أصداء

قد أسمعت لو ناديت حياً

-
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

لقد كان محقاً وزيرُ خارجية المملكة العربية السعودية، الأمير سعود الفيصل، عندما قال قبل أكثر من شهر "إننا لا نكتفي بالشجب والإدانة، ولكن نطالب المجتمع الدولي بكل إمكانياته لوقف هذا العدوان على الشعب السوري"؛ وما اعتذار السعودية عن قبول عضويتها بمجلس الأمن الدولي، إلا تأكيداً لتلك الحقيقة.

لم يكن لمجلس الأمن أي تأثير على دول أعضاء المجلس الدائمين لحق الفيتو، بل كانوا همُ المؤثرون عليه. إن جميع القضايا الدولية يقررها فقط تلك الدول الخمس -ومرات تنفرد إحداها بالقرار- دون اعتبار لبقية الأعضاء العشرة الغير دائمين، والذين لا يسعهم سوى الشجب والإدانة.

لذلك فإن اعتذار السعودية عن قبول العضوية هو موقف أثبت أنها لن تكتفي بالشجب والإدانة. وقد لاح في الأفق الدولي استياء السعودية، عندما رفض وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل التحدث على المنصة خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نهاية سبتمبر الماضي، احتجاجاً على عدم تحرك المجلس في الشأن السوري، والأراضي الفلسطينية.

ومن منطلق تحمل المسؤولية تجاه القضايا العربية والإسلامية، اعتذرت السعودية عن قبول العضوية، وليس كما بدا للبعض أنه تخلٍّ عن مشاركة المجتمع الدولي لحل تلك القضايا، التي عجز المجلس بالفعل عن حلها، كما فشل في إخلاء منطقة الشرق الأوسط من جميع أسلحة الدمار الشامل. إن دور السعودية تجاه قضايا العرب والمسلمين أساسي، لا سيما وهي مهد الإسلام، كما أنها أكبر مصدر للنفط. فالاعتذار عن قبول العضوية بعد إعداد وتأهيل دام ثلاث سنوات داخل مجلس الأمن لكي تقوم السعودية بدورها فيه على أكمل وجه، يجسد شعور كل مسلم في أن مجلس الأمن لا يستطيع حل قضاياهم؛ وهذا ما كشفه وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل أمام العالم أجمع.

لأول مرة في تاريخ مجلس الأمن الدولي يتم رفض عضويته، وهذا مما لاشك فيه سيلقي بظلاله على مصداقية عمل المجلس -إنْ لم يصحح مساره، ويعيد هيبته- لكي يقوم بمهمته الأساسية، وهي حفظ السلام والأمن الدوليين. لم يكن رفض العضوية في إطار الأزمة السورية فقط، وإنما في إطار المسار التاريخي لمجلس الأمن. فبقاء قضية فلسطين معلقة دون حل منذ خمسٍ وستين عاماً وقضايا أخرى تتلعق بدول لديها أسلحة دمار شامل، أشعلت المصالح الإقليمية المتضاربة التي عرّضت العالم أحيانا لحروب مدمرة، بدءاً بالعراق الذي دُمِّر رغم تعاونه الدولي مع مجلس الأمن، وسوريا التي أحرقت شعبها بأحد أنواع أسلحة الدمار الشامل، وصولاً إلى إيران التي تسعى لامتلاك سلاح نووي. فضلاً عن قضايا المسلمين التي لا يسع الحديث عنها هنا، مثل البوسنة والهرسك، والصومال، والشيشان، وأفغانستان، وطاجيكستان، إضافة إلى كمبوديا، والهند، وكشمير، وجنوب السودان، وبورما، وغيرهم.

لقد كان من الأجدر لوزارة الخارجية الروسية أن تنظر إلى رفض السعودية عضويتها بمجلس الأمن باعتباره صوتاً مدوياً داخل القاعة، يدعو للسلام. فالسعودية دائماً سباقة لتوقيع معاهدات السلام، كما أنها لا تملك أسلحة دمار شامل، ومنهجها السياسي معتدل، ولهذا تم ترشيحها للعضوية. فهي لا تريد لمجلس الأمن مصير عصبة الأمم المتحدة. إذاً فإن روسيا، التي قال عنها ذات يوم ونستون تشرشل "لو مات الروس.. مات السلام"، هي اليوم تسكب الزيت على النار، وتلوِّح برايات الحروب المدمِّرة، ولكن rsquo;لا حياة لمن تناديlsquo;. فلعل السلام الدولي الآن يأتي من فرنسا، حيث صرحت وزارة وزارة الخارجية الفرنسية "أنها تشارك السعودية إحباطها من مجلس الأمن، وأن لديها مقترحاً لإصلاح حق الفيتو".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف