إيران والعالم العربي.. احتراب أم تكامل؟!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
تكتنف الشرق الأوسط مخاطر وتحديات تفضي إلى إذكاء نار الصراع وليس السلام، بل إن تصنيف العام 2013 كعام "حرج" بالنسبة لأمن المنطقة كان من الركائز الثابتة لكثير من محللي شؤون الشرق الأوسط على مدى سنوات خلت.
عاملان يستعران ويهددان بانفجار إقليمي وربما دولي كبير، على الرغم من حالة التنافس والتضاد البادية على ملامحهما، وهو الملف النووي الإيراني، والنهوض العربي في بلدان الربيع العربي والثورات التي تجتاح الشعوب العربية محررة إياها من براثن أنظمة قمعية سعت إلى إخماد صوتها وإجهاض محاولات نهوضها على مر السنين.
وعلى الرغم من تعاظم الاحتقان بين إيران والمحور الذي كانت تتبناه وتدعمه في المنطقة، والذي يشكل النظام السوري أحد مكوناته الرئيسة، وبين محور الاعتدال العربي أو ما بات يعرف لاحقاً بمحور التيار المدني وداعمي مشروع الربيع العربي القائم على جوهر مفهوم الحرية الليبرالي، إلا أن تبديد عناصر التوتر والاحتقان القائمة من خلال تحقيق بعض التنازلات التي قد تكون مؤلمة لبعض الاطراف، على حساب تأمين تواصل حقيقي بين الطرفين، قد يسهم في تنفيس هذا الاحتقان وكذلك تأمين مستقبل أفضل من التعاون قد يجعل من المنطقة مسرحاً لتحالف محتمل في وجه العدو الحقيقي وهو الكيان الإسرائيلي.
يرى معظم الخبراء المهتمين بشؤون الشرق الأسط بحسب معهد واشنطن للشرق الأدنى، أن عقارب الساعة قاربت نقطة النهاية فيما يتعلق بالدراما طويلة الأجل حول المواجهة النووية الإيرانية، وعلى الرغم من العقوبات الدولية القاسية، تتجه طهران نحو صنع قنبلة نووية، ومن المتوقع أن تتخطى عتبة كبرى بتجميعها المواد الانشطارية خلال عام 2013. ما يعني أن تجاوز مرحلة اللاعودة بالنسبة للملف النووي الإيراني سوف يكون عاملاً حاسماً إزاء الموقف الأمريكي والغربي عموماً من التعامل مع إيران بعد تحولها إلى دولة نووية جديدة في نادي الدول الأكثر نفوذاً في العالم.
من المرجح حينها أن تعرض إدارة أوباما على إيران "صفقة كبرى" بشأن برنامجها النووي والعقوبات، إلا أن إيران قد ترفض هذا العرض السخي ما يجعل الحل العسكري بالنسبة للرئيس أوباما الذي استعمل حتى الآن مبدأ "الوقاية" في مواجهة طموحات إيران النووية، خياراً واقعياً.
اثنان من أهم المتابعين والمطلعين على الشؤون السياسية والمضطلعين بإدارة بعض منها فيما يخص الشرق الأوسط، وهما "دنيس روس" و"إليوت أبرامز" أكدا علناً أنهما يؤمنان بأرجحية استخدام أمريكا أو "إسرائيل" للقوة العسكرية ضد إيران في عام 2013. وحدوث مواجهة كهذه قد تعني انهياراً سياسياً أيضاً لملف التفاوض مع السلطة الفلسطينية ومن تبقى من أنصار الحل السياسي في المنطقة، وصعوداً للحركات التي تؤمن بالحل النضالي (ما لم نقل العسكري) لتحرير فلسطين واستكمال بناء مقومات الدولة الفلسطينية، وهي حركات حماس والجهاد الإسلامي ومن والاهما، وهي حركات قد تكون علاقتها الحالية بإيران ليست على مايرام بسبب ظروف الربيع العربي وخيار الاصطفاف مع أو ضد ما يجري في العالم العربي، إلا أن أمر اندلاع حرب إقليمية ضد عدو خارجي قد يوحد من مسارات هذه القوى الصاعدة ويجعل من "إسرائيل" بين فكي كماشة. ويهدد "إسرائيل" بتحول الصراع معها من صراع قومي بين العرب و"إسرائيل" إلى نزاع ديني بين المسلمين واليهود خلال عام 2013، وهي جميعها احتمالات واقعية.
لا أعتقد ان عائقاً يحول دون هذا التقارب الذي تستشعر "إسرائيل" خطورته واقترابه يوماً بعد يوم، لكن أمراً كهذا يتطلب خطوة تنازلية تقوي هذا التحالف المرتقب أكثر ما تضعف أحد الأطراف على حساب الآخر، فلاعب الشطرنج الإيراني المعروف بصبره ونفسه الطويل إزاء تحريك بيادقه، كما ظهر في جولات التفاوض الغربي الإيراني بخصوص الملف النووي، قادر على تلمس خيوط مثل هذا التحالف مع المارد العربي المنتفض، بدلاً من معاداته واستمرار نفس النهج في الصدام مع القوى التي تشكل لب العالم العربي، والتخلي عن بعض الأوراق الإقليمية في المنطقة والتي تشكل أحد عوائق تكوين هذا التحالف المرتقب والمتوقع، ما قد يجعل الأمور مفتوحة على مسارين من التحالفات مع الغرب أو مع العالم العربي.. وقد يبدو أن ساعة إغلاق باب الخيار إزاءهما.. قد حانت أو أزفت.
... كاتب وباحث
hichammunawar@gmail.com