أصداء

سوريا: ضرورة تشكيل الصحوات لمواجهة القاعدة!

-
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

التحالف بين المعارضة السورية الخارجية ( معارضة اسطنبول) والتنظيمات الجهادية التابعة ل"القاعدة" في سوريا تداعى بشكل سريع. من الواضح بأن كل من تنظيمي "جبهة النصرة" و"دولة العراق والشام الإسلامية/داعش" لم يكتفيا بالتغطية السياسية و الدبلوماسية التي أمنتها لهما معارضة اسطنبول، ولا بالتعاون الميداني الذي أبداه "الجيش السوري الحر"، بل أعلنتا الحرب على هذا الأخير في خطوة تعتبر النهائية لإعلان دولة "القاعدة" في سوريا. ما يجري الآن هو تطهير مناطق ريف حلب من المجموعات المسلحة التابعة ل "الجيش الحر" وبسط سطوة المجموعات الجهادية، ومع هذه الخطوة ضاعت كل "جمايل" معارضة اسطنبول و"الجيش الحر" مع هذه المجموعات، ووجدت هذه المعارضة نفسها وجها لوجه مع خصم دموي عنيد، لن يتوقف عن البطش بها حتى يقضي عليها قضاء مبرما.

سياسة التعاون مع " جبهة النصرة" و"داعش" التي انتهجتها معارضة اسطنبول ورفضها لإدراج هاتين المجموعتين في خانة الإرهاب، والتمسك بهمها ك"جزء أصيل من الثورة" والتغطية على جرائمهما في قتل عناصر الجيش السوري النظامي الأسرى، وذبح المخالفين معهما، واعتقال النشطاء والحقوقيين، وإعلان "إمارة الرقة"، واختطاف اللبنانيين والإيرانيين والصحفيين الغربيين والأب باولو، وممارسة التطهير العرقي بحق الكرد، والمذهبي بحق العلويين والإسماعيليين والدروز والديني بحق المسيحيين، والدفاع عن حملات القتل في اللاذقية وصيدنايا، لم تنجح في لجم هذه المجموعات أو "بناء" علاقة صداقة معها. بل على العكس، فقد اتهمت "جبهة النصرة" و"داعش" معارضة اسطنبول بالتعاون مع الغرب و"الناتو" و استقبال السيناتور جون ماكين، ووجود "نوايا" بالتسليح لمحاربة الجهاديين!. وبالتالي كان قرار الإنقلاب عليها والبطش بها بهذا الشكل الدموي. وعليه فقد انتهت علاقة معارضة اسطنبول والتي كانت "حب من طرف واحد" مع مجموعات "القاعدة"، وتبخر "الجيش الحر" سريعا، وفرّ بعض عناصره إلى تركيا، فيما استسلم بعضهم لوحدات الحماية الشعبية الكردية، والبعض الآخر قبل "التوبة" وانضم إلى صفوف "جبهة النصرة" و"داعش" مستفيدا من "الخدمة الممتازة" التي تؤمنها الأموال المتدفقة من دول الخليج والمنظمات الوهابية الدولية.

حتى تركيا بدأت تحتاط لانقلاب "القاعدة" على حلفائها في سوريا. فكانت تصريحات رئيسها عبدالله غول "القلقة" حول تنامي نفوذ الجهاديين في البلد الجار، فيما سارعت الحكومة ببناء جدار عازل بين البلدين، قد يصبح مشروعا طويل الأمد. وعلى كل الأحوال فأنقرة تعلم بان الفتوى القادمة ستكون ضدها، فالمعارضة الموالية لها إن كانت "موالية للغرب" في عرف "القاعدة" فإن تركيا هي "حليفة الغرب" القوية، والعضو في حلف "الناتو" والشريك العسكري الأول لإسرائيل!.

ما يحدث الآن من سيطرة مجموعات "القاعدة" على مساحات واسعة من سوريا واضمحلال معارضة اسطنبول العميلة للمحاور الإقليمية وجيشها الحر، يٌحتم على كل القوى التي ليست من مصلحتها ان تسقط سوريا في براثن هذه المنظمة الخطيرة، ترتيب الأوضاع من جديد وبناء الصحوات في المحافظات السورية. فالسوريون لا يريدون أن تحكمهم "القاعدة" ولم يدفعوا كل هذه الدماء من أجل بناء دولة طالبان في بلادهم يقودها الغرباء من المجرمين وشذاذي الآفاق.

تشكيل الصحوات في كل منطقة تتواجد فيها "القاعدة" ووقف الدعم التركي للجهاديين، وقطع موارد التمويل من دول الخليج، إضافة إلى وقف معارضة اسطنبول لتغطيتها السياسية والدبلوماسية على هذه المجموعات، سوف يؤدي إلى عرقلة عملها ورفع يد المواطنين السوريين عليها لوقف طغيانها وتحرير الناس من شرورها. وفي المقدمة يجب تحرير مدينة الرقة وإطلاق سراح المعارضين في سجون "داعش" هناك، ووقف بعض وسائل الإعلام المحسوبة على المعارضة لسياسة تلميع صورة "داعش" و"النصرة" وتسويقهما بوصفهما من "الجيش الحر" و"أنهما تحاربان قوات النظام"، كما تفعل، مثالا، فضائية (أورينت) عبر طاقمها الموجود في الرقة.

إنقاذ سوريا والسوريين سيكون صعبا للغاية وربما محالا في حان إن لم يتم تشكيل الصحوات ووضع حد لجرائم "القاعدة"، أما النظام السوري وقضية إنهاء حكم رئيسه بشار الأسد، وتحقيق أهداف ثورة السوريين في الحرية والكرامة، فيجب ان تتفق عليها الأطراف المعنية في مؤتمر جنيف 2 القادم.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف