قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
يطل علينا في كل مرة سياسيونا الأفذاذ في تونس ببدع جديدة لم يسبقهم إليها أحد من العالمين، على غرار ما اصطلح البعض على تسميته بـ"صيغة الدمج" التي خرج بها علينا الحزب الجمهوري وتلقفها النهضويون ووظفوها ذريعة للتنصل من التزاماتهم. هذه الصيغة "الجهبذية" تقضي بأن يتم الإتفاق على السيد أحمد المستيري (مرشح حركة النهضة) الكبير بتاريخه ونضالاته ليرأس حكومة الإنقاذ وأن يتم إستحداث نائبين له أو ثلاثة أو ربما عشرة تمنح للسادة محمد الناصر ومصطفى كمال النابلي وجلول عياد وغيرهم من مرشحي المعارضة لرئاسة الحكومة، والذين قد تمنح لهم أيضا حقائب وزارية بمنطق "لا يجوع الذئب ولا يشتكي الراعي".ويدرك القاصي والداني أن الذئب (الفريق الحاكم) هو أشد المستفيدين من هذه الصيغة "التعيسة" لذلك تلقفها وكان أشد المتحمسين لها. فيما الراعي سيلقى مصير أبي موسى الأشعري ومن حكَموه (أي الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه وجماعته) في مواجهة عمرو بن العاص وكيل معاوية بن أبي سفيان وجنده خلال الفتنة الكبرى. فالصلاحيات جميعها ستكون بيد مرشح حركة النهضة وحزب التكتل فيما سيمنح الفتات لمرشحي جبهة الإنقاذ المعارضة أو قد يجردون تماما من الصلاحيات على غرار رئيس الجمهورية المنصف المرزوقي أو نواب رئيس الوزراء العراقي، في عراق ما بعد الغزو الأمريكي الذي استحدثت فيه مناصب عدة لأشخاص مجردين من الصلاحيات أرضى من خلالهم المحتل طائفة أو طائفتين من خلال الفتات.فالغاية إذن من وراء صيغة الدمج هي إرضاء الجميع والعودة إلى منطق المحاصصة التي برعت فيها حركة النهضة وأوصلت البلاد إلى الهلاك. فجماعة الحكم ومعهم الحزب الجمهوري الذي اعتاد على الخروج على إجماع حلفائه في المعارضة (بسلوك جنبلاطي لبناني يتقلب من خلاله أحيانا ذات اليمين وأحيانا أخرى ذات الشمال كأصحاب الرقيم في كهفهم الذي أمضوا فيه سنين عددا) لم يأخذوا العبرة ومازالوا يبحثون عن سياسة شؤون البلاد بذات المنطق أي الغنيمة واقتسام الكعكة في إصرار على الإثم ينبئ بأن مصالح البلاد و العباد هي آخر اهتمامات هؤلاء.إن المنطق يفرض بأن يتم اختيار الأكفإ لرئاسة الحكومة والأقدر من غيره على تسيير دواليب الدولة وليس بالضرورة أن يرضي هذا المرشح حركة النهضة أو "سيد قرطاج" (المنصف المرزوقي) المجرد من الصلاحيات وجماعته من راديكاليي حزب المؤتمر ومشتقاته أو غيرهم. كان من المفروض اعتماد السير الذاتية لهذا الشخص أو ذاك وتمييز الأقدر خبرة ونظافة يد وكفاءة وقدرة على العمل الدؤوب المتواصل وعلى حيازة ثقة المؤسسات المالية الدولية بقطع النظر أكان يرضي هؤلاء أم لا.هل نضحي بكفاءاتنا الوطنية على غرار السيد مصطفى كمال النابلي محافظ البنك المركزي التونسي السابق والذي تعترف بقدراته المؤسسات المالية الدولية لأجل عيون حركة النهضة أو حزب المؤتمر؟ هل نقصي السيد عبد الكريم الزبيدي وزير الدفاع السابق ومرشح البعض لرئاسة الحكومة، لمجرد أن السيد الرئيس أو من فوض لنفسه الحديث بإسمه من النهضويين غير قابلين به لمجرد مسائل شخصية وخلافات لا علاقة لها بالمصلحة الوطنية. ألم يقدم هؤلاء السيد مصطفى كمال النابلي في وقت سابق كبش فداء على مذبح صفقة البغدادي المحمودي رئيس وزراء القذافي الذي تم تسليمه غدرا إلى بلاده إرضاء للرئيس "المغدور به" (المنصف المرزوقي) ضاربين بمصالح تونس عرض الحائط في فضيحة قانونية وأخلاقية هزت الرأي العام الوطني في حينها؟ما الفائدة التي سيجنيها إقتصادنا الوطني لو تم منح السيد مصطفى كمال النابلي منصب نائب لرئيس الحكومة بلا صلاحيات مثلا؟ فقط إرضاء من رشحوه للتربع على عرش القصبة (مقر رئاسة الحكومة التونسية)؟ ليست هذه الغاية من الحوار الوطني إذن. لقد كان الهدف من الحوار بالأساس هو القطع مع نظام المحاصصة الفاشل الذي اعتمده من قبلنا أهل بلاد الرافدين فما جنوا غير الخيبات وسرنا على دربهم فجنينا الخيبات ولو تواصل اعتماده فلن نجني غير الخيبات تلو الخيبات.