الديمقراطية والحدث الثاني هو جريمة سيناء التي ادت الى مقتل الجنود المصريين.

من القضايا المهمة التي يواجها حكم الرئيس محمد مرسي ذو الخلفية الاسلامية هو مستقبل معاهدة كامب ديفد التي كانت محل انتقاد من قبل جماعة الاخوان المسلمين والذين كانوا من المعارضين لها، لكن بعد وصول الاخوان الى السلطة وتولي محمد مرسي مقعد الرئاسة بدأ هذا الخطاب يخف وجرى تطمين اسرائيل وامريكا بأن هذه الاتفاقية ستحترم ولن تطرح للاستفتاء الشعبي. وهنا تظهر ازدواجية الخطاب لان اطلاق الشعارات قبل الوصول الى الحكم لاستدرار عطف الناس تختلف عما تكون عليه بعد الوصول الى الحكم.
يبدو ان الرئيس محمد مرسي حتى الان ملتزم باحترام اتفاقية كامب ديفد لانه لم تصدر عنه اي اشارات على طرح هذه الاتفافية للنقاش او اي التزام بتغيير اي بند من بنودها، وعند تقلده منصب الرئاسة كان قد طمأن اسرائيل باحترام الاتفاقيات الموقعة.

ان التغيير الاخير الذي اقدم عليه مرسي بإقالة وزير الدفاع والأركان وتعزيز سلطته اصبح هو المسؤول عن اتخاذ القرارات بشأن القضايا المهمة داخليا وخارجيا ولا بد ان تزداد عليه الضغوط الشعبية فيما يتعلق بهذه الاتفاقية.

لا شك انه وبعد تحقيق معظم مطالب الثورة المصرية على الصعيد الداخلي، فان مسألة تعديل او الغاء اتفاقية كامب ديفد ستكون في المرحلة القادمة مرشحة للجدل في الشارع المصري وسترتفع الاصوات المطالبة بتعديلها، فالشعب المصري يتطلع الى التحرر من قيود هذه الاتفاقية، ومن غير المعروف كيف سيتم التعامل مع هذه الاتفاقية في المستقبل.
هذه المعاهدة كانت مقدسة بالنسبه للنظام السابق الذي لم يغير ولم يطالب بأي تعديل او الغاء لأي من بنودها والتي تعتبر صك استسلام لمصر مقابل مساعدات مالية وعسكرية وتدرك مصر انه في حال اي تغيير بهذه الاتفاقية لا يصب في مصلحة اسرائيل ستفقد مصر المساعدات الامريكية بالرغم من ان هذه المساعدات لا تذهب للشعب المصري وانما المستفيد من هذه المساعدات هي المؤسسة العسكرية فقط.

اما الحدث الثاني الذي يجعل من هذه الاتفاقية سببا للنقاش والجدل هو الهجوم على الجنود المصريين في سيناء الذي اثار الغضب الشعبي المصري بتحميل كافة السلطات المصرية مسؤولية التقصير بحماية امن مصر.

لكن نسي الكثيرين بأن معاهدة كامب ديفد التي كانت من المفروض ان تضمن لمصر الاستقرار والامن هي السبب لوقوع مثل هذه الاحداث في سيناء نتيجة الشروط المذلة التي تضمنها الملحق الامني لهذه الاتفاقية الذي ضمن امن اسرائيل على حساب الامن المصري دون اخذ الاحتياجات الامنية المصرية بعين الاعتبار.

ان هجوم سيناء أظهر نقاط الضعف المصرية على الصعيد الامني في سيناء بسبب هذه الاتفاقية التي ادت الى نشوء حالة من الفراغ الامني على الحدود مع اسرائيل، كوجود عدد محدود من الجنود المصريين وايضا تحديد نوعية الاسلحة التي يجب ان تكون بحوزتهم.

ان حالة الاهمال والفراغ الامني ادى الى جعل شبه جزيرة سيناء معقل للمتطرفين الاسلاميين ونقطة انطلاقهم، وما تحرُك الجيش المصري لمحاربة هؤلاء المتطرفين إلا نقطة البداية لتأمين الحدود وممارسة السيادة على هذه الارض المصرية، والدفاع عن امن مصر القومي يبدأ أيضا بتعديل اتفاقية كامب ديفد والتحررمن قيود هذه الاتفاقية، لان المستفيد الاكبر منها هو اسرائيل.

بينت حادثة سيناء كم كانت هذه الاتفاقية مجحفة بحق مصر واظهرت اهمية مراجعتها الان وكان بالأحرى توجيه الانتقاد والغضب الشعبي ايضا لهذه الاتفاقية التي كبلت مصر واضعفتها ونالت من هيبتها امام اسرائيل والعالم.

تعتبرهذه الاتفاقية اكبر هدية حصلت عليها اسرائيل في تاريخها لان هذه المعاهدة تعتبر نصرا بحد ذاته لاسرائيل وانجازا عظيما بتحييد اكبر دولة عربية عن الصراع العربي الاسرائيلي. فإذا السادات وحسني مبارك الذين دافعوا عن هذه الاتفاقية التي اذلت مصر ومرغوا انفها في التراب، فهل يعمل الرئيس مرسي على استعادة كرامة مصر وشموخها ام سيتابع نفس النهج خوفا من اغضاب امريكا واسرائيل.

ان المرحلة القادمة تشكل مرحلة اختبار للحكومة الجديدة والرئاسة المصرية في ظل الاوضاع الجديدة التي تعيشها مصر نتيجة الربيع العربي وتغيير النظام فيها، فهم مطالبون بتحديد موقفهم من هذه الاتفاقية المذلة وتغيير قواعد اللعبة عبر اجراء بعض التعديلات على بنودها لصالح مصر.


كاتب وصحافي فلسطيني
ielcheikh48@gmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف