أصداء

مسلسل الموت وإجهاض الدولة السورية

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك


يستكمل مسلسل الموت والمجازر في سوريا، وتستمر المعارك الدامية في تفتيت الجسد السوري، مجتمع دولي متخاذل يسير في طريق القضاء على الدولة السورية، وإبادة الشعب السوري لآخر شخص يقول " انا سوري "، مبادرات من هنا وهناك، ومراقبين من هذه الدولة وتلك، مبعوث دولي وعربي، واحد منهم يتلو الآخر، وخطابات وشعارات رنانة من دول قريبة وبعيدة، صديقة وغير صديقة، وشعب يموت في الداخل، وآخر مشرد في الخارج، اطفال يذبحون في عقر دارهم، وقاصرات يغتصبون على حدود بلادهم، مهزلة انسانية مخزية، وشعور يخالج وجدان كل انسان على وجه الارض، والمجتمع الدولي لم يحرك ساكناً... ماذا ينتظر هذا المجتمع الدولي، وهل هو فعلاً غير قادر على إنهاء ماساة هذا الشعب الذي لم يبقى لديه شيء إلا وقدمه، حتى الارض شبعت الدماء...

الدعم الاقليمي والدولي لجميع اطراف النزاع في الازمة السورية يغذيان بذور هدم وتدمير وارتفاع وتيرة العنف والتصاعد السريع في الاحداث، على ارض الواقع في بلادي، وبقراءة بسيطة بلسان حال المواطن السوري، يرى ان ليس هناك اي طرف يعمل بشكل جدي، على انهاء ما يجري من تعدي على حقوق الانسان في سوريا، وإيقاف المجازر المرتكبة بحقه، لا بل كل طرف في الازمة يعمل على قلب كفة الموازين لصالحه، مجموعة تعقيدات سياسية، جيوسياسية، وجيواستراتيجية، المعقدة جداً، توشك ان تاخذ بسوريا إلى الإجهاض، من تدمير بنى تحتية وسياسية، بنى اجتماعية وثقافية، دينية ومذهبية..

لم يعد الشعب السوري يفكر في سقوط "بشار الاسد" ونظامه، ومن عدم سقوطه، وإن كانت الحرية والديمقراطية، المطلب الاساسي لهذا الشعب.. اليوم اصبح المواطن السوري يتوسل جميع الاطراف، وما يسمى بالمجتمع الدولي، لإيقاف شلال الدم والقتل المتعمد لكل مكونات هذا الشعب...

يتبع النظام السوري سياسة منهجية نوعية، في فرض سيطرته على الازمة الحالية من خلال الحملة العسكرية المنظمة، والتمشيط، للقضاء على الحراك العسكري، القائم من طرف المعارضة المسلحة ( الجيش الحر ).. ولا يخفى على احد اليوم، وجود المجموعات الإسلامية المتطرفة التي ركبت الموجة في سوريا، ورات فيها ارضاً خصبة، وبيئة حاضنة، لتغذية وإنشاء خلايا تحقق لها مساعيها، وتساعد على إنجاح مخططاتها انطلاقاً من سوريا إلى المنطقة باكملها، والتي اعطت النظام السوري، حافزاً لمحاربة هذه المجموعات تحت شعار محاربة الإرهاب، هذا من طرف، ومن طرف آخر، معارضة غير موحدة وغير قادرة على الحوار في ما بينهم، فما بالك مع الاطراف الاخرى، ولم تنجح حتى الآن في اصدار مشروع او برنامج سياسي يوجه مسار الازمة السورية، ومطالب شعبها، وتحديد مستقبل البلاد، وكل ما يملكون، او ما يطالبون به، هو تنحي " بشار الاسد "، وبعد ذلك، ( يحلها الف حلال )، فهل المعادلة السياسية تكون على هذا النحو؟

اما بالنسبة للانشقاقات، فكان لها " المعارضة السورية " ايضاً نصيب فيها، فلم تقتصر الانشقاقات على النظام، بل وصلت إلى قعر دار المعارضة، و(الجيش الحر)، و( المجلس العسكري للثورة السورية)، فكل يوم نسمع بانشقاق جديد، انسحاب حزب معين، او استقالة جديدة، وحرب على مناصب سياسية وعسكرية، بينما الشعب السوري يفتك به، ومسلسل الموت يستمر عرضه على القنوات الفضائية العربية والدولية، وبدون كلمة " حصرياً ".. او بـ " حصرياً في سوريا "..

القصف على المدن والقرى السورية مستمر، مع توسع دائرة حرب الشوارع، واللعبة اصبحت لعبة ارقام، في كل يوم جديد، ارقام جديدة، وهناك هرولة غير معهودة لتحطيم الارقام القديمة، وكانك في" اولمبياد "، اصبح الانسان عندهم رقماً.. لا غير.. الحالة الإنسانية في وضع مزري، وفي الحقيقة، لا اجد مصطلحاً او جملة او حتى كلمة اعبر فيها عن الوضع السيئ " للإنسان السوري "، فليس هناك اي مبرر اخلاقي وسياسي وانساني، يرغم الاطراف المتنازعة، على إدخال سوريا في نفق مظلم، لانهاية له.. تحتاج سوريا اليوم إلى مبادرات هادفة، ومساهمة، لإعادة الامن والاستقرار إليها، على الدول العربية والدولية العمل في ايجاد الحل السياسي، والضغط على جميع الاطراف، والخروج من نظرية التحريض، وتسليح الاطراف.. عليهم دعوة الجميع إلى التعقل والعودة إلى طاولة الحوار، فهناك رؤية خاطئة من المجتمع الدولي والعربي، في ان الحراك العسكري سينهي الازمة الانسانية في سوريا، لا بل على العكس، سينهي وجود الدولة السورية، (وهذا ما يرغبون به على الاغلب)، إن البعد المسلح لن يفيد الشعب السوري، هناك انتهاك واضح وفاضح، لكل الاطراف، انتهاك القوانين الانسانية والدولية، وعدم احترام حقوق السوريين.

هل سيكون انعكاس المسار، تحدياً مفصلياً في إيجاد حل للازمة في سوريا، وسيكون بداية انهيار المخطط الذي يعمل على إجهاض الدولة السورية، وهل القضية هي قضية وقت، ام ان الامور ذاهبة نحو تدهور ومزيد من الصدام المسلح، إن الخارطة العسكرية الجديدة، تحاول النيل من الدولة السورية، لذلك على السوريين الجلوس إلى طاولة الحوار للحد من مخاطر اندلاع الازمة، والذهاب قدماً في بناء ما تهدم من الوطن... وعلى المجتمع الدولي والعربي العمل على تطبيق ميثاق الامم المتحدة، والتحرك طبقاً للمبادئ الإنسانية قبل الدولية، خارج نطاق مصالح الدول، ووقف العنف في بلادي سوريا.

بيتروس بيتروسيان... بروكسل
p.petrossian@gmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
الأخ بيتروس بيتروسيان
أتاتورك -

لو تركنا أبناء النفط الأسود بحالنا, لكنا استطعنا كسوريين حل مشاكلنا ولو بإزالة بشار وغيره.. ومادام الدولار يملأ أفواه الأمريكيين والأوربيين بفعل اانفط, فعلى سورية وشعبها السلام.

الأخ بيتروس بيتروسيان
أتاتورك -

لو تركنا أبناء النفط الأسود بحالنا, لكنا استطعنا كسوريين حل مشاكلنا ولو بإزالة بشار وغيره.. ومادام الدولار يملأ أفواه الأمريكيين والأوربيين بفعل اانفط, فعلى سورية وشعبها السلام.

بدون تعليق
Doust -

في بداية الثورات العربية نصحت الرئيس بشار الأسد بأن لا يفكر مثل القذافي و غيره من دكتاتوريين العرب و بأنه شاب في مقتبل العمر و أمامه الحياة كلها لكي يتمتع بها مع زوجته و أولاده و هو ليس بحاجة إلى الحكم و أن يترك للشعب السوري حرية الأختيار في من سيحكمه و عندها الشعب وحده يتحمل مسؤلية أختياره ، و لكن لا حياة لمن ينادي و الآن أطرح عليه أيضاً فكرة ترك الأمر للشعب بأن يختار من سيحكمه ، ويمكنه ذهاب إلى فنزولا لأن يقضي ما تبقى له من العمر.

بدون تعليق
Doust -

في بداية الثورات العربية نصحت الرئيس بشار الأسد بأن لا يفكر مثل القذافي و غيره من دكتاتوريين العرب و بأنه شاب في مقتبل العمر و أمامه الحياة كلها لكي يتمتع بها مع زوجته و أولاده و هو ليس بحاجة إلى الحكم و أن يترك للشعب السوري حرية الأختيار في من سيحكمه و عندها الشعب وحده يتحمل مسؤلية أختياره ، و لكن لا حياة لمن ينادي و الآن أطرح عليه أيضاً فكرة ترك الأمر للشعب بأن يختار من سيحكمه ، ويمكنه ذهاب إلى فنزولا لأن يقضي ما تبقى له من العمر.

لا عزاء للسلفيين
سوري -

أنا السوري أبا عن جد أتمسك في الوقت الحالي أكثر من أي وقت مضى ببشار الأسد رئيسا للدولة. إذا تخلى عن مهمته تحت الضغط الأمريكي والأوروبي والتمويل الخليجي فإن تخليه هذا سيكون مقدمة لكي تصبح سورية دولة بلا سيادة وتحت الوصاية الخارجية لأن كل رئيس سيأتي من بعده سيتصرف طبقا لتعليمات أصحاب هذه الوصاية. يشكل بشار الأسد في الظروف الراهنة عنوا لسيادة سورية واستقلالها واستمرارها دولة ذات موقع مؤثر في المعادلة الإقليمية والدولية، ولذلك نحن نشتبت به رئيسا شرعيا لدولتنا، ولا عزاء للسلفيين المكبوتين جنسيا....

رقم 2
حسن -

أنت غاية في التواضع. يا سلام عليك، تتنازل عن كبريائك وتوجه النصيحة للرئيس السوري. أنت لست مجرد قارئ بسيط مثلنا نحن القراء البسطاء، يكتب تعليقات يعبر فيها عن وجهة نظره المتواضعة في مقالات الكتاب، أنت ربما أكبر مما نتصور، ولكن هل يمكن أن تشرفنا حضرتك بأي صفة وجهت النصيحة للرئيس بشار الأسد لكي لا يتصرف مثل القذافي؟ هل يعني زرته في قصره الرئاسي واختليت به واطمأن إليك ثم وجهت له هذه النصيحة الفريدة التي لم ينتبه إليها اي أحد عداك يا عبقري زمانه؟ هلا تفضلت بالكشف لنا عن اسمك الحقيقي بدل هذا الاسم الغريب دوست، لكي نتعرف على حضرتك ونهنئك على شجاعتك وإقدامك وبعد نظرك وتبصر وحكتمك يا سفرود الممرود...

مختصر الكلام
سعودي -

قلنا وسنقولها ونعيدها ..اي مكان يتواجد فيه نفوذ لايران سندمره على من فيه ..نحن او هم

إلى حسن
Doust -

يا سيد حسن يا محترم أنا فعلاً متواضع جداً أنا أنسان سوري و لا أسمح لنفسي برد بالسيئة حتى على الذين يسيؤون إليّ أنا نحصته عن طريق الموقع الكتروني سورية الحرة و يمكنك أن تسأل إدارة الموقع كان ذلك قبل بدء الثورة في سوريا . و بس تتأكد من ذلك أنشرها في إيلاف، بتوفيق

فشل الدولة القائمة
Rizgar -

بانوراما فشل الدولة القائمة في العراق ولبنان واليمن ، وارتدادها الى الماضي السحيق في ايران وتركيا، توجهها الى الانهيار في سورية ومصر والسودان، وعدم قيامها اصلا في الجزيرة العربية والاستعاضة عنها بمشيخات وامارات عائلية ,كل ذلك تؤشر فشل قيام الدولة العصرية في البلدان العربية التي لم تصل بعد الى مرحلة اقامة الدولة العصرية، بل ترتد الى 14 قرنا من التخلف الى الوراء هربا من التحضر والعصرنة والتطور التي لايستوعبها .... بسبب ثقافتهم الاسلامية الغيبية المتحجرة.

كلمة حق يرادبها باطل
العبادي -

كالعادة المزيد من المقالات التي تتباكى عن حال سوريا اليوم وتدس السم في العسل دفاعا من الباطن عن النظام المجرم!... الذين يتباكون عن حال سوريا اليوم ويقلقهم مستقبل الدولة في ظل هذه الثورة لم نكن نسمع لهم صوتا واضحا ضد هذا النظام المجرم المستبد طيلة 42 عاما وحتى قبل عام في بدايات الثورة قبل حمل السلاح ابان القمع العسكري والأمني الهمجي للمظاهرات السلمية!.. واليوم يتم المساواة بكل بساطة بين الجلاد والضحية بين السبب والنتيجة والمطالبة بكل براءة بوقف الدم والحوار بين الأطراف وتحميل المسؤولية للجميع!.. فهل هذا منطق وهل هذه كلمة حق؟ بل هي كلمة حق يراد بها باطل ووالله قد سئمنا من الأجندات الخفية والكلام المتعدد الأوجه.