"هولير 2".. هل سيُعبد الطريق للأكراد إلى "هولير 1"؟
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
أكراد سوريا الذين يربو تعدادهم على ال3 ملايين نسمة (أي ما نسبته أكثر من 13% من مجموع سكان سوريا)، ليسوا على قلب رجلٍ واحد. هم، لا يعتبرون أنفسهم أبناء "ثورة" سورية واحدة، ولا يقفون كشعب واحد، على مسافة واحدة من الصراع الدائر في سوريا منذ ما يقارب ال3 سنوات، فموقفهم من "الثورة" و"الثوار" وعكوسهما قد يختلف بإختلاف الحزب أو الآيديولوجيا أو المرجعية السياسية لكلّ طرف. هم، بالنتيجة، منقسمون فيما بينهم حول راهن كردستانهم ومستقبلها في سوريا، إلى فريقين أساسيّين: فريق بمرجعية أوجلانية يقوده "حزب الإتحاد الديمقراطي" (PYD)، ممثلاً ب"مجلس غرب كردستان" (EGRK) وذراعه العسكرية "قوات حماية الشعب" (YPG)، وأخر بمرجعية بارزانية تقوده أحزاب "الإتحاد السياسي" إلى جانب 12 حزباً كردياً، ممثلين ب "المجلس الوطني الكردي" (ENKS).
خروج "أكراد بارزاني" كثاني أهم طرف كردي سوري، من سرب "أكراد أوجلان"، لأسباب تتعلّق في بعضها ب"تفرّد" الإتحاد الديمقراطي بالقرار الكردي السوري، على حدّ قول الطرف الأول، وانضمامهم مؤخراً إلى "الإئتلاف الوطني السوري"، ساهم في خلق المزيد من الإنقسامات في الصف الكردي، الأمر الذي فتح باب الصراع الكردي الكردي مفتوحاً على كلّ الإحتمالات. زيارة رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني التاريخية الأخيرة إلى دياربكر وما سبقتها ولحقتها من تصريحات وتصريحات مضادة بين أكراد المرجعيتين "البارزانية" و"الأوجلانية"، ودخول الطرفين في حروب إعلامية مفتوحة، ولجوء كلّ طرف إلى "تخوين" الآخر واتهامه ب"الخروج عن خط الكردياتي" و"مبادئ" الحق الكردي في تقرير مصيره، و"الإنجرار إلى فخ المحاور الإقليمية"، كلّ ذلك وضع "وحدة الصف الكردي"، وفي مقدمتها مشروع "المؤتمر القومي الكردي"، الذي أُجّل عقده لثلاث مرات حتى الآن، على المحك.الشارع الكردي في أجزاء كردستان الأربعة، انقسم بالنتيجة، إلى نصفين متصارعين: "نصف بارزاني" و"نصف أوجلاني". لكنّ "شعرة معاوية" بين الطرفين أو "الضديّن الكردييّن"، على ما يبدو، لم تنقطع بعد. هذا ما تقوله هولير وضيوفها ولقاءاتها هذه الأيام. كلتا المرجعيَتين، "البارزانية" في هولير و"الأوجلانية" في قنديل، اتفقتا، حسب ما بدا من تصريحات وبيانات الطرفين، قبل أيام، على ضرورة ذهاب الكرد السوريين، بمجلسيه "الوطني الكردي" و"غرب كردستان" إلى "هولير 2"، تحت رعاية بارزاني، تمهيداً لتوحيد الخطاب الكردي في "جنيف 2" المزمع عقده في ال22 من يناير كانون الثاني المقبل. رسمياً لا يوجد حتى الآن، أي تأكيد من جهة أي طرف من الأطراف الدولية والإقليمية المعنية بالتحضير ل"جنيف 2"، وعلى رأسها روسيا وأميركا، على إمكانية حضور الكرد ضمن وفد واحد ومستقل في المفاوضات.المؤكد عليه، حتى الآن، كما تقول تصريحات المعنيين بالأمر، هو أنّ الأكراد سيحضرون "جنيف 2"، بحكم انقسامهم بين معارضتين مختلفتين في ما بينهما بكلّ شيء، في وفدين منفصلين: أكراد مع "الإتئلاف" (المجلس الوطني الكردي) وأكراد مع "هيئة التنسيق" (مجلس غرب كردستان). روسيا واميركا لَيستا متفقَتين، في ما يخص حضور الكرد في "جنيف 2". ففي الوقت الذي ترفض فيه أميركا إدراج "الملف الكردي" على جدول أعمال "جنيف2" وتصرّ على اعتبار الكرد جزءاً من المعارضة السورية، وتحاول اختزال حضورهم، بالتالي، ضمن وفد "المعارضة السورية"، على اعتبار أنّ الكرد ممثلون، من وجهة نظرها، ب"المجلس الوطني الكردي" في "الإئتلاف"، تشجّع روسيا على حضور الكرد في "وفد مستقل" ضمن "الهيئة الكردية العليا"، لتمثيل الشعب الكردي وقضيته في سوريا. لاشكّ، كردياً، تشعر جميع الأطراف، على اختلاف جهاتها وآيديولوجياتها ومرجعياتها، بأنّ هناك حاجة ماسة لتوحيد الصف والخطاب الكرديّين، لأكثر من سبب، لعل أبرزها:1. تخلف "الإئتلاف" الذي انضم إليه "المجلس الوطني الكردي" مؤخراً، عن المطالب الكردية وتأجيله للقضية الكردية ك"قضية دستورية" إلى ما بعد سقوط النظام، ما يعني تأجيلها إلى أجل غير مسمى.2. رفض الإئتلاف، على لسان أكثر من مسؤول فيه، البت في الحديث عن "القضية الكردية"، أو إدراجها في أعمال "جنيف2"، بإعتبار أنّ الأولوية هي لإسقاط النظام أولاً وآخراً، وأن أيّ طرح للقضية الكردية في المؤتمر، تحت أي غطاءٍ كان، س"يربك الأوراق" وسوف "يصبّ في صالح نظام بشار الأسد"، على حد قول أهل اللجنة القانونية في الإئتلاف.3. كسب "الإتحاد الديمقراطي" المعركة على الأرض، عسكرياً، بإعتباره القوة الأكثر قدرةً على حماية الشعب، حتى الآن، لا يعني كسبه المعركة سياسياً. والنجاح الأخير، في ميدان السياسة، لن يتمّ بدون إشراك جميع القوى والتيارات الكردية، على اختلاف توجهاتها وآيديولوجياتها في العملية السياسية، بإعتبارها شريكة حقيقية معها في الحكم والإدارة، لها ما لها وعليها ما عليها.4. تذمّر الشارع الكردي من تشتت الأحزاب الكردية وفشلها حتى الآن في الإتفاق على "خارطة طريق كردية واحدة" ترسم مستقبل الكرد في سوريا، كثاني أكبر جماعة عرقية في البلاد. لهذه الأسباب مجتمعةً وأخرى تتعلق بتشتت القرار السياسي في إقليم كردستان العراق تجاه الأزمة السورية، وفشل الأخير بحكم التجاذبات السياسية والإصطفافات الطائفية والمذهبية في المنطقة، في إدارة "الملف الكردي السوري"، جاء "هولير2" لإسعاف "الهيئة الكردية العليا" المنبثقة من "هولير 1". لقاء "هولير2" هو في الإساس محاولة ل"ترميم" "هولير1" (11.07.2012)، الإتفاقية التي وقع عليها الكرد السوريون برعاية بارزاني، وفشلت في "تقسيم" الكعكة الكردية السورية مناصفةً بين المجلسين الكرديين، "غرب كردستان" و"الوطني الكردي". لكنّ السؤال، ههنا، هو: هل بات من الممكن بالفعل، إسعاف "الهيئة الكردية العليا"، وإنقاذ "هولير 1" في "هولير 2"؟ ترميم "هولير 1" يعني، عملياً، تطبيق نموذج إقليم كردستان العراق، وإعادة إنتاج "الإتفاق الإستراتيجي" ما بين حزب بارزاني وحزب طالباني، وهو الأمر الذي يرفضه "العمال الكردستاني" ورديفه السوري "الإتحاد الديمقراطي" جملةً وتفصيلاً. بارزاني يريد ل"كردستان سوريا" أن تكون نسخة طبق الأصل عن كردستان العراق، فيما "العمال الكردستاني" يريد لها أن تكون نموذجاً خاصاً به، مسجلاّ مختوماً بإسمه، في كلّ شيء، سياسةً واقتصاداً وثقافةً واجتماعاً. "النموذج الأوجلاني" لكردستان، لا يختلف عن "النموذج البارزاني" في الآيديولوجيا والفكر، تأسيساً وتكويناً فحسب، وإنما يختلف عنه ومعه حتى في ثوابت كردية أساسية مثل "العلم" و"النشيد" القوميين، هذا ناهيك عن اختلافهما على مفهوم الوطن الكردي "كردستان"، زماناً ومكاناً. نحن، إذن، أمام نموذجين كردييّن لكردستانَين متوازيين، يصعب التقاءهما. أياً تكن العوامل، داخلية كردستانية، أو إقليمية، أو دولية، التي دفعت بالطرفين المعنيين "الديمقراطي الكردستاني" بزعامة مسعود بارزاني و"العمال الكردستاني" بزعامة عبدالله أوجلان، للوصول إلى اتفاق كردي كردي يجمع بين الأفرقاء الكرد السوريين، فإنّ ذلك لن يغيّر من جوهر الإتفاق شيئاً، بإعتباره اتفاقاً بين بارزاني وأوجلان، أكثر من كونه اتفاقاً بين الأكراد السوريين أنفسهم. ما يعني أنّ الأكراد السوريين، لا يشكلون في العملية السياسية الجارية في المنطقة، أكثر من كونهم "أدوات" لتنفيذ أجندات لها علاقة مباشرة بكردستان العراق وكردستان تركيا، أكثر من علاقتها بكردستان سوريا.كلا الطرفين الكردييّن الكبيرين يحاولان اللعب في الملعب السوري بالورقة الكردية السورية، لتثبيت وجوده على الأرض ك"جوكر كردي" في اللعبة الإقليمية. مشاركة الأكراد في "جنيف 2" منقسمين بين معارضتين، سيعني بكلّ تأكيد فشلهم (فشل الكلّ، "أكراد بارزاني" و"أكراد أوجلان" على السواء) في تقديم أنفسهم كطرف أساسي في المفاوضات، وشلّ قدرتهم، بالتالي، على المناورة.لهذا كان لا بدّ ل"هولير 2"، كردياً، أن يكون، ربما لإنقاذ الأكراد في "جنيف 2" قبل إسعافه لهم في "هولير 1".قد ينجح الطرفان في "رسم خارطة طريق" كردية على الورق من هولير إلى هولير، وربما يُعبّد "هولير 2" الطريق للأكراد إلى "جينف 2"، لكنّ السؤال الأهم، ههنا، هو:هل سيعبّد "هولير 2" الطريق لهم إلى "هولير 1".. وكيف؟ hoshengbroka@hotmail.comالتعليقات
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف