أصداء

الإعلام المصري وصناعة الديكتاتور

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

يبدو أن صناعة "الديكتاتور" صناعة عربية بامتياز، حين غاب الرئيس العراقي الراحل " صدام حسين" عن الساحة، أعقب ذلك سنوات من التغييرات المتلاحقة إنتهت بانتخابات، أوصلت "نوري المالكي" لرئاسة الحكومة، حين أستتب له الأمر، شرعت وسائل الإعلام العرقية في البحث عن الحاكم الجديد لتمجيده، شاهدت ذلك بعيني في قناة "العراقية" التي تبث من بغداد، وغيرها، تناقشت مع زميل الصحفي العراقي "يوسف الحسيني " حين كنت اغطي القمة العربية في اواخر مارس الماضي، أكد لي يوسف أن ذلك ما حدث بالفعل.
تذكرت هذه القصة وأنا اطالع غلاف مجلة "أكتوبر" المصرية، وقد ظهر عليه صورة الرئيس المصري "محمد مرسي" يمتطي جواداً، وكتب بالبنط العريض "وتنطلق الثورة"، رغم أن الرجل ليس فارساً، ولم يركب من الدواب التي تمشي على اربع سوى الحمار، بحكم أنه ريفي بسيط مثلنا، شعرت بالاشمئزاز، وكأننا لم نقم بثورة الخامس والعشرين من يناير 2011، التي أطاحت بالزعيم الملهم الذي لا يُخطىء، ويؤشر ذلك الى أن صحفاً، ومجلات، وقنوات تليفزيونية يخيل للقائمين عليها أنهم لن تقوم لهم قائمة مالم يُمجدوا الحاكم في العهد الجديد.

لم يمضي "مرسي" في الرئاسة سوى اقل من شهرين، ونسمع عن بلاغات ضد صحفيين وإعلاميين تتهمهم بإهانة الرئيس، ومحاولات لإخراس الألسنة، وقصف الأقلام، ووقف القنوات والصحف بقرار اداري، وهو سياسة عقاب جماعي يتضرر منها العاملون بهذه الوسائل، لا ذنب لهم سوى أنهم يعملون في هذه الوسائل الاعلامية، مع أن القاعدة هي محاكمة من أخطأ فقط بالقانون، ووفقا للنظام العام.

شهران فقط على تولي "مرسي" حكم مصر، ونرى عشاق التهليل والتطبيل للرئيس، عادوا ليتصدروا الواجهة فى بعض وسائل الإعلام، الرئيس "مرسي" لا يحتاج لكل هذا الطبل والزمر، فالرجل جاء عبر صندوق الانتخاب في أول انتخابات حرة ونزيهة شهدتها مصر، ولديه نوايا طيبة في النهوض بهذا البلد، وإصلاح احواله.

حين التقي الرئيس "محمد مرسي" مجموعة من القوى الثورية والسياسية في قصر الرئاسة مؤخرا، أكد لهم أنه لم يحرك بلاغاً واحداً ضد صحفى أو إعلامى، والرجل صادق في كلامه، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو : لماذا تسمح لاعضاء في حزب الحرية والعدالة بتحريك هذه البلاغات، اليس من الأفضل التوقف عن هذه الممارسات التي تضر صورة الرئيس؟.

لماذا لا تطالب هؤلاء " وهم "ملكيون اكثر من الملك " الكف عن هذه الافعال، ما المانع في عقد مؤتمر صحفي بحضور وسائل الإعلام، وتدلي بتصريحات واضحة عن احترام حرية التعبير عن الرأي، ليس هناك شيء يسمى "إهانة الرئيس"، فالرئيس في نهاية المطاف موظف عام، إذا أحسن نقول له أحسنت، وإذا اساء استغلال سلطاته، ولم ينجز ما وعد به الشعب نقول له اخطأت، مع الاحترام الكامل للقانون، وأحكام القضاء لابد أن تحترم في دولة القانون.

لقد بدأ الرئيس "مرسي" عهده بداية طيبة، ورفض رفع صوره فى المؤسسات والهيئات والوزارات، والمصالح الحكومية، والميادين، والأماكن العامة، الرجل يتولى الحكم في ظروف غير عادية، تراجع اقتصادي وسياسي وصناعي وزراعي وانفلات أخلاقي، ولو جاء في ظروف عادية لملأت قصصه البيوت كرجل تقي يخشى الله، وكل خطبه وعظ وإرشاد، وهذا الدور يقوم به أخرون على اكمل وجه، عليه أن يبحث عن حل لمشاكل المصريين اليومية، يأخذ العبرة من تجارب الاخرين مثل تجربة رئيس الوزراء "مهاتير محمد" في ماليزيا.

حين استلم "مهاتير محمد" مقاليد السلطة في بلده، لم يكن المجتمع مختلفاً كثيراً عن مجمعنا المصري، بلد زراعي متخلف، شعب سلبي وكسول، لا يحترم القانون، ويأخذ من الإسلام الشكل لا الجوهر، عبر الرجل عن كل هذه السلبيات في كتابه"معضلة الملايو" عام 1970، انضم لحزب "المنظمة الوطنية المتحدة" ونجح كنائب في البرلمان، ونجح بين عامي 1981 و2003 أن يجعل من ماليزيا نمرا اسيويا، حين تولى رئاسة الحكومة كان طوال هذه الفترة يقبل الانتقادات لانه كان يؤمن بحرية التعبير.

مهما كانت الظروف، المطلوب من الرئيس "مرسي " أن يحاول جاهداً إحتواء كل مؤيده ومعارضيه، فالهدف واحد هو بناء مصر الجديدة، وتذكر جيداً أنك لست مغتصباً للسلطة، وصلت إلى سدة الحكم في مصر عبر صندوق الانتخاب، لست في حاجة إلى من يريدون أن يجعلوك فوق النقد، بل في حاجة إلى كل جهد مخلص يساهم في الارتقاء بهذا البلد.
أنت رئيس منتخب بالإرادة الشعبية الحرة، وتعلم أن الشعب ثار على نظام "مبارك" لاسباب تعرفها جيداً، ومن بينها مصادرة الحريات، لا نريد أن نعيد انتاج نظام "مبارك" بمسميات مختلفة، فمصر بحاجة إلى إنجاز مشروع النهضة وفق جدول زمني محدد، وليست بحاجة لصناعة ديكتاتور أخر.

إعلامي مصري

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
كلام جميل
محمد عمر -

سياسة الاختلاف لا يعرفها الاخوان فهم تربوا على السمع والطاعة واخطر شيء ان يختلط السياسي بالديني نريد وطنا يحتوي الجميع ويقبل النقد بدون ذلك ان ننهض الى اهدافنا في تطوير مصر.

تقنين وضع الاخوان
نادية او نار -

الجماعة هي تنظيم سري ان الاوان ان تقنن اوضاعها كجمعية دعوية هذه اول خطورة يجب على مرسي اتخاذها المصريون كلهم سيحيونه على هذه الخطوة يجب الا يعيش في جلباب الجماعة فهو رئيس لكل المصريين.

العبيد وما ادراك ماالعبيد
على -

عندما يثور العبيد على سيدهم ليس من اجل الحرية بل لاستبداله بسيد اخر فما بالك بشعب تجذرت به العبودية لاكثر من خمسة الاف سنة فصارت حتى ابسط مفردات لغته اليومية تجسيدا لهذه العبودية . يحتاج المصريون لعدة اجيال حتى يتخلصوا من هذه الثقافة مع وجود النية من المؤسسة الحاكمة لتغيير هذه الثقافة مع شكى فى هذه النية

تحسين الاداء
علي رامزي -

منح فرصة للرئيس لا يعني مصادرة حرية الراي ما دام يصب في مصلحة تحسن الاداء