أصداء

ردّاً على المفكر الأنصاري لاتهامه الأعرجي بالخيانة

-
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

في مقالته:جامعة الشعب العربي أم جامعة الشعوب العربية؟

اتهامات:- الأعرجي يشبه الفلسطينيين المغتربين، المرفهين في الخارج، الذين يطالبون بتحرير فلسطين من البحر إلى النهر، فهو متهم وإياهم بالخيانة.- الأعرجي مؤمن إيديولوجياً بأن هناك شعباً عربياً واحد، يقصد أنه مؤمن إيماناً أعمى.- الأعرجي متهم بـ"الترفع الأيديولوجي عن حقيقة "الشعب العربي" القائمة، فهو متهم بالتالي بأنه سبب من أسباب تأخر وتعثر وحدته! نعم، الأعرجي متهم بكل ذلك وغيره، ليس من جانب شخص عادي، لا يعرف ما يقول، بل من جانب مفكر معروف، المفروض أنه يزن كلماته بدقة، ويدرك جيداً مغزى قولة الإمام عليّ "ربي أجعل عنقي كعنق البعير". لذلك نحن يجب إن نحاسب المفكر المعروف على كل حرف يقوله، أكثر بكثير مما نحاسب الكاتب العادي.* * *اطّلعتُ مؤخراً على مقالة الدكتور محمد جابر الأنصاري في صحيفة إيلاف الغراء، المقتبسة من صحيفة الخليج الإماراتية، في 16مايو 2013، تحت عنوان "جامعة الشعب العربي أم جامعة الشعوب العربية؟"، وذلك تعليقاً وانتقاداً لدراسة نُشرتْ لكاتب هذه السطور، تحت عنوان " نحو خطة عمل لإنشاء جامعة شعبية عربية"، في مجلة" المستقبل العربي" (بيروت؛ العدد 410، نيسان/ أبريل 2013، ص129-149).
وسأردُّ على بعض(وليس جميع) انتقاداته واتهاماته بالنقاط التالية:1- ينتقد د. الأنصاري تعبير "الجامعة الشعبية العربية"، لأنه يوحي بالجامعة التعليمية، الأمر الذي استرعى نظره للاطلاع على المشروع، ففوجئ بغير ذلك. ولكنه لو تفضل فتنبه إلى الفقرة 2 من الدراسة، تحت عنوان "التسمية "،(ص136 من الدراسة المذكورة أعلاه، حيث يبدو أنه لم يقرأها بالكامل)، لعدَل عن انتقاده الشديد لكاتب هذه السطور. علماً أن تلك الفقرة تؤكد نفس تحفظه على التسمية، وتقترح تسميات بديلة، منها "المنظمة الشعبية العربية" أو "منظمة الشعب العربي" أو منظمة الشعوب العربية..... "؛ وأرجو ان يُلاحظ القارئ الكريم أن تعبير "منظمة الشعوب العربية" الذي أقترحناه لا يختلف عن مقترَحِ الناقد: "جامعة الشعوب العربية"، لاسيما من جهة التأكيد على لفظة "شعوب"، ومن جهة أخرى، كنا نحاول الابتعاد عن تعبير"جامعة" بُغية أن لا تختلط بالجامعة التعليمية، التي كانت سبباً لاعتراض الناقد المحترم.
2- يرى د. الأنصاري أن تعبير "الشعوب العربية" هذا، ليس مقبولاً لدى الكاتب، لأسباب أيديولوجية. لأنه "مؤمن بشعب عربي واحد يسعى إلى إيجاده، لذلك فإن استخدام كلمة "شعوب" يمثل تجاوزاً لذلك الإيمان الإيديولوجي، وكأن الشعب العربي الواحد قد وُجد وانتهينا من مسألة وجوده الواحد"، ويضيف قائلاً بكل بساطة "وربما كان هذا الترفع الأيديولوجي عن حقيقة "الشعب العربي" القائمة من أسباب تأخر وتعثر وحدته!على حدَّ تعبيره.
وأرجو أن لا اتجاوز حدود اللياقة، إذ أُعرب عن استغرابي لهذا الانتقاد الجارح الذي ينصبّ على أنني لم "أستخدم كلمة "شعوب" وأن تعبير"الشعوب العربية" غير مقبول لديّ، لأسباب إيديولوجية...إلخ، مع أن الناقد نفسه اعترف في مقالته أنني استخدمت تعبير "الشعوب العربية"، حيث يقول :" ونلاحظ في النص السابق أن الأستاذ الأعرجي قد استخدم تعبير "شعوب عربية". ثم إنه يُرتب على هذا الاستنتاج الخاطئ أصلاً، اتهاماً خطيرأً آخر، هو أدهى وامرّ، يتلخص في أنَّ "هذا الترفع الإيديولوجي" الذي يتسم به الأعرجي، هو من أسباب تعثر "وحدة الشعب العربي". وهكذا فإنه يتهم الأعرجي بأنه كان عقبة في سبيل الوحدة العربية. فالاتهام باطل إذاً، لانه مبني على باطل.
كما إنني أعترض على لفظة "مؤمن"، التي وردت في نص د. الأنصاري، فقال: "إنني مؤمن بشعب عربي واحد" ؛ أرفضها بشدة موضوعية، لأنني لست "مؤمناً أيديولوجياً بشعب عربي واحد"، بل أنا مقتنعٌ إبستمولوجياً، بوجود شعب عربي متجانس، وليس بالضرورة واحداً، أو مقتنع بوجود شعوب عربية متجانسة، رغم أختلافاتها النوعية، تنضوي تحت الخيمة الكبرى للشعب العربي المتجانس بنيوياً. وهناك فرق كبير بين الاقتناع والإيمان، كما يعلم كل مثقف. 3- بعد أن يستنتج الناقد أن الاعرجي متفائل من هذه الثورات العربية يقول: "وتفاؤل الأستاذ علاء ناجم عن بُعده عن مسرح الأحداث، فمجلة "المستقبل العربي" تقول إنه مقيم في نيويورك، وهذا ما يجعله مثل الفلسطينيين المقيمين بكل راحة، لنقُلْ في كندا، ويريدون تحرير فلسطين من النهر إلى البحر، أما الذين في "قلب المعركة" فإنهم يتهمونهم بالخيانة وبالتفريط بالقضية، ونرجو ألا يصل الأستاذ علاء إلى هذا الوضع".
4- وبصرف النظر الآن عن قضية التفاؤل والتشاؤم بالثورة العربية، التي تحتاج إلى بحث مستقل، يُخرجنا عن الموضوع؛ فإنني سأكتفي بالرد على اتهامين خطيرين مستنتجَين من هذا النص؛ أحدهما أن الأعرجي بعيد عن مسرح الأحداث، والثاني، أنه متهم بالخيانة. أzwnj;) كيف يمكن الحديث اليوم عن القرب والبعد عن مركز الأحداث، في وقت أصبح فيه العالم قرية صغيرة، ينتقل فيه الخبر (والتحليل) بلمح البصر من أقصى الأرض إلى أقصاها؟ فأنا، كغيري من ملايين المغتربين، أستقبل جميع الفضائيات العالمية، فضلا عن توفر المعلومة على الإنترنيت، حيث أقرأ مختلف الصحف العربية والأجنبية.
ومن جهة أخرى، هل كل من يعيش خارج البلد، لا يحقّ له أن يبدي رأيه في الأحداث الجارية في بلده الأم؟ أليس من الممكن لهذا الإنسان المغترب، ان يقدم لقضية وطنه، وربما للبشرية، أكثر مما يقدمه الكثير من المقيمين داخل الوطن؟ ألم يقدم بعض الفلسطينيين المقيمين في الخارج، من أمثال أدوارد سعيد وهشام شرابي وغيرهما، إنجازات فكرية متميزة؟ وهل هؤلاء وغيرهم الكثير، هم "خونة" {كما يشي معنى النصّ الذي يقول فيه "وهذا ما يجعله مثل الفلسطينيين المقيمين بكل راحة، لنقل في كندا، ويريدون تحرير فلسطين من النهر إلى البحر. أما الذين في ldquo;قلب المعركةrdquo; فإنهم يتهمونهم بالخيانة وبالتفريط في القضية}. ونعتذر لإعادة تثبيت هذا النص الملغوم بالاتهامات الخطيرة، لا لكاتب السطور وحسب، بل لجميع العرب المغتربين.
فالمعنى الواضح لهذا النص هو أن الناقد المحترم يتهم جميع العرب المغتربين بالخيانة لأنهم هاجروا من ديارهم، وكأنهم فرَّطوا بقضيتهم. فهم "مثل الفلسطينيين المرتاحين في الخارج ويطالبون بتحرير أرضهم... ".ورداً على ذلك أقول، بين أمور اخرى، إن معظم المثقفين العرب في الخارج، لاسيما في أوروبا وأمريكا، غالباً ما يقدمون خدمات جُلّى لوطنهم الأم ولأمتهم العربية بوجه عام، أكثر من معظم المقيمين في الداخل. خصوصاً لأنهم يتمتعون هنا بحرية الفكر والتعبير والنشر والتنظيم، الأمر الذي لايتوفر لهم في بلدانهم الأصلية.
مثلاً، ألم يقدم محمد أركون(الجزائر)، الذي عاش معظم حياته دارساً ثم أستاذاً في السوربون، من الإنتاج النقدي العميق، ما يرقى إلى أعلى المستويات العالمية؟ كذلك فَعَلَ برهان غليون، ومطاع صفدي وجورج طرابيشي وغيرهم الكثير. ألم يقدم البروفسور حليم بركات أعمالاً فكرية مهمة من بينها مجلد ضخم يبحث في"المجتمع العربي في القرن العشرين"؟ والحديث يطول عن إنجازات الكثير من المغتربين العرب وعلى رأسهم العالم الكبير أحمد زويل.
بzwnj;) وإذا عدنا إلى الأعرجي، موضع الانتقاد الشديد، بل الاتهام، غير العادل، بالخيانة، فنقول إنه كان وما يزال قريباً جداً من قلب الأحداث في المنطقة، إلى الحدّ الذي تضاعف حِمْلُهُ الثقيل للهمّ العربي، عدة مرات، بعد وصوله لهذا البلد منذ عام 1981. لذلك فقد كان ناشطاً في مختلف الأوساط الإعلامية والفكرية سواء من خلال النادي العربي في الأمم المتحدة، أو في الجمعية الفرانكوفونية، فضلاً عن مواصلته النشر في عدد من الصحف والمجلات الصادرة في نيويورك، وفي تورنتو، وفي لندن، مثل "القدس العربي"، وفي قطر، مثل مجلة الدوحة، وفي بيروت مثل مجلة المستقبل العربي. وله عدة أعمال متواضعة تدور في محور " تنظير وتفسير أزمة التطور الحضاري في الوطن العربي، وأثرها في ضعف العرب وفشلهم في مجابهة الآخر".
علماً أن كاتب هذه السطور يكنّ للمفكر الأنصاري، احتراماً كبيراً، فقد أنعم النظر في معظم كتبه. كما أنه يلتقي معه في الكثير من أفكاره، ولاسيما في حقيقة تخلف العرب الحضاري.(انظر فصل "مثلث التخلف العربي"، في كتاب د. الأنصاري: "تحولات الفكر والسياسة بمصر ومحيطها العربي"). تلك الحقيقة الصارخة، التي أوصلت الأعرجي إلى أهم فرضياته/نظرياته،المثيرة للجدل؛ ومنها "نظرية العقل المجتمعي العربي الماضوي، المتخلف والمتحجر"، الذي أدى إلى حدّ أجهاض الربيع العربي وإفشال الثورة الشعبية العربية الليبرالية، التي نجحت في إزاحة أكبر الأنظمة العاتية في المنطقة؛ فضلاً عن فرضيته عن "العقل العربي الفردي، المنفعل بالعقل المجتمعي الماضوي؛ وفرضية عدم مرور العرب بمرحلة الزراعة، على نحو يكفي لمحو الطباع البدوية/العشائرية، التي ظلت قابعة تنخر في جذور المجتمعات العربية عموماً.(انظر كتاب الأعرجي:"أزمة التطور الحضاري في الوطن العربي، بين العقل الفاعل والعقل المنفعل، القاهرة: دار أخبار اليوم، الطبعة الثالثة).
واختتاماً لدفاع الأعرجي ضد هذه الاتهامات، المتسرعة، التي أطلقها عليه أخونا المفكر الكبير، بدون وجه حق، نورد أدناه جزءاً يسيراً من شهادة أديب مصري معروف يعيش في القاهرة، هو الأستاذ جمال الغيطاني، رئيس تحرير "أخبار الأدب" الأسبوعية القاهرية سابقاً:" التقيت المفكر العربي علاء الأعرجي في نيويورك، ‬رافقته طويلاً في المدينة التي يعرفها جيداً. طوال الساعات الطويلة التي أمضيتها بصحبته، لم نكفّ عن النقاش حول ما يشغله دائماً وأبداً: ‬أزمة التطور الحضاري للأمة العربية، ‬هذه القضية محور حياته، ‬وشاغله الأكبر، ‬حتي بدا لي جسداً يعيش في نيويورك، ‬وقلباً وروحاً يهيم هناك في المنطقة التي نعيش فيها وتحتدم بالمشاكل والصراعات".( النص السابق جزءٌ من مقالة أفتتاحية نشرها رئيس التحرير، في أسبوعية "اخبار الأدب" القاهرية، ثم تصَدَرَت الطبعة الثالثة من كتاب أزمة التطور الحضاري... المذكور أعلاه).‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬ alaraji@nj.rr.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف