فضاء الرأي

المفهوم الأمريكي للحل في سوريا

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

كيف يمكن النظر إلى حقيقة الموقف الأمريكي من الأزمة السورية التي تقترب من دخول عامها الثالث ؟ وماذا تريد واشنطن بالضبط ؟ هل فعلا تريد رحيل النظام أم أن لها حسابات خاصة بذلك تتعلق بمن سيحكم سوريا من بعده ؟ وماذا تريد واشنطن من الحوار الجاري مع موسكو ؟ هل فعلا تريد التوصل إلى حل سياسي للأزمة أما إنها تناور على عامل الوقت لإسقاط النظام من الداخل أو الأقل ترجيح كفة المعارضة على الأرض ليكون الحل السياسي وفقا لرؤيتها ؟ هذه الأسئلة وغيرها، تشير من جملة ما تشير إلى خصوصية التعاطي الأمريكي مع الأزمة السورية خلافا لما كان الحال عليه مع تونس ومصر وليبيا واليمن..، ولعل السبب في ذلك يعود إلى عاملين رئيسين :

الأول: يتعلق بالجيوسياسية السورية المعقدة والمفتوحة على ملفات الشرق الأوسط ، وهذا يعود بالدرجة الأولى إلى السياسة التي انتهجها النظام طوال العقود الماضية وما أنتهى هذا المسار إلى تحالف استراتيجي بين دمشق وطهران، يرتبط به كل من حزب الله وبغداد المالكي، وعلى المستوى الدولي الحليف الروسي الذي يقاتل من أجل مصالحه، وعليه فان السياسة الأمريكية تأخذ كل ما سبق بعين الاعتبار، على مستوى التأثير ورد الفعل إزاء أي قرار أو حركة. الثاني: وجود إسرائيل في قلب المعادلة، وضرورة ان تكون الحسابات الأمريكية دقيقة في هذا المجال، وعليه يمكن القول ان الاستبعاد الأمريكي التام للخيار العسكري واعتماد ما يشبه الحرب الناعمة الذكية في هذه الأزمة، سواء عبر الحلفاء الإقليميين في المنطقة ( تركيا وقطر ) أو على مستوى طريقة التعاطي مع المعارضة السورية السياسية والعسكرية سببه ليس العامل الاقتصادي في الداخل الأمريكي كما يرى البعض على الرغم من أهميته وانما إعتبارات أمن إسرائيل، فأي حرب لإسقاط النظام السوري هي بمثابة مغامرة قد تدفع بحلفاء النظام السوري إلى الانخراط فيها ولاسيما حزب الله، بما يعني ان أمن إسرائيلي في المرمى وهو ما لن يغامر به أي رئيس أمريكي بغض النظر ان كان ديمقراطيا أو جمهوريا.هذه الخلفية هي التي تقف وراء أسلوب أوباما الهادئ والمرن في التعامل مع الأزمة السورية، ويبدو أنها نجحت في جعل سوريا محرقة للأطراف المتقاتلة، سوى النظام أو الجماعات المسلحة على اختلاف مشاربها، ومع وصول الأمور إلى هذه الدرجة من الخطورة يبدو ان واشنطن في عهد أوباما الثاني انتقلت إلى مرحلة جديدة من التعاطي مع الأزمة، لعل أبرز مؤشرات هذه المرحلة : الأول : السعي الحثيث إلى بناء القيادة السياسة والعسكرية التي ستقود سوريا في المرحلة المقبلة، ولعل هذا ما يفسر تدخلها لتعديل المجلس الوطني لصالح إقامة الائتلاف الوطني، و وضع جبهة النصرة على قائمة الإرهاب والحديث عن دعمها وتدريبها لمجموعات مسلحة غير متشددة دينيا بغية تهيئة هذه المكونات السياسية والعسكرية لقيادة المرحلة المقبلة . الثاني : إن واشنطن في حوارها مع موسكو على الحل السياسي تمارس التكيتك عبر الاستفادة من عامل الوقت، فمن الواضح أنها لا تريد مرحلة انتقالية بوجود الأسد وانما في الحقيقة تريد حكما إنتقاليا من دونه، ولعل هذا هو السبب الرئيسي لاخفاق الجهود الأمريكية - الروسية في إخراج اتفاق جنيف من إشكالاته وبنوده المتلبسة، وهو اخفاق مدروس أمريكيا . الثالث: إن الإستراتيجية الأمريكية السابقة بعدما أستنفذت دورها، مهدت الطريق للانتقال إلى مرحلة جديدة في عهد أوباما الثاني، وهذه المرحلة تقوم على زياد الدعم السياسي والعسكري واللوجستي للمعارضة السورية بشقيها العسكري والسياسي، سواء بشكل مباشر أو عبر حلفائها في المنطقة ( تركيا وقطر والسعودية ومصر) بغية قلب الموازين في الداخل السوري لمصلحة المعارضة لإسقاط النظام من دون تدخل عسكري خارجي، أو اجبار النظام على القبول بحل سياسي وفق الرؤية الأميركية، أي الرحيل عبر اتفاق أمريكي - روسي . في الواقع، من الواضح ان السياسة الأميركية تعاملت مع الأزمة السورية في البداية على أساس تهيئة مقدمات العنف الدموي الجاري، وهي في سبيل ذلك عملت على إرسال مئات الجماعات الجهادية المتشددة التي هي في الأصل نتاج سياستها في أفغانستان والعراق إلى الداخل السوري حتى أصبحت سوريا (ساحة للجهاد ومن قبل الطرفين!)، وفي الوقت نفسه لم تقل للنظام أرحل بطريقة واضحة و مباشرة كما جرى مع نظام مبارك، وقد فهم النظام ذلك انه بمثابة ضوء أخضر له للذهاب في النهج العسكري والأمني إلى أقصى الحدود، وأمريكا بهذه السياسة حققت هدفاً مزدوجاً، فمن جهة سعت إلى التخلص من الجماعات الدينية المتشددة عبر الموت في سوريا، ومن جهة ثانية بإرهاق النظام السوري ودفعه إلى الانهيار والسقوط بفعل التأكل مع الزمن والفقدان التدريجي لعناصر قوته العسكرية والأمنية والاقتصادية.سياسة أمريكية تقوم على تفكيك الأسس السياسية التي بناها النظام السوري خلال نصف قرن وصوغ سوريا جديدة بعيدة عن التحالف مع إيران ومنخرطة في المنظومة الأمريكية التي لها ما بعد سوريا.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
مقال دقيق
حمصي أصلي -

لك والله يا خورشيد دلي أنت محلل عبقري . و مقالك دقيق مليون بالمئة . فأمريكا بالإضافة إلى كل ما ذكرت تريد التخلص من من تسميهم ( مجموعات جهادية إرهابية ) مع العلم أن هذه المجموعات ليست على تلك الدرجة من التشدد الديني كما تصوره أمريكا . أنا أدرى بشعبي , و أعرف أنه حتى الأكثر تشددا منهم ليس بمتشدد إذا ما قورن بنظرائه في مصر أو السعودية. و السبب الثاني إسرائيل - كما ذكرت - فأمريكا تريد استنزاف سوريا بشكل كامل حتى ينشغل السوريون بما بعد الأسد ( الذي هو نفسه صنيعتها و صنيعة إسرائيل ) ببناء سوريا . حيث أنه ما نهاية الأسد, تكون سوريا قد دمرت اقتصاديا وعسكريا بشكل كامل, بالإضافة إلى تدمير البنية التحتية, و الخدمات الصحية والتعليمية, وحتى ترك واقع اجتماعي فظيع ناجم عن أرامل بالآلاف, و أيتام, و مشردين, ومفقودين, ولن تقوم قائمة لسوريا لفترة 100 عام قادمة, و في ذلك مصلحة لبقاء إسرائيل. وباختصار, جميع دول العالم وعلى رأسهم أمريكا وإسرائيل قاموا ببناء هذا النظام المجرم والتستر على جرائمه لأربعين عاما, وكما ذكرت يا أستاذ خورشيد دلي, فإن أمريكا تلعب بعامل الوقت لاستنفاذ النظام والمعارضة ممن قد يشكل ( في نظرها ) خطر على أمن إسرائيل في المستقبل و هم من تسميهم ( بالمجموعات الجهادية ) التي هي بالأصل مجموعات من شبان عاديون غير متطرفون كما تدعي أمريكا, ولكن أمريكا تعرف أن الوطنية الصادقة هي عند من تسميهم ( بالمجموعات الجهادية ) , والتي من الممكن أن تشكل ولو 1 % فقط خطرا على أمن إسرائيل . و ليس عند ( المقاومة والممانعة ) المزعومة لدي حزب الشيطان ونظام الأسد الذين أسستهم أمريكا لإحداث الفتنة الواقعة اليوم في سوريا و الحفاظ على إسرائيل.

مقال دقيق
حمصي أصلي -

لك والله يا خورشيد دلي أنت محلل عبقري . و مقالك دقيق مليون بالمئة . فأمريكا بالإضافة إلى كل ما ذكرت تريد التخلص من من تسميهم ( مجموعات جهادية إرهابية ) مع العلم أن هذه المجموعات ليست على تلك الدرجة من التشدد الديني كما تصوره أمريكا . أنا أدرى بشعبي , و أعرف أنه حتى الأكثر تشددا منهم ليس بمتشدد إذا ما قورن بنظرائه في مصر أو السعودية. و السبب الثاني إسرائيل - كما ذكرت - فأمريكا تريد استنزاف سوريا بشكل كامل حتى ينشغل السوريون بما بعد الأسد ( الذي هو نفسه صنيعتها و صنيعة إسرائيل ) ببناء سوريا . حيث أنه ما نهاية الأسد, تكون سوريا قد دمرت اقتصاديا وعسكريا بشكل كامل, بالإضافة إلى تدمير البنية التحتية, و الخدمات الصحية والتعليمية, وحتى ترك واقع اجتماعي فظيع ناجم عن أرامل بالآلاف, و أيتام, و مشردين, ومفقودين, ولن تقوم قائمة لسوريا لفترة 100 عام قادمة, و في ذلك مصلحة لبقاء إسرائيل. وباختصار, جميع دول العالم وعلى رأسهم أمريكا وإسرائيل قاموا ببناء هذا النظام المجرم والتستر على جرائمه لأربعين عاما, وكما ذكرت يا أستاذ خورشيد دلي, فإن أمريكا تلعب بعامل الوقت لاستنفاذ النظام والمعارضة ممن قد يشكل ( في نظرها ) خطر على أمن إسرائيل في المستقبل و هم من تسميهم ( بالمجموعات الجهادية ) التي هي بالأصل مجموعات من شبان عاديون غير متطرفون كما تدعي أمريكا, ولكن أمريكا تعرف أن الوطنية الصادقة هي عند من تسميهم ( بالمجموعات الجهادية ) , والتي من الممكن أن تشكل ولو 1 % فقط خطرا على أمن إسرائيل . و ليس عند ( المقاومة والممانعة ) المزعومة لدي حزب الشيطان ونظام الأسد الذين أسستهم أمريكا لإحداث الفتنة الواقعة اليوم في سوريا و الحفاظ على إسرائيل.

أمن اسـرائيل المقدس
جان الكردي -

معظم التدخلات العسكرية والحروب في العالم التي خاضها العالم الغربي المتمدن في السنوات الأخيرة، كانت تهدف أساسا الى تأمين وسلامة الطاقة وموارد الخام، اللازمة والحيوية لأداء الصناعة الغربية. لنذكر على سبيل المثال ليبيا البلد الغني باحتياطيات النفط والغاز، ومالي الغني بالذهب واليورانيوم.إضافة الى ذلك، دعمه اللامحدود والمقدس لأمن اسـرائيل وتفوقه العسكري.

أمن اسـرائيل المقدس
جان الكردي -

معظم التدخلات العسكرية والحروب في العالم التي خاضها العالم الغربي المتمدن في السنوات الأخيرة، كانت تهدف أساسا الى تأمين وسلامة الطاقة وموارد الخام، اللازمة والحيوية لأداء الصناعة الغربية. لنذكر على سبيل المثال ليبيا البلد الغني باحتياطيات النفط والغاز، ومالي الغني بالذهب واليورانيوم.إضافة الى ذلك، دعمه اللامحدود والمقدس لأمن اسـرائيل وتفوقه العسكري.