أصداء

صدام وبشار بين انتفاضتين

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

مع الانتصارات التي حققتها وتحققها الثورة السورية على الأرض بقواها الذاتية المتواضعة على نظام مدجج بالسلاح وفاق في قسوته وعنفه جميع أقرانه الديكتاتوريين الآخرين، نجد من اللازم والمفيد أن نستعيد حكاية انتفاضتنا العراقية التي اندلعت في الأول من آذار/ مارس 1991، لفهم الظروف والأسباب التي جعلتها تنتهي في شهر واحد وأربعة أيام فقط، رغم أن النظام الذي ثارت عليه كان مُنهكا، ومنبوذا ومحاصرا، عربيا ودوليا، وبلا حماة ولا مناصرين، وآيلا للسقوط. طبعا مع التذكير بأن انتفاضة كردستان حققت أهدافها وتخلصت من سلطة النظام، ولكن بإرادة دولية حازمة وفاعلة حَرَّمت على الديكتاتور اقتحام معاقلها، كما فعل بانتفاضة الجنوب.

فهل كان السبب عائدا لقوة النزعة الدموية التدميرية لدى صدام وضعفها لدى بشار، أم لضعف الروح القتالية لدى الشعب العراقي، وقلة صبره وانعدام الشجاعة والبسالة لديه، مقارنة بقوة شكيمة الشعب السوري وصبره على البراميل المتفجرة وقنابل الطائرات المقاتلة والسمتية والمدفعية الثقيلة والصواريخ بكل أنواعها وأحجامها ومَدَياتها، والتي يستخدمها الديكتاتور علنا وعلى مرأى من العالم وسمعه، لا من أجل الانتقام من ثوار الجيش الحر فقط، بل لقتل أكبر عدد ممكن من المدنيين غير المقاتلين وغير المسلحين أيضا، بزعم أنهم الحاضنة الحقيقية للثورة، والتي أمدتها وتمدها بالرجال والمال والسلاح والعتاد، بعد أن منع العالم عنها أي عون حقيقي له قيمة فاعلة على الأرض. فدك الأحياء السكنية على رؤوس نسائها وأطفالها وشيوخها، وهدم المدارس والمساجد والمستشفيات والأفران ومحطات الماء والكهرباء والغاز، ومحا مدنا وقرى وحواري كاملة وجعلها خرائب موحشة.

مع ملاحظة فارقين مُهمْين آخرين بين نظام الديكتاتور العراقي ونظام الديكتاتور السوري. فنظام صدام كان خارجا من حرب الكويت مهزوما حين اندلعت الانتفاضة في آخر أيام حرب تحرير الكويت. ومن قبل حرب الكويت بخمسة وأربعين يوما كانت طائرات التحالف الدولي تشن غارات يومية على العراق بلا توقف ولا هوادة، فعطلت جميع المطارات العسكرية والمدنية، ومحطات الرادار والطرق والجسور، وخطوط الإمداد ومراكز الاتصالات، ودمرت معظم دبابته، وأعدادا هائلة من طائراته المقاتلة والسمتية، حتى وهي مخباة في مرابضها المحصنة، الأمر الذي قضى على الروح المعنوية لدى الجيش العراقي والحرس الجمهوري وفدائيي صدام، وجعل القريب من الديكتاتوروالبعيد عنه، معا، موقنا بأن النهاية صارت مسألة أيام وليست مسألة شهور.

وفي ذلك الزمن بالتحديد كانت دول العالم الكبرى والصغرى، كلها تقريبا، مشاركة في قتاله، أو موافقة على طرده من الكويت بالقوة المسلحة، ودول الجوار كلها كانت ملتزمة بقرار مجلس الأمن الدولي المتخذ وفق البند السابع، فأقفلت عليه حدودها، ومنعت مرور أي دعم عسكري أو مالي أو بشري من أي نوع.

ثم جاءت حرب الكويت لتقضي على البقية الباقية من الجيش والحرس الجمهوري، ولكي تعيد من نجا من الموت، من ضباط وجنود، مهزوما ومُهانا، ماشيا على قدميه على الرمال، أو محشورا في أحد باصات الهاربين العرب والأجانب من الكويت.

بالإضافة إلى أن قوات التحالف الدولي عمدت إلى تجريد النظام، تماما، من وسائل الإعلام، بكل أنواعها، بعد قصف المرسلات واستوديوهات الإذاعات والتلفزيون والهاتف. مع التذكير بعدم توفر هواتف نقالة في تلك الأيام، ولا شبكة (سكايب) التي دخلت اليوم في ساحات القتال مع المنتفضين.

وهناك فارق آخر مهم آخر أيضا. فالجارة إيران كانت في الانتفاضة العراقية عنصرا محليا مشاركا في القتال، بالمال والسلاح والرجال، ضمن مليشيات المجلس الإسلامي والدعوة، أو بملابس الحرس الثوري، صراحة، وبصور الخميني ورفسنجاني التي أفسدت وجه الانتفاضة، وجعلتها إيرانية أكثر منها عراقية وطنية خالصة، مثلما كانت عند اندلاعها، ولكنها مع ديكتاتور سوريا تشارك عن بعد، وبالواسطة واللصوصية والتهريب.

بالمقابل فإن نظام الديكتاتور السوري يمتلك جيشا متماسكا وقويا مجهزا بأفضل أنواع الأسلحة وأحدثها، وبأكوام الذخيرة ولوازم الحروب الأخرى التي لم تستهلكها من قبل في حروب حقيقة، ككا حدص مع جيوش صدام. وعلى امتداد أربعين عاما ظل حافظ أسد ومن بعده بشار يتزودان بالمزيد منها، عاما بعد عام، بالأموال الإيرانية والخليجية والهبات الروسية والصينية، وبقوت الشعب السوري الذي كان يتحمل الشُحة والفقر وشظف العيش إيمانا منه بقدسية القضية التي كان النظام يزعم أنه يعد جيشه من أجلها وفي سبيلها.

كما أن روسيا، من ثلاثين عاما أيضا، وما تزال حتى اليوم، تمسك به بقوة وتعينه على البقاء، ليس بترسانات أسلحتها المتطورة الحديثة وحسب، بل بحمايته في المحافل الدولية من أي عقاب على جرائم الحرب التي يقترفها علنا وعلى شاشات التلفزيون، وبشهادات المنظمات الدولية المتخصصة كلها. وإيران، هي الأخرى، لم تتوقف عن مده بالمال والسلاح والرجال. وحزب الله يقاتل معه. ونوري المالكي يجعل من سماء العراق وأرضه جسرا دائما لتهريب الأسلحة والمال والمقاتلين والخبراء من إيران، دون خوف ولا حياء.

ولكن ومع كل هذه العوامل والظروف فقد صمد الشعب السوري عامين، وما زال مصمما على الصمود، غير باخل بتضحية ولا بفداء، رغم أن أعداد شهدائه المعروفة والموثقة، بحسب إحصاءات المنظمات الدولية (وليس المعارضة)، تجاوزت سبعين ألفا، ورغم أن جرحاه ومعوقيه ومُختَطَفيه ومعتقليه ومرضاه ومُهَجريه في الداخل والخارج لا يمكن حصر أعدادهم، بأي حال من الأحوال. وفي كل يوم يتحقق للمعارضة كسب عسكري وسياسي مهم يقربها من الانتصار النهائي القريب.

ويبرر البعض من زملائنا الكتاب والمحللين العراقيين والإيرانيين هزيمة انتفاضة العراق في عام 1991 بما يلي:
" إن أول أسباب فشلها أنها كانت عشوائية شعبية، بغياب القائد الذي يقود المجموعات، على الرغم من وجود قيادات محلية لمجموعات صغيرة في مناطقها. ومنها أيضا أن النظام، بخبثه ودهائه، هو الذي دس عناصر مخابراته وأمنه وجيوشه على المنتفضين فدفع بها إلى الخروج عن أهدافها وتغيير شعاراتها، وأنه هو الذي أضفى عليها الصبغة الطائفية برفع صور الخميني ورفسنجاني ومحمد باقر الحكيم، وأنه هو الذي جعل المنتفضين يطلقوا عليها تسمية انتفاضة (15 شعبان) لكي تتوافق مع ميلاد (صاحب الزمان)، وهو الذي أوعز برفع شعارات واضحة الدلالة مثل (ماكو ولي ألا علي ونريد حاكم جعفري) و(صدام اشرد جوك السادة) و(يالثارات الحسين) وغيرها، الأمر الذي جعل أمريكا ودول الخليج تعتقد بأن إيران وراء الانتفاضة، فوقفت ضدها وساعدت على إفشالها وسمحت لصدام بسحقها".

كما يسوقون سببا آخر لتبرير فشلها، وهو غياب الاعلام الحر المستقل الناقل لأحداث الانتفاضة، باستثناء بعض الأخبار في الاعلام الغربي، وبعض القنوات الفضائية. يضاف إلى هذه الأسباب كلها انبساط أرض الجنوب مما سهل لطائرات النظام قصف المدن والمناطق، على عكس المناطق الشمالية ذات التضاريس الوعرة.

ومع الاحترام الشديد لهذه الآراء فمن السهل ردها وتفنيدها. فأصحاب هذه المبررات ينسون الأسباب الموضوعية الحقيقية التي جعلت من فشل الانتفاضة أمر واقعا لا مهرب منه. فالقول بعدم وجود قيادة موحدة لجماهير الانتفاضة أمر غير صحيح. فأغلب الانتفاضات العربية التي نجحت في إسقاط الأنظمة التي ثارت عليها بدأت عفوية وبدون قيادة مركزية موحدة. وها هي الثورة السورية أمامكم. إن فيها عشرات الأحزاب والمنظمات والكتائب والفيالق والأجنحة والتيارات. وكلها تتنافس وتتقاطع وتتحارب أحيانا، ولكنها موحدة على القاسم المشترك وهو إسقاط النظام.

إن أكثر ما أساء إلى الانتفاضة العراقية هو محاولة المجلس الأعلى فرض هيمنته عليها واحتكار قيادتها والتسيُد على جماهيرها، في الوقت الذي كانت فيه سمعته الوطنية والمالية، وتبعيته المفضوحة لإيران، في أسوأ حالاتها، ليس بين جماهير العراقيين الأخرى غير الشيعية وغير العربية وغير المسلمة فقط، بل حتى بين صفوف المعارضة الشيعية ذاتها التي هجرها النظام، أو التي اضطرت للهرب إلى إيران، والتي جربت وذاقت مرارة أساليبه في معاملة أشقائه اللاجئين العراقيين الشيعة.

وقيل يومها إنه استغل الفوضى التي أحدثتها الانتفاضة فعمد إلى تصفية خصومه ومعارضيه من قادة الأحزاب الشيعية الأخرى، مستقويا بنفوذه لدى النظام الإيراني.
ومن حضر مؤتمر المعارضة العراقية في بيروت شهد كيف كان قادة المجلس وزملاؤهم قادة الأحزاب الدينية الشيعية الأخرى يتنافسون على حضانة الانتفاضة، وكيف كانوا يتصرفون وكأن النظام قد سقط، وأنهم أصبحوا حكام العراق الجدد، فراحوا يتقاسمون الوزارات والمؤسسات والسفارات، ورفضوا بقوة وحزم إشراك أحزاب أخرى في السلطة، بل منعوا ممثلي الحزب الشيوعي من الجلوس معهم على طاولة واحدة، باعتبار أن العهد الجديد في العراق ديني إسلامي شيعي لا مكان فيه لعلمانيين وشيوعيين وديمقراطيين.

أما العامل القاتل الثاني فهو دخول إيران على خط الانتفاضة، ومحاولة استثمارها لتحقيق مكاسب سياسية معينة، بهدف المقايضة عليها مع (الشيطان الأكبر) وحلفائه، وللانتقام من صدام حسين، وللاستحواذ على ما يمكن من وثائق النظام ومستنداته، خصوصا ما يتعلق منها بالحرب العراقية الإيرانية، وما رافقها من أسرار.

العامل الثالث هو بروز قيادات محلية في المدن والقرى جاهلة وأمية وفوضوية وفاسدة تمكنت من ركوب موجة الانتفاضة لتحقيق مكاسب مالية أو تصفية حسابات شخصية، فأجازت القتل والنهب والاغتصاب، وسمحت للمجاميع الهائجة بالسطو على أموال الدولة وعلى أموال المواطنين وأملاكهم. ولم يكن ضحاياهم من بعثيين أو سنة أو مجندين (إجباريين) في الجيش أو الحرس الجمهوري، بل مواطنين عاديين من طائفتهم ذاتها، ومن جيرانهم وأقاربهم كذلك.إضافة ما فعلوه بالبثيين والموظفين الحكوميين. وقد روى لنا لاجئون في معسكري رفحا والأرطاوية في السعودية أحاديث كثيرة عن حالات أبدى فيها جنود وضباط محاصرون في ثكناتهم رغبتهم في الاستسلام (للثوار)، فتم الاعتداء عليهم من قبل مهاجمين مسلحين بالهروات والقامات والسكاكين.
و" ليس خافيا أن أكثر أعمال القتل وحشية جرت في النجف وكربلاء بحق البعثيين والموظفين الحكوميين وعناصر الشرطة.

ويذكر أن مرقد الإمام علي كان يُغسل يومياً من الدماء، وأن مكتبة (دار الحكمة) في المدينة تحولت إلى مسلخ بشري. وقد استخدمت في قتل البعثيين وعناصر الأمن والمسؤولين الحكوميين أساليب في منتهى الهمجية والقسوة، منها وضع إطار سيارة في الرأس وإشعال النار فيهأ. فضلاً على وقائع اغتصاب كثيرة لزوجات بعثيين، وبعثيات عضوات في اتحاد لنساء العراق- النجف".

أما حكاية المقابر الجماعية فهي قضية أخرى استخدمتها الأحزاب الدينية، وأجهزة الإعلام الإيرانية، بشكل خاص، لأغراض سياسية محضة، فأحاطتها بكثير من المبالغة والتهويل والادعاء، وذلك لتسويق فكرة مظلومية الشيعة في العالم الغربي، وفي أمريكا بشكل خاص، حتى صار العراق يسمى (بلد المقابر الجماعية). ولكن البحث المحايد والموضوعي الذي أجرته منظمات دولية محايدة ومتخصصة أثبت أن بعض هذه المقابر الجماعية يعود تاريخه إلى الحرب العراقية الإيرانية، وقد وجد منها الكثير في العراق وفي إيران أيضا، لكن تم التركيز على العراق وحده، وإهمل وأغفل ما وجد منها في إيران. ثم إن عددا آخر من تلك المقابر الجماعية يعود تاريخه إلى أيام حرب الكويت، وبعضا منها أيضا يعود لأيام الانتفاضة، مع عدم تبرئة النظام السابق من كثير منها. ولكنها بحاجة إلى مزيد من التدقيق والتمحيص لتحديد هويتها وتواريخها، ولتخليصها من كثير مما علق بها من تزوير وتلفيق.

وعلى العموم فبدعة المقابر الجماعية شيء ثابت في تاريخنا العربي والإسلامي، وهي جزء أكيد من تراثنا ليس لنا الحق في أن ننكره أو وننفيه. وها هي مقابر بشار وشبيحته في سوريا هذه الأيام، ولكن لا أحد من أحزاب العراق الدينية يتحدث عنها أو حتى يصدق وجودها.

وفي التلخيص النهائي لأهم أسباب فشل انتفاضتنا وصمود انتفاضة أشقائنا السوريين يمكن القول إن انتفاضتنا كانت هبة عاطفية غير منظمة وغير مسيسة، ودون تخطيط وترسيم، الأمر الذي سهل على البسطاء والجهلة والأميين ركوب موجتها وحرفها عن مسارها، وتحويلها إلى حرب بين طائفة ضد طائفة أخرى، وجعلها تخرج عن سيطرة العقل السياسي العراقي الوطني النزيه، وتبعد عنها مجاميع الجماهير المناضلة الوطنية الأخرى.

أما الانتفاضة السورية فقد بدأت عفوية أيضا، ولكن سلمية ومتعقلة ومحددة المطالب والشعارات، واستمرت على مدى ثمانية شهور وهي ترفض أي تدخل خارجي، وتعارض دعوات الرد على السلاح بالسلاح، والعنف والانتقام، وظلت سلمية تواجه الرصاص بالغناء والزغاريد والأهازيج والهتاف: (سلمية سلمية)، إلى أن طفح الكيل. ولم يتوقف أي منتفض، في كل قرية ومدينة وحي عن التأكيد على سورية الانتفاضة، ولم يقل أي منهم إنها ثورة طائفة على طائفة الجلاد.

ولو استعرضنا أبرز قيادات المجاميع والمجالس التنسيقية في الداخل، وأهم قيادات المعارضة في الخارج، لوجدناها، كلها تقريبا، أكاديمية جامعية متحضرة، تؤمن بالديمقراطية وحدها حلا واقعيا لإخراج سوريا من هذا الظلام والخراب والاقتتال. فبرهان غليون، متخرج في السوربون وأستاذ فيها أكثر من ربع قرن، ثم خليفته عبد الباسط سيدا (الكردي العلماني الليبرالي المتحضر) ثم جورج صبرا (المثقف المسيحي المستقل)، ثم الشيخ المؤذن معاذ الخطيب الذي أثبت أنه سياسي بارع ومتفتح ومتحضر ويستحق القيادة بجدارة. وللعلم فقط فإن أول سفير للمعارضة السورية في فرنسا علوي وابن علوي وابن علوية، بحق وحقيق. ثم، من يقرأ التقرير المالي الأخير للمجلس الوطني السوري يكتشف نزاهة الثورة وأمانتها التي لا يمكن قياسها بفساد غيرها بأي حال من الأحوال.

ولو عقدنا مقارنة عددية حسابية بين عدد القتلى والجرحى والمعوقين والمفقودين والمعتقلين والمهجرين، في الداخل والخارج، في الانتفاضتين، وحجم الحرق والهدم والنسف والردم، لكان ثمن الانتفاضة العراقية واحدا من ألف مما دفعه الشعب السوري لحد الآن، ومما يصر على دفعه في المعارك اللاحقة.

وأخيرا فإن أكبر الغادرين بانتفاضتنا العراقية كانت إيران ذاتها. لسببين. الأول أنها كانت في عنفوان الانتفاضة تهاجم أمريكا وتؤجج الكراهية والحقد ضدها وتعدها بالانهيار والهزيمة، في حين أن شيعة العراق كانوا في أمس الحاجة الى دعم امريكا في مواجهة صدام. وهذا ما سهل على دول الخليج (السنية) مهمة تغيير موقف أمريكا من الانتفاضة والقبول بأهون الشرين، وهو النظام العدواني الصدامي، وهو ضعيف، بدل الهيمنة الإيرانية، وربما حروب جديدة شيعية سنية في المنطقة.

والثاني أن إيران حين استمعت لجورج بوش وهو يدعو الجيش العراقي إلى الانقلاب على الديكتاتور أدركت أن الرياح الأمريكية والدولية تغيرت باتجاه الإبقاء على صدام، بل والسماح له بدفن الانتفاضة في مهدها. فسارعت إلى سحب عناصر مخابراتها وحرسها الثوري، على الفور، بعد أن أوصلت المنتفضين لنص البير، وقالت لهم إذهبوا وقاتلوا أنتم وربكم، إنا هنا قاعدون. ويقول أكثر خبراء الشؤون العسكرية الاستراتيجية إن إيران لو أظهرت عزما أكيدا وملموسا على التدخل العسكري المباشر إلى جانب حلفائها ضد نظام صدام لأحدثت تغييرا كبيرا في توجهات المجتمع الدولي، ولأجبرته على القبول بأنصاف الحلول.

وقبل أن نختم هذا المقال ينبغي التذكير بحقيقة أخرى، وهي أن صدام كان عادلا في ظلمه، على حد قول الراحل محمد مهدي الحكيم. أي أنه لم يكن سنيا في حكمه، بل كان صداميا وحسب، يرفع إليه من يخدم عرشه، مهما كان لونه وملته وطائفته ودينه، ويبطش بمن يمس ذلك العرش، حتى لوكان صهره وابن عمه أو أخاه. وعلى هذا الأساس كانت الأكثرية من جنوده شيعية، وعدد كبير من قادته العسكريين والمدنيين شيعة. وليس سرا أن يكون الذي َجيش الجيوش لقمع الانتفاضة شيعيا أيضا، هو محمد حمزة الزبيدي.

فلو كان المجلس الإسلامي الأعلى وباقي أحزب الدين السياسي العراقي، ومن ورائها إيران، أكثر دهاء ووعيا وعقلانية من صدام لسعى إلى جعل الانتفاضة عراقية شاملة، تهتف بالحرية والعدالة لجميع المتضررين من ظلم الديكتاتور، وليس (ماكو ولي ألا علي ونريد حاكم جعفري). ولكن لم يكن بالإمكان أفضل مما كان، مع الأسف الشديد.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
محور الممانعة الأسدية
ممانع شفهي -

الغريب أنه وعلى مدار ثلاثة وعشرون شهراً عرت خلالها كل أوراق التوت عن العصابة الأسدية، وفضحت الدور الغربي والأمريكي والروسي واليهودي في إبقائه على سدة الحكم في سوريا، بل وشاركته كل ما يحتاجه من سلاح من أجل إكمال مهمته الشارع فيها في إبادة الشعب السوري، ومنع الجيش السوري من الحصول على أي سلاح من شأنه أن يمنع الموت المصبوب عليه ليل نهار؛ إلا أنك تجد بعضاً من الكتاب الذين عاشوا الارتزاق بأبشع أنواعه من هذا النظام المجرم يحاولون جهدهم أن يدافعوا عنه، وإعادة ثوب المقاومة والممانعة إلى سوءته التي كشفتها وفضحتها الثورة السورية المجيدة، موجهين التهم واحدة تلو الأخرى إلى الشعب السوري ورميه بالخيانة، دون أن يدور في خلدهم أنهم قد كُشفوا أمام العالم الإسلامي في دفاعهم عن نظام عميل وقاتل لا لشيء إلا لأنهم يقتاتون على موائده، ويعيشون من أمواله، لا يهمهم ما كشف من حقيقتهم، مؤكدين مواصلتهم لعملية الارتزاق حتى تنقطع تلك الأموال عنهم أو يبحثون عن مصدر رزق آخر بعد وفاته!!وفي هذا المقال نعرض لواحدة من الفضائح التي تحيق بهذه العصابة المجرمة التي تدعي المقاومة والممانعة والعداء للعدوين اليهودي والأمريكي، تتمثل في تأكيد كل من أمريكا ويهود أن الأسلحة التي بحوزة الأسد في يد أمينة، وخصوصاً الكيمائية منها، في الوقت الذي يزعم فيه الأسد أنه مقاومة وممانع لدولة الاحتلال اليهودي، ويؤكد حليفة نصر الله في لبنان أن الأسلحة التي بيده قد وصلته من سوريا وإيران، التصريح الأول جاء على لسان رئيس الامن بوزارة الحرب الاسرائليلة "عاموس جلعاد" يوم الاثنين 28 كانون الثاني 2013م مؤكداً فيه أن أسلحة الأسد الكيماوية لا تزال مؤمنة في وقت تتصاعد فيه مخاوف يهودية من إمكانية وقوع الاسلحة الكيماوية في أيدي المعارضة السورية، وحديث عن اتخاذ خطوات ديبلوماسية وأمنية لمنع حدوث ذلك، ثم جاء التصريح الثاني على لسان المتحدث باسم البيت الأبيض "جاي كارن" الذي أكد أن الرئيس الأمريكي "أوباما" وفريقه للأمن القومي رفضا فكرة تسليح المعارضة السورية خوفاً من أن تصل أية أسلحة إلى الأيادي الخاطئة وبالتالي تعريض حياة الشعب السوري أو حليفتنا إسرائيل أو الولايات المتحدة للخطر.وبهذه الاعترافات الصريحة والواضحة يتضح سبب بقاء هذا النظام الحارس الأمين طيلة عقود من الزمن، بالرغم من رفعه لشعارات الموت لليهود والموت لأمريكا، وأنه لا توجد يد أمينة

لان الشيعة غير دمويين
جميل -

مقارنة موفقة بين صدام وبين بشار الا انه في 91 لم يكن الشعب العراقي يمتك وسيلة واحدة لايصال صوته للعالم بالاضافة الى ذلك ان امريكا والسعودية ومحورهما الذي يعادي العراق الان كان يرفض اي تغير في نظام صدام وذلك لان المعارض الوحيد للنظام هم الشيعة وسميت انتفاضة الشيعة في حين وقف سنة العراق كما هو عهدهم مع الطاغية صدام وهناك فرق بين الشيعة الذين انتفضوا وبين السنة في سوريا ان السوريين هم عبارة عن قتلة ماجورين من قبل قطر والسعودية وتركيا في حين كانوا الشيعة ليس لهم ناصر ولا معين لم يقتلوا الجيش ولم بغتصبوا ولم يفجروا ابار النفط وهي تحت اقدامهم ولم يضربوا المطارات مثلما يفعل السوريون الان واود ان اقول لك قم بنتفاضة في الانبار

متحامل
البغدادي -

اعتقد ان الكاتب يحمل ظغينة ضد الشيعة بانكاره مقتل الالف من الشيعة او محاولة تقليل الارقام التي اعترفت بها الامم المتحدة سوف نتكلم بصراحة نعم ان ايران تدخلت في الانتفاظة ضد صدام احسين لكن الشعب جميع الشعب لقد تعب من مغامراته التي ئكلت الاخظر واليابس والخليج كانوا ضد الانتفاضة فقط لانها شيعية والان الخليج مع الانتفاظة السورية فقط لانها سنية بامتياز اما انكار كاتب المقال او محاولة التقليل من قتلة الانتافضة قد ذكرني بمحرقة اليهود عندما اعترف المان بقتل قرابة 6 مليون يهودي واليهود يقولون 6 مليون يهودي والامم المتحدة تقول 6 مليون قتيل اما العرب يقولوم اقل ولا يعترفون بها ويقولون تقريبن 250 الف فقط يهودي وانا اقول للعرب صدك ئلي استحوا ماتوا ..ملاحظة(عندما حدثة الحرب العالممية الثانية العرب كانوا يسكنون الخيام ..اخوكم البغدادي

الا ناصر ينصرهم
عراقىi -

الشعب السورى المظلوم دمر ايما تدمير واعتقد انه باتفاق ورضا الدول الغربية لاجل اسرائيل لانه اقل ما يجب ان يعمل هو حظر جوى وهاهو سر نورى بتاييد الشبيح لان الشعب السورى من اشجع الشعوب واقواهم شكيمة

عندي ارشيف كامل عنكم
ارشيفي قديم -

المشكلة ان ألذين يعتبرون انفسهم علمانيين ومثقفين مثل السيد الزبيدي وداوود البصري وابراهيم صاحب مقالة ماذا سيستفيد الشيعة من انفصالهم ... عندما تتأزم الأمور وتعلو الصيحات الطائفية وتتدهور الأوضاع ...سرعان ماينسون ثقافتهم وعلمانيتهم وميولهم الليبرالية وينظموا الى كتيبة الطائفة وبقوة ويثبتون للجميع بأن لافرق بينهم وبين المتعصبين والطائفيين او حتى من المواطن العادي الذي لايفهم بالتاريخ او بالسياسة شيء ...والمضحك بأني أحتفظ بالكثير من المقالات القديمة والتي كتبها الزبيدي وداوود عن قضية الأنتفاضة وغيرها من امور العراق وماكتبوه سابقا أنقلب 360 درجة عن مايكتبوه حاليا ... وانا مستعد لنشر مقالاتهم القديمة أذا رغبوا ..وبذلك سنكشف تغيير بوصلة ميولهم ومبادئهم وتغير جلدهم ..لكنهم والحق يقال لم يخالفوا المثل القائل .... الطائفي لو غسلته بالتيزاب سوف لن يتنظف من طائفيته ...فهم مرة قوميين ومرة مذهبيين ومرة ليبراليين ومرة علمانيين ومرة !!!!!!!!!ونوبه شمالي الهوى ونوبه الهوى جنوبي..... وبالمقلوب اقول تحياتي للمحافظات البيضاء الأنبار والموصل وصلاح الدين والتي قدمت الملايين من الشهداء في حرب أيران والتي دافعت عن تراب الوطن في جبهات القتال وعلى الخط الأول ...وثارت ضد صدام وتعسا للشيعة الذين كانوا في منازلهم وفي اجهزة المخابرات والأمن العامة والأمن الخاص والحرس الخاص وفدائيي صدام والجيش الشعبي وجيش القدس وقتلوا مئات الألاف من المنتفضين ودفنهم احياء...وكانوا يسهرون ليلهم في الملاهي الليلية يطربون على انغام صبيحة ذياب وغزلان ويرقصون الجوبي هله ياصكر البيدة ......

حقيقة مؤلمة ...جداً
علي عثمان -

العالم السني لا يستسيغ الشيعة تماماً مثلما لم يكن معاوية مستسيغاً لعلي بن ابي طالب ..إنها ظاهرة الجينات والكروموسومات ولا دخل لتحليل الكتاب والأدباء بما جرى ..نحتاج قائد سني شجاع يعلنها امام العالم وبلا تردد ان السنة لا يحبون الشيعة ..هذه وراثة من صحابة رسول الله الذين اتهموا النبي بعد ان عاشروه ثلاث وعشرين عاماً اتهموه بالهجر والهذيان والسحر والجنون ، وما يعانيه الشيعة هو امتداد لكره السنة لعلي بن ابي طالب وال بيت محمد (ص)..آسف لصراحتي المؤلمة ..

الصواب
Farhad -

تحليل واقعي و مقال جميل فيها الكثير من الحقيقة ليس فقط ما يتعلق بالوضع السوري و العراقي وأنما المقال والكاتب على درجة عالية من الموضوعية وقلما تجد هذا المستوى في الصحافة الحالية ...

قيادة الشيعة
ياسمين -

سيدي الكاتب لايمتلك الشيعة قيادة حكيمة تستطيع المسك بزمام الامور لافي 1991 ولا الان, يحكم الشيعة العراق منذ 2003 ولحدالان ولم يقدموا قائد شيعي وطني محب لبلده غير خاضع بقرارته لايران يقود البلد الى ىشاطئ الامان ويحقق الازدهار للشيعه على الاقل ، فما بالك بوقت انتفاضة 1991 حيث قام بها مجموعة من بسطاء الشيعة بتحريض من ايران نتيجة وضع الشيعة المزري لذا ستجابوا للانتفاضة, فلايمتلك الشيعة قيادة ولا اديولوجية تتماشى مع المستجدات الحالية تمكنهم من النجاح في حكم العراق مطلقا

زمن المعاناة
عراقي من بعيد -

هناك فرقا كبير بين انتفاضة العراق عام ١٩٩١ و انتفاضة سوريا ٢٠١١ فالشعب العراقي انتفض على ديكتاتورية ورعونية صدام ونظامة ولم ينتفض على سنيته او طائفيته او دينه ولكن الانتفاضة السورية عكس ذلك تماما. اما الفروق الاخرى كثيرة ولكن اهمها هو انه لايوجد محرض خارجي لانتفاضة العراق ولكنها ولدت بسبب المعاناة, يمكن ان تكون ايران الوحيدة ولكنها في ذلك الوقت مكروهة بسبب الحرب الطويلة وكثرة شهدائها، اما انتفاضة الشعب السوري فلها محرضون بعضهم دول عظمى، بعض المحرضين صوروا المعركة ستنتهي باسابيع وكلما خفتت نار الفتنه نفخوا فيها. النقطة المهمة الاخرى برغم عدد القتلى الذي تجاوز ال ٧٠ الف في الحالة السورية فانهم لايصلون ال ٢% مما عاناه الشعب العراقي. والسبب جدا بسيط فضحايا العراق بسبب الحروب والحصار والتغير هو ٥٠ ضعف باقل التقادير اما وقت المعاناة العراقية الحقيقية فبدأت منذ ال ١٩٧٩ بينما في سوريا بدأت ٢٠١١

لم تكن أمينا
الحسناوي -

ياسيد إبراهيم . لم لم تذكر كيف أن الأمريكان قد سمحوا لصدام باستخدام الطائرات السمتية لقتل العراقيين ولم لم تذكر أن العالم كله يقف مع المعارضة السورية والتمويل يجري كالنهر من قطر وغيرها. لم نتوقع منك أن تشوه التاريخ وبهذه الصورة المخجلة. دفاعك عن المعارضة السورية وتكذيب القتل البعثي الفاشي الجماعي قبل وبعد الانتفاضة لهو من أكثر التصريحات سوءا ولا إنسانية. لقد جعلت من الثوار العراقيين مجرد بهائم وان إخوانهم السوريين أساتذة في الثورة علما أنهم تحت الحكم البعثي الفاشي قد قضوا خمسين عاماً

للحباب جميل 2
دايمة الدولة -

في ال 91 مجاميع الغوغاء كانت تمدهم ايران بالسلاح والمتسللين ولاننسى كيف زحفوا الشروك في المحافظات الجنوبية على بيت كل مسلم سني هناك والقتل الوحشي على الطريقة الايرانية فقم بانتفاضتك ولا تتطاول والله ثورة من ناس عزل جعلتكم تتراجفون من طاح حظ الدولة التحكمهه لطامة ياجميل

للحباب جميل 2
دايمة الدولة -

في ال 91 مجاميع الغوغاء كانت تمدهم ايران بالسلاح والمتسللين ولاننسى كيف زحفوا الشروك في المحافظات الجنوبية على بيت كل مسلم سني هناك والقتل الوحشي على الطريقة الايرانية فقم بانتفاضتك ولا تتطاول والله ثورة من ناس عزل جعلتكم تتراجفون من طاح حظ الدولة التحكمهه لطامة ياجميل