فضاء الرأي

أقنوم "المقاومة" والتنازع عليه

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

ظل الحديث عن "المقاومة" ورموزها ودعاتها وداعميها مثاراً للجدل، ومحطاً للنقاش، بالنسبة للفضائيات العربية وحتى نظيرتها الغربية "المستعربة"، إلى ما قبل اندلاع ثورات الربيع العربي، والتي فاجأت أنصار المقاومة بنتائجها "المبهرة"، إذ نجحت بالقضاء على اثنين من أكثر الأنظمة العربية معاداة لتيار المقاومة في العالم العربي، والمحسوب على ما يسمى تيار الاعتدال العربي، وهما النظامان المصري والتونسي، ثم ما لبث الحماس لهذه الثورات أن خفت وبهت بعد أن وصلت الثورات العربية إلى واحد من أهم البلدان التي كانت تدعم تيار المقاومة في العالم العربي، والتي كان نظامها "محصناً" من موجة الغضب الشعبي العربي، بحسب تصريحات لرموز النظام في سوريا.
تراجع الحديث عن ثقافة المقاومة وأدبياتها وهويتها، وتبجيل رموزها وانتصاراتها على "إسرائيل" لصالح تغطية الموجات المتلاحقة للحراك الشعبي العربي في أكثر من بلد، لم يمنع البعض من "استغلال" رمزية مفهوم المقاومة ومكانة بعض رموزها، وتوظيفه في سياق الصراع على امتلاك الحق والحقيقة وبيان زيف بعض الحراكات أو إدراجها في سياق "مؤامرة كونية" تستهدف هذه الأنظمة.
واقع الحال يشير إلى منطقتين أو تيارين رئيسيين لتيار المقاومة غير الرسمي أو الحكومي، يتمثل في كل من حزب الله في لبنان، وحركات المقاومة الفلسطينية، بشقيها الإسلامي والوطني، والتي كانت محط رعاية واهتمام واحتضان شعبي جماهيري دون استثناء، ورسمي مجتزأ من قبل بعض الأنظمة في المنطقة.
وفيما نأى تيار المقاومة الفلسطيني بنفسه عن الحراك في سوريا بحكم أدبيات وتجارب فلسطينية سابقة جعلت من اللاجئ الفلسطيني دافع ضريبة أي تدخل في شأن داخلي لدولة مستضيفة، لم يجد الشق اللبناني من تيار المقاومة حرجاً من الانخراط في الأزمة السورية، ما انعكس على شعبيته في العالم العربي، شئنا أم أبينا، ويكفي إجراء استبيان شعبي لمعرفة أثر ما يجري في العالم العربي وسوريا تحديداً على شعبية تيار المقاومة، سواء منه الفلسطيني أو اللبناني.
بيد أن موقف تيار المقاومة الفلسطيني والمتمثل أساساً في حركتي حماس والجهاد الإسلامي، المستند إلى سياسة النأي بالنفس وتجنب التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية، وبالذات في سوريا، لم يقابله موقف شعبي مواز من قبل جموع اللاجئين الفلسطينيين في سوريا الذين نأووا بأنفسهم بداية، إلا أنهم لم يجدوا بداً من رد الدين لمستضيفهم السوري الذي استقبلهم وفتح لهم بيوتهم قبل عشرات السنين، فكان العقاب بقصف المخيمات الفلسطينية ومن اشتملت عليه من آلاف اللاجئين الفلسطينيين ومئات آلاف النازحين السوريين، ما حفظ للشعب الفلسطيني والشق الفلسطيني من تيار المقاومة ماء وجهه، وهو التيار الأساسي بطبيعة الحال، بحكم كون القضية الفلسطينية لب الصراع مع "إسرائيل"، وتسابق الجميع لاحتضان فصائل المقاومة الفلسطينية على اختلاف توجهاتها، وخاصة الإسلامية منها ذات الثقل الشعبي.
بين نأي الفصائل الفلسطينية "رسمياً" على الأقل، وانخراط المخيمات الفلسطينية في سوريا في مشاريع إغاثة مضيفهم ورعايته واحتضانه، يتبدد رصيد داعمي المقاومة السابقين رويداً رويداً، وتحافظ الفصائل الفلسطينية على جذوة النضال وصوابية بوصلتها من خلال عدم التورط في الاصطفاف في الشأن السوري، اللهم إلا ما يتعلق بشأن ملفات الإغاثة وتأمين الملاذ الآمن للسوريين، وهو أمر لا يكاد ينتطح في صوابيته عنزان، باستثناء ما كان من بعض الفصائل الهامشية على المستوى الشعبي الفلسطيني، والمعروفة بولاء قياداتها لحسابات سياسية معينة، كالجبهة الشعبية- القيادة العامة، والتي يعلم القاصي والداني، وفي مقدمتهم الشعب السوري، عدم رضا الفلسطينيين عن تصرفاتهم وانخراط بعضهم واصطفافهم الممجوج في الأزمة السورية.
ما يهمنا في خلاصة المطاف، التأكيد على حضور عامل المقاومة في صراعات الثورات العربية مع أنظمتها، ومحافظة فصائل المقاومة الفلسطينية على حضورها وشعبيتها ورمزيتها بالنسبة للشارع العربي، ويبقى، أن تعي تيارات المعارضة السياسية في سوريا الإشارات المرسلة إليها، وأهمية بناء خطابها السياسي على التأكيد على مكتسبات اللاجئين الفلسطينيين في سوريا والحفاظ عليها، والبناء على التعاطف الضمني مع الحراك الشعبي في سوريا، وتخليص "أقنوم" المقاومة الذي لا يزال محترماً في نظر كثير من الشعوب العربية، مما علق به من نزعات المتاجرة والاستغلال والتدخل الخارجي لصالح أجندات معينة، وأن يتم انتزاع ورقة المقاومة من دائرة الصراع، لتحقيق المزيد من الانسجام العضوي مع الأهداف التي قام لأجلها الحراك الشعبي، فما فلسطين في نهاية المطاف سوى جزء من سوريا الطبيعية وبلاد الشام الكبرى، والخاصرة الجنوبية الوحيدة التي عرفت عبر التاريخ إلى جانب سوريا بالاسم، والشعب السوري من أكثر الشعوب العربية تضحية وفداء ودعماً للقضية الفلسطينية، بصرف النظر عن أي نظام قد يحكمه أو يتوالى عليه، وهو ما يجب البناء عليه والتأكيد عليه في المرحلة الراهنة.


... كاتب وباحث
hichammunawar@gmail.com


التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
اسرائيل الكبرى بدلا من
د. عبدالله عقروق / فلوريد -

أرجو أن اذكر كاتبنا الكبير الاستاذ هشام المنور أنه لو تمكنت بسطة الدوحة وكل المبسطين عليها من اخوان لنا ، وأبناء عم ، واصدقاء من دول الأفرنج من ألأستمرار بتزويد المعارضة السورية والجيوش المرتزقة المال والأسلحة للأطاحة بالنظام ، ودخول قوات الناتو وتمزيق سوريا ، وجعلها أن تكون عراقا ثانيا - لا سمح الله - حينها لن يكون لنا سوريا الكبرى بل ستحل محلها اسرائيل الكبرى ، وستصبح بلاد الشام اجزاءا من اسرائيل الكبرى وهذا سيشمل الأردن ولبنان وفلسطين والعراق وسوريا ..أما حزب الله الذي هو حزب كل عربي يؤمن بالله ، هو القادر على تغير هذه المعادلة وحفظ استقلال سوريا ولبنان أنشاءالله

اسرائيل الكبرى بدلا من
د. عبدالله عقروق / فلوريد -

أرجو أن اذكر كاتبنا الكبير الاستاذ هشام المنور أنه لو تمكنت بسطة الدوحة وكل المبسطين عليها من اخوان لنا ، وأبناء عم ، واصدقاء من دول الأفرنج من ألأستمرار بتزويد المعارضة السورية والجيوش المرتزقة المال والأسلحة للأطاحة بالنظام ، ودخول قوات الناتو وتمزيق سوريا ، وجعلها أن تكون عراقا ثانيا - لا سمح الله - حينها لن يكون لنا سوريا الكبرى بل ستحل محلها اسرائيل الكبرى ، وستصبح بلاد الشام اجزاءا من اسرائيل الكبرى وهذا سيشمل الأردن ولبنان وفلسطين والعراق وسوريا ..أما حزب الله الذي هو حزب كل عربي يؤمن بالله ، هو القادر على تغير هذه المعادلة وحفظ استقلال سوريا ولبنان أنشاءالله