قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
نشر الأستاذ غسان شربل، رئيس تحرير الحياة، افتتاحية بعنوان [من قتل "الربيع"؟]. وتساءل في البداية أين هم الشباب الذين كانوا يحتلون الميادين قبل ثلاثة أعوام، منادين بسقوط الحاكم. ويورد المقال وجهتي نظر لناشطين بارزين في تلك الانتفاضات، دون ذكر الاسم والبلد، ومرجح أنهما أو أحدهما من مصر. وبحسب فهمي، فإن الأول ينسب التراجع الى تخلف المجتمعات، والثاني يفسر التطورات السلبية بالتدخل الإقليمي والخارجي،- تركيا وقطر وروسيا، ولكن دون ذكر إيران- وخصوصا دور سياسات أوباما في الانعطاف نحو الإخوان، والإسلاميين عامة. باختصار، الرأي الأول ينسب التطورات السلبية للمجتمع، للجماهير، للشارع، والرأي الثاني للعامل الخارجي. ولكن أيا منهما لا يعترف بأي دور سلبي للنخب السياسية والفاعلة نفسها، ومنها أولئك الشباب أنفسهم.لقد سبق لي، ومنذ البدايات الأولى لانتفاضتي تونس ومصر، ومن ثم البفية، أن كتبت عشرات المقالات عن تلك الانفجارات العربية.
وبودي اليوم أن أسجل من جديد النقاط التالية:1 - إن كل حالة من هذه الحالات الانتفاضية الثوروية لها خصوصيتها برغم أن ثمة ما هو مشترك بينها.2 - كنت من بين من عارضوا استخدام وصف "الربيع" على هذه الانتفاضات. ولعل محللين غربيين هم من أطلقوا التعبير في مقارنة مع ربيع الدول الشرقية الأوروبية بعد سقوط جدار برلين. وبينت الفوارق الكبرى هنا وهناك، حيث كانت مجتمعات شرق ووسط أوروبا، الخاضعة للأنظمة الشمولية المغلقة، أكثر تطورا، ومن كل النواحي، من مجتمعاتنا، علما وثقافة وتعليما ونظرة للمرأة وإبعادا للدين عن التدخل في الحياة السياسية والعامة. كما أن تلك الدول كانت محاطة بدول غربية ديمقراطية عريقة ساعدتها على التخلص من المواريث السابقة، بالعكس والضد من المحيط الذي يحاصر ما يدعى بالربيع العربي، والذي يفرز التطرف والطائفية وكل أشكال التخلف، ويشعل الفتن، ويؤدي لعدم الاستقرار.3 - كان هناك خلط وسوء فهم لمفهوم الثورة نفسه، حيث اعتبر الناشطون والجماهير ان مجرد إسقاط الحاكم هو الثورة الديمقراطية، في حين أن الثورة هدم وبناء، والبناء أكثر صعوبة وتعقيدا وطول نفس ومراس من الإسقاط.قبل الانتفاضات المعنية، بدءا بتونس فمصر فصاعدا، كانت هناك الحالة العراقية بعد سقوط النظام البعثي بالآلة العسكرية الأميركية، والتي قدمت فسحة واسعة من الحرية أسئ استخدامها- وصولا للوضع الحالي، من التبعية لإيران والاستبداد السياسي والمفخفخات اليومية والطائفية والمصادمات السياسية والفساد العام والتضييق على الحريات العامة والشخصية. وقد أثير منذ عام نقاش عراقي- عراقي مماثل عن الأسباب الحقيقية لتراجع الوضع تراجعا خطيرا ولحافة الهاوية. وكان هناك من يلومون تركات النظام السابق من الخراب البشري والثقافي والاجتماعي والسياسي والتمييز بين المواطنين، مع عامل التدخل الإقليمي، وينتقدون، بوجه خاص، الجماهير الساذجة التي تمشي الملايين منها سيرا على القدم في زيارات للعتبات المقدسة وسط الأخطار بينما لا تتحرك بقوة احتجاجا جماعيا على ما تعانيه من مظالم وفقر وبطالة وفواجع ونهب وموت يومي. وكان من رأيي أن هذا كله صحيح، ولكن العامل الأول- في نظري- هو دور النخب السياسية والدينية، وحتى الثقافية، وعدم استفادة الساسة من الأخطاء الماضية ومزايداتهم السياسية ورفض الحلول الوسطى المعقولة والميل للاحتكار والاجتثاث، فضلا عن الارتباطات الخارجية للبعض، وعن تطفل الكثيرين من عديمي الكفاءة والخبرة، وحتى من مزوري الشهادات، على الحياة السياسية ومراكز الدولة.أجل، لكل حالة خصوصيتها ولكن ثمة عوامل مشتركة، محليا أو خارجيا. وإلى المقال التالي.