الأسد وصبي الأردن
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
الإنفصال عن الواقع، يبدو توصيفاً مبسطاً ومضللاً في نفس الأن، لدى وصف حالة بشار الأسد به، فهو مبسط لأنه يلامس المشكلة من دون ان يحيط بها إحاطة كاملة، ومضلل، لأنه ضمناً يعني أن الرجل منفصل عن الواقع في جزئية منه، ولكنه واع ومدرك لمسارات الأمورالاخرى، وهي ما يتعلق بالأزمة السورية، وقد يكون سبب التضليل نابع من أسباب ذاتية، كأن يكون الأسد نفسه يصدر عن خداع ولا يريد توضيح الصورة، فيعطي للطرف الأخر ما يريد ويخفي ما يريد، أو قد يكون نابع من ظروف موضوعية تتعلق بظروف الأزمة وصعوبة الإتصال والتواصل ومعرفة الحقيقة كاملة.
في الواقع أظهر الرجل في حديثه الأخير مع صحيفة "الصنداي تايمز" البريطانية، أنه يصدر عن خليط من التبسيط والتضليل والتحايل والخداع، حتى ليظهر أنه خلطة مركبة من هذه السمات وغيرها لإنتاج حالة وظيفية خالصة، كأن يجيب مثلاً على سؤال حول الحوار مع المعارضة، بانه لا يقصد المعارضة بحد ذاتها، ولكن الحوار مع الشعب السوري برمته" هذا الحوار المفتوح لا ينبغي أن يكون بين مجموعات حصرية بل بين جميع السوريين وعلى كل المستويات لأنه يدور حول مستقبل سورية" ويوضح ذلك بالقول". نحن ثلاثة وعشرون مليون سوري، ولنا جميعاً الحق بالمشاركة في صياغة مستقبل البلاد" هنا يتساءل المرء أي حوار ذلك الذي سيجري مع 23 مليون فرد، ألا تحمل هذه الدعوة نية صريحة ومعلنة لقتل الحوار وإغراقه بملايين التفصيلات، هذا إن كان بالممكن إنجاز مثل هذا الحوار الغير مسبوق في التاريخ، ماهي أليات إجرائه، وكيف يمكن الإستفادة من نتائجه؟ ثم إذا كان النظام يفرض عقاباً جماعياً على مدن ومناطق كاملة ويحرمها أبسط حقوق البشر، هل من يتوقع ان يقوم بمحاورتها؟.
يعلق الأسد على قضية الإنفصال عن الواقع التي يتهمه بها الغرب على أنها حالة تحصل" عندما تكون منفصلاً عن الرأي العام في بلادك!"، ولكنه لا يوضح مدى إلتصاقه هو بالرأي العام في سورية، على حدود معرفتنا، ومن مشاهدات عيانية ومحايثة، أن الملايين خرجت في أغلب المدن السورية تقول له لانريدك، وإرحل، ولكن ربما الرجل يرى الامور في هذه اللحظة التي لايمكن أن نرى فيها مثل هذه التعبيرات وسط قصف الطائرات وراجمات الصورايخ" السكود وغيرها"، وما يدلل على ذلك انه يقول بنفس الحديث أنه حقق المطالب الشرعية للناس مما أدى على تراجع الكثيرين، ولكنه لم يحدد أين ذهبوا في تراجعهم هذا" للسجون أم لمخيمات اللجوء أم غادروا الدنيا نهائياً"
يستخدم الأسد إستراتيجية التوظيف للخلطة المشار إليها، في وصفه للمجموعات التي تقاتل ضده، حيث يصفها بانها" طيف يتسع ليشمل صغار المجرمين، ومهربي المخدرات، ومجموعات تقتل وتخطف من أجل المال فقط إضافة إلى المرتزقة والمسلحين" ويرى أن هؤلاء المجموعات " لا يمتلكون أي أجندة سياسية أو دوافع أيديولوجية" بالطبع يتجاهل الاسد مسألة توصيف مجموعاته المقاتلة، من الشبيحة وأجهزة الأمن ولجان الأحياء الشعبية والجيش الوطني وكتائب الأسد او نحرق البلد؟ وأية أيديولوجية أو أجندة تملكها مثل هذه المجموعات. فأية أيديولوجية لجيش" وطني" يقتل ويغتصب ويسلب ويرفع شعار" الأسد أو نحرق البلد!".
لكن في هذا السياق يتذكر الأسد أن لديه مسؤولية دستورية، وأن هذه المسؤولية تقضي" المحافظة على سورية والسوريين من المجموعات الإرهابية والمتطرفة" ولسؤال هنا المحافظة على السوريين من أجهزته هل هذه ليست مسؤوليته، ألاف السوريين خرجوا جثثا هامدة من المعتقلات ، الآلاف مثلهم قتلوا امام المخابز وتحت الأنقاض، وأعداد كثيرة نتيجة اعدامات ميدانية ، ومثلهم ذبحا بالسكاكين؟، هذا يحيلنا إلى إعادة تعريف السوريين من هم؟، لان الأسد في نفس المقابلة، وعندما تخبره الصحفية بأنها" قابلت صبياً في السابعة من عمره في الأردن. يسأل: صبي سوري؟، وكأن الذين نزحوا إلى الأردن وغيرها جراء إجرام كتائب النظام ليسوا سوريين، حتى أن الأسد ينزع عنهم هويتهم السورية، ويصف كل من إضطر للعيش في الخارج باللاوطني!.
طبعا من حقه ان يستغرب، السورييون هم أولئك الذين حوله وبقربه ، السيد الرئيس لايعلم ان قواته أفرغت منطقة كاملة اسمها سهل حوران، تمد سوريا والشرق الأوسط بالقمح، وسكانها مستقرون منذ ما قبل الإمبراطورية الرومانية ، أفرغها بالكامل من سكانها ولجئوا إلى الأردن عبر الوديان والبطنان؟ ووزيره ينفخ في قربة إيران التي تمنحه بضع أطنان من القمح والطحين!
ويصر السيد الرئيس على أنه، فقط من حق السوريين وحدهم مناقشة مسألة تنحيه من عدمها، السورييون فقط، لم نكن نعرف ان وزير الخارجية الايراني سورين، لا بالأصل ولا بالتجنس، عندما أعطى لنفسه الحق بالتحدث عن بقاء الاسد في السلطة حتى 2014.
غير أن السلوك التضليلي يكشف صاحبه أيضاً، ويجعله أحد ضحاياه، مثلما حصل مع الأسد نفسه حينما أقر ان" الحوار لن يؤدي إلى سقوطه" وضمنا لن يؤدي إلى تنحيته، وهوحسب الأسد ستكون له نتائج معلقة في الهواء" تقوية سورية"، بمعنى أنه يريد توظيف الحوار لمزيد من التسويف الذي يتيح له قتل الثورة الشعبية ضده.
وتصل محاولات التضليل ذروتها عند حديثه عن الخطر الكيماوي، حيث يختزله بالقول" ما ينبغي للعالم أن يقلق بشأنه الآن هو وصول المواد الكيميائية إلى أيدي الإرهابيين، وقد تم نشر مقاطع فيديو تظهر اختبار مواد سامة على حيوانات أمام الكاميرا وتهديدات للسوريين بأنهم سيموتون بنفس الطريقة. لقد تبادلنا هذه المقاطع مع بلدان أخرى، وهذا ما ينبغي للعالم أن يركّز عليه"، يعترف ضمنا بالفبركات ويريد توظيفها بحرف تركيز العالم عن عملية إبادة الشعب السوري، يفبرك وعلى العالم ان يصدق فقط ولا يتطلع لشيئ اخر، الفيديو موجود والعناصر الامنية فيه معروفين بلاسم،
ولعل ذروة مفعول تلك الخلطة الموصوفة تصل عندما يصف نظامه بأنه معقل العلمانية الأخير في المنطقة!، في حين يعرف القاصي والداني الأسس الطائفية التي إنبنى عليها نظامه، وما سببه ذلك من تخريب للنسيج الوطني السوري، وما الأزمة التي يعيشها المجتمع السوري، إلا جراء السياسات الطائفية المنحطة.
الأسد ليس منفصلاً عن الواقع، تلك تهمة خبيثة، ودليلنا النفسي والعقلي على ذلك أن الرجل سأل الصحفية عن إسم الصبي المقطوعة رجله والذي شاهدته في الأردن!.
التعليقات
العرب والعلمانية
ن ف -لا أظنُّ أنّ النظام البعثي الفاشي في سوريا طائفياً! هو نظام علماني ديكتاتوري شمولي فحسب. الطائفية تنتعش في ظل الأنظمة الثيوقراطية (ايران، العراق مثالاً). اعتقد أنّ سقوط النظام البعثي في سوريا أصبح قاب قوسين أو أدنى، إلا أنّ المرحلة القادمة (أي ما بعد السقوط) ستكون صادمة وذلك بقدوم الاسلام السياسي إلى سدة الحكم، وهنا تسكب العبرات حقاً. فما سيحصل في سوريا سيكون أقرب الشبه إلى ما يحصل اليوم في العراق. غير أنّ الامر الذي يدعو إلى التفاؤل هو أن مرحلة الاسلام السياسي هي المرحلة الأخيرة في تطور الوعي السياسي عند ((امّة مهند)) وبعد تلك المرحلة سيلهث العرب وراء النظام العلماني (بفتح العين) الليبرالي. وهو النظام الذي لا فرق فيه بين عربي وأعجمي إلا في العمل والمواطنة الصالحة. هامش: 1: النظام الثيوقراطي هو حكم رجال الدين. 2: إن تسمية امّة مهند تليق بنا أكثر من أمة اقرأ. ومهند هو اسم ممثل تركي مثّل في احدى المسلسلات التركية التي دبلجت إلى اللغة العربية وعرضت من على شاشات الكثير من المحطات الفضائية العربية. وقيل، والعهدة على القائل، أن شوراع المدن العربية كانت تخلو من المارّة أثناء عرض المسلسل المذكور.
To .N. F
Ahmed Al-wassiti -صار زمن طويل لم اعلق ولكن طائفيتك ارغمتني على الرد!!! كم انت طائفي عندما تذكر ايران والعراق بالطائفية بينما تنسى طائفية الحكومات التي حكمت منذ رحيل الرسول الى يومنا هذا!!! ففي زمن الرسول كانت المدن اليهودية والمسيحية زاهرة في جزيرتنا العربية!!! ولكن اين هي الان؟!! هل تخبرنا عن سبب وقوف الدول العربية ضد ثورة البحرين وارسالها الجيوش لاخمادها بينما نفس هذه الدول تقف مع ثورة سوريا؟؟!! هل توجد غير الطائفية ياصاحبي!! ماذا تسمي الحكومة التركية وموقفها اليس المحرك هو الطائفية!!!
To .N. F
Ahmed Al-wassiti -صار زمن طويل لم اعلق ولكن طائفيتك ارغمتني على الرد!!! كم انت طائفي عندما تذكر ايران والعراق بالطائفية بينما تنسى طائفية الحكومات التي حكمت منذ رحيل الرسول الى يومنا هذا!!! ففي زمن الرسول كانت المدن اليهودية والمسيحية زاهرة في جزيرتنا العربية!!! ولكن اين هي الان؟!! هل تخبرنا عن سبب وقوف الدول العربية ضد ثورة البحرين وارسالها الجيوش لاخمادها بينما نفس هذه الدول تقف مع ثورة سوريا؟؟!! هل توجد غير الطائفية ياصاحبي!! ماذا تسمي الحكومة التركية وموقفها اليس المحرك هو الطائفية!!!
نعم
الحمصي -الوطني لا يغادر وطنه كما فعل ويفعل القاده العظام
اخر قلاع العلمانية
مراقب خليجي -نعم بالنسبة للفكر والتسامح والعلمانية في سوريا هذه حقيقة-لان التكفيريين تواجدهم لايذكر بسوريا --وانا ضد الحكم من قتل وارهاب المواطنيين وكذلك الوم المتشددين الذي يقتلون بسوريا الكثير من الابرياء لان فكرهم متخلف وهم يتحملون التدمير بسبب دخلوهم المناطق السكنية واعطاء النظام المبرر للقصف والتدمير الحل وقف القتل والتدمير -والجلوس للحل -لاغالب ولا مغلوب واخراج التكفيريين من اخر قلاع العلمانية بادول العربية.. او او تقسيم البلد الى 5 دول
ألم أقل لكم
ن ف -ألم أقل لكم أننا امّة مهند! ها هو أحد أبنائها يتهمني بالطائفية وأنا لم أتحدّث عنها! إنه أمر مضحك حقاً. أنا لاديني. واللاديني ليس طائفياً. لماذا؟ لأن لا دين له!! ((هذا هو تبسيط البسيط وهو من المشاكل)). أنا تحدّثت عن الأنظمة التي عرفها البشر وهي ثلاث: النظام العلماني الديكتاتوري (العراق سابقاً، سوريا حالياً مثالاً). النظام الثاني وهو النظام الثيوقراطي (ايران والعراق حالياً مثالاً). وأما النظام الثالث فهو النظام العلماني الليبرالي وهو النظام الذي تعمل به دول العالم المتحضر (اوروبا، أمريكا الشمالية مثالاً). لقد اكتوى المعلّق الثاني بنار الديكتاتورية لأكثر من ثلاثة عقود ولم يتفوّه ببنت شفه! وهو اليوم يكتوي بنار النظام الثيوقراطي غير أنه يدافع عنه! أليست هذه مفارقة عجيبة؟ كان حصول المعلّق الثاني على طبقة بيض أو معجوم طماطم (بندورة) بومذاك هو بمثابة الفوز العظيم. أما اليوم فحصوله على ساعة كهرباء أو قنينة غاز غنيمة! المعلّق الثاني لا يدرك أن الفرق بين النظامين الديكتاتوري والثيوقراطي هو أنّ الأول قتلنا خنقاً بربطة عنقه، وأما الثاني فقد قتلنا خنقاً بعمامته!