أصداء

سوريا بعد ستين عاما 1 ــ 3

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

في عام 1973 كنا طلابا في استنبول.احد اصدقائنا (خ ) من الطلاب كانت امامه بضعة اسابيع ليتخرج طبيبا من كلية الطب.

مظهر و حالة هذا الصديق كانت تبعث على القرف. امامه على الطاولة علبة سجائرمن اسوأ الماركات الرخيصة وكانت تسمى برينجي. لباسه قذرة ومنظره في صراع مع كل شيء ينتمي الى الهندام. يتثاءب باستمراربسبب تعب سنوات الدراسة والغربة. اذا اردنا ان نجد تعريفا للاهمال يكفي ذكر اسم ( خ ). كان من النادر ان تجده حليق الذقن عدا ايام الامتحانات الشفهية. باختصاركان منظره يوحي بان احدا ما قد اخرجه جراً من تحت اكوام الزبالة. بالاضافة الى كل ذلك كانت جيوبه مليئة بالثقوب ولا تتحمل حرارة النقود. يعيش على الكفاف مثل المغفورله الماهتما غاندي ولكن الخبز و الشاي بدلا من الحليب. كان محبوبا جدا في الوسط الطلابي.

كنا مجموعة من الاصدقاء عند خ نحتسي الشاي ونتناول اطراف الحديث واذ بالطالب (ح) الشاب في مقتبل العمريدخل الغرفة ودار الحديث التالي بين الصديقين:

خ لقد سمعت انك نجحت في امتحان القبول الى الجامعة وان علاماتك تؤهلك للتسجيل في كلية الطب.

ح نعم ولقد قررت ان اصبح طبيبا مثلك.

خ مثلي....( مع ابتسامة ساخرة )....عفاك.... انت تعلم بانني ساتخرج بعد بضعة اسابيع طبيبا بعد ثماني سنوات طويلة من التعب والسهر في الدراسة. انظراليّ وتمعن جيدا....هل تعلم انك تحتاج الى سبع سنوات ( مدة الدراسة في كلية الطب ) حتى تتمكن من الوصول الى هذا المستوى ( مشيرا باصبعه الى صدره ) الذي تراني فيه الآن ؟ قاصدا بذلك حالته البائسة التي تبعث على الغثيان والشفقة في آن واحد وهو على ابواب التخرج.

حال الدولة التركية تتماهى كثيرا مع حالة الصديق خ ، بينما حال المعارضات السورية والآخرين من الذين يجلسون القرفصاء للنط الى كرسي الحكم بعد سقوط النظام تتشابه مع حالة الطالب الشاب ح.كيف ؟

النظام البرلماني في تركيا بدأ في عام 1950 ، الا ان الديمقراطية الحقيقية حسب المعاييرالحضارية وبناء دولة الحقوق (وليس دولة المواطنة التي يلوكها السذج من المعارضات السورية صباح مساء) لازالت بعيدة عن متناول اليد ، علما انه لا يمكن انكارالاشواط الكبيرة التي قطعتها تركيا في هذا المضمار في ستين عاما.

الدستور التركي الحالي يسمى بـ " دستور افرين" قائد الانقلاب الشهير عام 1980 او"دستورانقلاب 1980" الذي وضعه العسكر. السمة الرئيسية لهذا الدستور ، ولسخرية القدر ، هو انه بعيد كليا عن الديمقراطية ، عدا الشكليات ، وذلك باجماع كل الاحزاب والقوى السياسية والمدنية بلا استثناء.

دستور افرين يعطي صلاحيات لا محدودة للذين يصلون الى كرسي السلطة من رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية وسابقا رئاسة الاركان. كل من تسلم الحكم منذ عام 1982 وحتى الآن كانوا يعطون الوعد بدستورجديد ولكن بمجرد الجلوس على الكرسي كانوا يضربون الوعد بعرض الحائط. لماذا يتخلون عن السلطة المطلقة التي يمنحها الدستور الافرني!!

حتى السيد طيب رجب اردوغان الذي يجلس على قمة هرم السلطة منذ ما يقرب من عشرسنوات لم يجراي تغييرات جوهرية في الدستورعدا تلك التغييرات التي تم فرضها من قبل الاتحاد الاوروبي كشرط اساسي لمن يبدأ المفاوضات للدخول الى الاتحاد في فترة التحضير الطويلة والهامة. في الواقع هذه التغييرات هي التي اعطت لتركيا وجها مقبولا للاسلام السياسي الحاكم في السنوات الاولى من حكم حزب السيد اردوغان.

باختصار لقد مرعلى تركيا اكثرمن ستين عاما من الزمن ، منذ عام 1950، وهي لم تتمكن من وضع دستورديمقراطي ، اذ ان جميع الدساتير وضعها العسكر بعد كل انقلاب.

بالرغم من وجود تعدد الاحزاب والصحافة والاعلام الحرنسبيا والانتخابات الشفافة ، اي وجود كل ادوات وآليات وشكليات الديمقراطية ولكن بدون ديمقراطية او دستور ديمقراطي ، اي عدم وجود النظام الديمقراطي الحقيقي. شيء يبعث على الحيرة فعلا. مع ذلك لا يمكن انكار ان تركيا قطعت مسافات لا بأس بها في سبيل الديمقراطية الحقيقية ومن المستحيل المقارنة بينها وبين الدول الاخرى في المنطقة.

طبعا الجيش والدولة السرية التي كانت تحكم من وراء الستار كانت تقف سدا منيعا ضد اي دستورديمقراطي يضع حدا لهيمنتهم على السلطة بما فيه ثلاثة انقلابات عسكرية في اعوام 1960 و 1970 و 1980 ونصف انقلاب عام 1997.

للحديث بقية.......

طبيب كردي سوري

bengi.hajo48@gmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
إذا سوريا يوماً سئلت
علاء آل شيبان -صحفي سوري -

إذا سوريا يوماً سئلت بأي ذنب قُسّمت؟ فماذا سنقول ؟؟؟ هل سنقول إننا كذبنا على أنفسنا وعلى بعضنا كل هذه السنين وقلنا نحن سوريين!!!هل سنقول لسوريا اننا لم نحبك يوماً! هل نعترف لسوريا أننا كبشر عشنا فيها اننا لم نحب بعضنا يوماً,,,هل نقول لها اننا نحقد على بعضنا وانت الضحية!!!ماذا يعني اننا عرب واكراد! سّنة وعلويين! علمانيين ومتدينين!!! اكثرية واقليات!!!الاختلاف جميل وصحي لكن دعونا نختلف في سوريا وليس على سوريا....سوريا لنا كلنا....سوريا تسّع الجميع....ادعوكم للاختلاف بالعقل بالممارسة الديمقرطية بعد التحرير بعون الله,,,دعونا نختلف ونكتب اختلافنا في ورقة الاقتراع ولا نختلف برصاصة احقاد اتمنى ان تموت في رحمها.....لن ينتصر منّا احد ان قُسّمت سوريا..سوريا لن تصبح س و ر ي ا

السيد 1
Rizgar -

السيد علاء آل شيبان هل تعرف منذ ان قسمت كردستان في اتفاقية سيكس بيكو والى هذه اللحظة ارتكب الفاشين العرب والفرس والاتراك جرائم بشعه ضد الكورد

للعبرة
كامل -

هناك حادثة اكيدة في بابا عمرو ولن ننساها ..قناص من دير الزور كان عند حاجز الموسسة بعد تعرضه لهجوم هاجم عائلة رجل وزوجته وطفلهما عمره 7 سنيناستطاع اصابة الطفل فوقع على الارض فاصبح الطفل بتخبط من الالم وكلما تحرك الطفل عاجله القناص برصاصة هزت جسده لم يستطع الاب او الام الاقتراب من ابنهما الجريح فكان القناص يستهدفهما ولا يتعمد قتلهما حتى يتعذبا بمنظر الطفل احد الاشخاص يصرخ للطفل ان يتظاهر بالموت حتى يتوقف القناص عن اطلاق الرصاص على جسده

Rizgar
عبد الله سمعان -

معظم التعليقات العنصرية لشخص واحد معروف يدعي أنه كردي لا يترك مناسبة إلا ويشتم العرب والتركمان والايرانيين جميعاً دون أن يستثني طفلاً أو إمرأة أو ناسكاً متعبداً في صومعته. قد يكون صهيوني لأنه يستميت في الدفاع عنهم وينتفض كأفعى سامّة عندما يتعرض أحدنا لهم وما يفعله مسيء جداً للأكراد لأنه يصمهم بالجهل والغباء لأن التعميم لغة الأغبياء ، وهذا يفرض علينا الدفاع عنهم لأنهم شركاؤنا في الوطن وهم جزء منا ونحن جزء منهم

دولة وهمية مارقة ضالة
كردستان المزعومة -

كيف نسكت وحلم أفلاطوني بدولة وهمية مارقة ضالة تبنى على أنقاض حضارات تاريخية عريقة؟ أدواتها -الأحزاب الهولاكية العنصرية الكردية الصهيونية النازية- في كردستان المزعومة السليبة والمقتطعة من دولة العراق التي مارس الإنفصاليون الأكراد لتحقيقها في لحظة ضعف أبشع أنواع الظلم والاضطهاد بحق شعوب المنطقة من غير الكورد لحملهم على الهجرة تماما كما فعل الصهاينة في دير ياسين.