قرار يفتقد الى الحکمة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
قرار المحکمة الجنائية العراقية بإعدام نائب رئيس جمهورية العراق طارق الهاشمي الذي صدر يوم الاحد الماضي، قرار أقل مايقال عنه انه يفتقد الحکمة و فيه الکثير من الاستعجال و الانفعالية و لن يحقق أي هدف إيجابي بغير إثارة المزيد من الضغينة و الفرقة و الانشقاق بين الطيفين الرئيسيين في المجتمع العراقي.
هذا القرار الذي من الممکن جدا وصفه بأنه قرار سياسي بإمتياز، يهدف إصداره في هذا الوقت الى دفع الامور في العراق الى مرحلة بالغة الخطورة، بل ويمکن جدا أن تعود الاوضاع الى مرحلة الذبح على الهوية، ويقينا أن الاصرار الغريب على إصدار هذا القرار وبالتالي إسباغ الصبغة السياسية الداکنة على قرارات القضاء العراقي"الذي يفترض أنه مستقل عن السلطة التنفيذية"، هي رسالة أخرى موجهة من النظام الايراني لدول المنطقة بصورة خاصة و المجتمع الدولي بصورة عامة، رسالة يقول السطر الاول فيها: نحن من نقرر الاستقرار و الامن في المنطقة قبل غيرنا، ونحن من بإمکانه جر المنطقة الى طريق قد لاتکون هناك ثمة عودة مأمونة العواقب منه.
هذا القرار الذي يتزامن إصداره مع مجموعة متغيرات مهمة على الساحتين الاقليمية و الدولية، حيث أنه قد جاء بعد الفشل الذريع الذي لحق بمؤتمر دول عدم الانحياز الذي إنعقد في طهران و مارافقته من فضائح غير مسبوقة و بعد المبادرة الکندية بقطع العلاقات مع النظام الايراني و طرد دبلوماسييه من اوتاوا، وکذلك بعد تردي الاوضاع الاقتصادية في إيران بصورة مريعة و وصول العملة الايرانية الى أدنى مستوى لها، وإشتداد الضغوطات الدولية عليه من أجل إجباره على الانصياع للمطالب الدولية، يريد النظام الايراني من خلال سياسته المشبوهة و المفضوحة بتصدير أزماته و مشاکله الى خلف الحدود و إفتعال أزمات و مشاکل طاحنة هنا و هناك في سبيل أن يستغلها لکي يخفف من الضغوط الدولية و الاقليمية عليه و يقايضها بالنتيجة ببدائل تمنحه شئ من الامن و الطمأنينة و الامل.
الاوضاع بصورة عامة لم تعد تسير کما کان النظام الايراني يشتهي و يريد، بل وانها تسير بالاتجاه المعاکس تماما و يوما بعد يوم تضييق الدائرة بالنظام أکثر و حتى أن التضييق قد يشمل الساحتين العراقية و اللبنانية خصوصا بعد أن ظهر جليا للعيان بأن أيام النظام السوري قد باتت وشيكة و ان حماته و داعميه بدأوا يملون من إستمرار الازمة الى مالانهاية و يبتغون ثمة حل لها حتى ولو دعى ذلك الى تبديل النظام سلميا، وقطعا ان الورقة الاهم والاکثر فعالية و تأثيرا من بين الاوراق التي بين يدي النظام الايراني هي الورقة الطائفية و يعلم بأنها الورقة التي بإمکانها أن تهدد الامن الاجتماعي لدول المنطقة برمتها وليس العراق وحده، وان سلسلة التفجيرات التي حدثت بعد إصدار القرار و تم التلويح من خلالها بالبعد الطائفي کونها حدثت في أمکان ذات أغلبية شيعية، هي متممة و مکملة للمرحلة الثانية من بعد إصدار القرار، ولاغرو من أن هذه التفجيرات و الاساليب التي رافقتها تحمل بصمات استخبارية بحتة، وان الاصابع کلها تتجه الى النظام الايراني لأنه وفي الوقت الحاضر بالذات الطرف الوحيد المستفيد من تأزم الاوضاع في العراق و المنطقة، وعليه فمن الضروري جدا على الحکومة العراقية أن تراعي الکثير من الامور وان تسعى لحسم هذه المشکلة و معالجتها بمنطق العقل و الحکمة قبل أن تتفاقم القضية و تصل الى مفترق اللاعودة.
suuadaziz@yahoo.com