فضاء الرأي

الطوارق، أو المنسيون في الحرب الفرنسية على شمال مالي

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

منذ نهاية القرن التاسع عشر والأنظار الفرنسية موجهة نجو منطقة الصحراء الإفريقية الكبرى، العمق الإستراتيجي الحيوي للبلدان المغاربية وامتدادهم الطبيعي باعتبار أن سكان هذه المنطقة من الطوارق وبعض القبائل الأخرى هم مغاربيون أي خليط من الأمازيغ والعرب صهرهم الإسلام منذ أكثر من أربعة عشر قرنا في أمة واحدة.
ويطغى المذهب السني المالكي والعقيدة الأشعرية على سكان هذه المناطق التي نمت فيها الطرق الصوفية وترعرعت شأنها شأن باقي البلاد المغاربية التي احتضنت العدد الكبير من أهل البيت الفارين من الإضطهاد في المشرق، وعرفت بتسامحها وإسلامها المعتدل.
فقبائل الطوارق ومن جاورها في استيطان الصحراء الكبرى لا علاقة لها ثقافيا وحضاريا ببلدان إفريقيا جنوب الصحراء، وبالتالي فإن إلحاق هذه الشعوب وأراضيها من قبل المستعمر الفرنسي بدول مالي والنيجر كان ظلما تاريخيا لها وجريمة نكراء تضاف إلى جرائم فرنسا في المنطقة المغاربية.
وتؤكد أغلب الدراسات والبحوث المجراة من قبل المؤرخين بهذا الشأن أن إلحاق إقليمي أزواد و آيير بمالي والنيجر كان في إطار العقاب لزعماء قبائل الطوارق وكذا حفاظا على مصالح فرنسا بالمنطقة. فقد رفض هؤلاء وعلى رأسهم الأمير محمد علي الأنصاري تشكيل دولة منزوعة السيادة في الصحراء الكبرى تستغل فرنسا ثرواتها الطبيعية من يورانيوم وبترول وتتحكم بزعمائها. وقاوموا الإستعمار الفرنسي بكل ما أوتوا من جهد، بعد أن منعوا فرنسا في وقت سابق من ولوج الصحراء عبر الجزائر فعادت إليها من بوابة الساحل الإفريقي تساندها جيوش السينغال ومالي.
فلم تجد فرنسا بدا من إلحاق أقاليمهم ومنها أزواد الذي بات يسمى خطأ بـ"شمال مالي" بباماكو ونيامي نظرا لخنوع حكام هذه الدول ورضوخهم للمشروع الإستعماري الفرنسي. وفوضتهم بالوكالة بملاحقة الرافضين لمشاريع الهيمنة وإخماد تمردهم فانطلقت رحلة معاناة عنصرية طويلة للطوارق في مالي والنيجر منذ رحيل الإستعمار الفرنسي عسكريا عن المنطقة.
حيث روج حكام النيجر ومالي (على وجه الخصوص) لشعوبهم أن الطوارق والعرب هم الذين استعبدوا آباءهم وأجدادهم بعد أن اختطفوهم وباعوهم في المدن المغاربية الشمالية خدما لسكان هذه المدن. كما حرم الطوارق والعرب من التنمية وظلت مناطقهم مفتقرة إلى أبسط المرافق. فلم تبنى فيها مدارس ولا مستشفيات ولا طرقات ولا غيرها رغم أن شعبي مالي والنيجر الجنوبيين الإفريقيين، وحكامهما، وكذا فرنسا يتنعمون من خيرات بلاد الطوارق في أزواد وآيير.
وحين انتفض الطوارق للمطالبة بالحق في التنمية تعرضوا لعمليات إبادة جماعية وجرائم يندى لها الجبين، من قتل وحرق وتشريد. ووصل الأمر إلى حد تسميم آبارهم التي ترويهم وتروي نوقهم وجمالهم وباقي دوابهم من ضمإ الصحراء الحارة. وسعت فرنسا إلى التعتيم قدر المستطاع على هذه الجرائم التي انطلقت مع عقد ستينيات القرن الماضي مساندة لحلفائها حكام باماكو ونيامي. وتواصل التعتيم إلى يوم الناس هذا مع عمليات الإنتقام التي يقوم بها الجيش المالي الذي اقتحم هذه المدن مع القوات الفرنسية وما كان ليجرؤ على ذلك لولاها.
ولعل الخطأ الكبير لحركة تحرير أزواد والقوميين الطوارق هو وقوعهم في مصيدة فرنسا وبعض دول الجوار من خلال التعاون الحاصل بينهم وبين الجماعات الجهادية التي تتبنى فكر تنظيم القاعدة. فالقاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وبتأكيد أغلب الخبراء والمحللين هي صنيعة الإستخبارات الفرنسية ودولة مغاربية، وهي ذريعة باريس وحلفائها للولوج مجددا إلى المنطقة وإجهاض حلم الطوارق التاريخي في تأسيس دولتهم في أزواد وعاصمتها لؤلؤة الصحراء مدينة تمبكتو ذات التاريخ الإسلامي العريق.
وبالفعل تناسى الإعلام العالمي القضية المحورية القومية (التي يجهلها أيضا أغلبه) وهي قضية الشعب الطارقي وأصبح الجميع يتحدث عن حرب على الإرهاب وعن سعي فرنسا المحموم لتطهير الصحراء من الإرهابيين الذين صنعتهم باريس نفسها واتخذتهم ذريعة للهيمنة أكثر على ثروات المنطقة التي باتت مهددة في حال نشوء دولة طارقية في أزواد. وساهمت في هذا التجاهل أيضا البلدان المغاربية التي فتح البعض منها مجاله الجوي للقوات الفرنسية (الجزائر) فيما التزم البعض الآخر الصمت حيال إخوانه الطوارق فيما بلدان إفريقيا جنوب الصحراء تهب لنجدة مالي.
وللتجاهل المغاربي والعربي لقضية الطوارق جذوره، ويعود إلى ستينات القرن الماضي مع موافقة دول المنطقة المغاربية على الخريطة الجديدة للمنطقة التي خطتها أيادي المستعمر رغم علمهم بالظلم التاريخي الذي طال الطوارق، باعتبار أن من بين هذه الدول من ضمت أيضا أراض للطوارق وليس من مصلحتها أن يشكل هذا الشعب المغاربي دولته.
أما الجامعة العربية فإن ميثاقها يجعل مرجع نظرها يقتصر على البلدان الأعضاء وقد تضررت من هذا الميثاق شعوب أخرى على غرار شعب الأحواز الذي يعاني الأمرين من النظام الإيراني سواء زمن الشاه أو مع "الثورة الإسلامية". ولعل الجهة "اليتيمة" التي تبنت قضية الطوارق هي المؤتمر العالمي الأمازيغي الذي اعتبر قضية الطوارق قضيته الأولى وكانت باستمرار حاضرة في جدول أعماله. أما الإتحاد الإفريقي ومنظمة المؤتمر الإسلامي (التعاون الإسلامي) فلم تتعرض بتاتا لهذه القضية المنسية، ويرجح أنها تعتبرها شأنا داخليا ماليا أو نيجريا باعتبار انتماء الدولتين المذكورتين لهاتين المنظمتين.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
ألطوارق
ax23x -

ألكاتب يلوم ألغرب بل لوم نفسك كعربي وأعطيه حقه لطالما حارب ألطوارق ووصلوكم إلى ألأندلس ألم يكن طارق بن زياد من ألطوارق ماذا فعل لبني قومه خانهم وخدم ألعرب وها هم أداة إرهاب بيد ألجزائر ألراعية للإرهاب

عنصرية
عربي مغاربي -

إلى المتدخل الأول: مثلما هناك عرب متطرفون عنصريون ينفون وجود ثقافة وعرق أمازيغيين، هناك أيضا أمازيغ متطرفون من أمثال أولئك الذين يطالبون العرب المغاربة بالرحيل من بلاد المغرب مع قرآنهم ولغتهم بل ويغلطون حقائق التاريخ وينفون وجود عرب في بلاد المغرب الكبير رغم أن الهجرات العربية والفينيقية الشاميةيثبتها التاريخ سواء مع العهد القرطاجي أو مع بزوغ فجر الإسلام أو بعده مع هجرات بني هلال وبني سليم. ومن أمثال هؤلاء العنصريين المتدخل الأول الذي يرى في طارق بن زياد الأمازيغي المسلم النبيل مجرد رجل تخلى عن قومه الأمازيغ وذهب يقاتل مع العرب وفاته أن القائد الذي تشرف العرب والأمازيغ معا بالقتال تحت قيادته فتح الأندلس خدمة لدينه وإيمانه الراسخ بقيم الإسلام وليس دفاعا عن العرب. سيدي الكريم الأمازيغ والعرب مكونان رئيسيان لحضارة بلاد المغرب ولا يمكن لأحدهما أن يلغي الآخر ويجمع بينهما الإسلام واختلاط الدماء جراء المصاهرة وأنت تختلق صراعا وهميا لا وجود له إلا في مخيلتك.

نعم
القحطاني -

نعم الأمازيغ والعرب إخوة والإسلام خلط القوميتين. والدليل أن كاتب المقال عربي ويدافع عن قضية أمازيغية ولا يبدو أنه يميز بين القوميتين. المتدخل الأول فتح نقاشا بيزنطيا لا جدوى منه وكان الأولى به أن يسعى مثل كاتب المقال إلى فضح جرائم الجيشين الفرنسي والمالي بحق الطوارق التي أدانتها المنظمات الحقوقية ويدافع عنها صاحب التعليق الأول.

الجزائر هي سبب البلاوي
مغاربي متضرر من الحركى -

كان عليك أن تصرح لا أن تلوح فالنظام الجزائري هو من ورث عن فرنسا أراضي شاسعة بعضها من مالي والبعض الآخر من تونس والمغرب ..وكما قلت فإن مطالب الطوارق سبقت مطالب الجزائر لكن الحركي وجبهة التحرير التوسعية كان لها رأي آخر ولازالت تحتضن جبهة البوليساريو فوق الصحراء الشرقية التي ورثها النظام الجزائري عن فرنسا ..وهذه الأخيرة لازالت تحتفظ في أرشيفها بوثيقة تتبث إنتماء الصحراء الشرقية للمغرب ..(معاهدة للامغنية سنة 1845 بين فرنسا والإمبراطورية الشريفة

..............
ax23x -

أولى بألطوارق أن يتركوا ألخدمة في بيوت غيرهم وعليهم أن يتذكروا من أباد ذكورهم من ليبيا إلى ألأطلسي وإناثهم أصبحن جواري لولا خيانة ألطوارق لقومهم لكانت دول شمال أفريقيا ليست عربية بل أمازيغية

مغالطات
أنيس -

صاحب التعليق الخامس أنت تقول مغالطات لا أساس لها في الواقع. العرب والأمازيغ إخوة وكلاهما مساو للآخر وهما جناحا بلاد المغرب. هذه أكاذيب بعض العنصريين. إذا كان العرب قد استعبدوا الأمازيغ كما تدعي فلماذا تزوجوا منهم وزوجوهم. هل يتزوج الأسياد من العبيد ويزوجوهم أبناءهم وبناتهم؟ ثم إذا كان العرب قد استعبدوا الأمازيغ كما تدعي فكيف قاتل العرب تحت قيادة طارق بن زياد الأمازيغي؟ هل يرضى السيد أن يكون العبد عليه أميرا؟ كفا كذبا أيها العنصريون.

الجزائر هي سبب البلاء
وليد -

أتفق مع المتدخل الرابع. فالجزائر قبلت بلم فرنسا على تونس والمغرب وبلاد الطوارق في الصحراء الكبرى وضمت أراض شاسعة من هذه البلدان ولم ترجع الحق لأصحابه. وليتها حققت تنمية شاملة بما أخذته فرنسا من آبار بترول وغاز من تونس والمغرب وبلاد الطوارق بل العكس هو الصحيح أصبحت هذه الثروة وبالا عليها ومثارا لطمع جنرالاتها الحكام الفعليين للبلاد. الجزائر تمارس ازدواجية في الخطاب فهي من جهة تدعي أنها ضد الحرب في أزواد ومن جهة أخرى تفتح مجالها الجوي للطائرات الفرنسية وصحافتها الصفراء احترفت التهجم على أنظمتي تونس والمغرب خدمة لنظام الجنرالات الذي يخشى من متنفس الحريات الذي باتت تنعم به كل من المغرب وتونس ويخشى أيضا من دولة للطوارق في أزواد تطالبه يوما بأراضي الطوارق التي ضمتها الجزائر ظلما وبهتانا.