دلالات الضربة الإسرائيلية وتوقيتها
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
ما دوافع "إسرائيل" للقيام بعمل "استفزازي" من وجهة نظر المراقبين ودول العالم في ظل استعار الأزمة في سوريا، واشتعال أنحاء البلاد بالمواجهات المسلحة بين النظام ومن حمل السلاح من معارضيه؟ ألم يعرض الكيان الإسرائيلي نفسه لاحتمالات مواجهة مفتوحة في ظل الحاجة إلى مخرج للأزمة السورية على المستوى العسكري، بعد انسداد أفق الحلول السياسية؟ ألم تكن الضربة الإسرائيلية لسوريا بمثابة فرصة ذهبية للاتجاه بالأمور نحو تصعيد إقليمي قد يغير موازين وحسابات الدول الكبرى تجاه الحل الممكن في سوريا؟ ألم يتجاهل الكيان الإسرائيلي ردة الفعل السورية "المحتملة وحلفائها بالمنطقة، وإمكانية انزلاقها إلى تصعيد كبير جداً.
وكالات الأنباء تحدثت عن استهداف سلاح الجو الإسرائيلي لقافلة محملة بالسلاح على الحدود السورية اللبنانية، قالت مصادر غربية أنها كانت محملة بصواريخ من نوع SA-17 الروسية وكانت في طريقها حزب الله اللبناني. ووفقاً للصحافي شلومو تسيزنا من صحيفة "إسرائيل اليوم" المقربة من رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، فإن الطيران الإسرائيلي هاجم على مرتين من خلال أكثر من 12 طائرة حربية موقع جمرايا للبحوث العلمية، كمايقول بيان الجيش السوري، ويعلم السوريون أن كلمة "مركز بحوث علمية" تعني مراكز تصنيع السلاح أو تطويره أو تخزين الاستراتيجي منه، وهي الكلمة التي يتهامس بها السوريون للدلالة على جميع هذه المعاني.
الصحفي الإسرائيلي ذاته (تسيزنا) أكد أنه وفق الصورة التي رسمتها مصادر أجنبية، فقد دمرت الغارة الليلية قافلة شاحنات أقلت صواريخ مضادة للطائرات بين بلدة الزبداني السورية وقرية نبشيت في لبنان.
المسؤولون الإسرائيليون امتنعوا عن التعليق على الموضوع، رغم تأكيد جميع وكالات الانباء للخبر، و"مباهاة" الطرف الآخر بالاعتداء عليه في عقر داره من دون تحرك أي طائرة لملاحقة سرب الطائرات الحربية أو إطلاق أي رصاصة على مصدر الهجوم، أو حتى ملاحقته بعد إجراء الضربة، أو حتى الرد مباشرة على الغارة الإسرائيلية. والطريف في الأمر أن الحكومة السورية استدعت مسؤول القوات الأممية في الجولان السوري المحتل للاحتجاج على الضربة الجوية الإسرائيلية، لكن الجواب الذي أتى من الأمم المتحدة كان "صاعقاً" بأن الغارة لم تأت من الجولان السوري حتى تلام القوات الأممية على تفرجها على الحدث من دون تسجيله وإثباته، وأنها أتت من الجنوب اللبناني!!
صحيفة "التليجراف" البريطانية حذرت في افتتاحيتها من خطورة الغارة الإسرائيلية على الأراضي السورية، وقالت إنها تأتي في لحظة شديدة الخطورة، وأن "إسرائيل" قد يكون لديها "أسباب جيدة" لشن غارة على قافلة من الشاحنات عبر الحدود اللبنانية السورية التي كان يعتقد أن تحمل أسلحة متطورة، إلا أن تلك الضربات، تأتي فى لحظة خطيرة، حيث نشر حلف الناتو الأسبوع الماضي بطاريات باتريوت المضادة للصواريخ على حدود تركيا مع سوريا، بينما قامت "إسرائيل" بنشر نظام القبة الحديدية على حدودها الشمالية، وقد دفع هذا مسؤولاً إيرانياً كبيراً إلى التحذير من أنه سيعتبر أى هجوم على سوريا هجوما على إيران.
أما "تيمور جوكسل" الخبير في الشؤون اللبنانية، فقد اعتبر أن أي "هجوم من أي نوع يعتبر تصعيداً كبيراً وهل تفعل إسرائيل ذلك من فراغ؟". وأضاف: "الجواب وفقاً لمسؤولين غربيين ومحليين أمنيين هو أن "إسرائيل" تبنت مخاطرة محسوبة العواقب، حيث ان النظام السوري يمر بحالة توتر كبيرة نتيجة الصراعات الداخلية مع الثوار، وهو بذلك سيختار عدم الرد". وأن كلاً من لبنان وإيران على أبواب انتخابات قادمة وتحديات مالية من شأنها ان تمنعهم من الرد على "إسرائيل" في الوقت الحالي".
توجيه رسالة إلى النظام السوري بضرورة الامتناع من اليوم فصاعداً عن تزويد حزب الله بالسلاح المتطور، أولى الرسائل التي حاولت الغارة الإسرائيلية توجيهها، لكن هناك رسائل أخرى لا تقل أهمية عنها.
فالغارة الإسرائيلية التي فاجأت متابعي الشأن السوري، ولم تفاجئ كلاً من الولايات المتحدة وروسيا، حليف النظام السوري الأكبر، بعد أن أبلغ نتنياهو الطرفين للغارة قبل فترة من خلال مبعوثين خاصين، أرادت من خلالها "إسرائيل" تعميق أزمة النظام السوري وإحراجه أمام أنصاره وحلفائه بسبب التردد في الرد على اعتداء إسرائيلي واضح وفاضح، فيما كانت القوة العسكرية السورية برمتها مشغولة بكامل فعاليتها القتالية لملاحقة من تسميهم الجماعات الإرهابية المسلحة، أي أنها في وضع قتالي ممتاز للرد على أي اعتداء محتمل ومن وضعية الحركة لا الثبات، كما اعتاد الجيش السوري الفعل في أي مواجهة مع "إسرائيل"، فيما اكتفى البيان الرسمي بالاحتفاظ بحق الرد في الوقت المناسب والجديد هذه المرة "المفاجئ"، وكأن أي رد يمكن أن يتخلى عن هاتين الميزتين؟
أما الحديث عن ارتباط الضربة بالداخل السوري ودعمها للمجموعات المسلحة التي تنهار وتريد رفع معنوياتها، فالكل يعلم أن تدخل "إسرائيل" العسكري يورط من تتدخل إلى جانبه ولا يدعمه، بسبب حالة العداء الموجود ضدها، فكيف إن قامت بعمل عدائي واضح كقصف منشآت حيوية عسكرية تعتبر ذخراً استراتيجياً لكل سوريا؟
... كاتب وباحث
hichammunawar@gmail.com
التعليقات
ضرب الحبيب
شهاب -النظام السوري ومن يمده بالعون المادي والطائفي مشغولون بذبح الشعب السوري واسرائيل عزيزة عليهم في كل الاحوال فلولاها لما كان لوجودهم اي معنى او ربما لما كان لهم وجود من الاساس.