مبروك عليكم برلمانكم الجديد

انتهت في الأمس الانتخابات البرلمانية الأردنية. وكانت هذه الانتخابات من أكثر الانتخابات الأردنية التي جرت منذ 1921 حتى الآن نزاهة، وشفافية، ونظافة، على حد تعبير أولي الأمر. وذلك تأكيداً للنزاهة والديمقراطية التي نادى بها "سيد" البلاد، وأكدها في أحاديثه، وخطبه، بكافة اللغات، لكي يفهم القاصي، والداني، والإنسان، والحيوان، والنبات، والجماد، والعباد، معنى الديمقراطية والحرية، تحت الخيمة الهاشمية، وفي ظل الشجرة الهاشمية المباركة والوارفة.

لا تزوير ولا تغيير
فلم يكن هناك تزوير في الانتخابات، ولا تغيير في الوجوه. ومن قال بالتزوير - خسئوا - فهم من خسروا الانتخابات من الفاشلين. والدليل أن مرشحي "أحزاب عظام الرقبة"، لم يفزوا بغير مقعد واحد. حسب الاتفاق بين "الديوان" وبين زعماء هذه الأحزاب منذ البداية، لكي تتم "لعبة" الانتخابات بكل شفافية، ونزاهة، كما قالت معظم وسائل الإعلام العربي.

انتخابات حرَّة ومُرَّة
كانت الانتخابات الأردنية الأخيرة في الأمس حرة نزيهة. ولولا هذا البرد القارس اللعين، لوصلت نسبة المقترعين الى اكثر من 70%. و(مش) صحيح أن أسماء النواب كانت أمام "سيدنا" قبل إجراء الانتخابات بأيام. وكان سيدنا مطمئن الى تاريخ كل نائب سيُعلن اسمه ناجحاً، وأن كافة القوانين التي ستتقدم بها الوزارة الجديدة (الحذاء الملكي الجديد) الى مجلس النواب الجديد، سوف تجتاز الامتحان بالقبول والتأييد، رغم الصياح، والنقاش الحاد، والسباب، ومنافض السجائر الطائرة بين النواب، وما يُطلق عليه إعلام الديوان العامر "المعارضة" العارضة.

فالمعارضة في هذا البرلمان ستكون معارضة هينة لينة، تريد الوزارة، والنظارة، والأمارة. ولا تريد تكدير الخواطر، والسير في المخاطر، والحظ العاثر.

"طز"، و"ستين طز"!
ورغم أن الإسلاميين - وأنا أكره، ولا أقرُّ هذه التسمية، فكلنا مسلمون. ولكن الفرق بيننا وبينهم، أنهم يتشبثون بالدين للوصول الى السلطة، بينما نحن نتشبث بأشياء أخرى - قاطعوا هذه الانتخابات ليس محاربةً للنظام، أو معارضةً له، أو كرهاً فيه، فهم لا ينادون بإسقاط "نظام آل البيت"، بل يدعمونه، كما سبقوا ودعموا النظام الملكي المصري، ودعوا له بالخلافة الإسلامية، ولكن لأن الانتخابات لم تُرسم، ولم تُهندس كما يشاؤون، بحيث تضمن لهم الأكثرية أو الأغلبية، إلا أن الانتخابات مضت، وانقضت، وقال النظام لحلفاء الأمس:

"طز".
سنرفع أسعار الغاز (وقود الفقراء)، ونمضي قدماً في الانتخابات، ونأتي بوليد الكردي كبش الفداء الثاني، أو الثالث، ليكون عبرة لمن يعتبر. ونضعه في قصر منيف، كما فعلنا سابقاً بالبطيخي!
فهلل الجميع وكبروا، ومنهم من قال: - وهم قلة - "لا حول ولا قوة إلا بالله"، "عليه العوض ومنه العوض."
وهكذا نجح الهاشميون، والجوقة المصاحبة لهم، في إسكات المعارضة، وإسكات الشارع الأردني الهائج والمائج، ووضع حجر صوان لسد حنك الغوغاء التي نزلت في الأمس، وهتفت بغباء شديد بإسقاط النظام المدعوم بالجيش والعشائر وأمريكا العظمى، وأوروبا الباسمة في "دافوس".

نجاح ساحق
مبروك على النظام، هذا النجاح الساحق، الذي شهد الأردن مثيلاً له عدة مرات، طوال التسعين عاماً الماضية، مما سوف يؤهل الهاشميين لحكمه تسعين سنة أخرى، وربما تسعة قرون أخرى!
فغداً الحسين بن عبد الله الثاني (ولي العهد الحالي) سيظهر لكم، ملكاً عربياً أبياً، من السلالة الهاشمية المقدسة، وسوف تُنار الطرقات، ويُطعم الجائعون، وتُملأ جيوب الفقراء بذهب الخليج المتدفق، ويدبك الشباب، وتزغرد نساء (ربع الكِفافْ الحُمْر والعُقل ميَّاله)، وسوف يأخذ الديوان الملكي العامر بخاطر المتشددين والأصوليين السلفيين من اليمين واليسار، ويتصالح معهم، وتعود المياه الى مجاريها سمناً على عسل، ويا دار ما دخلك شر.
و"حنا الدار، وعليهم العار."

الخائبون الأشرار
ويا شاكر النابلسي أنت، ومن هم على شاكلتك من الأشرار الأوغاد، طويلي اللسان القذر، كتّاب المارينز، عملاء الاستعمار، سدنة البيت الأبيض، الحاقدين، العابثين، النافخين في قربة الأردن المقطوعة، لن تنال منا غير السخط، واللعنة، والبراءة من أردنيتك المشكوك فيها، ومن "سلطك" المولود فيها، وأنت قابع هناك في الأحضان الأمريكية الدافئة، وتتكلم من بعيد. (كانك زلمة تعال لعمان، واتكلم من دوار الداخلية - يا ساقط- مش من جبال الروكز.)

شوف وطوف واتعلم
ألا ترى، كيف يساند الإعلاميون العربيون، وغالبية القراء الأعزاء الاستقرار، والحكم "الرشيد: في الأردن بعد أن سقط (التوانسة)، والمصريون، والليبيون، والسوريون، واليمنيون، والبحرينيون، والنهريون، والجبليون، في فخ الربيع العربي، الذي انقلب إلى فقر، ودمار، وغبار، وجحيم عربي؟!
ألا ترى كيف طلبت أمريكا - الدولة العظمى - من النظام الهاشمي، إغلاق ملف الإصلاح السياسي، والاكتفاء بما تحقق، حتى لا يأتي إلى الأردن من يعادي إسرائيل، ويُلغي اتفاقية "وادي عربة، 1994". فدعمت أمريكا النظام، ضد الغوغاء السفلة من المعارضين الأشقياء؟!
ألا ترى، كيف أن دول الخليج (ذات البيت والزيت) مسرورة غاية السرور، من المسار والجار الأردني، وتدعم النظام الأردني من حين لآخر بمليارات دولارات الزيت، لكي يظل النظام قوياً وصامداً لرفع المزيد من أسعار الغاز، وقهر الفقراء، وتوفير السيولة اللازمة للعب على الموائد الخضراء؟!
ألا ترى، كيف أن المواقع الأردنية على الانترنت، تتاسبق في نشر اعلانات المرشحين في الانتخابات، وأسماء الناجحين والمهنئين.
فالأردن كله في عرس، اكثر سعادة من "عرس الزين".
ومبروك عليكم برلمانكم الجديد!
السلام عليكم.