الأزمة السورية والجوار
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
قبل أيام من دخول الأزمة السورية عامها الثالث، باتت هذه الأزمة تهدد دول الجوار الجغرافي، بعد ان قسمت هذه الدول على خلفية الموقف منها ، بين من يؤيد النظام السوري ويدعمه وبين من يعمل من أجل إسقاطه ويدعم قوى الحراك الثوري، وسط خشية هذه الدول من انتقال الأزمة السورية إلى داخلها لأسباب سياسية وطائفية وعرقية واجتماعية عديدة.
حتى الآن، يبدو لبنان هو البلد الأكثر تأثرا بهذه الأزمة نظرا للعلاقة التاريخية والجغرافية والاجتماعية بين البلدين، ونظرا للاستقطاب الحاد في الداخل اللبناني، بين معسكر يقوده حزب الله ويدعم النظام السوري انطلاقا من التحالف التاريخي الوثيق بين الحزب والنظام السوري وإيران، وبين معسكر يقوده تيار المستقبل ويسعى إلى إسقاط النظام السوري ، وهذا المعسكر يدور إقليميا في فلك السعودية وقطر وتركيا، أي ان الانقسام الحاصل في الساحة اللبنانية إزاء الأزمة السورية يأخذ طابع الاصطفاف الشيعي - السني في المنطقة، وقد أدى هذا الإنقسام الحاد إلى نسف سياسة النأي بالنفس التي أعلنتها الحكومة اللبنانية خاصة بعد المواجهات الأخيرة بين الجيش الحر وعناصر حزب الله في المناطق الحدودية في محافظة حمص، فيما لا يخفى على أحد، ان الجميع في لبنان بات يرتب حساباته السياسية على وقع ما سيحدث في سوريا في المرحلة المقبلة، وهو ما أدى عمليا إلى شلل الحياة السياسية والاقتصادية في لبنان. لا يبدو العراق أفضل حال من لبنان، خاصة في ظل تصاعد وتيرة الحراك الشعبي ضد حكومة نوري المالكي الواقف إلى جانب النظام السوري رغم حرصه على إظهار نفسه بمظهر النأي بالنفس والمحافظ على مسافة آمان من الجميع،لكن من الواضح ان المالكي هو جزء من التحالف القائم بين طهران ودمشق والضاحية الجنوبية في بيروت، وهو ما ساهم في اتخاذ الحراك الشعبي ضده شكل الهبة الشعبية في المناطق السنية بالعراق والتي تهدد بالزحف إلى بغداد إذا ما استمر المالكي في سياساته هذه. وإلى جانب هذا الإنقسام الذي يتعمق في الساحة العراقية يوما بعد أخر، ثمة انقسام أخر يأخذ شكل الصراع بين بغداد وأربيل التي دخلت في تحالف سياسي مع أنقرة، حيث يقف هذا التحالف في صف القوى الداعمة لإسقاط النظام السوري. وفي جميع الأحوال، فان الحدود العراقية - السورية بعد سيطرة الجيش الحر على العديد من المعابر الحدودية مصدرا للتوتر يهددا بإنتقال الأزمة إلى الداخل العراقي. في تركيا، ثمة خشية كبيرة من تداعيات الأزمة السورية على الداخل التركي خاصة وأن حكومة رجب طيب اردوغان أصبحت طرفا مباشرا في هذه الأزمة بعد ان احتضنت المعارضة السياسية والعسكرية السورية ، وحولت أراضيها إلى ممرا للجماعات المسلحة وإيصال السلاح إلى الداخل السوري في إطار العمل على إسقاط نظام بشار الأسد، فيما لم يتوانى الأخير عن إشهار أوراقه في وجه حكومة اردوغان، وقد تجلى ذلك في محاولة استقطاب حزب العمال الكردستاني من جديد والتقرب من المعارضة التركية المناهضة لحكومة أردوغان وتحديدا حزب الشعب الجمهوري بزعامة كليجدار أوغلو الذي لا يتوانى اردوغان عن وصفه بالعلوي فيما يصف أوغلو أردوغان بالعميل للإمبريالية والصهيونية وبالطائفي . وفي العمق فان حكومة اردوغان تخشى من انتقال تداعيات الأزمة السورية إلى الداخل التركي، وعليه اتجهت إلى ايمرالي للتفاوض مع أوجلان من أجل الحل السلمي بغية تفكيك اللغم الكردي في الداخل وتقوية موقف حكومته في مواجهة معارضة حزب الشعب الجمهوري، كما يبقى هاجس الصدام العلوي - السني حاضرا بقوة في ظل وقوف معظم الطائفة العلوية في تركيا ولاسيما في المناطق الحدودية إلى جانب النظام السوري. وقد أدى كل ما سبق إلى تأهب أمني وعسكري على جانبي الحدود كثيرا ما وصل إلى مستوى القصف والصدام المباشر. الأردن وعلى رغم من وجود إنقسام أقل حدة من ما هو في العراق ولبنان الا أنه يعيش هاجس الخوف الدائم من انعكاس الحراك الثوري السوري على الداخل الأردني خاصة في ظل تزايد وتيرة الحراك الشعبي وتصاعد نفوذ الجماعات الإسلامية ولا سيما الأخوان المسلمين الذين يرون ان الربيع العربي لا بد أن يصل إلى الأردن، فضلا عن ان النظام في الأردن يعيش هاجس المصلحة في علاقاته الحساسة مع كل من إسرائيل والخليج العربي والنظام السوري. إسرائيل التي تفكر بعمق تجاه ما يجري في سوريا وكيف تستثمره استراتيجيا في المرحلة المقبلة،لا تخفي خشيتها من ما يجري على الحدود في منطقة الجولان بعد مع وصول الاشتباكات إليها، لكن الذي تخشاه إسرائيل أكثر هو سيناريو وصول جماعات دينية وجهادية متشددة إلى السلطة في سوريا بما يعني احتمال نسف التهدئة التي تميزت بها الحدود منذ التوقيع على اتفاقية فصل القوات. في الإجمال انتقال الأزمة السورية بهذا الشكل من التداعيات إلى الجوار الجغرافي، والخشية من تفاقمها في المرحلة المقبلة، لها أسباب كثيرة ، منها ما هو متعلق بالجغرافية - السياسية السورية وعلاقة هذه الجغرافية بسياسات هذه الدول، ومنها ما هو متعلق بنفوذ النظام السوري وسعية طوال العقود الماضية إلى امتلاك الأوراق السياسية في هذه الدول وتجاهها، وكذلك للتداخل الطائفي والعرقي والاجتماعي والقبلي ... في عموم المنطقة، فضلا عن أن هذه الأسباب غير بعيدة عن سعي النظام السوري إلى تصدير أزمته الداخلية إلى هذه الدول والخارج عموما بغية تعويمها، وهو ما نجح فيه خاصة في ظل تدفق الأعداد الهائلة للاجئين السوريين إلى هذه الدول حيث باتت اعدادهم تشكل هاجسا وعبئا دائمين على هذه الدول في ظل غياب أي أفق للأزمة، ولعل هذا ما يفسر الموقف الحذر لهذه الدول من الأزمة السورية.التعليقات
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
,,,,
yal ko -خالف شروط النشر
مقال رائع
روستم -الحرب الحقیقی یبدآ بعد سقوط النظام السوری .یغلی المنطقة وتصل شرارتها الی کل دول الجوار وحتی البعیدة . وتخرج الشعب السوری من قبضة الاسد وتقع فی فخ التکفیریین . والجمیع تخسر فیها خصوصا المسیحیین والایزدیین والصابئة وکل المذاهب غیر الاسلامیة الصغیرة فی الحجم .