أصداء

مَن قتل الحسين؟

-
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

في إحدى خطب الجمعة يقول الشهيد السيد محمد صادق الصدر "هل خطر في بالك أن تسأل هذا السؤال: من قتل الحسين ع؟ ويقول السيد: في الحقيقة بحسب فهمي، والانسان لا يستطيع أن يتعدى فهمه، إن لهذا السؤال أجوبة عديدة كلها صحيحة، ويعرض السيد جملة من هذه الاجوبة، قتله الشمر عليه اللعنة والعذاب لانه هو من حزّ رأسه، قتله عمر بن سعد لانه هو القائد الاعلى للجيش، قتله عبيد الله بن زياد لانه هو الآمر المباشر بالحرب، قتله يزيد بن معاوية عليه اللعنة لانه هو السلطان الرئيسي الذي أمر بهذه الفاجعة والواقعة.

ويضيف السيد الصدر: وهذا كله أكيد. وقلت لكم كله يصدق كله صحيح ليس فيه كذب ان شاء الله لا في الدنيا ولا في الاخرة ولا امام التاريخ ولا امام الله. ويقول السيد الشهيد: أنا اقول جوابا آخر: قتله الاستعمار الغربي. ويبرهن السيد قدس سرّه الشريف على ذلك بعدة أدلة معتبرة.

وانطلاقا من هذه المقدمة وقول السيد الصدر، إن لهذا السؤال أجوبة عديدة كلها صحيحة. هل نستطيع القول أن الفساد المالي المستشري في تلك الفترة يشكل سببا من الاسباب التي ساهمت في قتل الحسين ع؟
ربما نستطيع أن نبرهن على ذلك بالاتي: يذكر باقر شريف القريشي في موسوعة سيرة أهل البيت ج ١٤ صفحة ٨٤ أنه لما انتهى الامام الحسين الى عذيب الهجانات وهي بين القادسية والكوفة وافاه أربعة اشخاص من أهل الكوفة جاءوا الى نصرته، ولم يخرج أحد لاستقبال الحسين عليه السلام من أهل الكوفة سواهم؛ وهم نافع بن هلال المرادي وعمرو بن خالد الصيداوي وسعد مولى عمرو بن خالد ومجمع بن عبد الله العائذي. وقد رحّب بهم الامام وسألهم عن أهل الكوفة فقالوا له:"أما الاشراف فقد عظمت رشوتهم ومُلئت غرائرهم، ليستمال ودهم، وتستنزف نصائحهم، فهم عليك إلبٌ واحد، وماكتبوا اليك الا ليجعلوك سوقاً ومكسباً، وأما سائر الناس، فأفئدتهم تهوي إليك، وسيوفهم غداً مشهورةٌ عليك".

ويعلق باقر شريف القريشي رحمه الله على هذا الحديث "بأنه كشفَ عن نقاط بالغة الاهمية: إن السلطة قد اشترت ضمائر الوجوه والاشراف من أهل الكوفة بالاموال، واغرتهم بالمال والنفوذ فصاروا إلباً واحداً، أي مجتمعين على حرب الامام الحسين، وأن اشراف أهل الكوفة انما كاتبوا الحسين ع بالقدوم اليهم لا ايمانا منهم بعدالة قضيته وباطل الاموين وانما كتبوا ليكون سوقا ومكسبا للظفر بأموال بني أمية، فكانوا يعلنون لهم انكم ان لم تغدقوا علينا بالأموال فسنكون من أنصار الحسين، فكانت كتبهم اليه وسيلة من وسائل الكسب. وان سواد الناس كانت قلوبهم مع الحسين ولكنهم منقادون لزعمائهم من دون ان تكون لهم أية إرادة أو اختيار على متابعة ما يؤمنون به فكانوا جنود السلطة وأداتها الضاربة".

والحقيقة أن سياسة الافساد بالمال مارسها من قبل معاوية بن ابي سفيان والد يزيد اذ افسد جيش الامام الحسن بالرشا واستمال كثيراً منهم حتى انقلبوا على الامام وكذلك مارس هذه الاساليب الدنيئة في قتاله مع ابو الحسنين عليا عليه السلام، وقد أحسن القول الدكتور أحمد الكبيسي عندما قال (والله العظيم مصيبة هذه الامة في معاوية).
إن قول الانصار للامام ( أما الاشراف فقد عظمت رشوتهم ) هو الدليل على ان الفساد المالي يشكل سبباً من الاسباب التي ساهمت في قتل الحسين إن لم يكن من أبرز الاسباب اذ لا شك ان
الرشوة تعتبر من أصدق مصاديق الفساد وتشكل إحدى أهم صور الفساد وقيل في تعريفها " انها من مظاهر تدهور الاخلاق، وان من أثري بأفعال خبيثة أصبح فقيرا في شرفه " والرشوة من أخطر أمراض العصر وتهدد سلطات الدولة ونظامها وتخلف اثار ضارة سيئة بالمجتمع، وان المجتمع الدولي أجمع على ان الرشوة تقوض نظام الحكم وتزعزع استقرار الدولة بأكملها وتفسد الاقتصاد وتؤدي الى انتهاك حقوق الانسان وتزيد من فقر الفقراء وتفكك النسيج الاجتماعي وتدمر القيم والاخلاق.
ما أحوج مجتمعنا اليوم الى توضيف ذكرى مناسبة استشهاد أبي الاحرار في كشف مخاطر هذا الداء الخطير الرشوة والعمل على محاربة ومكافحة الفساد بكل صوره اذ ان نتائجه مدمره على المجمتع وتصل الى مديات وحدود لا يمكن تصورها.
ismaeel1966@yahoo،com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف